ملامح تغيرت، ابتسامة غابت، حروف اضطربت، عيون تترقبك بخوف، فجأة تلمحها في ابنك/ ابنتك، قد تظن أنها علامة لمرض وتحاول أن تعالجها بالأدوية، ويتقبل ابنك أي علاج هروبًا من المواجهة والمصارحة، وتمر الأيام لترى بأن سلوكيات ابنك/ ابنتك بدأت في الانطواء والعزلة، وبعض الأحيان تدفعه نحو التصرفات العدوانية، تحاول أن تقترب منه لتعلم ما به، لكنه يحبس أنفاسه التي تجعلك حائرًا دون أن تعلم السبب!، وربما تهمل الموضوع ظنًا منك أنها مؤقتة، ولا تقف هذه التصرفات إلى هنا، بل تجدها تمتد بكثرة غياب الابن عن المدرسة!، ورفضه الذهاب بإصرار وقوة!، هنا كولي أمر تستنج بأنك قد تكون مع قضية تحرش!، وتعيش صدمة تضاعف صدمة ابنك، وربما تلوم نفسك وتبدأ هنا تفكر بكل أنواع الحلول لتُخرج ابنك من هذه الصدمة وألّا تؤثر عليه مستقبلا، وتتساءل هل سيخرج منها أم لا؟ وكيف تتعامل معه لتمنحه الثقة من جديد، وتظل في حيرة من نفسك وقد تبدأ بلوم نفسك وتعتابها لأنك لم تحرص على توجيهه في مثل هذه المسائل.

حول هذه القضية التقينا بالدكتورة منى الشكيلية استشاري طب نفسي أطفال ويافعين بمستشفى المسرة لتجيب على بعض الأسئلة التي تساهم في التوعية حول التعامل مع قضايا (التحرش).

•كيف نوصل لأبنائنا مفهوم التحرش لكن دون أن نشغل ذهنهم به؟

أوضحت الدكتور الشكيلية قائلة: يحبذ ألا ننطق كلمة "التحرش" أمام الطفل ونوصل له هذا المفهوم بمفردة أخرى هي "الحدود" أي ما هي الحدود التي يجب أن لا يعتادها الأشخاص ضمن العلاقة التي تجمعه معهم من حيث الحفاظ على الجسد، والحدود، وتوعيتهم بأن هناك مكانا خاصا للتبديل، وإغلاق باب دورة المياه بالمفتاح، فمثل هذه الملاحظات تجعل الطفل يدرك بأن هناك خصوصية لجسده ولحدود المعاملة، وتختلف النصائح من عمر لعمر ومن صف لصف، فالطفل الذي تجاوز السنتين ودخل المرحلة التمهيدية علينا أن نوضح لهم ما هي الحدود مثلا: في حال قيام زميله بضمّه لابد أن يدرك أن هناك أماكن يجب ألّا يضع أحد يده عليها ونُعلمه هذه الأماكن لكن دون أن نذكر له أن هذه الأماكن من الجسد هي عيب أو خطأ بل نوضح الأسماء وننصح بعدم ترك أحد يقوم بلمسها أو يشاهدها، وننصحهم أيضًا بعدم لمسها ومشاهدتها بشكل غير مناسب، طبعا هذا المفهوم يكبر مع الطفل ومنها يبدأ يدرك ويستوعب تلك النصائح، ومهم جدًا أن نعلّم الطفل أن اللحظة التي يستشعر بها أنه غير مرتاح من لمسة أحدهم له بأن يبعد مباشرة عن ذلك الشخص أو يبعد يده عنه.

• هل الأرقام والإحصائيات تشير إلى وجود عدد كبير لدينا من قضايا التحرش؟

- أجابت: مجتمعنا كأي مجتمع آخر، والمشكلة موجودة، والإحصائيات تتحدث عن وعي وليس عن كثرة، فالأرقام الموجودة تدل على أن الناس بدأت تثق بالمنظومة، وتدخل في مثل هذه الحالات، لكننا لو قارنا سلطنة عمان بالدول الأخرى من ناحية أن لدينا مشكلة كبيرة في هذا الجانب؟ أقول: لا، والحمدلله لم نصل إلى تلك الأرقام، ومثلما ذكرتُ مجتمعنا كأي مجتمع آخر لديه ذات المشكلة وهذه واحدة من المشكلات الموجودة في مختلف الديانات، ومختلف الثقافات، والأعراق، والمستويات الاجتماعية، وفي كل زمان ومكان.

