الوطن:
2024-07-01@14:30:46 GMT

الدكتورة رانيا يحيى تكتب: من الكسر إلى النصر

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

الدكتورة رانيا يحيى تكتب: من الكسر إلى النصر

على مدار عقود تجاوزت نصف القرن، ظل شهر يونيو عالقاً فى بؤرة العقل الجمعى العربى فى عمومه، والشعب المصرى خصوصاً، بكل ما يحمله من غصة وألم، حيث ارتبط بذكرى موجعة مسطورة فى التاريخ، حين تحققت النكسة والهزيمة فأوجعت الأمة العربية بأكملها عام 1967، واستمرت هكذا طيلة هذه السنوات، ولم تُضمَّد الجراح إلا بحلول النصر الأعظم فى أكتوبر 73، ولكن حين يحل علينا هذا الشهر نسترجع تلك الوجيعة، إلى أن جاء نصر آخر لا يقل أهمية باستعادة وطن تم اختطافه واحتلاله من جماعة فاشية إرهابية، نغَّصت علينا الحياة فى سنة هى الأعقد والأسوأ فى عمر بلدنا.

أتذكر تلك الأيام القاسية، وما عانيناه كأسر وأفراد، وأيضاً كمؤسسات فى الدولة، وما انتابنى حينذاك من حزن كغيرى من المصريين أرَّقنا، ومخاوف ألهبت مشاعرنا على وطن استودعناه، وكنا لا نعرف كيف ستنقضى تلك الغمة، ومن أين يأتى الفرج.

لكن لأن الله سبحانه تجلى فى مصر، وذكرها فى كتابه العزيز، وقال عنها «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، تحققت كلمات الله، وقدَّرها عز وجل فى صورة قائد عسكرى محنك، خشى على وطنه، فقدم نفسه فداء، وضع كفنه على يده، ووقف فى مواجهة قاسية ومربكة للعدو المحتل والمغتصب لحكم مصر. وتبدل الحال بقدرة المولى، وخرجت الملايين من كل فج عميق إلى ميادين مصر من شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، فى مشهد مهيب يوم 30 يونيو 2013، لنودع انكسار هذا الشهر بذكرياته المؤلمة، لشهر الاحتفال والانتصار، شهر الأفراح وتبديد المخططات الصهيونية بأيادٍ مصرية.

لم تقتصر تلك الثورة على الرجال، وإنما لعبت المرأة المصرية دوراً لا يمكن نكرانه، أو اختزاله، حيث خرجت للشارع، مصطحبة أطفالها وجيرانها وأصدقاءها، وتوجهت للميادين، لتقف بعزة وكرامة وشموخ تنادى وتدافع عن حق وطنها، وتثبت أن المرأة المصرية على مدار التاريخ سيدة مواقف سياسية ورؤية مصيرية منذ حضارة أجدادنا قدماء المصريين ووصولاً للعصر الحديث، حيث ساهمت المرأة المصرية فى فك الحصار الأجنبى والاحتلال الغربى حين تصدت لرصاصات الاحتلال فى مسيرات تاريخية جسَّدتها ثورة 1919، واستمراراً لهذا الدور البطولى، اتكأت المرأة على بصيرتها وإيمانها بقدرتها فى التصدى وحماية أمتها، دون خوف أو ذعر، رغم محاولات زعزعة الثقة التى استمرت عبر كل الوسائل، والتهديد والوعيد الذى حاوطها، لكن لأنها قادرة على استشعار الخطر بالفطرة، كان رد فعلها لا يحتسب سوى مصلحة الوطن التى وضعتها المرأة المصرية فوق كل اعتبار، وبتكاتف الجميع شعباً وجيشاً وشرطة، وبريادة حكيمة تمتلك الرزانة والكياسة، امتلك القائد العسكرى زمام الأمور وتحقق الاستقلال من هذا المستعمر الظلامى الفاشى.

