28 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث:

مع تصاعد التنافس اللوجستي بمنطقة الخليج، يبرز مشروع ميناء مبارك الكبير في الكويت محوراً استراتيجياً لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع الصين، إذ يُعد المشروع علامة على السعي الكويتي لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، ويُمثل جزءًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية الطموحة، لكن تنفيذه ظل متعثرا بعد إتمام مرحلته الأولى.

فالميناء يواجه تحديات جمة، بما في ذلك التوترات السياسية والخلافات الحدودية مع العراق، والضغوط الأميركية التي قد تُعرقل التقدم في إنشائه.

وتُعقد هذه العوامل من إمكانية تحقيق الكويت لأهدافها الاستراتيجية وتُثير تساؤلات حول مستقبل الميناء مركزاً تجارياً إقليمياً رئيسياً، حسب إفادة خبيري اقتصاد.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، آلان صفا، أن ميناء مبارك عبارة عن مشروع قديم يعود إلى عام 2007، ومر بمراحل عدة ترتبط بتطور العلاقة الاقتصادية بين الكويت والصين، خاصة بعد توقيع عقد توريد للنفط الكويتي إلى الصين منذ عدة سنوات مقابل قروض صينية.

ولكن جرى فسخ هذا العقد بسبب الضغط الأميركي على الكويت، وبالتالي العلاقات لم تسمح للصين بتطوير علاقاتها مع الكويت، بحسب ما يراه صفا، مشيرا إلى أن الصين تتجه في الوقت ذاته إلى تمديد نفوذها الاقتصادي بالمنطقة، وهو ما توجته بإدخال إيران والسعودية والإمارات ومصر في تجمع “بريكس”.

وفي هذا الإطار، يشير صفا إلى أن العراق، الذي كان يود تعميق التواصل الاقتصادي مع الصين منذ عدة سنوات، تمكن من توقيع عدة عقود تسمح للشركات الصينية بالاستثمار داخله، في ظل سياسة صينية عامة، ترتكز على توسيع نفوذها الاقتصادي جغرافيا عبر مشروع طريق الحرير الجديد.

ويضيف صفا أن الصين تعرض على عدة بلدان في العالم تطوير الموانئ، والسكك الحديدية والطرق في ظل استراتيجيتها الجديدة، ووفق مبدأ مفاده أن تستثمر الصين في هذه البلدان نتيجة تقارب سياسي واقتصادي ومصالح مشتركة معها.

ولذا يرى صفا أن إكمال مشروع ميناء مبارك الكبير يعني أن تبدأ الكويت مرحلة تقارب جديدة مع الصين، ما يضيف بعدا إضافيا لنفوذ الصين المتنامي اقتصاديا في المنطقة. ويعني ذلك أن الهدف الاستراتيجي لا يرتبط بمشروع ميناء مبارك في حد ذاته، بل بعقد صفقة تبني بموجبها الشركات الصينية ما تبقى من المشروع مقابل استخدام الصين للميناء في عملية الترانزيت والاستيراد والتصدير، بحسب صفا، الذي يتوقع توقيع عقود كبيرة بهذا الشأن قريبا.

ويصب ذلك في اتجاه منظم لتعميق العلاقات الاقتصادية الجديدة والمتقدمة بين الكويت والصين، وفق صفا، مشيرا إلى أن الكويت ستجني من وراء ذلك فوائد اقتصادية كبيرة، سواء مباشرة من عوائد ميناء مبارك، أو غير مباشرة من تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الصين. ويرتبط هذا التطوير بالعلاقات الاقتصادية الجيدة بين إيران والعراق وتركيا والسعودية وبين الصين، إذ إن اشتراك كل هذه البلدان في بناء نوع من التبادل التجاري القوي وبناء سكك حديدية وموانئ يعني أن ميناء مبارك ستكون له نتيجة اقتصادية جيدة، تبني على هذا التقارب، حسب تقدير صفا، الذي أشار إلى أن مشروع الميناء الكويتي تعرض لتباطؤ في تنفيذه في ظل اعتراض العراق انطلاقا من تقدير مفاده أن الميناء يشكل خطرا على استراتيجية موانئه.