• كيف يجب أن يتعامل ولي الأمر مع هذه القضية؟

- قالت الشكيلية: فلنفترض كمثال لو جاء الابن أو الابنة إلى الوالدين وكانت الشكوى هي تعرضهم للتحرش الجنسي، يجب على ولي الأمر أولاً أن ( يأخذ نفسا طويلا) وأن يستوعب ما حصل بينه وبين نفسه، ومن ثَمّ يجلس مع ابنه / ابنته ويستمع للتفاصيل ويحتوي المشتكي ويشعره بالأمان حتى يقول كل ما لديه، وعليه إدراك إن كانت المشكلة تكمن في التحرش، مثل: الملامسات السطحية، أو في الاعتداءات الجسدية الأخرى، وفي حال كان هناك اعتداء، على ولي الأمر مباشرة أخذ المتحرش به دون أن يحممه أو يغسل ملابسه ويأخذه إلى الجهات المختصة في حال حدوث الواقعة مباشرة دون أي تأخير، ليأخذ حقه من المعتدي، وهذا مهم وله تأثير كبير وهذه التأثيرات ربما لا تظهر نتائجها عليه تلك اللحظة لكن بعد سنوات بالـتأكيد سوف تظهر، وأكرر مسألة "الاحتواء" فمن الضروري احتواء المتحرش به ليشعر بأن رغم كل الظروف التي مر بها، ورغم كل الإساءة التي تعرض لها بـأن هناك من يحميه ويكون له سند مستقبلاً رغم الإخفاق الذي تعرض له هذه المرة.

•ما الأعمار المستهدفة للتحرش؟ ولماذا؟

- أوضحت: للأسف الأعمار التي تتعرض للتحرش أقل من 18 سنة، وبالأخص من عمر 8 إلى 12 سنة؛ حيث إن الطفل ينتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة والشباب، ويبتدئ الابن يحصل على مساحة أكبر من الحرية من حيث الدخول والخروج من قبل والديه حتى يعتمد على نفسه، وبالمقابل الاعتماد على النفس بعض الأحيان يأتي بنتيجة عكسية حيث يتم استغلاله من قبل أشخاص أكبر منه قدرات وسنا.

•هل الطلاق هو الطريق الأنسب من الزوج المتحرش ؟ وهل يمنع من الحضانة؟

- قالت الدكتورة: هنا الزوجة هي من تقرر وتجد ما هو التصرف المناسب، لكن الحل الأنسب في مثل هذه المواقف إبعاد المتحرش به عن مصدر التهديد، فشعوره أانه ما زال في نفس المكان ومع الشخص المعتدي يجعله يشعر بأنه لم يتخذ له حقه، وإذا وضعنا مثلًا أن الطلاق هو الحل الأنسب!، علينا ساعتها أن نسأل ما هي خطوات ما بعد الطلاق؟

• هل الاعتداءات تكون عادة عن طريق التهديد ؟

- أجابت: إن الاعتداءات الجنسية ليست جميعها تحصل عن طريق التهديد والترهيب فللأسف بعضها يكون من الدائرة المحيطة بالطفل والمعتمد عليها والتي هي بالنسبة له محل ثقة.

• في حال تعرض الابن للتحرش في المدرسة ما هو دورها حيال ذلك؟

- أكدت قائلة: الإبلاغ من أهم الوسائل التي لا بد للابن أن يلجأ لها، والهيئة التدريسية والإدارية في المدرسة لا بد أن تدعمه وتتخذ إجراءات ضد من تعرّض له والإسراع في علاج المشكلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مثل هذه أن هناک دون أن فی حال

إقرأ أيضاً:

مجلس محمد بن زايد يستضيف محاضرة: «إعادة تصور التعليم المبكر»

هالة الخياط (أبوظبي)
شهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان محاضرة: «إعادة تصور التعليم المبكر» التي نظمها «مجلس محمد بن زايد» في إطار سلسلة محاضرات المجلس الدورية. 
وقدم المحاضرة، البروفيسور جير جراوس، مستشار تربوي عالمي، تولى عدة مناصب، منها أول مدير عالمي للتعليم في «كيدزانيا» إحدى علامات الترفيه والتعليم الأسرع نمواً في العالم، والرئيس التنفيذي المؤسس لجامعة الأطفال، وأستاذ زائر في جامعة الأبحاث الوطنية في موسكو، وأستاذ التطبيق العملي في جامعة كمبريا في المملكة المتحدة.

وتمحورت المحاضرة التي شهدها عدد من الشيوخ وكبار المسؤولين والمدعوين حول أهمية التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، ودور اللعب، وأهمية معرفة أطفالنا لكي نقدم لهم المنهج الدراسي الأنسب، وقياس الجوانب المهمة في بيئة التعليم المخصصة وفقاً لاحتياجات الطلبة.
وانطلاقاً من قناعة لدى البروفيسور جراوس بأنه «لا يمكن للأطفال أن يطمحوا إلا إلى أهداف يدركون وجودها»، فهو يتبنى قضية الإبداع والتقدم والمساواة والابتكار في تعلم الأطفال. 