لحظات لا يمكن أن تُمحى، ذكريات عشناها بكل ما فيها من قلاقل، هيبة المؤسسات التى أبادوها، الحرائق المدمرة هنا وهناك، الارتباك الحادث فى شتى مجريات الحياة، ليخرج علينا بيان 3 يوليو، باعتباره المخلص من هذا الجحيم. وننجو جميعاً بمصر التى تستحق الحماية والرعاية، لتبدأ مرحلة جديدة من عمر الوطن، ويتغير الحال، وتصبح المرأة المصرية أيقونة تلك الثورة التى استُبدلت بصورة وردة، لتنطلق بإرادة سياسية تؤمن بدورها، فتمكنها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتستصدر التشريعات الموجبة لحمايتها، وتقدم لها جميع أشكال الدعم والرعاية، وتحقق لها التوعية اللازمة، ليصبح مؤشر قياس الفجوة بين الجنسين فى وضع أفضل نتيجة لما يتحقق على الأرض، فقد كانت المرأة المصرية محظوظة أن تعيش فى عصرها الذهبى فى ظل قيادة سياسية تؤمن بقدراتها، وتمنحها مكتسبات تسطرها صفحات التاريخ كشاهد على عصر التمكين، وأصبحت المرأة تتقلد أرفع المناصب كوزيرة ومحافظة، ومستشار السيد الرئيس للأمن القومى، وبلغت أعداد النساء تحت قبة البرلمان 28% فى الغرفة الأولى، و14% فى مجلس الشيوخ، كذلك زيادة أعداد نواب المحافظين والوزراء تأكيداً على الرغبة فى تأهيل المرأة، بل وتوليها أرفع المناصب، ولم تقتصر أشكال التمكين تلك على هذه الوظائف العليا، وإنما وصول المرأة لمنصتى النيابة العامة ومجلس الدولة بعد نضال استمر أكثر من سبعة عقود من الزمان، وزيادة أعداد التمكين القيادى للمرأة فى جميع القطاعات والوزارات دون تمييز، الذى ننطلق منه دستورياً، فليس هناك دليل قاطع على تلك الإرادة سوى مواد الدستور المصرى التى تحظر هذا التمييز، كذلك بلوغ التمكين للمجالات الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الحماية الثقافية والتشريعية وفق استراتيجية النهوض بالمرأة المصرية 2030.

لقد كانت المرأة المصرية عموداً فقرياً فى نجاح ثورة المصريين فى الثلاثين من يونيو، وستظل المرأة دوماً هى الحصان الفائز فى أى رهان، مؤكدة على بطولتها وصمودها وبسالتها وإيثارها لصالح دولة عظيمة تستحق منها ومن الجميع مزيداً من العطاء، لأنها ببساطة شديدة «مصر كنانة الله فى أرضه، من أرادها بسوء قصمه الله»

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: 30 يونيو الإخوان المرأة المصریة

إقرأ أيضاً:

الرقابة النووية تطلق العدد الخامس من مجلتها التوعوية تحت عنوان "تمكين المرأة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أطلقت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية العدد الخامس من مجلتها (يونيو 2024) بمشاركات واسعة للعديد من المؤسسات الوطنية بالإضافة إلى الحوار المتميز من داخل مؤسسةبهيةللاكتشاف المبكر وعلاج سرطان الثدي، وذلك تزامنًا مع الاحتفالات بالذكرى الحادية عشرة لثورة ٣٠ يونيو المجيدة، التي خرجت مُعبِّرة عن إرادة الشعب لاستعادة الوطن ومسيرة العمل التنموي في مجالات عديدة بمشاركة جميع أطياف الشعب وفئاته.

يتناول العدد الجديد من مجلة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية موضوع "تمكين المرأة"؛ لإبراز دور المرأة الرائد في المجتمع في دعم مسيرة التطوير والتنمية، واستعراض هذا الدور المحوري في التمكين الحقيقي لها على جميع المستويات؛ سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وذلك بأقلام نخبة من المتميزين؛ لعرض جهود الدولة المصرية في تعزيز مفهوم تمكين المرأة المصرية.

يتضمن العدد كتابات لعدد من الشخصيات المتميزة التي تمكَّنت من صنع التغيير، بأقلام كلٍ من: الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، والمستشارة شيرين فرهود، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، والدكتورة رشا راغب، المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب، والأستاذة الدكتورة منى الحديدي، أستاذ الإعلام وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وعضو لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة.

