البنوك العربية ضخت 3 تريليونات دولار فى الاقتصاد وأصولها تتجاوز 4,4 تريليونات
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
تواجه المنطقة العربية فجوة تمويلية كبيرة تزيد على 200 مليار دولار سنويا، وفقًا لما ذكره محمد الاتربى رئيس مجلس إدارة المصارف العربية، وهذه الفجوة تؤثر على العديد من القطاعات الحيوية مثل: التعليم والتعليم والصحة والبنية التحتية والطاقة.
فما هى أهم أسباب هذه الفجوة التمويلية؟
يقول «الاتربى»: إن الأسباب ترجع إلى انخفاض مستويات الدخل فى عدد غير قليل من الدول العربية وارتفاع معدلات البطالة، وعدم كفاية الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالإضافة إلى الحروب والنزاعات المسلحة.
وما هى آثار هذه الفجوة التمويلية؟ يوضح رئيس المصارف العربية، أنها تؤدى إلى الحد من النمو الاقتصادى وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والأمية، وتدهور الأوضاع الاجتماعية والصحية، وتفاقم الأزمات السياسية.
وقال الاتربى، إن المنطقة العربية تواجه العديد من التحديات المتعلقة بالأمن الغذائى، والتغيرات المناخية التى تؤثر على الإنتاج الزراعى والنزاعات المسلحة التى تؤدى إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، وكل هذه التحديات تخلق تحديات فعلية للأمن الغذائى العربى وتجعل من الصعب على المنطقة العربية تحقيق أمنها الغذائى».
جاء ذلك خلال الملتقى العربى الاول للمصارف ورجال الاعمال الذى ينظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الاتحاد الدولى للمصرفيين العرب، ببيروت.
ويشهد العالم التوترات الجيوسياسية التي أثرت على كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية كالتضخم، والتشغيل، والنمو الاقتصادى، وعجز الموازنات الحكومية، وعجز الحساب الجارى فى ميزان المدفوعات، وفى ظل معدلات التضخم التى ارتفعت بشكل كبير خلال العام السابق ولا تزال مرتفعة حتى الآن فى العديد من الدول، والتى أدت إلى إحداث تباطؤ فى معدلات النمو الاقتصادى لدى تلك الدول وفرضت على سلطاتها النقدية أن ترفع أسعار الفائدة لديها للتحكم فى مستويات التضخم الأمر الذى أدى إلى عزوف المشروعات والأنشطة الاقتصادية عن التمويل نظراً لارتفاع تكلفته، مما أصاب القطاعات الاقتصادية بالتباطؤ.
وقال الاتربى، إن القطاع المصرفى العربى يعد الدعامة الأساسية للاقتصاد العربى، وعلى كافة المستويات، وعلى مساحة الوطن العربى بأكمله، لاسيما، وقد بلغ حجم الموجودات المجمعة للمصارف العربية نحو 4,4 تريليون دولار أمريكى، تمثل ما يقرب من 150% من حجم الناتج المحلى الاجمالى العربى
والمصارف العربية هى الممول الأساسى للاقتصادات فى دولها، حيث ضخت تمويلات للقطاعين العام والخاص العربيين تقارب 3 تريليونات دولار، تمثل 90% من حجم الاقتصاد العربى ككل، هذا بالإضافة إلى إدارتها للنسبة الاكبر من المدخرات الوطنية. فضلاً عن مواكبتها لأحدث التقنيات المصرفية الدولية، إذ تتبنى المصارف العربية بالفعل استراتيجيات التحول إلى الاقتصاد الرقمى فى المنطقة العربية، وتسعى إلى الاستفادة من التطورات التكنولوجية والرقمية العالمية والمحلية بهدف تطوير آليات الادخار والتمويل والاستثمار، بما يؤدى بالتأكيد إلى تطوير آفاق خدمة العملاء، وتعزيز النمو والتنمية فى الدول العربية، كما امتدت مساهمة المصارف العربية إلى التحول إلى اقتصادات عربية خضراء وأكثر تنوعاً، عبر الصيرفة الخضراء وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة».
