بوابة الوفد:
2025-03-31@11:27:26 GMT

دورنا فى مواجهة التطرف وأشكاله

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

فى البداية دعونا نتفق على أمر جد مهم على الأقل من وجهة نظرى، هذا الأمر، هو أن كل مفكر حقيقى لابد أن يكون مهموما بقضايا وطنه بل ويجب عليه أن يوظف جل فكره بكل ما اتيحت له من أدوات لتقديم حلول لقضايا بلده.
ولعل من أبرز أسباب التطرف، الفقر الذى يتفشى بين أفراد المجتمع والذى يتم استغلاله من قبل المتطرفين، فيضربون على هذا الوتر الحساس مستغلين هؤلاء الفقراء وتجنيدهم فى أعمال عدوانية ضد أفراد المجتمع، ضد الدول، بل استغلالهم فى القيام بعمليات إرهابية تتسبب فى إزهاق أرواح الأبرياء مقابل إغرائهم بالأموال، فيشذون عما هو مألوف ويحيدون عن الطريق المستقيم ويصبحون قتلة وإرهابيين وسارقين، وحدث ولا حرج، بل يصب جم غضبه على المجتمع، ولماذا هؤلاء عندهم ونحن لا نجد حتى ما نتقوت به.


أيضا من الأسباب المهمة التى تشكل شخصية المتطرف، الظلم الذى يتعرضون له، كأن يعزل من عمله دونما سبب، أو لا يجد فرصة عمل وغيره من ذوى الوساطة والمحسوبية يجدونها بسهولة ويسر، أو قد يكون متفوقا فى دراسته ولا يعين فى وظيفته المرجوة ويعين آخر أقل منه فى الكفاءة، فيشعر بظلم وقع عليه، ويشعر بالاضطهاد، فيبدأ بسلوك عدوانى متطرف، يضرب فى ناحيتين، ناحية نفسه، فينطوى ويعزل نفسه عن القوم وقد يصاب بالأمراض النفسية التى قد ينهى معها حياته بالانتحار وكل يوم نسمع ونشاهد حالات كثيرة وبالتحرى عنها نجد أنها تعرضت لظلم أو جور أو اضطهاد وقع عليها، فتضيق الأرض عليهم بما رحبت ولا يجدون وسيلة للخلاص إلا إنهاء حياتهم.
أما المنحى الثانى، فيصب جم غضبه على المجتمع ويبدأ فى إثارة الفتن ونشر الفوضى بين الناس، كأن يقول وما الفائدة من التعليم، ولماذا نتعلم طالما أننا لا نقدر، ويقع فريسة سهلة ولقمة سائغة للمتطرفين يستغلونه أبشع استغلال.
الأزمات السياسية التى تتعرض لها الدول، ولم يكن ذلك جديدا فمنذ وفاة النبى صل الله عليه وسلم، وبدأ النزاع حول الخلافة، فهناك من تطرف واعتزل الناس، وهناك الخوارج الذين أحدثوا شروخات وتصدعات فى جدار الدولة الإسلامية عن طريق إثارة الفتن التى حتى لم تنتهى بمقتل عثمان وعلى، بل استمرت إلى الآن، فكل عصر خوارجه ومتطرفيه.
أيضا من الأسباب المهمة، المشاكل الاجتماعية التى تنتشر بين أفراد المجتمع والتى تدعو لحصول حالات تطرف لدى إحدى الجماعات، ومشاكلنا الاجتماعية كثيرة لا يمكننا حصرها هنا ولكن نضرب مثالا كمشكلة البطالة، مشكلة التسرب من التعليم، الزيادة السكانية وضوابط الاستفادة منها، الزواج المبكر وما يترتب عليه من بلايا ورزايا. مشكلة الأمية وما يترتب عليها من تفشى الجهل المرضى، وهذا تعبيرى، نعم لأن هناك جهلا صحيا، بمعنى جهل يقود صاحبه إلى التعلم والبحث عن سبل تعليمه، أما الجهل المرضى فهو استفحال مرض الجهل وتغلغله فى النفوس، فمهما حاولت تعليمه لا ولن يتعلم لأنه أصبح لدى الجاهل قناعات شخصية أنه هو كذلك متشبث بهذه القناعة متشبث برأيه وأنه هو الصواب، فهذا جهل مرضى.
أما أشكال التطرف فهى كثيرة، أذكر منها ما يلى: التطرف الفكرى، ومعناه الميل بالكلية إلى فكرة معينة واعتناقها والعمل على نشرها بكافة السبل المتاحة وغير المتاحة، أو الإفراط فى اعتناق مذهب فكرى معين على الرغم من مخالفة القوم له، كاعتناق الخوارج لمبدأ الولاء والبراء، أو اعتناقهم لمبدأ التكفير، أو اعتناق الشيعة لفكرة التقية والرجعة، وهذا مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، أو تأصيل المعتزلة لفكرة الحرية المطلقة، وأن الإنسان حر حرية مطلقة دونما ضوابط.
أو التطرف فى اعتناق الإلحاد، والوجودية الملحدة، أو الميل بالكلية إلى إتجاه اليسار أو الاتجاه الاشتراكى أو الماركسى أو العلمانى، أو الليبرالى، أو الميل إلى الاتجاه الصوفى والمغالاة فى التصوف مغالاة تقود إلى الشطح والخزعبلات، كاتحاد اللاهوت بالناسوت، وكالحلول والاتحاد وكوحدة الوجود، والفناء وغيرها من الشطحات المخالفة لروح الإسلام السمح الذى يرفض التطرف ويدعو إلى الوسطية والاعتدال وعدم التشدد، فالدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، أو كظهور بعض الجماعات التى تنتسب زورا وبهتانا إلى الإسلام، وتشرعن للقتل وسفك الدماء بحجة الجهاد، وهم أبعد ما يكونون عن الجهاد، فالمجاهد الحق هو الذى يجاهد نفسه ويتغلب عليها ولا يجعل للشيطان سبيلا عليه، ولا يجعل نفسه تقوده للوقوع فى براثن التطرف، بحجة نصرة الإسلام، فهل يعقل أن نرفع السلاح فى وجه من شهد لله بالوحدانية، والنبى وضح ذلك، لأن تهدم الكعبة وهو يعلم حرمتها على الله، لأن تهدم حجرا حجرا أهون عند الله من أن تلوح لأخيك بحديدة فى وجهه، فما بالكم ممن يفخخون السيارات، ويتربصون بالجنود المرابطون على الحدود، والحجة أنهم مارقون خارجون عن الدين، والله أنتم المارقون والخارجون عن الدين ورب الدين منكم براء.