ومشروع ميناء مبارك الكبير في الكويت يحمل أهمية استراتيجية كبيرة للصين لعدة أسباب. أولاً، يُعد الميناء جزءًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بين الصين ودول العالم من خلال تطوير البنية التحتية للنقل والموانئ .و يوفر الميناء للصين نقطة ارتكازية في منطقة الخليج العربي، مما يسهل عمليات الترانزيت والاستيراد والتصدير، ويعزز من قدرتها على الوصول إلى الأسواق الأوروبية والأفريقية عبر طرق بحرية أقصر وأكثر كفاءة .

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: مشروع میناء مبارک مع الصین إلى أن

إقرأ أيضاً:

شينيجانغ.. أرض التعايش والتسامح الديني ومعبر القوافل التجارية على مر العصور

الحكومة الصينية تنجح في القضاء على الفقر في شينجيانغ بفضل الزراعة

ترسيخ أعمدة التسامح والتعايش بين الأديان والقوميات العرقية المتنوعة

شينجيانج بوابة الصين الكبرى في "الحزام والطريق" بفضل حدودها مع 8 دول

زيارات وجولات في مواقع تراثية تعكس الثراء التاريخي المُتنوِّع

المائدة الشينجانية تتميز بالتوابل الحارة.. والسمك المشوي بالصدارة

الأكاديمية الإسلامية في أورومتشي.. صرح ديني لتعليم أصول الدين وترسيخ الاعتدال

شينجيانغ زاخرة بتنوع موسيقي مُدهش ورقصات تقليدية عريقة

الرؤية - فيصل السعدي

السلام الاجتماعي والديني أساس التنمية الشاملة.. هذا ما أدركتُهُ خلال العشرة أيام التي قضيتُها في مقاطعة شينجيانغ الصينية، بما في ذلك فترة عيد الأضحى المبارك؛ حيث الأُلفة وتقبل الأديان والقوميات؛ مما ساهم في رفع المستوى التنموي للمقاطعة والمستوى المعيشي للفرد في هذه المقاطعة ذات الأغلبية المُسلمة والتي تتمتع بحكم ذاتي.


 

ولعل أكثر ما يثير الدهشة في مختلف المدن والقرى التي زرتها، استثمار الموارد الطبيعية في تجسيد لـ"بداية الحضارات"؛ فالمشاهد الزراعية والمساحات الحضراء لم تفارق نافذة الحافلة، كما لم تقتصر الثروة الزراعية الهائلة في شينجيانغ على زراعة الحبوب والفواكه؛ بل تعدت إلى زراعة القطن والخُوزامي بأحدث التقنيات الزراعية. ولم تكن  لتكتمل العملية التجارية إلّا بمصانع تُنتج مختلف المنتجات العطرية ومستحضرات العناية بالبشرة من زهور الخُزامَى، ومصنع القطن الذي ينتج المنسوجات والملابس، مما يضمن مختلف الوظائف للأسر الشينجانية، وبالتالي زيادة دخل الفرد وتحولت الكثير من الأسر الريفية الزراعية إلى أسر مُتمَدِّنة تعمل في الصناعة والبيع والتصدير.

ومع تنوُّع السلة الغذائية في شينجيانغ مثل البطيخ والعنب والكوميثرا والكرز والرُمّان وغيرها، نجحت الحكومة الصينية في القضاء على الفقر؛ حيث وفرت شتى الطرق والسبل في استزراع الأراضي القاحلة وتحويلها إلى استثمار وأمن قومي للبلد فقد تم العمل على استغلال الممرات المائية والأودية ومعابر المياة الناتجة عن ذوبان الثلوج في الصيف في ري المزارع بالإيضافة إلى محاربة التصحر والحد من التلوث.

