الدكتور رامي عطا يكتب: عودة مسار المواطنة
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
لم تكن ثورة 30 يونيو 2013م مجرد ثورة شعبية قام بها المواطنون المصريون ضد نظام الحكم، وضد جماعة أرادت الانحراف بسيرة الوطن ومسيرته والعمل على تغيير هويته التى ترسخت عبر آلاف السنين، جماعة أرادت «أخونة» وطن بأكمله، ومارست السياسة على أرضية دينية، ما يبعدنا عن مفهوم الدولة المدنية الحديثة، التى تفصل الدين عن السياسة دون أن تفصله عن المجتمع، لأن الدين مقدس، أما السياسة فهى متغيرة.
فى تقديرى أن ثورة 30 يونيو فى حقيقتها كانت التفافاً وتجمعاً حول الوطن مصر، من حيث استيعاب ماضيه والتفكير فى حاضره والتطلع إلى مستقبله، ومن هنا جاءت ثورة المصريين تعبيراً عن رغبة حقيقية فى تصحيح المسار وإعادة توجيه البوصلة من خلال العودة بمصر مرة ثانية وطناً مُحباً للجميع، يحتضن الكل ويستوعب الكل، وطناً لا يستبعد أحداً ولا يقصى أياً من مكوناته، فالجميع مدعو للتكاتف والعمل والاشتراك والتعاون من أجل تحقيق الصالح العام والخير العام.
كانت جماعة «الإخوان» قد تأسست عام 1928م فى مدينة الإسماعيلية، ثم انتقلت إلى القاهرة وصار لها حضور فى أكثر من محافظة، وقد صارت جماعة «محظورة» منذ خمسينات القرن العشرين، بعد ثورة 23 يوليو 1952م، لكنها ما لبثت أن تحولت إلى جماعة «محظوظة»- بتعبير البعض- بعد ثورة 25 يناير 2011م، حيث تردد قادتها فى البداية فى الالتحاق بمسيرة الثوار، لكنها استطاعت أن تتصدر المشهد بعد أن تأكد لها نجاح الثورة فى الإطاحة بنظام حسنى مبارك (1981-2011م)، ولما وصلت إلى الحكم وتربعت لمدة عام (2012-2013م) فإنها اصطدمت بكثير من مكونات الجماعة الوطنية المصرية، من خلال تصريحات وممارسات غير مسئولة تبعد عن سياسات الدول الحديثة ونهجها، حيث اصطدمت بالمواطنين الأقباط والمرأة والفنانين والصحفيين والإعلاميين ورجال الجيش والشرطة والقضاء وغيرهم.
ولعلنا لا ننسى حالة التشفى والكيد والتكبر والتعالى التى مارسها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية ومؤيدوهم، حيث استخدموا خطاباً سياسياً لا يلائم تطورات العصر، ولا يليق بمصر القرن الحادى والعشرين، خطاباً يفرّق ولا يُجمّع، خطاباً لا يحترم التنوع ولا يؤمن بالتعددية، على الرغم من أن سمة التعددية والتنوع واحدة من أبرز السمات التى يتميز بها المجتمع المصرى منذ مئات السنين، حيث يعيش المصريون فى إطار من الوحدة الحاضنة للتنوع، وكان من المُلاحظ أن هذا الخطاب قد أخذ يزداد ويمتد ويتعالى يوماً بعد آخر، فمن كان يصدق عودة أفكار وأحاديث بالية، مثل فرض الجزية على المواطنين الأقباط فى مقابل عدم التحاقهم بالخدمة العسكرية/ الجيش!! والدعوة لحصر دور المرأة المصرية فى أدوار تقليدية ومناداة البعض بعودتها إلى المنزل!! فضلاً عن مهاجمة الفن والفنانين، ومعاملات غير لائقة للصحفيين والإعلاميين وغيرهم!! ما أساء للدولة المصرية ومواطنيها سواء فى الداخل أو فى الخارج.
من هنا كان لا بد للمصريين من أن يقوموا، وكان لا بد لهم من أن ينهضوا ويثوروا، فكانت ثورة 30 يونيو 2013م، وكان فجر يوم جديد، والتطلع نحو بناء وتأسيس جمهورية جديدة، أراد المواطنون المصريون أن تقوم على دعائم المواطنة والحرية والقانون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحوار الوطنى، وغيرها من قيم الدولة المدنية الحديثة التى تواكب العصر، تسايره ولا تتخلف عنه، فكانت ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو رسالة للجميع بأن مصر دولة حرة وأبية، صاحبة حضارة عظيمة وصانعة مجد تليد، وأنها لن تتخلى يوماً عن مجدها القديم.
وتبقى مصر «هبة المصريين» وصنيعة أبنائها وبناتها، ويبقى الأمل دائماً مع كل صباح كل يوم جديد، نؤمن فيه بمبدأ المواطنة، حيث المشاركة والمساواة فى الحقوق والواجبات دون تفرقة ودون تمييز بين مواطن وآخر، وطن يؤمن بقيم الإنتاج والعمل، والحوار والتعاون والعيش المشترك والتسامح، من أجل حاضر أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً، لنا ولأولادنا من بعدنا
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإخوان 30 يونيو
إقرأ أيضاً:
رئيس "الإنجيلية" يشكر السيسي على قرار إعادة تشكيل مجلس أوقاف الطائفة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعث الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ببرقية شكر وتقدير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعرب فيها عن خالص امتنانه للقرار الرئاسي بإعادة تشكيل مجلس إدارة هيئة أوقاف الطائفة الإنجيلية.
وأشاد القس أندريه زكي، بدعم القيادة السياسية لقيم المواطنة وترسيخ مبادئ العدل والمساواة بين جميع أبناء الوطن.
وأكد رئيس الطائفة الإنجيلية، أن هذا القرار يعكس حرص الدولة على تعزيز دور المؤسسات الدينية في البناء والتنمية، مشيرًا إلى التزام الطائفة بمواصلة العمل الجاد لخدمة المجتمع، وفق رؤية وطنية تدعم جهود التقدم والاستقرار.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أصدر القرار رقم 80 لسنة 2025، بإعادة تشكيل مجلس إدارة هيئة أوقاف الطائفة الإنجيلية، برئاسة رئيس الطائفة وعضوية عدد من القيادات الإنجيلية، في إطار دعم الدولة لدور المؤسسات الدينية في خدمة المجتمع وتعزيز قيم المواطنة.