ألمح رئيس المصارف العربية إلى أن سد فجوة التمويل فى المنطقة العربية هو تحد كبير، ولكن يمكن تحقيقه من خلال التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص، وعلى رأسه القطاع المصرفى، وفى هذا المجال، يمكن للمصارف العربية أن تلعب دوراً مهماً فى سد فجوة التمويل فى المنطقة العربية، وهناك العديد من السبل التى يمكن للمصارف العربية اتباعها لسد هذه الفجوة، منها زيادة التمويل للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتمويل المشاريع الخضراء، وتمويل الاستثمارات فى البنية التحتية، والتوسع فى تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المصرفية إلى الفئات الأقل حصولاً على الخدمات المصرفية، الأمر الذى يمكن للمصارف العربية المساهمة فى تحفيز النمو الاقتصادى وخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة فى المنطقة العربية»، مشيرا إلى انه «يوجد العديد من الخطوات التى يمكن اتخاذها لسد هذه الفجوة، منها زيادة الاستثمارات الحكومية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحسين مناخ الأعمال، وتطوير المؤسسات المالية، وتوسيع نطاق التمويل الأصغر.
وأوضح أن سد فجوة التمويل فى المنطقة العربية هو أمر هام لضمان تحقيق التنمية المستدامة فى المنطقة، ومن خلال توجيه الفوائض المالية العربية لتعزيز الأمن الغذائى العربى، يمكن فعلاً الحد من الفقر والجوع وتحسين الصحة العامة وتعزيز التنمية الاقتصادية وبناء السلام والأمن فى المنطقة العربية».
وأكد الدكتور وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، أن اتحاد المصارف العربية يسعى لتعزيز التعاون العربى المشترك، وتعزيز التكامل الاقتصادى فى الدول العربية والاستثمار فى القطاعات الاقتصادية المختلفة وخاصةً فى القطاع المصرفى وقطاع الزراعى وقطاع السياحى مشيرا إلى وجود فرص استثمارية واعدة فى لبنان حتى فى ظل الأزمة الحالية. وأوضح أن عدد المصارف العربية العاملة فى لبنان يبلغ حالياً 12 مصرفاً، من الأردن والعراق ومصر وقطر والبحرين والكويت والإمارات وغيرها. موضحا أن دخول المصارف الأجنبية إلى لبنان أو أى بلد آخر يشكل حافزاً لتعزيز المنافسة فى تقديم وتطوير الخدمة المصرفية، وتحسين الكفاءة، وحافزاً لتحسين الأصول وترشيد الإدارة، وتوفير موارد مالية أكبر للاقتصاد لتكون مكملة للمصارف الوطنية وليس بديلاً منها».
قال الشيخ محمد الجراح الصباح، رئيس لجنة الاستثمار لتعبئة الموارد المالية فى اتحاد المصارف العربية رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الدولى إن المصارف العربية تلعب دوراً مهماً وحيوياً فى تمويل قطاعات رجال الأعمال فى منطقتنا العربية، من خلال سعيها لتوفير التمويل والخدمات المالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وهذا فى أساس دورها لتعزيز النمو الاقتصادى وتشجيع ريادة الأعمال فى المنطقة، التى تتضمن قطاعات مختلفة مثل التجارة والصناعة والزراعة والعقارات والبناء والتكنولوجيا والسياحة وغيرها، حيث تقدم المصارف العربية تمويلاً لهذه القطاعات من خلال تقديم القروض والتسهيلات الائتمانية بما يقارب 3 تريليونات دولار».
قال رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولى للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه إن صعوبة الحصول على التمويل تكمن فى بعض الدول العربية فى عجز بناء علاقة مع المصارف الناشطة فى تمويل التجارة، وصعوبة الحصول على اعتراف بجدارة بعض العملاء الائتمانية، أو عدم كفاية الضمانات التى يقدمونها، وغيرها من العوامل التى تعزز جدارة العميل للحصول على التمويل».
وأوضح أن المنطقة العربية تعتبر مصدراً صافياً لرأس المال إلى الخارج. وتدفقات رأس المال إلى المنطقة العربية فهى محدودة، وتكاد تكون منعدمة إلى البلدان المنخفضة الدخل. وبصورة عامة، تشهد مصادر التمويل فى المنطقة العربية تراجعاً، وإن كان الأمر يختلف بين الدول الغنية بالنفط، حيث التمويل عادة متوفر، والدول العربية الأخرى، التى تواجه عجوزات فى موازناتها، وفشلًا فى جذب الرساميل إليها، ناتجة غالباً عن ضعف البيئة الاستقبالية المحلية، وتعدد القيود التنظيمية، وظروف الوضع السياسى والاقتصادى السائدة.
