فى مؤتمر صحفى إبان الحرب الأهلية الإسبانية، سألوا اللواء إيميليو مولا القائد العام لجيش الشمال:» أى الطوابير الأربعة التى يتكوّن منها جيشه سيفتح مدريد؟»
فرد قائلًا: «هذه ستكون مهمة الطابور الخامس».
كان اللواء مولا، يقصد الجماعات الموالية له والتى كانت تعمل فى الخفاء داخل مدريد، ليصبح مصطلح «الطابور الخامس» دلالة على مجموعات هدم النظام وربما الدولة كلها من الداخل.
هذة المجموعات قد تكون منظمة تعمل فى إطار يجمعها، وهى قادرة على إشعال اضطرابات عسكرية وسياسية كما حدث ولايزال يحدث فى مناطق التماس بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا، وقد تظل محط قلق نفسى فقط مثل بعض الكوريين الشماليين أعضاء منظمة كونجراين الذين يعيشون فى اليابان، إذ يعتبرهم اليابانيون طابورا خامسا.
فقد يكون إسقاط المدن على يد أبنائها أسهل من إسقاطها تحت مدافع الغزاة.
وإذا كانت مجموعات الهدم المنظمة هى الطابور الخامس، فلربما تكون كثيرا من سلوكيات «السوشيال ميديا» بمثابة الطابور السادس.
وسواء عن قصد أو عن جهل، فإن الفوضى التى أصبحت عنوانا راسخا على وسائل التواصل الاجتماعى، هى فوضى مدمرة ولم تكن أبدا فوضى خلاقة.
تشكيك متواصل فى كل قرار سياسى واقتصادى وأمنى، وسيل من التنظير والجدال لا يفلت منه أحد، بداية من رأس الدولة وصولا لأقل درجة وظيفية فى وحدة محلية أو خفير درك نظامى.
هجوم وانتقاد وانتقاص من كل مؤسسة، بما فيها المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الافتاء والأوقاف، وما يصدر عنها حتى لو كان الإعلان عن تحرى رؤية هلال العيد.
تشكيك فى القرارات الوزارية، وتشكيك فى مواقف المؤسسات السياسية والسيادية، حتى ما يتعلق بكرة القدم أصبح مدعاة للطعن فى الدولة.
هكذا يتشكل الطابور السادس، بوعى تنظيمى أو دون وعى، وهكذا يعلن عن نفسه بقوة، ليزكى حالة ملل شعبى من الأوضاع الاقتصادية وقطع الكهرباء.
وهكذا نجح الطابور السادس، فى تخويف كل من يدافع عن الدولة، إذ إن الدفاع عن الدولة حاليا يفتح على صاحبه أبواب اتهامات بـ«التطبيل» والعمالة للأمن، والتربح وما إلى ذلك من نقائص.
ناهيك عن قائمة طويلة من السب والقذف، لإرهاب أى صوت، واخراس الجميع باستثناء الناقمين على النظام.
حتى المعارضة المنظمة، لم يعد لها وجود، لأن «السوشيال ميديا» تجاوزت السقف بمراحل.
ولم يعد ثمة وقت للتحليل والقراءة، إذ يكفى أن يقرأ أحدهم عنوان المقال ليمدح صاحبه أو يسبه.
وهكذا ينزوى صوت العقل، وهكذا تنحسر المعارضة الوطنية لتركن إلى الظل، ويحل محلها الطابور السادس.
لكن هناك حقيقة تاريخية، إذ إن الطابور السادس لا ينتصر أبدا، لأن انتصاره يعنى هزيمة الدولة ككل، فهو يدمر نفسه قبل الدولة.
وهناك حقيقة أخرى، وهى أن المبالغة فى الهجوم على الدولة، قد يفرض على الدولة المبالغة أيضا فى الدفاع عن نفسها.. ولنقرأ جيدا تاريخ القريب خلال الـ50 عاما الماضية.
حفظ الله مصر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حفظ الله مصر دار الإفتاء الأزهر الشريف
إقرأ أيضاً:
مهرجان سينيمانا العربي السادس يختتم فعالياته في البريمي
أُسدل الستار على مهرجان سينيمانا العربي في نسخته السادسة بمحافظة البريمي، وذلك خلال حفل ختامي أُقيم برعاية المكرم الشيخ علي بن مشاري الشامسي، عضو مجلس الدولة، وسط حضور سينمائي بارز شمل مخرجين وممثلين ونقادًا عربًا.
وتُوِّج في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، المخرج جعفر مراد بجائزة سينيمانا لأفضل سيناريو عن فيلمه بيكاسو من العراق، أما جائزة أفضل ممثلة، فذهبت إلى جاسيكا حسام الدين عن دورها في فيلم الماعز من مصر، في حين حصل الفنان عبدالله الطراروة على جائزة أفضل ممثل عن أدائه في فيلم عماكور من الكويت، كما حصد المخرج السوري باسل الخطيب جائزة أفضل مخرج عن فيلم حياة، بينما نالت المخرجة إيلازيا بوريللي جائزة أفضل فيلم متكامل عن فيلم الماعز من مصر.
أما نتائج مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، فقد أسفرت عن فوز المخرج الفلسطيني عمر العماوي بجائزة سينيمانا للقدس عن فيلمه في جدا عايش، كما فاز المخرج العُماني علي البيماني بجائزة أفضل فيلم تسجيلي عُماني عن فيلم مساقات طويلة، بينما حصل المخرج سعيد عامر على جائزة أفضل فيلم روائي عُماني عن فيلم المانيكان، وفي فئة الأفلام التسجيلية العربية، فاز المخرج السوري عمرو علي بجائزة أفضل فيلم تسجيلي عربي عن فيلم سينما الدنيا.
وقد كان للسينما السورية حضور بارز في هذه النسخة، حيث عُرض عدد من الأفلام السورية المتميزة، كما تم تكريم الفنان العربي القدير دريد لحام عن دوره في الفيلم السوري يومين للمخرج باسل الخطيب، إلى جانب عرض فيلم أقتل نملة للمخرج حسن بشار إسماعيل، الذي لاقى اهتمامًا كبيرًا من الجمهور.
كما شهد المهرجان تكريم عدد من الشخصيات الفنية البارزة، حيث تم تكريم الفنان الإماراتي القدير أحمد الجسمي، والفنان الكويتي القدير خالد أمين، تقديرًا لإسهاماتهما في مجال السينما، كذلك تم تكريم عدد من القائمين على حلقات العمل ضمن المهرجان، حيث حصل المخرج العراقي القدير جمال أمين على تكريم خاص تقديرًا لدوره في تقديم حلقة عمل إعداد ممثل لطلبة جامعة البريمي، كما قُدمت حلقة "ماستر كلاس: تاريخ صناعة السينما" من قِبَل الدكتورة إنصاف أوهيبة من تونس.
وخلال الحفل، أعلن علي العامري، مدير المهرجان، عن ترشيح الدكتور خالد بن عبدالرحيم الزدجالي، رئيس المهرجان، لعضوية مجلس إدارة اتحاد منتجي السينما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في خطوة تُعزز من الحضور العربي في المحافل السينمائية الدولية.
وقد شهد المهرجان عروضًا متميزة لعدد من الأفلام التي تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية متنوعة، إلى جانب جلسات نقاشية وحلقات عمل تهدف إلى دعم وتعزيز صناعة الأفلام العربية.
ويواصل مهرجان سينيمانا مسيرته كمنصة رائدة تحتفي بالإبداع السينمائي العربي، وتسهم في دعم المواهب الشابة وتطوير صناعة السينما في المنطقة.