خطيب الجامع الأزهر: العلم طريق الرقي والتقدم للأفراد والمجتمعات
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الأستاذ الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة الدينية والعلمية بالجامع الأزهر الشريف، والتي دار موضوعها حول "آداب طلب العلم"
وقال عبد المنعم فؤاد، إن الإسلام أعلى من شأن العلم والعلماء ويتجلى ذلك من خلال المكانة الرفيعة التي منحها الله تعالى إياهم في قوله تعالى ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾، وقد حظي العلماء بشرف ذكرهم إلى جانب الملائكة، مما يدل على عظم قدرهم ومكانتهم، فذِكر العلماء بجوار الملائكة دلالة عظيمة على قدْر ومكانة العلماء، ففي الآية الكريمة شهد الله تعالى بوحدانيته وهي شهادة يقينية بأنه لا إله إلا هو، ثم تأتي بعد ذلك شهادة الملائكة بوحدانية الواحد، فالأولي شهادة الذات للذات، والثانية شهادة الملائكة وهي شهادة المشهد، ثم يأتي دور أولي العلم لكي يصطفوا في صفوف الملائكة بشهادة التوحيد "لا اله الا الله محمد رسول الله".
وأضاف المشرف على أروقة الأزهر: إن مكانة العلماء في الإسلام استثنائية وفريدة، إذ حظيت بتقديرٍ عظيمٍ من الله تعالى ورسوله الكريم ﷺ. ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، تتوالى الآيات والأحاديث التي تُشيد بفضل العلم والعلماء، وتُؤكد على دورهم المحوري في بناء المجتمع وتوجيهه نحو الخير والرشاد، ولم يقف الأمر في الإسلام عند التكريمات اللفظية بل جعل الإسلام للعلم مكانة عملية ملموسة، لذلك جعل طلب العلم فريضة على كل مسلم، وجعل العلم مفتاحا للقيادة وتولي أمر المسلمين، وهو الأمر الذي اتخذتها الحضارة الإسلامية منطلقا لتقدمها ورقيها.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن طريق طلب العلم قد جاء في مشاهد قرآنية عظيمة، منها ما جاء في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر، حيث خاض موسى عليه السلام رحلة طويلة طلبًا للعلم بعدما أعلمه ربه أن هناك من هو أعلم منه، فذهب موسي عليه السلام عند مجمع البحرين والتقى بالخضر عليه السلام، دار بينهما حوار يوضح آداب طالب العلم وما ينبغي عليه من الأدب في حضرة معلمه وفيه إشارة إلى تحلى طلاب العلم بما جاء في كتاب الله والاقتداء برسل الله تبارك وتعالى في ذلك؛ قال له موسي في حواره ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾، فالمتحدث هنا موسي عليه السلام، كليم الله الذي ضرب البحر بعصاه لينشق إلى نصفين، يقول أنه يريد أن يجد جلسة علم مع معلم وأستاذ أتاه الله من لدنه علما، قال موسى ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ﴾ فالسؤال هنا فيه تلطف وجمال وحياء واستحياء لأنه يعلم أنه تلميذ في هذه الحالة مع مقام أستاذه وهو الخضر عليه السلام، وقوله {أَتَّبِعُكَ﴾ تدل على أن طالب العلم إذا أراد أن يأخذ علمًا من أستاذه عليه أولًا أن يترك إرادته وشخصيته وعزيمته وكل شيء يتعلق به لكي يقف متعلمًا أمام أستاذه، وهنا وقف الأستاذ الذي يعرف مقامه يتكلم بالحق، وأن يكون حازما في الحق منذ البداية، وأن يكون قاسيًا من أجل الحق، ولا يكون قاسيًا من أجل الباطل، ولا يميع العلم والدين، وقال له أتريد أن تتبعني فأنا أعلم أنك أستاذ ونبي وكذا وكذا ولكن قَال{ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} فإذا علم الأستاذ مقامه أدى الأمانة التي عليه، وإذا علم التلميذ مقامه تعلم واستفاد من أستاذه حين يعلمه.
وفي ختام الخطبة أشار المشرف على الأروقة، إلى أن كل طالب علم يأتي من شتى بقاع العالم لينهل من العلوم ويتعلم فهو يسير على نهج موسى عليه السلام ويصل إلى مقام كبير يستغفر له فيه من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، فطلبُ العلم يحتاج إلي سهر ومشقة وتعب وسفر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: خطيب الجامع الأزهر الأفراد المجتمعات علیه السلام
إقرأ أيضاً:
كبار العلماء يحتفون بختم «علل الترمذي».. أحمد معبد عبد الكريم: هذا العلم صفوة الصفوة
عقدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر، احتفالية علمية كبرى بالجامع الأزهر بمناسبة ختم شرح كتاب «علل الترمذي» للإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي، والذي تولى شرحه وإجازته الأستاذ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء، على مدار عامين كاملين، وسط حضور علمي رفيع ضمّ نخبة من علماء الأزهر وطلابه من مختلف دول العالم، في مشهد يعكس استمرارية المدرسة الأزهرية في خدمة السنة النبوية وإحياء تقاليد المجالس العلمية.
وأكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن ختم شرح كتاب «علل الترمذي» يمثل مناسبة علمية بالغة الأهمية، تُجسّد عناية الأزهر الشريف بعلوم الحديث النبوي، مشيرًا إلى أن هذا الكتاب يُعد من أبرز المراجع المعتمدة في نقد الروايات وكشف عللها الخفية.
ونوّه بأن هذا العمل لم يكن مجرد دروس تلقى، بل هو مشروع علمي متكامل، شارك فيه طلاب علم متميزون من شتى البلدان، تلقّوا على يد الدكتور أحمد معبد علوم العلل والرواية والدراية، مؤكدًا أن استمرار هذه المجالس العلمية في الجامع الأزهر يثبت أن الأزهر لا يزال حصنًا حصينًا للفهم الصحيح للدين، وميدانًا نابضًا بالتحقيق والتدقيق.
من جانبه، وصف فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، الأزهر الشريف بأنه "هبة من الله وسنة كونية"، ومقصد للعلماء وطلاب العلم من أنحاء العالم، مشددًا على أن الأزهر ليس مؤسسة تعليمية فحسب، بل منارة حضارية تحتضن علوم الشريعة واللغة والإنسان.
وأوضح أن علم الحديث يُعد من أعظم مفاخر الأمة الإسلامية، لما فيه من منهج نقدي فريد يُميز الصحيح من السقيم، مشيرًا إلى أن ختم شرح "علل الترمذي" يُجسّد عراقة المدرسة الأزهرية وحرصها على صيانة السنة النبوية، ويُعد تتويجًا لمسيرة علمية أصيلة.
من جانبه، أعرب أ.د أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء، عن سعادته بختم هذا الكتاب القيم، مبينًا أن «علل الترمذي» ينبثق من علم هو صفوة الصفوة، نشأ في حضن الأزهر بتواضع وإخلاص، مشددًا على أن الإخلاص هو سرّ ظهور الأعمال الصالحة.
وقدّم الإجازة لشرح الكتاب بجميع مروياته عن شيوخه، منوّهًا بأن هذا الشرح ليس غريبًا عن مناهج الأزهر، بل سبق أن كان موضوعًا لرسالة جامعية نوقشت على يد كبار العلماء، من بينهم الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر الأسبق، والدكتور موسى شاهين لاشين.
وقد شهدت الاحتفالية حضورًا علميًا مميزًا، ضم فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر،، إلى جانب عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء، وأساتذة الجامعة، وطلاب العلم، في أجواء علمية جسدت تواصل الأجيال والانتماء العميق لتراث الأمة الحديثي، وسط إشادة واسعة بالدور الحضاري الذي يضطلع به الأزهر في حفظ علوم السنة النبوية، ونقلها إلى الأجيال بمنهجية راسخة وروح متجددة.