حكاية «ياسين وبهية» تلك الحكاية التى نسج منها الشُعراء والكُتاب العديد من الأغانى والمسرحيات والأفلام التى خلدت القصة من وجهة النظر الشعبية. وقد بدأ الناس علمهم بالقصة من خلال خبر منشور فى جريدة الأهرام سنة 1905 بقتل «ياسين العبابدى» على يد ضابط شرطة باعتباره مجرما وشقى، ولم يعلم أحد بأن هذا الخبر سوف يتحول إلى ملحمة بطولية «لياسين» ومحبوبته «بهية» حيث كان هذا الرجل ينتمى إلى قبيلة العبابدة التى تسكن جبال أسوان، فهذا الرجل كان بطلا يُحارب الاحتلال البريطانى لمصر والسودان، اعترض على نشر قوات من حرس الحدود بين مصر والسودان، فبدأ رحلة كفاحه المُسلح ضد الإنجليز، وكانت تُرافقه فى رحلته محبوبته «بهية» التى وقع فى غرامها، وكان الإنجليز يصفون هؤلاء الأعراب بالمجرمين ويطلبون من العُمد والمشايخ طردهم من زِمام القُرى التابعة لهم.
لم نقصد أحد!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسين حلمى
إقرأ أيضاً:
سوريا ومحنة النموذج
ضد الإنسانيةلم أستطع التوقف عن البكاء أو امسح دموعي كما فعلت الإعلامية زينة اليازجي وأسيطر على ألمي كما فعل المرحوم ميشيل كيلو وهو يسرد قصة فتاة لا ذنب لها إلا أنها ابنة أحد المعارضين، ليُنتهك عرضها وتنجب طفلا مجهول الأب، سجين الظلم معها لا يعرف غيرها وسجانيها، لا معنى للضوء ولا الشجر ولا العصافير ولا أي من معالم الحياة، وكأن السجان أراد أن يقول لميشيل كيلو إن هنالك ظلما نفعله أكثر من ظلمنا لك.
الظالم فاقد الفهم لمعنى الآدمية والتفكير السوي والحس المتوازن، اليد التي يعذب بها يمسح بها رأس ابنه، واليد التي تجبر ضحيته تعذيبا أو اغتصابا يمسح بها شعر ابنته، لكنه يتحرك بغرائزه وقد جند منظومته العقلية للإبداع في الشر كذلك فعل إبليس، فهو وحش مقيد بالعبودية.
أما المظلوم فانه قد يفقد الآدمية جبرا ونزقا أو خوفا ورعبا، ولن ينسى ظلم ظالمه حتى لو نجا وتمكن من الظالم هذا وتجاهل الألم أو سامح ظالمه، فالانتقام رد فعل غير منضبط قد تسيطر عليه الطيبة الآدمية أحيانا، وغالبا ما يصنع الانتقام وحشا يحب الظلم قدر كرهه للظلم حين وقع عليه، وهذه المشاعر غالبا تقود إلى تعاظم فاعلية منظومة تنمية التخلف، لأننا في موازنة الحياة إما أن نختار دوار الدم ونتبع الانقسامات وفق الروابط الهابطة الإثنية أو الطائفية أو الخلافات الأيديولوجية دون أن نجد آلية احتواء وتفاهم، فيعتبر التعدد تنوعا أو نتبع الرغبة بالانتقام والتمييز فيكون الاختلاف الذي يقود إلى دورة أخرى من تبادل المواقع، لكنه أبدا لا يبني دولة ولا ينتج مدنية فالمدنية تحتاج استقرارا لتنمو.
هذه الفتاة لا تمثل نفسها وابنها لا يمثل واقع شعبها، بل هي كل البلاد ومعظم الأرض التي تعيش البشرية فيها تحت الاستبداد بأنواعه وأشكال من القهر، كل الأبرياء الذين يُتهمون ويدفعون ثمنا، إنها تمثل مدى ما وصل إليه نفوذ إبليس في الآدمي بل أشد سوءا.
نموذج1: سوار الذهب:
عبد الرحمن سوار الذهب قام بتعديل نظام الحكم وهو رجل صاحب دين وتقوى، لكنه كان فاهما أن الأدبيات الإسلامية ما زالت تستمد أحكامها من التاريخ وبيئته وليس من استقراء الواقع واستنباط ما يلائمها، ثم ترك الأمر للأمة فنجا، والتاريخ سجله أيقونة نادرة في العصر المظلم.
إن القرآن يتفاعل مع الزمان والمكان، لكن نحن تقليديون نعتبره وكأنه أتى من الماضي، ونقدس تفسيرات مضى زمنها كسلا بينما هو موحى به لا يمر عليه الزمن وينزل ليُفهم في كل زمان.