كما تواجه البلدان الغارقة بالصراعات تحديات أكبر لتصاعد الاخطار الجيوسياسية التى تواجهها وعدم اليقين حول المستقبل».
أكد أمين سلام، وزير الاقتصاد فى حكومة تصريف الاعمال بلبنان أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص أصبحت حاجة ضرورية وملحة فى عصرنا الحالى، مع توفير مناخ استثمارى جاذب فى البلدان العربية، ومنها لبنان، وإزالة العقبات التى تواجه العمل العربى المشترك من خلال تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة اتحاد جمركى عربى بما يساهم فى تحقيق التكامل، وإزالة العوائق التى تواجهها، إلى جانب إقرار الاتفاقية العربية لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى المنطقة العربية، مع وضع استراتيجية اقتصادية عربية شاملة يكلف المجلس الاقتصادى والاجتماعى بدراستها، تستهدف الجوانب الاستثمارية والتجارية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البنوك العربية الاقتصاد المنطقة العربية محمد الاتربي
إقرأ أيضاً:
مستقبل مجهول وأرقام مرعبة: الاقتصاد العراقي بين فكّي المحاصصة وسوء الإدارة
بغداد اليوم - بغداد
يواجه الاقتصاد العراقي تحديات متعددة تهدد استقراره ونموه المستدام، من أبرزها هيمنة المحاصصة السياسية وسوء الإدارة، مما أدى إلى تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية في البلاد. وبهذا الشأن أكد الخبير الاقتصادي صالح رشيد أن العراق يعاني من غياب التنسيق بين مؤسساته المالية، ما تسبب في أزمة سيولة قد تتفاقم مع استمرار المتغيرات الدولية المؤثرة على أسعار النفط.
تأثير المحاصصة السياسية على الاقتصاد العراقي
أدت المحاصصة السياسية إلى توزيع المناصب الحكومية بناءً على الانتماءات الحزبية والطائفية، مما أسفر عن استبعاد الكفاءات وتعيين أشخاص غير مؤهلين في مواقع صنع القرار الاقتصادي. هذا النهج أضعف المؤسسات الاقتصادية وأدى إلى تبني سياسات غير فعّالة، مما أثر سلبًا على التنمية الاقتصادية.
أكد رشيد بحديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "الوضع السياسي أثر على الاقتصاد من خلال عدة أبعاد، أبرزها إنتاج مبدأ المحاصصة وإبعاد الكفاءات، إضافة إلى الاستغناء عن العديد من هذه الكفاءات، ما أثر على آليات وخطط الاقتصاد والمال". كما أشارت تقارير إلى أن المحاصصة والسياسات الفاشلة كانت من الأسباب الرئيسية لتدهور الاقتصاد الوطني، حيث عطّلت القطاعات الإنتاجية وأضعفت الصناعة الوطنية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الفقر.
فإذا كانت نسبة الوظائف في الوزارات الأمنية تبلغ 54% من إجمالي الوظائف الحكومية، فهذا يعني أن 46% فقط من الوظائف تتوزع على باقي القطاعات. بافتراض أن إجمالي عدد الموظفين الحكوميين هو 3 ملايين موظف، فإن عدد الموظفين في الوزارات الأمنية يبلغ 1.62 مليون موظف، بينما يتوزع 1.38 مليون موظف على بقية القطاعات. هذا التوزيع غير المتوازن قد يؤدي إلى نقص في الكفاءات والموارد البشرية في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.
سوء الإدارة وتداعياتها على الاقتصاد
إلى جانب المحاصصة، يعاني العراق من سوء إدارة في المؤسسات المالية، مما أدى إلى غياب التنسيق بين السياسات المالية والنقدية. هذا الافتقار إلى التناغم تسبب في ضعف الوضع المالي للبلاد وأدى إلى أزمة سيولة. يقول رشيد: "هناك سوء إدارة في كل من البنك المركزي ووزارة المالية، ما تسبب في حالة عدم التناغم بين السياسة المالية والنقدية، مما جعل وضع العراق المالي ضعيفًا، بدليل أنه يعاني حاليًا من ملف قلة السيولة".
