دورنا فى مواجهة التطرف وأشكاله
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
فى البداية دعونا نتفق على أمر جد مهم على الأقل من وجهة نظرى، هذا الأمر، هو أن كل مفكر حقيقى لابد أن يكون مهموما بقضايا وطنه بل ويجب عليه أن يوظف جل فكره بكل ما اتيحت له من أدوات لتقديم حلول لقضايا بلده.
ولعل من أبرز أسباب التطرف، الفقر الذى يتفشى بين أفراد المجتمع والذى يتم استغلاله من قبل المتطرفين، فيضربون على هذا الوتر الحساس مستغلين هؤلاء الفقراء وتجنيدهم فى أعمال عدوانية ضد أفراد المجتمع، ضد الدول، بل استغلالهم فى القيام بعمليات إرهابية تتسبب فى إزهاق أرواح الأبرياء مقابل إغرائهم بالأموال، فيشذون عما هو مألوف ويحيدون عن الطريق المستقيم ويصبحون قتلة وإرهابيين وسارقين، وحدث ولا حرج، بل يصب جم غضبه على المجتمع، ولماذا هؤلاء عندهم ونحن لا نجد حتى ما نتقوت به.
أيضا من الأسباب المهمة التى تشكل شخصية المتطرف، الظلم الذى يتعرضون له، كأن يعزل من عمله دونما سبب، أو لا يجد فرصة عمل وغيره من ذوى الوساطة والمحسوبية يجدونها بسهولة ويسر، أو قد يكون متفوقا فى دراسته ولا يعين فى وظيفته المرجوة ويعين آخر أقل منه فى الكفاءة، فيشعر بظلم وقع عليه، ويشعر بالاضطهاد، فيبدأ بسلوك عدوانى متطرف، يضرب فى ناحيتين، ناحية نفسه، فينطوى ويعزل نفسه عن القوم وقد يصاب بالأمراض النفسية التى قد ينهى معها حياته بالانتحار وكل يوم نسمع ونشاهد حالات كثيرة وبالتحرى عنها نجد أنها تعرضت لظلم أو جور أو اضطهاد وقع عليها، فتضيق الأرض عليهم بما رحبت ولا يجدون وسيلة للخلاص إلا إنهاء حياتهم.
أما المنحى الثانى، فيصب جم غضبه على المجتمع ويبدأ فى إثارة الفتن ونشر الفوضى بين الناس، كأن يقول وما الفائدة من التعليم، ولماذا نتعلم طالما أننا لا نقدر، ويقع فريسة سهلة ولقمة سائغة للمتطرفين يستغلونه أبشع استغلال.
الأزمات السياسية التى تتعرض لها الدول، ولم يكن ذلك جديدا فمنذ وفاة النبى صل الله عليه وسلم، وبدأ النزاع حول الخلافة، فهناك من تطرف واعتزل الناس، وهناك الخوارج الذين أحدثوا شروخات وتصدعات فى جدار الدولة الإسلامية عن طريق إثارة الفتن التى حتى لم تنتهى بمقتل عثمان وعلى، بل استمرت إلى الآن، فكل عصر خوارجه ومتطرفيه.
أيضا من الأسباب المهمة، المشاكل الاجتماعية التى تنتشر بين أفراد المجتمع والتى تدعو لحصول حالات تطرف لدى إحدى الجماعات، ومشاكلنا الاجتماعية كثيرة لا يمكننا حصرها هنا ولكن نضرب مثالا كمشكلة البطالة، مشكلة التسرب من التعليم، الزيادة السكانية وضوابط الاستفادة منها، الزواج المبكر وما يترتب عليه من بلايا ورزايا. مشكلة الأمية وما يترتب عليها من تفشى الجهل المرضى، وهذا تعبيرى، نعم لأن هناك جهلا صحيا، بمعنى جهل يقود صاحبه إلى التعلم والبحث عن سبل تعليمه، أما الجهل المرضى فهو استفحال مرض الجهل وتغلغله فى النفوس، فمهما حاولت تعليمه لا ولن يتعلم لأنه أصبح لدى الجاهل قناعات شخصية أنه هو كذلك متشبث بهذه القناعة متشبث برأيه وأنه هو الصواب، فهذا جهل مرضى.
