الميكروبات.. هل تؤمّن الغذاء للبشر في المستقبل؟
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
هل يمكنك تناول وجبة من الغذاء أنتجتها كائنات ميكروبية؟
يبدو مفهوم الغذاء الميكروبي وكأنه من أفلام الخيال العلمي، لكنه قد يكون في المستقبل أحد الخيارات الواعدة لتوفير الغذاء للبشرية في ظل التحديات التي تفرضها أزمة الغذاء العالمية.
وبحسب دراسة جديدة لباحثين من المعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا نشرت مؤخرا في دورية "نيتشر مايكرو بايولوجي"، فإن الغذاء الميكروبي سيكون جزءا أساسيا مما سنتناوله في المستقبل رغم أن إجراءات الترخيص في اعتماده ما زالت طويلة ومعقدة.
بينما تتزايد أزمة الغذاء العالمية بسبب النمو السكاني وانخفاض الإنتاجية الغذائية نتيجة التغيرات المناخية المتسارعة، يساهم إنتاج الغذاء في زيادة حدة هذه التغيرات من خلال إطلاق كمية هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الجو تصل إلى 30% من إجمالي الكمية المنبعثة من قبل البشرية.
ويؤدي الطلب العالمي المتزايد على الغذاء إلى تدمير مساحات أكبر من الغابات وارتفاع انبعاث غازات الدفيئة (مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون)، مما يزيد من تفاقم أزمتي الغذاء والمناخ العالميتين.
ولكسر هذه الحلقة المفرغة، يعمل الباحثون على إيجاد مصادر بديلة ومستدامة للغذاء. وفي هذا السياق تثير الأغذية الميكروبية المستدامة الانتباه باعتبارها مفتاحا للتغلب على هذا المأزق. وأحد الجوانب الأكثر إثارة للأغذية الميكروبية هو تنوعها، فهي تشمل أنواعا مختلفة من المواد والإنزيمات والمواد النشطة بيولوجيا إلى جانب مجموعة من المركبات التي يمكن أن تعزز قيمة الغذاء ونكهته.
التخمير أحد الأشكال المعروفة للغذاء الميكروبي (شترستوك)ولا يعد تناول هذا النوع من الأطعمة أمرا جديدا بالنسبة للإنسان، إذ تعد الأطعمة المخمرة أحد أقدم الأغذية الميكروبية التي لها مكانة هامة في إعداد بعض مكونات غذاء الإنسان التي تحتاج لعملية التخمير عند تحضيرها مثل الخبز والأنواع المختلفة من الأجبان.
وفي عملية التخمير التقليدية، تقوم البكتيريا باستهلاك السكريات لإنتاج الطاقة مما يتيح إنتاج الفيتامينات والمذيبات الغذائية إلى جانب الاستمتاع بالمذاقات الشهية للبيتزا واللبن ومختلف أصناف الخبز.
تقنيات جديدة لإنتاج الغذاء الميكروبيوفي السنوات الأخيرة أتاحت التقنيات البيولوجية الدقيقة تطوير طرق جديدة للتخمير أطلق عليها اسم التخمير الدقيق يستطيع العلماء من خلالها برمجة الميكروبات لإنتاج جزيئات عضوية محددة.
ويستخدم العلماء في هذه العملية علم الأحياء الدقيق للحصول على المعلومات الوراثية للبروتينات النباتية والحيوانية ثم برمجة الميكروبات لإنتاجها، وبذلك تصبح الكائنات الحية الدقيقة مصانع بيولوجية تستقبل مدخلات محددة وتنتج المنتجات المطلوبة.
وعلى الرغم من أن نسبة الكتلة الحيوية الميكروبية في الأطعمة المخمرة صغيرة، فإن المركبات ذات القيمة الغذائية المنخفضة نسبيا -مثل الكربوهيدرات- يجري استهلاكها أثناء عملية التخمير من طرف الكائنات الحية الدقيقة. ومع تكاثر هذه الأخيرة تزيد نسبة العناصر الغذائية ذات القيمة الغذائية الأعلى مثل البروتينات والفيتامينات.
التقنيات البيولوجية الدقيقة تتيح برمجة الميكروبات لإنتاج جزيئات عضوية محددة (شترستوك)وإلى جانب التخمير الدقيق، تعد المركبات الغذائية المختلفة المستخلصة من الكتلة الحيوية التي يتم الحصول عليها من خلال الاستزراع الميكروبي أيضا فرعا من الأغذية الميكروبية. وتشمل الأمثلة التي يمكن العثور عليها حولنا الأحماض الأمينية المختلفة والبروتينات الغذائية والإنزيمات ومركبات النكهة وملونات الطعام والمواد النشطة بيولوجيا.