ويعرض هذا العدد بعض النماذج الوضاءة لتمكين المرأة في عدد من الوزارات والمؤسسات، منها: وزارة الداخلية، ووزارة شؤون المجالس النيابية بقلم المستشار علاء الدين فؤاد أبو حسن، وزير شؤون المجالس النيابية، وهيئة النيابة الإدارية بقلم المستشار حافظ عباس، رئيس هيئة النيابة الإدارية، والأزهر الشريف بقلم الأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر ، ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بقلم الدكتورة شيماء سراج الدين، رئيس وحدة تكافؤ الفرص بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، كذلك هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بقلم الأستاذ الدكتور أسامة صديق، نائب رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية.

وانطلاقًا من حرص الهيئة على التواصل مع مؤسسات الدولة، التي تُعَزِّز مفهوم التمكين بداخلها، وكذلك أصحاب المصلحة لقياس مستوى رضاهم، فقد عُقِد اللقاء الحواري داخل مؤسسة بهية للاكتشاف المبكر وعلاج سرطان الثدي، وإجراء حوار مع الدكتورة جيلان أحمد، المدير التنفيذي لمؤسسة بهية، والأستاذة ناهد السعدي، مسؤولة العلاقات العامة بالمؤسسة، وهما من النماذج المُشرِّفة للتمكين في المؤسسة، والأستاذة فاتنة مطر، إحدى المتطوعات المُمَكَّنات في المستشفى، التي تؤدي دورًا مهمًا في الدعم النفسي لمتلقيات العلاج، ومن ثمَّ تعزيز مفهوم التمكين لهنَّ، إضافة إلى حوار مع الدكتور أحمد أمين، رئيس قسم العلاج الإشعاعي بمستشفى بهية، في إطار التواصل بين المُرخِّص والمُرخَّص له.

ويُقدِّم العدد أيضًا مقالًا فريدًا عن ثقافة الأمان، بقلم الدكتور عبد الفتاح سليمان، رئيس مركز التميز بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وذلك في ظل اهتمام الهيئة بتوعية العاملين في المجالين النووي والإشعاعي بأهميتها، وكذلك تقييمها، والحديث عن دور المرأة في بناء الثقافة المؤسسية من أجل الاستدامة.

ويمكن للسادة القُرَّاء الاطلاع على العدد الخامس من المجلة كاملًا عبر الموقع الإلكتروني للهيئة www.enrra.org، كما تتشرف الهيئة باستقبال تعليقات السادة القُرَّاء على العدد الخامس من المجلة وما سبقه من أعداد عبر البريد الإلكتروني PRIC@enrra.org .

جدير بالذكر أن مجلة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية مجلة نصف سنوية تصدر عن إدارة العلاقات العامة والتعاون الدولي بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وهي إحدى أهم وسائل توعية الجمهور بالعملية التنظيمية للأنشطة النووية والإشعاعية وفقًا لقانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية رقم ٧ لسنة ٢٠١٠.

مقالات مشابهة

  • دعاء زهران: المرأة المصرية استعادت مكانتها بعد ثورة 30يونيو وتعيش أزهى عصورها
  • حقوق المرأة في الزواج وتعدد الزوجات: بين الشرع والفقه
  • "الرقابة والنووية والإشعاعية" تطلق العدد الخامس من مجلتها التوعوية "تمكين المرأة"
  • الرقابة النووية تطلق العدد الخامس من مجلتها التوعوية تحت عنوان "تمكين المرأة"
  • 11 عامًا من التمكين.. النائبة مها شعبان تستعرض تأثير ثورة يونيو على ملف المرأة
  • سميرة لوقا تكتب: وتستمر مسيرة بناء الجمهورية الجديدة
  • العصر الذهبى للمرأة.. 50 تكليفاً رئاسياً و٢٦ قانوناً وتعديلاً تشريعياً لتمكين المرأة
  • سحر السنباطي تكتب: انتصار عظيم لحقوق الطفل المصري
  • الدكتورة مايا مرسي تكتب: تاريخ لن يُنسى!!