اكتساب المهارات 
وفي البداية، أكد المحاضر، أنه شرف كبير له أن يحاضر في مجلس محمد بن زايد، عن التعليم، وسط حضور مميز، للحديث عن أهمية التعليم وتطوير العملية التعليمية للخروج من نمط التعليم التقليدي، مبرزاً أهمية أن يكتسب الأطفال المعرفة والخبرات من خلال البيئات التي تجمع بين التعليم والترفيه، بما يمكّنهم من اكتساب المهارات الحياتيّة التي لا يمكن أن يتعلّموها في المدرسة. وقال جراوس: «عندما نتحدث عن الأطفال والتعلم المدرسي فعادة ما يتم ذكره النظام والمباني والاختبارات والدرجات العلمية. وما نقوم به مع أطفالنا قد يضعهم في صناديق مغلقة دون أن يكون فيها أي أفق للإبداع والتفكير خارج الصندوق».

الأطفال ليسوا صناديق
وأكد المحاضر على ضرورة الكف عن نقل المسؤولية من شخص إلى آخر في سجالات الأولويات التربوية، فالأطفال ليسوا صناديق، إنهم أشخاص يكبرون ولهم دور في المستقبل، ولذا يتعين الكف عن التعامل معهم من ناحية الدرجات في الاختبارات، فهم ليسوا مجرد أرقام، وإنما الأفضل دفعهم لكي يكون لديهم شغف في الحياة وتكون لهم إنجازات متميزة.
وشدد الخبير التربوي، في هذا المقام، على نقطة أن عملية البناء في مرحلة الطفولة المبكرة تكتسي أهمية بالغة، لأنه كلما كان الأساس متيناً كلما كانت النتائج قوية ومتينة أيضاً.
ومن واقع تجربته، أكد البروفيسور جراوس أهمية توجيه سؤال للأطفال «ما الذي ترغب أن تكون عليه في المستقبل؟»، ومن هذا المنطلق بادرت «كيدزانيا» بإتاحة تجارب حية للأطفال حول المهن ليختار منها الطفل ما يرغب أن يكون عليه مستقبلاً، مشيراً إلى أنه باتباع هذا الأسلوب يخلق عند الطفل القيمة والمبادئ ويدفعه لأن يحدد مستقبله بنفسه.

أخبار ذات صلة الإمارات: لن نتنازل عن الدعم طويل الأمد للشعب السوداني الشقيق الشيخة سلامة بنت حمدان وحرم الرئيس الفلبيني: إثراء المشهد الإبداعي الثقافي في البلدين

ضبط الأفكار
وأشار جراوس إلى أهمية نقطة «ضبط الأفكار الذي يربط بين الخبرة والعقل والتنوير، والدور الذي نلعبه كمعلمين في توفير الإجابات والتدريب وتمكين الطفل من الطموح والتطلع إلى المستقبل، وإبراز أفضل إمكانيات الجيل الجديد وخبراته وتطلعاته».
وقال: «رغم التطور الذي وصلنا إليه إلا أننا ما زلنا نتعامل مع تعلم الأطفال وتدريسهم بالطريقة ذاتها المتبعة في زمن الثورة الصناعية الأولى، على الرغم من الطفرة الصناعية وريادة الأعمال، إلا أن طريقة تدريسنا واحدة لأطفالنا وهي مشكلة تؤثر على المجتمع والتطور».
وأكد على ضرورة معرفة من هم أطفالنا وما هي هويتهم وكيفية تنمية القيم والثقة لديهم. والوصول إلى فهم مشترك لما يتعين أن يحصل عليه الأطفال ليكونوا منتجين وفاعلين، وأن نكون نحن قدوة لهم.

دور الوالدين
ولفت المحاضر إلى أن الوالدين لهما دور تربوي فاعل ومهم، إلى جانب المدرسة، بما ينعكس إيجاباً لمصلحة الطلاب. كما أن المدارس يجب أن تركز على الأنشطة، بما يساهم في إيجاد أجيال قادرة على تمكين الأطفال من التعامل مع الأمور غير المتوقعة في حياتهم، وأن تكون لديهم الثقة والتفكير بالحاضر لأن المستقبل يعتمد على ما عليه الطالب الآن. وبالاعتماد على الحقائق، أوضح جراوس أن التجربة بينت أن الأطفال ممن يتمتعون بالثقة في أنفسهم هم ذاتهم الذين يتعلمون من خلال توجههم إلى المتاحف وأماكن اللعب بما يساعدهم على اكتساب المعرفة والمعلومات من خلال عيش التجربة والتفاعل والتعلم خارج الصف المدرسي، وهو ما يساعدهم في الحصول على أفكار ومعلومات لا يمكن الحصول عليها فقط بالجلوس بين أربعة جدران وجمع العلامات المدرسية.