السلام أساس التنمية

تعاملت الحكومة الصينية بحكمة التعايش وتقبل الأديان والثقافات مع جميع الأقليات المختلفة ليصبح حق ممارسة الشعائر الدينية حقًا لكل قومية. ومقاطعة شينجيانغ الأكبر مساحة بين المقاطعات الصينية، الواقعة في شمال غرب الصين. تتميز بالتعايش السلمي رغم  تنوع أعراقها؛ مثل: الإيغور والهان والكازاخ والكيرغيز والطاجيك والتتار وغيرها الكثير من القوميات، وهذا يعود إلى ارتباط المنطقة الوثيق بحضارة طريق الحرير القديم، وموقع المنطقة اللوجستي بحدود 8 دول هي: الهند وباكستان وروسيا ومنغوليا وكازخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان؛ ما جعل منها مركزًا تجاريًا مهمًا وبوابة الصين الكبرى في مبادرة الحزام والطريق.



 

وخلال الزيارة، تعرفتُ على الحياة الإجتماعية للفرد الشينجاني في البيت  والسوق والشارع وفي مواقع أعمالهم؛ حيث تجد المجتمع متسامحًا دينيًا بعيدًا عن التطرف، باعتبار أن جميع القوميات يجمعها تاريخ مشترك وتعاون اقتصادي أساسه السلام والتعايش.

وعند أدائي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد شانسي الواقع في مدينة إيلي، رافقني شعور جميل بعد انتهاء صلاة العيد ومباشرة مسلمي المقاطعة التحيات الحارة لي وتهانيهم مرددين بكل فرح: "عَرَبُو.. عيد مبارك"؛ إذ أدركوا من ملامحي أني من دولة عربية، وقد لفتت انتباههم عمامتي العُمانية، وكانت مصدر سعادة وبهجة لهم. ولم تقف اللغة حاجزًا بيننا أبدًا، وكانت الابتسامة تعلو محياهم، والفرحة تملأ قلوبهم، ولم أتوقف عن التقاط الصور الجماعية طوال اليوم.

واهتمامًا واحترامًا للدين الإسلامي، بُنيت الأكاديمية الإسلامية في مدينة أورومتشي على مساحة 6 آلاف متر مربع باستثمار حكومي، وبدأت الأكاديمية عملها في عام 1989 والتشغيل الحديث في عام 2007. حيث تُعلِّم هذه الأكاديمية الطلبة قراءة القرآن الكريم وأصول الفقة والشريعة الإسلامية، إضافة إلى تَعلُّم اللغة العربية، ولذا نجد طابقًا بالكامل للتدريس باللغة العربية. ويضم المركز مكتبةً باللغة العربية، والصينية والإيغورية ولغات أخرى. وتحتفي الأكاديمية بتاريخ دخول الإسلام إلى الصين. ويحصل الطلاب عند تخرجهم على شهادة البكالريوس في علوم الإسلام، ويعملون أئمةً في المساجد.

ويؤكد الشيخ عبدالرحمن رئيس الأكاديمية الإسلامية في أورومتشي ورئيس قسم جمعية الدين الإسلامي في الصين: "لا يوجد في الصين من يُجبر شخص على تغير دينه، وهناك حرية تامة في الدخول إلى الإسلام وتعلم القرآن الكريم"، موضحا أن الاحترام متبادلٌ بين الأديان في الصين، والدين الإسلامي دين اعتدال وتسامح، وأن الأكاديمية من جانبها تكافح التطرف.

موروث ثقافي وتنوع حضاري

وتزخر شينجيانغ بتنوع موسيقي عجيب ورقصات تقليدية عريقة؛ حيث يملأ صوت العزف الأسواق والشوارع؛ ممزوجًا بجمال البساطة والطبيعة والأرواح المرحة، وتجد مختلف القوميات يؤدون معزوفات ورقصات مشتركة في الشوارع والأسواق.