أما أشكال التطرف فهى كثيرة، أذكر منها ما يلى: التطرف الفكرى، ومعناه الميل بالكلية إلى فكرة معينة واعتناقها والعمل على نشرها بكافة السبل المتاحة وغير المتاحة، أو الإفراط فى اعتناق مذهب فكرى معين على الرغم من مخالفة القوم له، كاعتناق الخوارج لمبدأ الولاء والبراء، أو اعتناقهم لمبدأ التكفير، أو اعتناق الشيعة لفكرة التقية والرجعة، وهذا مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، أو تأصيل المعتزلة لفكرة الحرية المطلقة، وأن الإنسان حر حرية مطلقة دونما ضوابط.
أو التطرف فى اعتناق الإلحاد، والوجودية الملحدة، أو الميل بالكلية إلى إتجاه اليسار أو الاتجاه الاشتراكى أو الماركسى أو العلمانى، أو الليبرالى، أو الميل إلى الاتجاه الصوفى والمغالاة فى التصوف مغالاة تقود إلى الشطح والخزعبلات، كاتحاد اللاهوت بالناسوت، وكالحلول والاتحاد وكوحدة الوجود، والفناء وغيرها من الشطحات المخالفة لروح الإسلام السمح الذى يرفض التطرف ويدعو إلى الوسطية والاعتدال وعدم التشدد، فالدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، أو كظهور بعض الجماعات التى تنتسب زورا وبهتانا إلى الإسلام، وتشرعن للقتل وسفك الدماء بحجة الجهاد، وهم أبعد ما يكونون عن الجهاد، فالمجاهد الحق هو الذى يجاهد نفسه ويتغلب عليها ولا يجعل للشيطان سبيلا عليه، ولا يجعل نفسه تقوده للوقوع فى براثن التطرف، بحجة نصرة الإسلام، فهل يعقل أن نرفع السلاح فى وجه من شهد لله بالوحدانية، والنبى وضح ذلك، لأن تهدم الكعبة وهو يعلم حرمتها على الله، لأن تهدم حجرا حجرا أهون عند الله من أن تلوح لأخيك بحديدة فى وجهه، فما بالكم ممن يفخخون السيارات، ويتربصون بالجنود المرابطون على الحدود، والحجة أنهم مارقون خارجون عن الدين، والله أنتم المارقون والخارجون عن الدين ورب الدين منكم براء.
كذلك من أشكال التطرف، التطرف العنصرى والتطرف الطائفى، وهذا النوع خطير جدا، لماذا لأنه يضرب المجتمعات فى صميمها، فكل الأديان نبذت العنصرية والطائفية ودعت إلى التعايش السلمى بين أفراد المجتمع دونما إفراط، بل ونبذت التعصب لجنس على حساب جنس آخر، فلا فرق بين الأجناس، كلكم لآدم وآدم من تراب، فالجميع أصلهم وأحد وتربتهم واحدة، فلا عنصرية ولا طائفية فلا فرق فى المواطنة بين المسلم والقبطى، الكل يعيش فى وطن واحد، يستظل تحت سماء واحدة، يمشى على تراب واحد، فالدين لله والوطن للجميع، كل يعبدالله على دينه فلا إكراه فى الاعتقاد، (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مسلمين)، فلماذا أيها المتطرفون تتربصون لإخوانكم فى الوطن لماذا تتربصون لهم أمام دور عبادتهم وتقتلونهم.
لماذا أيها العنصريون المتطرفون، تتربصون لإخوانكم أمام مساجدهم وتقتحمون عليهم مصلاهم وتقتلونهم، لماذا تحرقون الكتب المقدسة، لماذا تسبون الأنبياء وتتطاولون عليهم.
لماذا لا تعاملون الإنسانية ممثلة فى شخوصكم، لماذا نزعات العنصرية هذه وخطابات الكراهية والتحريض، لماذا لا تعاملون الإنسان كذات فعالة، لماذا لا تعاملونهم بما تحبون أن يعاملونكم به، ما هذه النظرة أحادية الجانب.
أليس هذا شكل من أشكال التطرف الدينى، أليس هذا دعوة مفادها عدم قبول أية طائفة دينية للتعايش مع غيرها ومعاداة طوائف دينية أخرى والتحريض كما ذكرت آنفا على إلحاق الضرر بها.