كذلك من أشكال التطرف، التطرف العنصرى والتطرف الطائفى، وهذا النوع خطير جدا، لماذا لأنه يضرب المجتمعات فى صميمها، فكل الأديان نبذت العنصرية والطائفية ودعت إلى التعايش السلمى بين أفراد المجتمع دونما إفراط، بل ونبذت التعصب لجنس على حساب جنس آخر، فلا فرق بين الأجناس، كلكم لآدم وآدم من تراب، فالجميع أصلهم وأحد وتربتهم واحدة، فلا عنصرية ولا طائفية فلا فرق فى المواطنة بين المسلم والقبطى، الكل يعيش فى وطن واحد، يستظل تحت سماء واحدة، يمشى على تراب واحد، فالدين لله والوطن للجميع، كل يعبدالله على دينه فلا إكراه فى الاعتقاد، (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مسلمين)، فلماذا أيها المتطرفون تتربصون لإخوانكم فى الوطن لماذا تتربصون لهم أمام دور عبادتهم وتقتلونهم.
لماذا أيها العنصريون المتطرفون، تتربصون لإخوانكم أمام مساجدهم وتقتحمون عليهم مصلاهم وتقتلونهم، لماذا تحرقون الكتب المقدسة، لماذا تسبون الأنبياء وتتطاولون عليهم.
لماذا لا تعاملون الإنسانية ممثلة فى شخوصكم، لماذا نزعات العنصرية هذه وخطابات الكراهية والتحريض، لماذا لا تعاملون الإنسان كذات فعالة، لماذا لا تعاملونهم بما تحبون أن يعاملونكم به، ما هذه النظرة أحادية الجانب.
أليس هذا شكل من أشكال التطرف الدينى، أليس هذا دعوة مفادها عدم قبول أية طائفة دينية للتعايش مع غيرها ومعاداة طوائف دينية أخرى والتحريض كما ذكرت آنفا على إلحاق الضرر بها.
أيضا نجد نوعا آخر من التطرف هو التطرف الثقافى ونقصد به تجاوز حد الاعتدال والوسطية فى الأفكار والأحكام والنظر للطرف المختلف حيث يتبع الأفراد مذهب ثقافى معين بطريقة متعصبة، لماذا لا نتناقش على طاولة واحدة نقاشا عقليا منطقيا يقوم على الدليل والحجة والبرهان لماذا الاحتكار الثقافى للآراء والأفكار، أما تعلمون أن الفكر لا دين له ولا وطن، لو تعلمون ما صرتم إلى هذه الحالة.
ثم التطرف الاجتماعى ويقصد به التعصب لأفكار معينة مهما تكون بسيطة، وتحصل فى كآفة القطاعات سواء التعليمية أو الصحية أو غيرهما، وقد تكون الأفكار متعلقة بخلفيات الأفراد التاريخية أو الثقافية أو غير ذلك.
وينمو على ذلك حصول حالة من التطرف الاجتماعى تجاه فرد أو مجموعة من الأفراد بسبب حدث ما.
وهناك نوع آخر من التطرف هو التطرف النسوى والتطرف الذكورى.
بمعنى النشاطات النسائية والذكورية التى تتجاوز الحد والمعقول والمنطق، مما يقود إلى معادة كل طرف للآخر، فنجد بعض متطرفى النساء يتفنن فى إيقاع الأذى والتربص بالرجال عن طريق الحيل والمكر والدهاء.
وكذلك يظهر هذا التطرف جليا عند كثير من الرجال فيتفننون فى ابتكار وسائل يقمعون من خلالها النساء، دونما سبب اعتماداً على مبدأ أحقية الرجال بالعيش والحقوق أكثر من النساء.
ونحن نرفض ذلك بل وكل ذى بصر وبصيرة يرفض ذلك، فالنساء لهن حقوقهن، كفلتها لهن التشريعات السماوية، النساء شقائق الرجال.
وبعد أن قدمنا تعريفات لغوية واصطلاحية للتطرف، وتحدثنا عن أسبابه وأنواعه، وشخصنا الداء الذى قد يظن البعض أنه داء عضال، لكن ليس ثم داء إلا وله دواء.
والدواء الذى نقدمه ليس علاجا بالعقاقير الطبية وإنما دواءنا كلماتنا، دواءنا عن طريق خطاب توعوى بناء نوضح فيه خطر التطرف الذى يقود إلى الوقوع فى براثن الرذيلة والوقوع فى المحظور الذى يؤدى إلى الإرهاب، الإعلام المرئى، المسموع، المقروء، الإعلام الإليكترونى عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى ومنصاته المعتمدة، شريطة أن يقوم بذلك عقل واع متفتح مفوه حتى لا يضل ويضلل القوم.
كذلك المؤسسات الثقافية، المجلس الأعلى للثقافة، إتحاد الكتاب، الصالونات الثقافية الحقيقية، عليهم جميعا دور فاعل فى التوجيه والإرشاد عن طريق عقد الندوات وإقامة المؤتمرات التى تتوصل إلى توصيات لا توضع فى أدراج المكاتب بل ترفع إلى أولى الأمر للشروع فى تنفيذها.
كذلك المؤسسات التعليمية، الجامعات، التربية والتعليم، المعاهد، عليهم جميعا دور فاعل بخطاب مفيد ناجع فليس دورهم مقصور على العملية التعليمية فقط.
أيضا المؤسسات الدينية دور العبادة جميعها لا نستثنى أحدا، فالكل لابد أن يشارك قدر استطاعتنا فى خطاب توعوى يوضحون فيه خطورة التطرف وموقف الأديان منه وكذلك يشرحون للناس وسطية واعتدال الأديان، فالوسط والاعتدال ما دخل شيئا إلا زانه، وما خرج عن شيء إلا شانه.

أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مواقع التواصل الإجتماعى أفراد المجتمع لماذا لا عن طریق

إقرأ أيضاً:

حين تصبح الصراحة فرضَ عين

حين تصبح الصراحة فرضَ عين

د. #حفظي_اشتية

من مرارات ثمرات الحنظل التي أنتجتها #حرب_غزة أنها فضحت كل سِتر، وكشفت كل مخبوء، فصحا كلُّ واهم غافل، وصحّ كل ذهن كليل، ولم يعد النهار يحتاج إلى أدنى دليل.

نظامٌ غربيّ استعماريّ صهيونيّ لئيم، يناصبنا العداء منذ صرخة هرقل قبل 1400 عام في لحظة وداع سوريا العربية، وما زال على هذه الحال.

مقالات ذات صلة خواطر رمضانية 2025/03/26

زرع في قلب #العروبة و #الإسلام كيانا سرطانيا بغيضا قبل مائة عام، وأمدّه بكل أسباب القوة، وسانده بكل وسيلة وحيلة، فأشغلنا به، وأهدر طاقاتنا، واستنزف مواردنا، وشوّه حياتنا، وشتت شملنا، وأسقانا كأس الذل والظلم مترعة، وأسال دماءنا أنهارا حتى صاحت الهامة اسقوني.