 

وخصَّصَت الحكومة الصينية قرية "تايي" موطنًا لصناعة مختلف الآلات الموسيقية؛ وذلك للحفاظ على الموروث الموسيقى المتمثل في متحف الآلات الموسيقية، والذي صُمِّمَ على شكل طيني جبلي يُحاكي فترة طريق الحرير القديم؛ باعتبار أن شينجيانغ كانت معبر القوافل التجارية والفنون.

ويوضح المتحف تاريخ صناعة الآلات الموسيقية وتطورها عبر العصور القديمة؛ حيث يعرض المتحف قطعًا موسيقية تعود إلى أكثر من 300 عام من تاريخ وإنتاج الآلات الموسيقية في شينجيانع. واهتم الإنسان القديم بصناعة الآلات الموسيقية كي يعبر عن هويته ومشاعره.

ووثقت الزيارات الصحفية العديد من المواقع الأثرية في شينجيانغ، والتي تُبرهن على تاريخ قديم غني يعود إلى أكثر من 2000 عام؛ حيث تشهد بعض المناطق بقايا معابد ومساكن ومدافن كانت على مراكز ل
عبور طريق الحرير القديم.

وتعد التوابل الحارة والمكونات المحلية أهم ما يميز المائدة الشينجانية، فالوجبات الشينجانية في المنازل الريفية رحلةٌ لذيذةٌ عبر أقدم الثقافات تعكس التنوع الثقافي والطبيعي في المنطقة، ومن أشهر ما يُقدَّم في المطبخ الشينجاني: السمك المشوي واللحم المشوي والخبز والشاي الأخضر وسط فقرات من الموسيقي والرقصات التقليدية.

أورومتشي.. بوابة التبادلات التجارية

وتعد شينجيانغ العمود الفقري لمبادرة الحزام والطريق؛ باعتبارها المنطقة الأساسية لمشروع "الحرير الحديث"؛ حيث يُشكِّل  ميناء أوروموشي البري الدولي للتصدير العالمي، همزة وصل وتقاطع تجاري مُهم للعبور إلى وسط آسيا وأوروبا، لأنه "معبر تجاري محلي ودولي" يضمن الوصول إلى أسواق ضخمة.


 

ومن خلال شبكة سكك حديدية داخلية وخارجية، وخطوط بحرية وجوية تغطي كل آسيا الوسطى وروسيا، يعزز ميناء أورومتشسي الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي، ويُحقِّق ترابط الدول الواقعة على طول طريق الحرير البري والبحري التقليدي.

وفي حديث خاص لـ"الرؤية"، قال مدير ميناء أورومتشي إن تصل مساحة الميناء إلى 67 كيلو مترًا مربعًا، ويمتلك الميناء 5 رافعات عملاقة لتوزيع حوالي 100 حاوية يوميًا على مختلف الدول الواقعة على طريق الحيوي للمشروع، ويعمل الميناء على مدار اليوم والسنة دون توقف. ويضم الميناء منطقة حرة مُعفاة من الضرائب، ومن أبرز ما يُصدَّر من الميناء: الفولاذ والمنتجات الكهربائية والمنسوجات واللوازم اليومية، والمواد الأخرى بينما تشمل قائمة السلع المستوردة: النفط والمشتقات الطبيعية.

مقالات مشابهة

  • ميناء دمياط ينضم للمواني المسموح لها بالإفراج عن الأقمشة ومصنوعاتها
  • رفع القدرة الاستيعابية لميناء الجبيل التجاري لاستقبال كل أنواع البضائع
  • شينيجانغ.. أرض التعايش والتسامح الديني ومعبر القوافل التجارية على مر العصور
  • جراء ضربات اليمن .. ميناء إيلات يطالب بدعم مالي بعد توقف حركة السفن فيه
  • تداول 2000 طن أخشاب بميناء دمياط
  • ميناءُ صلالة يرفع مناولة الحاويات إلى 6 ملايين حاوية سنويًّا
  • ميناءُ صلالة يستكمل خطته التوسّعية لرفع مناولة الحاويات
  • تداول 40 سفينة للحاويات والبضائع بميناء دمياط
  • جيبوتي تعترض على تصنيف البنك الدولي لموانئها