قبل أيام.. التقيت شابا مصريا يدرس البرمجة فى واحدة من اكبر كليات الهندسة فى الولايات المتحدة.
دار بيننا حديث طويل حول تجربة الانتقال للتعليم فى الخارج.. خاصة أنه بدأها بمرحلة الثانوية العامة.. أكد لى خلال حديثه حقيقة تفوق الطلبة المصريين عن غيرهم من الجنسيات الأخرى.. وعن الصعوبات التى واجهته فى بداية العملية التعليمية.
الحديث اثار شجونا كثيرة.. خاصة فيما يتعلق بما يسمى اليوم تطوير التعليم فى مصر.. والقضية هنا ليست مجرد عناوين براقة تتصدر صفحات الجرائد فحسب.. أو مجرد تعاقد مع هذا أو ذاك لإعادة طباعة المناهج الدراسية مقابل حفنة مليارات.
فالسؤال الأهم هو: ليس تطوير التعليم من عدمه ولكن.. ماذا سنطور أو نغير؟.. يلى ذلك مباشرة تحديد الهدف بوضوح من عملية التطوير.. والواقع الذى رصدته على مدار سنوات طويلة.. وليس عبر الشهادة الأخيرة فقط.. أن المناهج التعليمية هى آخر ما يحتاج التغيير فى التعليم المصرى.. فبالفعل مصر تمتلك مناهج دراسية على قدر عال من الكثافة والجودة.. أخرجت لنا العديد من العباقرة والقامات الجليلة فى شتى المجالات.. لن أتحدث عن عالم بحجم الدكتور أحمد زويل وغيره الكثير من علمائنا الاجلاء.. لكن هذه الحقيقة يلمسها كل مهنى يعمل بالخارج فى أى دولة من الدول المتقدمة.. إذا ماذا يحتاج النهوض بالتعليم فى مصر.. وهل هذا الكلام يعنى انه ليس فى الامكان ابدع مما كان.. بالطبع لا.. أن أول ما يحتاجه التعليم فى مصر تغيير العقلية التى تديره.. والوصول إلى مرحلة الاستفادة القصوى من الامكانيات المتاحة.. فقد سئمنا عقلية "تضبيط الأوراق".. وكله تمام يافندم. فالتطوير الناجع والأكثر انجازا.. هو جبر العجز الحادث فى العملية التعليمية.. وتوجيه ميزانية الوزارة إن لم تكن الدولة بأكملها.. لسد العجز فى الفصول التعليمية.. بناء مدارس جديدة.. اتاحة فصول اكثر يمكنها تقليل عدد الطلاب داخل الفصل.. توفير مقاعد ومبان آدمية تليق بدور العلم.. تطوير المعامل وتحديثها.. والاهم العقلية التى تدير تلك المعامل.. لتكون ساحة حقيقية للإبداع واكتشاف المواهب العلمية.. الانفاق على الطلاب ودعمهم.. اعادة هيكلة اجور المدرسين وإعطاء المعلم الوضع الذى يستحقه فى المجتمع.. وتطوير مهارات المعلم بما يتناسب وتطور الطرق والادوات الحديثة.. إعادة العملية التعليمية إلى المدارس.. بدلا من التخلى عن المسئولية والقائها على مراكز الدروس الخصوصية.. الرقابة الفاعلة للعملية التعليمية والتأكد من قيام كل معلم بدوره داخل الحصة.. باختصار ما اصاب التعليم فى مصر.. هو مرض اجتماعى من حفنة الامراض التى ضربت المجتمع فى السنوات الاخيرة.. أما المناهج فهى بريئة بالفعل من تهمة انهيار التعليم.. ولا أبالغ أن قلت إن تغير المناهج الدراسية فى مصر يعد تدميرا اضافيا للعملية التعليمية.. ولا مانع بالطبع من أن تشمل عملية التطوير اضافة أحدث ما توصلت اليه العلوم الحديثة.. من ذكاء اصطناعى للموصلات فائقة السرعة وما شابه مما استحدث فى العلوم.. وبالطبع لا مفر من فتح مسارات جديدة للتعليم لمواكبة احتياجات سوق العمل.
وفى النهاية يجب أن نقول إن تطوير التعليم.. ليس مجرد أمر جاد.. لا يحتمل «الهمبكة» و«الشو الاعلامى».. لكنه مستقبل أمة بأكملها.. وأمال وأحلام وطن فى البقاء.. فإن أردتم البقاء عليكم بالتعليم.. أن أردتم المال والقوة فعليكم بالتعليم.. فلا قوة أو وزن لأمة جاهلة أو نصف متعلمة.. ولاخير فى أمة تجهل ماضيها وتنسى مستقبلها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لوجه الله الولايات المتحدة مرحلة الثانوية العامة تطوير التعليم فى مصر التعلیم فى مصر
إقرأ أيضاً:
سعود بن صقر: تطوير التعليم العالي في رأس الخيمة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة
استقبل الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، اليوم الجمعة، في قصره بمدينة صقر بن محمد، وفداً من جامعة ميشيغان الأمريكية.
ورحب بالوفد الأكاديمي الزائر، وبحث معه فرص تطوير التعليم العالي، وتعزيز الشراكات في القطاع الأكاديمي، بالإضافة إلى أهمية دعم جهود البحث والتبادل المعرفي بين مؤسسات التعليم في العالم والتي من شأنها تعزيز ثقافة الابتكار، وتقديم حلول لمواجهة التحديات العالمية في مختلف القطاعات الحيوية.وأكد الشيخ سعود بن صقر القاسمي أن تطوير قطاع التعليم العالي في رأس الخيمة، يعد أحد أهم ركائز خطط الإمارة التنموية لما له من دورٍ فاعل في الارتقاء بجودة الحياة، وتأهيل القيادات الشابة للإسهام بإيجابية في تعزيز جهود التنمية المستدامة، فضلاً عن حرص الإمارة على توفير بيئة أكاديمية محفزة وفق أفضل المعايير الدولية لتدعم بذلك مسيرتها التنموية الشاملة، وتواكب التقدم التقني والتكنولوجي في العالم من أجل صناعة غدٍ أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.
وأشاد بحجم التعاون المثمر بين الجامعات والمؤسسات التعليمية في الإمارة مع نظيراتها الأمريكية، ودوره في مد جسور التواصل الثقافي والحضاري، وتبادل الخبرات الأكاديمية، وتعزيز جهود البحث العلمي بين الجانبين، الأمر الذي يسهم في تطوير مستويات الطلبة وتعزيز مخرجات التعليم العالي.
واطلع خلال اللقاء على أهداف وبرامج جامعة ميشيغان، وشراكاتها التعليمية وما تتمتع به من تاريخ عريق ومكانة مرموقة بين المؤسسات الأكاديمية عالمياً.
من جانبهم أعرب أعضاء الوفد الأكاديمي، عن بالغ شكرهم وتقديرهم لحاكم رأس الخيمة، على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، مشيدين بمستوى الجامعات في دولة الإمارات ورأس الخيمة، وما تقدمه من برامج تعليمية مميزة في العديد من التخصصات المستقبلية، ووفق أعلى المعايير العالمية التي تعزز من مكانتها على الصعيد الدولي.