تحت ذرائع تلمودية باهتة بائدة، تمّ التقاط أشتات المعتدين الغاصبين، وترحيلهم بالسفن كالأغنام إلى #فلسطين الوادعة العامرة بأهلها، لتكون النتيجة طرد سكانها الأصليين، وإقامة كيان غاصب في أكبر سرقة وأغرب خديعة وأعجب حكاية على مر التاريخ.

وها قد مضى قرن من الزمان، والأمة تحاول استرداد السليب، لكن النوى يمتدّ، والآمال تتبدّد.

ولعل من أهم أسباب فشلنا أننا وثقنا بهذا الغرب الظالم، واليناه، تفاخرنا بعلاقتنا معه، تأثرنا بأفكاره وقلدناه، شكونا إليه، طلبنا عونه وعدله، نفّذنا كل مطالبه والتزمنا بتوصياته، ولهثنا طويلا وراء سرابه، فلم نجنِ من كل ذلك إلا مزيدا من الوهن والوهم، وفائضا من الدعم لعدونا المعتدي، ونصرته علينا أجمعين، وقضم حقوقنا القديمة، وإضافة اغتصاب حقوق جديدة كل يوم، فلا نكاد ننام ليلة واحدة على همّ قديم. والآن حصحص الحق لكل ذي بصر أو بصيرة:

هيئاتهم الأممية، مجلس أمنهم، جمعياتهم العمومية، محاكمهم الجنائية والعدلية، حقوق إنسانهم، لجانهم، وساطاتهم، سفاراتهم، زياراتهم، مساعداتهم، قواعدهم، التودّدات المهينة لهم، طرح التريليونات من الدولارات في جيوبهم، شراء أسلحتهم، موادعتهم وتشرّب زيف حضارتهم، الخطابات في مجالسهم، التلذذ بوقوفهم الزائف لنا وتصفيقهم….. كل ذلك لن يغني عنا شيئا، ولن يجبر لنا كسرا، ولن يستردّ لنا حقا، بل سيزيدنا ضلالا فوق ضلال.

لقد جربنا سلامهم، وقّعنا المعاهدات معهم، فلم نزدد إلا فقرا وتيها وضعفا وتخلّفا. نعقد الاتفاق معهم، ونلتزم تماما بسرّه وعلنه، فلا نتلقى منهم إلا النقض والغدر بأيّة ذريعة، بل دون أيّة ذريعة، وذلك ديدنهم وخلقهم منذ كانوا.

نتنازل لهم، فتنفتح شهيتهم كل لحظة إلى المزيد والمزيد من التنازل والإذلال:

هل التزموا باتفاق أوسلو؟ بالاتفاق في لبنان؟ في غزة؟ ما الذنب الذي اقترفه الناس المسالمون في الضفة، في مخيماتها ومدينتها المقدسة، في أقصاها وكنائسها؟؟؟

ماذا جنت سوريا من المسالمة والموادعة؟ ننشغل ببعضنا، والكيان يدمر جيشا عربيا كاملا بكل أسلحته ومؤسساته وذخائره وقواعده ومقدراته في ساعات، ويدوس اتفاقا دوليا بقدميه لتجوس دباباته الجولان بأسره، والقنيطرة المحررة، ودرعا، وجبل العرب، وسهل حوران، وريف دمشق. ويطلّ جنوده من أعالي قمة جبل الشيخ التي غصبوها أخيرا على بردى وقاسيون، وتمتد عيون أطماعهم نحو التنف ودير الزور والفرات، ويحوسون في مواطئ أقدام جنود الجيش العراقي الشرفاء، وأبطال اللواء الأربعين الأردني البواسل الذين سيّجوا طريق الأعداء نحو دمشق بسياج من شرف ونار في تشرين.

وتصرخ فيروز: “أجراس العودة فلتقرع”، ويصرخ نزار: “خازوق دُقّ ولن يُخلع…. من شرم الشيخ إلى سعسع” فأيهما نصدّق والواقع شاهد مرير صارخ صامت صادم؟!

الكيّس من اتعظ بغيره، وكفى بالدهر واعظا.

لن يسلم منا أحد، والكأس علينا تدور، فأما أن نموت أذلاء مسالمين، أو أحرارا مدافعين. الموت واحد، والنتيجة جِدُّ مختلفة ومتباينة في الحالين.