أيضا نجد نوعا آخر من التطرف هو التطرف الثقافى ونقصد به تجاوز حد الاعتدال والوسطية فى الأفكار والأحكام والنظر للطرف المختلف حيث يتبع الأفراد مذهب ثقافى معين بطريقة متعصبة، لماذا لا نتناقش على طاولة واحدة نقاشا عقليا منطقيا يقوم على الدليل والحجة والبرهان لماذا الاحتكار الثقافى للآراء والأفكار، أما تعلمون أن الفكر لا دين له ولا وطن، لو تعلمون ما صرتم إلى هذه الحالة.
ثم التطرف الاجتماعى ويقصد به التعصب لأفكار معينة مهما تكون بسيطة، وتحصل فى كآفة القطاعات سواء التعليمية أو الصحية أو غيرهما، وقد تكون الأفكار متعلقة بخلفيات الأفراد التاريخية أو الثقافية أو غير ذلك.
وينمو على ذلك حصول حالة من التطرف الاجتماعى تجاه فرد أو مجموعة من الأفراد بسبب حدث ما.
وهناك نوع آخر من التطرف هو التطرف النسوى والتطرف الذكورى.
بمعنى النشاطات النسائية والذكورية التى تتجاوز الحد والمعقول والمنطق، مما يقود إلى معادة كل طرف للآخر، فنجد بعض متطرفى النساء يتفنن فى إيقاع الأذى والتربص بالرجال عن طريق الحيل والمكر والدهاء.
وكذلك يظهر هذا التطرف جليا عند كثير من الرجال فيتفننون فى ابتكار وسائل يقمعون من خلالها النساء، دونما سبب اعتماداً على مبدأ أحقية الرجال بالعيش والحقوق أكثر من النساء.
ونحن نرفض ذلك بل وكل ذى بصر وبصيرة يرفض ذلك، فالنساء لهن حقوقهن، كفلتها لهن التشريعات السماوية، النساء شقائق الرجال.
وبعد أن قدمنا تعريفات لغوية واصطلاحية للتطرف، وتحدثنا عن أسبابه وأنواعه، وشخصنا الداء الذى قد يظن البعض أنه داء عضال، لكن ليس ثم داء إلا وله دواء.
والدواء الذى نقدمه ليس علاجا بالعقاقير الطبية وإنما دواءنا كلماتنا، دواءنا عن طريق خطاب توعوى بناء نوضح فيه خطر التطرف الذى يقود إلى الوقوع فى براثن الرذيلة والوقوع فى المحظور الذى يؤدى إلى الإرهاب، الإعلام المرئى، المسموع، المقروء، الإعلام الإليكترونى عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى ومنصاته المعتمدة، شريطة أن يقوم بذلك عقل واع متفتح مفوه حتى لا يضل ويضلل القوم.
كذلك المؤسسات الثقافية، المجلس الأعلى للثقافة، إتحاد الكتاب، الصالونات الثقافية الحقيقية، عليهم جميعا دور فاعل فى التوجيه والإرشاد عن طريق عقد الندوات وإقامة المؤتمرات التى تتوصل إلى توصيات لا توضع فى أدراج المكاتب بل ترفع إلى أولى الأمر للشروع فى تنفيذها.
كذلك المؤسسات التعليمية، الجامعات، التربية والتعليم، المعاهد، عليهم جميعا دور فاعل بخطاب مفيد ناجع فليس دورهم مقصور على العملية التعليمية فقط.
أيضا المؤسسات الدينية دور العبادة جميعها لا نستثنى أحدا، فالكل لابد أن يشارك قدر استطاعتنا فى خطاب توعوى يوضحون فيه خطورة التطرف وموقف الأديان منه وكذلك يشرحون للناس وسطية واعتدال الأديان، فالوسط والاعتدال ما دخل شيئا إلا زانه، وما خرج عن شيء إلا شانه.
أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مواقع التواصل الإجتماعى أفراد المجتمع لماذا لا عن طریق
إقرأ أيضاً:
من هو الإمام السيوطى؟ تعرف على العالم الذى ملأ الدنيا علمًا بمؤلفاته
من هو الإمام السيوطى؟ شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية المصرية، بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، اليوم الثلاثاء، على أهمية الاقتداء بالإمام السيوطى لأنه نموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف 1164 كتابًا خلال حياته، فمن هو هذا العالم الجليل؟ سنذكر تفاصيل عنه خلال السطور القادمة.