توجهات الأطفال
وأشار إلى أن دراسة أجرتها «كيدزانيا» لمعرفة توجهات الأطفال استهدفت 560 ألف طفل، اتضح من خلالها أن الأفكار النمطية تبدأ لدى الأطفال بعمر الـ4 سنوات، كما أن خيارات الطفل تتأثر بالظروف المحيطة والطبقة الاجتماعية، والأطفال في مختلف أنحاء العالم يختارون الإجابات نفسها والسلوك نفسه.
وأشارت الدراسة إلى أن الأولاد في «كيدزانيا» اختاروا أن يكونوا طيارين، فيما الفتيات اخترن وظيفة المضيفة، وهي ذات التوجهات النمطية المستمرة عند الأطفال، فالفتيات يخترن الأنشطة المناسبة لأعمار أصغر منهن، فيما الصبيان يختارون المهام لأعمار تناسب الأكبر سناً.

التعلم التفاعلي
وأكد الخبير التربوي أهمية أن تفتح للأطفال الأبواب، وتوفير أكبر فرصة من التجارب من خلال التعليم في المتاحف وصالات العرض التعليمية والقطع الفنية بما يؤمن لهم حصيلة ثقافية من المعلومات، تصبح جزءاً من تكوين الطفل بما يصقل شخصيته التعليمية والثقافية.
وأشار جراوس إلى أن ما يتوجب على الجهات المعنية بالتعليم القيام به هو عقد الشراكات وتحقيق الأمور التي تعود بالفائدة على المجتمع، مبيناً أن الغرض من التعليم هو تنوير الأذهان والعقول.
وخلص جراوس إلى أهمية التعليم التفاعلي من خلال التجربة وهو ما يعطي فهماً أكبر ويرسخ المعلومة لدى الطفل، ويوفر فرصاً للتعلم خارج جدران المدرسة من خلال زيارة المعارض والمتاحف وأماكن اللعب بما يحقق المرح والتعلم القائم على الخبرة العملية، وتجاوز نظام الحفظ والتلقين، وذلك من خلال طريقة سرد القصص واللعب لأهميتها في مرحلة التعليم المبكر، والاستمرار في الإبداع في الأنظمة التعليمية والشغف في المعرفة وصولاً لمنهج دراسي أفضل.
وعن الصفات التي يرغب جراوس في أن يتمتع بها الوالدان والمعلمون، يرى أنه يتعين أن يكونوا لطفاء ومتفائلين، وتفادي الأشخاص السلبيين، والاستمتاع بقراءة القصص مع أطفالهم، وأن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم.
شهدت المحاضرة عرض فيديو تسجيلي استعرض من خلاله عدد من التربويين في الدولة دور المشاريع التعليمية المبتكرة في دولة الإمارات، وأهميتها في جعل التعليم هادفاً ومتوافقاً مع احتياجات كل طفل وقدراته واهتماماته وطموحاته، بما يضمن استمرار الإبداع والتعلم مدى الحياة.

مقالات مشابهة

  • الطفولة النيابية:الأحزاب الشيعية تعمل ضد الإسلام والقوانين الشرعية في حضانة الطفل
  • ليست الرياضة فقط.. 5 حلول فعالة لمشكلة السمنة لدى الأطفال
  • إليك بعض النصائح النفسية لتتواصل بشكل فعال مع ابنك المراهق
  • أسرة طفل واقعة خطف سوبر ماركت طنطا: ابننا كان هيروح منا
  • "شبيغل": لجنة برلمانية تستدعي شرودر كشاهد بالتحقيق في قضية "السيل الشمالي-2"
  • "التعاون والمشاركة المجتمعية للمرأة" ضمن نقاشات ثقافة الفيوم
  • أزهر الشرقية: تلقي طلبات الطعون على نتائج الشهادتين الإعدادية والإبتدائية
  • مجلس محمد بن زايد يستضيف محاضرة: «إعادة تصور التعليم المبكر»
  • بعد تصدرها التريند.. أزمات تعرضت لها رانيا يوسف في حياتها
  • السلاح السري للمتداولين في الفوركس.. أفضل قنوات الإشارات على Telegram لعام 2024 تم الكشف عنها