آفاق واعدة للغذاء البكتيريفي الدراسة الجديدة عرض الباحثون من المعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا مختلف المواد الخام التي يمكن استخدامها لإنتاج الغذاء الميكروبي بطريقة مستدامة، ودرسوا آفاق إنتاج هذه الأغذية على نطاق واسع بما يساهم في الحد من أزمة الغذاء العالمية في ظل التغيرات المناخية وآثارها السلبية على إنتاج الغذاء.
وبحسب بيان نشر على موقع المعهد، أظهر الباحثون أن الكائنات الحية الدقيقة ستكون مصدرا مستداما للموارد الغذائية في المستقبل لما تتمتع به من مميزات، وتكمن هذه المميزات خاصة في قدرة الميكروبات على توفير كميات هامة من الغذاء في وقت وجيز ودون أضرار بيئية عكس الطرق الزراعية التقليدية. فزراعة الكائنات الحية الدقيقة لا تتطلب سوى كميات قليلة من المياه والتربة مقارنة بزراعة المحاصيل أو الثروة الحيوانية، كما أنها تضاعف كتلتها الحيوية بسرعة كبيرة قد لا تتجاوز الساعة الواحدة في بعض الأحيان.
هذه العوامل تجعل كمية الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أوكسيد الكربون والميثان التي تتسبب بها عملية إنتاج الغذاء الميكروبي أقل بكثير من تلك المنبعثة من الزراعة التقليدية.
وتتميز هذه الكائنات كذلك بكتلتها الحيوية التي تحتوي على نسبة عالية من البروتينات تصل إلى 70% من وزن الخلية الجافة إلى جانب مكوناتها الغنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة والمركبات النشطة بيولوجيا، مما يجعل قيمتها الغذائية مماثلة للحوم وأفضل منها في بعض الأحيان.
ارتفاع كلفة البحث وتطوير سلالات ميكروبية جديدة يحد من اعتماد الغذاء الميكروبي (شترستوك)يتوقع الباحث المشارك في الدراسة سيوك يونغ جونغ، أنّ "الأطعمة الميكروبية في المستقبل لن تكون أغذية محدودة تُستهلك فقط من منطلق الشعور بالالتزام تجاه البيئة، ولكنها ستكون أغذية متكاملة تُستهلك لمحتواها الغذائي".
وقَدّرت إحدى الدراسات السابقة قيمة سوق الغذاء الميكروبي خلال العام الجاري بأكثر من ملياري دولار، وتوقعت نموه بنحو 6.1% سنويا. لكن العديد من العوائق ما زالت تحول دون اعتماد الغذاء الميكروبي على نطاق واسع في المستقبل القريب. ويأتي على رأس هذه الأسباب اللوائح والمبادئ التوجيهية الصارمة التي تفرضها الهيئات التنظيمية -مثل هيئة الغذاء والدواء الأميركية- للسماح بتداول هذه الأغذية، إلى جانب ارتفاع تكلفة البحث وتطوير سلالات ميكروبية جديدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الکائنات الحیة الدقیقة إنتاج الغذاء فی المستقبل إلى جانب
إقرأ أيضاً:
المملكة المتحدة تخصص مساعدات إنسانية بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني للشعب السوري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت المملكة المتحدة تخصيص 50 مليون جنيه إسترليني من المساعدات الإنسانية؛ لدعم الشعب السوري كجزء من الجهود الرامية إلى بناء الأمن والاستقرار على المدى الطويل في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وفي أعقاب سقوط نظام بشار الأسد أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، عن مساعدات طارئة جديدة سيتم تسليمها من خلال وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لمساعدة السوريين الأكثر ضعفا، سواء في سوريا أو في لبنان والأردن، بحسب بيان نشرته الحكومة البريطانية.
ووفقا للبيان، سيمكن التمويل البريطاني من زيادة المساعدات الإنسانية بشكل عاجل عندما تكون الاحتياجات في أعلى مستوياتها، ودعم تقديم الخدمات العامة الأساسية في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم الإنساني العاجل للبنان والأردن من شأنه أن يقلل من احتمال اضطرار السوريين من الفئات الأكثر ضعفا إلى القيام برحلات محفوفة بالمخاطر لمغادرة سوريا والمنطقة.
وفي سوريا، يحتاج أكثر من 16 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، سيساعد 30 مليون جنيه إسترليني من الدعم البريطاني في تقديم المساعدة الفورية لأكثر من مليون شخص بما في ذلك الغذاء والمأوى والرعاية الصحية الطارئة والحماية للفئات الأكثر ضعفا، فضلًا عن دعم الاحتياجات الناشئة بما في ذلك إعادة تأهيل الخدمات الأساسية مثل المياه والمستشفيات والمدارس.
وسيتم تقسيم المبلغ المتبقي في الحزمة بين 10 ملايين جنيه إسترليني لبرنامج الغذاء العالمي في لبنان و10 ملايين جنيه إسترليني في الأردن من خلال برنامج الغذاء العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لمساعدة اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم لبنان والأردن.