الإمام السيوطىهو العالم الموسوعي جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، ولد بالقاهرة في غرة رجب سنة (849 هـ/1445م)، وتعود جذور عائلته إلى محافظة أسيوط بصعيد مصر؛ وهذا سبب تسميته بالسيوطي.
وقد روي أن والده كان قد طلب من أمه وهي حامل به أن تأتيه بكتاب من مكتبته، فأخذها الطلْق وهي تحمل الكتاب إلى زوجها، ومن هنا لقب السيوطي بابن الكتب، وربما كانت هذه القصة هي التي صبغت حياته كلها، حيث عاش مع الكتب قارئا ومصنفا ومقلِّبا.
نبغ السيوطى منذ صغره، حيث قدر الله تعالى له أن يعيش في زمان راجت فيه الحركات العلمية، وتيسرت فيه سبل العلم بما لم يتيسر في زمان قبله؛ ما ساعده على تحصيل العلوم المختلفة في زمن قياسي؛ فحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ثم اتجه لحفظ المتون، وطلب العلوم المختلفة، كالفقه والأصول، والتفسير، والحديث، واللغة، وغير ذلك من العلوم.
فقد عنى به والده مبكرا، فكان يأخذه إلى مجالس العلم التي يحضرها، ومن أهمها مجلس الإمام ابن حجر العسقلاني، الذي يلقب بـ"أمير المؤمنين في الحديث".
كما اهتم والد السيوطي بتحفيظه القرآن، وأتم حفظ كتاب الله في عمر الثامنة.
وعاش السيوطى يتيما منذ السادسة من عمره، حيث لم يلبث أن ينشأ في مجالس علم أبيه حتى توفي والده وهو في السادسة من عمره، فاهتم به أصدقاء والده من العلماء، وأولوه رعايتهم وعنايتهم، وعلى رأسهم الإمام الفقيه الكمال بن الهمام.
وقد كان كثير الأسفار في طلب العلم والشيوخ، وقد وُصف بأنه “دائرة معارف متكاملة وآية في سرعة التأليف”.
فقد رحل السيوطي في طلب العلم إلى عديد من البلدان، كالشام، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب
شيوخ الإمام السيوطي
تلقى السيوطى العلم على يد كبار علماء عصره، أمثال: الشيخ شهاب الدين الشارمساحي، وشيخ الإسلام علم الدين البلقيني، وشرف الدين المناوي، والعلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، والعلامة محيي الدين الكافيجي، والشيخ سيف الدين الحنفي، وغيرهم كثير.
ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيخات راسخات في العلم من النساء، أمثال: آسية بنت جار الله بن صالح الطبري، وكمالية بنت عبد الله بن محمد الأصفهاني، وأم هانئ بنت الحافظ تقي الدين محمد بن محمد بن فهد المكي، وخديجة بنت فرج الزيلعي، وغيرهن كثير.
وألف المئات من الكتب، حتى قال عنه ابن العماد الحنبلي "المسند المحقق المدقق، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة".
فقد كان سبّاقا إلى كتابة ألوان من الكتب لم تعهد قبل عصره إلا قليلا، فألف سيرة ذاتية وسمها بـ"التحدث بنعمة الله".
تدريس الإمام السيوطي للعلوم وتوليه الإفتاء
برع السيوطي في ما تلقاه من علوم، ما جعله عالمًا موسوعيًّا في العلوم الشرعية والعربية، كعلم القراءات، والفرائض، والفقه، والأصول، واللغة، ووصل إلى رتبة «الحافظ» في علم الحديث، حتى قيل عنه: إنه خاتمة الحُفَّاظ.
تولى الإمام السيوطى الإفتاء
ولما اكتملت عنده دوائر العلم وأدوات المعرفة جلس للإفتاء، وتدريس العلوم، وفي هذا الشأن يقول عن نفسه رحمه الله: (رُزقت التبحُّر في سبعة علوم: التفسير والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع)، ويقول أيضًا: (وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله، أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله لا فخرًا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها في الفخر؟!) من كتاب حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة.
تلامذة الإمام السيوطى
لا يخلو متعلم بعد السيوطي إلا ونهل من بحره الزاخر، واستفاد من مؤلفاته النافعة، ومن أبرز تلامذته الذين عاصروه: شمس الدين الداودي، وشمس الدين الشامي محدِّث الديار المصرية، وابن إياس المؤرخ الكبير، وزين الدين الشَّماع، وشمس الدين بن طولون.