فقول قائل إنه سيطبق شرع الله، لن يكون متصورا عند الناس وأحسب أنه يحتاج مراجعة، فالأمة منقطعة عن الشريعة عمليا زمنا طويلا، وهي شريعة خرجت باجتهادات بشرية فيها الكثير من الجدل، ومع هذا توقفت نهائيا وتعرض المجتمع للتغيير والأفهام اختلفت، لا يمكن أن تأتي بنظام جاهز إلى العصر الحاضر وتطبقه قالبا تضع فيه مجتمعا ليس مرنا، فيه زوائد وامتدادات كمجتمعنا. لا تقل إن الناس مسلمين وهذه شريعتهم، فالناس مسلمون بغريزة التدين والفاهم للإسلام يعلم أن هذه شريعة تاريخية باجتهاد فقهاء عصرها، فيها الكثير مما يحتاج مراجعة، والهدف التمكين للأمة بنسيجها وليس التمكين هو التمكن عليها، وسيحاول أعداء الأمة إثارة المعارك بغير زمنها وأرضها لتغييب الاستقرار والإصلاح.
المطلوب:
إن ما مطلوب ألا يزج الناس في قوالب تعزلهم فجأة وبشكل ثوري عن واقعهم، وهنالك تدرجات قرآنية فليس هنالك ما هو منسوخ في القرآن وإنما الظرفية من تأتي بحكمه، "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (الأعراف: 199). واجب القيادات اليوم أن تعين الناس على أخذ أهليتها، وحريتها في التفكير والنظر مليا للمجتمع لنرى ما يمكن أن ينهض به ونضعه في أعراف وقوانين ولوائح كمجتمع، وليس تقييد السلوك والمظهر الفردي وإنما يترك هذا لنتائج الثورة الفكرية، فما هدم في قرون لا يمكن أن يُصلح بقرار وإلا أتى غريبا متعسفا يجعل الناس يكفرون عندما يتعرضون لما هو خارج الواقع وتشوه الطريق، ولتكن للمواطنين خياراتهم (بلا وكالة) فهم مسؤولون عنها أمام الله، هذا ما ينبغي فهمه وتوضيحه.
نموذج2: العدالة والتنمية:
التجربة أثبت أن الإسلام لا يختلف فرضه بقوة الحكم عن فرض الاشتراكية أو الشيوعية في مجتمعنا المحافظ ولا فرض غيرها من النظم، فأجبر الناس على النفاق ليضيع الإيمان، فما انحسر أن القهر باسم الإسلام حتى نزعت الحجاب ممن هي تحجبت طوعا في زمن ما وارتد الشباب حتى انتشر الإلحاد لتخلف النموذج الشديد وظلمه بغض النظر عن المؤامرة.
فطعنة مدعي الإسلام كانت نجلاء في صدر من كان يصد طعنات أعدائه، لكن مجتمعنا المحافظ بحاجة إلى سقيا وليس إجبارا وتركيزا على المظهر، وهي عملية تصيب الجوهر بالعطب وتفشل المهمة كما فشلت الشيوعية وكل من أتى بما يقهر الناس متعجلا بدل تنمية خياراتها، ولعل النموذج التركي نموذج صالح جدا لكن دون أن ننسى تنمية الفكر والتأسيس له وهو ما يحتاج وقتا إضافيا. وهذه عملية أسهل في سوريا والشرق العربي من تركيا التي فرضت عليها لقرن قاسي علمانية لائكيه معادية لاسم الدين وحتى عباداته، بينما نحن بخير نسبة لهذا، ونجح العدالة والتنمية بحكمة من أحداث تغييرات إيجابية في المجتمع وما زال الطريق طويلا في عملية البناء الفكري وهو أصعب أنواع البناء.
فالتطرف هو أحد مفرزات فقدان الفقه الصائب للإسلام ومهمته في الحكم، والاهتمام بالمظهر يشير لخلو الجوهر وعجز استيعاب تنوع الأمة، وبالتالي الفساد الإداري والمالي والتخلف الرهيب مع فساد وعطب أداة إنقاذ المجتمع. وهي عقيدتهم وشريعة تحتاج جهدا لبنائها بما يدير مجتمعنا، ليس باللحية والخمار ومنع الغناء ولا الجزية على مواطنيك، فلا دولة بلا بناء أمة والأمة نسيج متنوع.. ليسير الناس كما هم أحرارا ثم ضخ لهم فكرا نقيا غير الفكر التاريخي والوعظ التقليدي الذي يجعل الدنيا عبئا وليس مسرح بناء؛ فيعرض الإسلام وكأنه مجموعة قوانين عقوبات وليس منهج حياة. وهذا واجب مراكز دراسات فكرية مبدعة ليست تقليدية أو نائمة في التاريخ ومستوردة لمشاكله كي تحيا على حساب إيمان وحياة الناس، فنجد النفاق والفساد تحت العباءة واللحية، سيبحث المواطن مع حريته ورفاهيته عن الحقيقة.. "فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (غافر: 44).
وللحديث بقية..