تأخرنا ــ نحن العرب جميعا ــ طويلا طويلا في الإعداد والاستعداد :

لماذا تزرع الأمم أراضيها فتفيض خيراتها عن حاجات كل سكانها وتصدّر، بينما نكتفي نحن بترف الاستهلاك والاستيراد؟!

لماذا تصنع الأمم أسلحتها بأيدي أبنائها، ونكتفي نحن بالاقتيات على فتات أسلحة يلفظها لنا أعداؤنا عديمة القيمة، أسرارها بأيديهم وقرارها، فنرتمي عميقا في مزالق الاستعباد؟!

لماذا لا ننمي مواردنا الذاتية، ومياهنا، وطاقتنا، ونحافظ على حرية سمائنا وأرضنا، ونصون مقدراتنا عن أيدي العابثين وسطوة الفساد؟! كيف نعدم الوسيلة وبأيدينا كل الوسائل؟!

لماذا تلجأ بعض الأمم إلى جبال محصنة لحماية أسلحتها التي صنعتها بأيديها، ونعجز نحن عن فعل ذلك وبلادنا معاقل الجبال؟!

لماذا تهدر مبالغ هائلة من أموال هذه الأمة دون استثمارها في إقامة صناعاتها الحربية، وحماية أمنها، والحفاظ على وحدتها وهويتها ودينها وقوميتها ووجودها المشرّف الآمن على أرضها؟؟!

كل الزمان الذي مرّ بنا في تاريخنا كان خطيرا، لكن واقعنا اليوم أخطر؛ فقد تبين الخيط الأبيض من الأسود من الفجر، وقد لاحت الحقيقة المرة في رابعة النهار: إما أن نكون، أو لا نكون.

ولا بدّ أن نكون: ليس ذلك بعزيز علينا، فصفحات تاريخنا الحديث ــ ولا أقول القديم ــ ما زالت مشرقة بسطور من نور تخلّد بطولات جنودنا. وما زالت أسوار القدس وباب الواد واللطرون ونابلس وجنين تقصّ على الدنيا خبر الأبطال المدافعين الميامين. وما زالت رمال أمّ الجمال تستعيد حكاية قادة الأعداء الأسرى الأذلاء الصاغرين. وما زالت تلال الكرامة تردّد صرخات الأسود من الجنود والمقاومين الذين ردّوا الأعداء منكّسي الرؤوس، أذيالهم بين أرجلهم، وركبهم تصطك، وأسنانهم كالحة من الغبار تعضّ على شفاه الذلّ والعار. وما زالت قناة السويس تحكي لبَحريْ العرب “الأحمر والأبيض” أسطورة العبور التي شأتْ ما قبلها، وأعيتْ ما بعدها، وأشهرت للدنيا بأسرها بطولة الجندي العربي المصري الجَسور. وما زالت جبال جنوب لبنان تعلّم الدنيا كيف دافع هناك الأبطال شبرا شبرا عن حياض الأوطان. وما زال اليمن العربي الفقير النبيل الشهم الشجاع الأصيل، يكتب بالدم الزكيّ كيف يدافع العربيّ الوفيّ عن أخيه المظلوم العربي، وكيف يعيد البحار العربية حرة للأيدي العربية.

وما زالت غزة الأسطورية تكتب سفر المقاومة والصمود سطرا سطرا، وتثبت أن في الأرض العربية رجالا شجعانا، وشعوبا أبيّة تدافع ببسالة عزّ نظيرها عنها، وتصمد بصبر أيّوبيّ فيها وتقول مع طلوع كل شمس، وفي هدأة كل ليل: إنْ كان المهر غاليا غاليا، فإنّ فلسطين وقدسها أغلى وأغلى.

مقالات مشابهة

  • الآلاف يؤدون صلاة عيد الفطر المبارك بالسويس
  • كيف يواصل الحوثيون تعزيز ترسانتهم؟
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (4) عملية السويس وتفاصيل العبور الذى كاد يودى بحياة بنتنياهو
  • وعدت يا "عيد"
  • بعد العيد
  • ذكرى وفاة عبد الحليم حافظ.. «كواليس رحلة علاج العندليب وقصة عشقه للنادي الأهلي»
  • لو صدر ضدك حكم غيابى.. إجراءات عمل معارضة على الحكم
  • رئيس حزب العدل: دورنا دعم القيادة السياسية وحل مشكلات المواطنين
  • حين تصبح الصراحة فرضَ عين
  • لعلهم يرشدون