مؤلفات الإمام السيوطى
جاوزت مؤلفات الإمام السيوطي الستمائة مؤَلف في الفنون والعلوم المختلفة، ساعده على ذلك اعتزاله الناس بعد ما بلغ سنَّ الأربعين، ورفض مقابلة الأمراء والوجهاء، وانقطع في بيته في روضة المقياس على ضفاف النيل، للقراءة والتأليف، فألف الكثير من الكتب التي تُعد من أمهات المراجع في الفنون المختلفة، والتي ملأت طباق الدنيا علمًا، يقول عن نفسه كما جاء في مقامته «طرز العمامة في التفرقة بين المقامة والقمامة»: “فليس في الإسلام قُطر إلا وقد وصلَت تصانيفي إليه، ولا مِصر إلا وتجد شيئًا من كتبي لديه، ووصلَتْ إليَّ من علماء الأمصار المطالعاتُ والرسائل، ما بين راغبٍ في تأليفي وطالبٍ لجوابِ ما بعَث به من الفتاوى والمسائل”.
مؤلفات السيوطى فى علم التفسير والقراءات
ومن مؤلفاته في علم التفسير والقراءات: الإتقان في علوم القرآن، الدر المنثور في التفسير المأثور، ترجمان القرآن، المسند، أسرار التنزيل.
مؤلفات السيوطى فى علم الحديث
وفي علم الحديث: كشف المغطى في شرح الموطا، التوشيح على الجامع الصحيح، الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، شرح ابن ماجه، تدريب الراوي في شرح تقريب النووي.
مؤلفات السيوطى فى الفقه
وفي الفقه: الأزهار الغضة في حواشي الروضة، الحواشي الصغرى، مختصر الروضة، مختصر التنبيه، شرح التنبيه، الأشباه والنظائر. إلى جانب مؤلفاته في التفسير والعربية والأصول والتصوف والتاريخ والأدب.
ماذا قال العلماء عن الإمام السيوطى؟
قال عنه تلميذه الداودي: وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه رجالاً وغريبًا، ومتنًا وسندًا، واستنباطًا للأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث؛ قال: ولو وجدت أكثر لحفظته، قال: ولعله لا يوجد على وجه الأرض الآن أكثر من ذلك. [ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 10/ 76.]
وقال تلميذه عبد القادر بن محمد: “الأستاذ الجليل الكبير، الذي لا تكاد الأعصار تسمع له بنظير.. شيخ الإسلام، وارث علوم الأنبياء عليهم السلام، فريد دهره، ووحيد عصره، مميت البدعة، ومحيي السنة، العلاَّمة البحر الفهامة، مفتي الأنام، وحسنة الليالي والأيام، جامع أشتات الفضائل والفنون، وأوحد علماء الدين، إمام المرشدين، وقامع المبتدعة والملحدين، سلطان العلماء ولسان المتكلمين، إمام المحدِّثين في وقته وزمانه. [إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي” ص5].
ووصفه ابن العماد الحنبلي بأنه: المُسْنِد المحقِّق المدقِّق، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة. [ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 10/ 74]
مجدد المائة التاسعة
رجا الإمام السيوطي رحمه الله أن يكون هو إمام المائة التاسعة من الهجرة ومجددها؛ لعلمه الغزير، وتصانيفه الشاملة؛ فيقول عن نفسه: «إني ترجيت من نعم الله وفضله أن أكون المبعوث على هذه المائة، لانفرادي عليها بالتَّبحر في أنواع العلوم».[ مختارات من علوم القرآن: تركي بن الحسن الدهماني (ص67)]
وفاة الإمام السيوطي
رحل السيوطي عن عالمنا في 19 جمادى الأولى سنة 911 هـ، ودفن خارج باب القرافة في القاهرة، ومنطقة مدفنه تعرف الآن بمقابر سيدي جلال؛ نسبةً إليه.
أبرز جوانب القدوة في شخصية الإمام السيوطى:
الهمة العالية في طلب العلم.
التوكل على الله والأخذ بالأسباب.
إخلاص النية وإتقان العمل سببان في التميز والتفرّد.
اعتزاز العالم بنفسه وثقته بعلمه.
الزهد فيما في أيدي الناس.
العكوف على العلم وتأليف الكتب، والانشغال بالطاعات والأعمال الصالحة التي تنفع الناس في دينهم ودنياهم.