وأضاف: "كان الأحرى أن يكون هناك تنسيق ممنهج بين النفقات والإيرادات لتفادي هذه الإشكالية"، مشددًا على أن "سوء الإدارة يعد من العوامل المؤثرة والتي لها ارتدادات مباشرة على ملف القرار الاقتصادي في العراق".
فإذا كان إجمالي الميزانية لعام 2024 يبلغ 211 تريليون دينار عراقي (161 مليار دولار) مع عجز متوقع قدره 64 تريليون دينار، فإن نسبة العجز إلى إجمالي الميزانية تبلغ حوالي 30.3%. مع توقع انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل في عام 2025، قد يتسبب ذلك في زيادة العجز المالي إذا لم تُتخذ تدابير تقشفية أو تُعزز الإيرادات غير النفطية.
تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد العراقي
يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على إيرادات النفط، حيث تشكل حوالي 90% من إيرادات الدولة. هذا الاعتماد المفرط يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية. في الآونة الأخيرة، شهدت أسعار النفط انخفاضًا ملحوظًا، حيث تراجعت إلى 70 دولارًا للبرميل.
أوضح رشيد أن "العامل الدولي ومتغيراته وتأثيره المباشر على أسعار النفط دفع إلى انخفاضها إلى 70 دولارًا، وبالتالي سيكون لهذا الأمر تداعيات مباشرة على الوضع المالي في العراق من خلال زيادة الاقتراض الداخلي".
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز، فإن العراق يواجه ضغوطًا مالية في عام 2025 بسبب انخفاض أسعار النفط، مما يستدعي تبني سياسات مالية أكثر صرامة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
فإذا كان سعر النفط المتوقع في الميزانية هو 70 دولارًا للبرميل، وكان العراق يصدّر 3.5 مليون برميل يوميًا، فإن الإيرادات اليومية المتوقعة ستكون 245 مليون دولار. على مدار عام كامل، ستكون الإيرادات حوالي 89.4 مليار دولار. إذا انخفض سعر النفط بمقدار 10 دولارات إضافية إلى 60 دولارًا للبرميل، فإن الإيرادات السنوية ستنخفض إلى 76.65 مليار دولار، مما يعني خسارة سنوية قدرها 12.75 مليار دولار. هذا الانخفاض سيزيد من العجز المالي ويضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد العراقي.
توصيات وإصلاحات مقترحة
لمواجهة هذه التحديات، يجب على العراق تبني مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية بحسب اقتصاديين، بما في ذلك:
تعزيز الحوكمة الرشيدة: من خلال مكافحة الفساد وتطبيق معايير الشفافية في جميع القطاعات الحكومية.
تنويع الاقتصاد: عن طريق تطوير القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والصناعة والسياحة لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
إصلاح النظام السياسي: من خلال إنهاء نظام المحاصصة وتعيين الكفاءات المؤهلة في المناصب القيادية لضمان اتخاذ قرارات اقتصادية فعّالة.
تحسين إدارة الموارد المالية: عبر التنسيق الفعّال بين السياسات المالية والنقدية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتفادي الأزمات المالية المستقبلية.
مخاطر وارتدادات
يواجه العراق تحديات اقتصادية كبيرة تتطلب تبني إصلاحات جذرية لمعالجة تأثيرات المحاصصة وسوء الإدارة وتقلبات أسعار النفط. ومع استمرار المحاصصة وسوء التخطيط، يبقى العراق في مواجهة مخاطر اقتصادية خطيرة قد تكون لها ارتدادات قاسية على الأسواق والاستقرار المالي للبلاد. كما أكد رشيد، فإن "الاقتصاد العراقي بحاجة إلى قراءة متأنية للمستقبل لتفادي ارتدادات قد تكون قاسية في المستقبل". من خلال تنفيذ الإصلاحات الضرورية، يمكن للعراق تحقيق الاستقرار الاقتصادي وضمان مستقبل مزدهر لشعبه.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات