السومرية العراقية:
2024-12-22@05:01:12 GMT

الاكتئاب وصحة الأمعاء.. ما العلاقة؟

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

الاكتئاب وصحة الأمعاء.. ما العلاقة؟

أعلنت الدكتورة يلينا ليفانتسوفا خبيرة التغذية الروسية، أن الاختيار الصحيح للأطعمة يمكن أن يساعد على التخلص من الاكتئاب لأن الحالة النفسية للإنسان مرتبطة بصحة الأمعاء. وتشير الخبيرة إلى أنه وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 260 مليون شخص في العالم من الاكتئاب، في حين أن 30- 40 بالمئة منهم لا يشعرون بتأثير تناول الأدوية.

لذلك يبحث العلماء بنشاط عن أسباب غير واضحة لهذا المرض وطرق جديدة لعلاجه، وقد أصبح معروفا أن الاضطرابات النفسية يمكن أن تنشأ بسبب مشكلات في البكتيريا المعوية.

وتقول: "هناك اتصال بين الدماغ والأمعاء على مستوى الجهاز العصبي. بالإضافة إلى وجود جهاز عصبي معوي خاص به، يتفاعل الجهاز الهضمي مع الجهاز العصبي المركزي من خلال العصب المبهم. وإذا تخيلنا مجازا، أنه يقطع شوطا طويلا من الجهاز العصبي المركزي عبر أعضاء مختلفة من الصدر والرئتين والقلب وينزل نحو الأمعاء، فإنه مثل "عربة تلفريك" توفر المعلومات في كلا الاتجاهين إذا كانت الأمعاء متعبة، يعني أن الجهاز العصبي متعب أيضا".
وتشير الخبيرة، إلى أن ميكروبيوم الأمعاء "مسؤول" عن إنتاج الهرمون المؤثر في الحالة المزاجية.

وتقول: "ينتج 90 بالمئة من هرمون السيروتونين بفضل الأمعاء. وهذا الهرمون أحد هرمونات السعادة. وعند حدوث اضطرابات معينة في ميكروبيوم الأمعاء يحدث انقطاع في إنتاج السيروتونين، وبالتالي يتم إرسال إشارات غير كافية إلى الدماغ وتظهر حالة الاكتئاب".

ووفقا للطبيبة، السبب الآخر للاضطرابات النفسية هو نقص الفيتامينات التي تضمن الأداء الطبيعي للجهاز العصبي.

وتقول: "يعتبر ميكروبيوم الأمعاء في الواقع مصنعا لإنتاج ما يحتاجه الجسم من أجل الأداء الطبيعي لجميع الأنظمة، ولكن قد يضطرب عمله بسبب نقص فيتامينات В (B9، B12)، الضرورية والمهمة للصحة النفسية. لذلك غالبا ما يصف الأطباء جرعات إضافية منها. ومن ناحية أخرى، فإن نقص فيتامين D والمغنيسيوم والزنك والسيلينيوم وعدم توازن الحديد في الجسم يمكن أن يسبب اضطراب عمل الميكروبيوم".

وتوصي الخبيرة بضرورة تناول ما لا يقل عن 400 غرام من الفواكه والخضروات في اليوم.

وتقول: "أظهرت دراسة كبيرة أجريت قبل عدة سنوات، شملت 300 ألف شخص يعانون من الاكتئاب، أن النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، يزيد فعالية الأدوية بنسبة 40-45 بالمئة. واستنتج الباحثون أن كل 100 غرام من الخضار والفواكه التي يتناولها الشخص في اليوم يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 5 بالمئة. وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل حاليا على ابتكار ما يسمى بالمضادات الحيوية النفسية، التي هي عبارة عن سلالات مختلفة من البكتيريا ذات التأثيرات المضادة للاكتئاب والقلق التي مع مرور الوقت قد تصبح بديلا للعلاج الدوائي".

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الجهاز العصبی

إقرأ أيضاً:

الصحة النفسية والرفاه الاجتماعي

لا يمكن فهم الرفاه الاجتماعي بعيدا عن الصحة النفسية، بوصفها أحد معززات هذا الرفاه؛ إذ تُسهم إيجابيا في تنمية قدرات الأفراد اجتماعيا واقتصاديا، وتساعدهم في إدراك المجتمع الذي يعيشون فيه وفهمه بما يمكِّنهم من التفاعل معه بشكل إيجابي، ويستطيعون بالتالي فهم أهمية دورهم في تنميته من ناحية، وتعزيز إمكانات العمل المشترك القائم على مفاهيم المواطنة الإيجابية.

إن الصحة النفسية اليوم تُعد من بين تلك المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها رفاهية المجتمعات، فلن يصل المجتمع إلى تحقيق أهدافه ما لم يكن أفراده أصحاء ليس بدنيا وحسب بل أيضا نفسيا وعاطفيا وذهنيا. إنها المعادلة الرئيسة التي تتخذ أبعادا اجتماعية واقتصادية ذات أهمية قصوى، خاصة في ظل المتغيرات الحالية التي تمثِّل مشتتات ذهنية ونفسية تقود المجتمعات إلى طرق مظلمة ما لم تكن واعية ذهنيا ونفسيا، ومدركة للمخاطر التي باتت تشكِّل تحديات على مستوى التنمية.

ولهذا فإن خبراء الطب النفسي يوصون بأهمية تعويد الأطفال والناشئة بشكل خاص على (التكيُّف)، وتدريبهم (على التعامل مع تحديات الحياة اليومية بشكل فاعل)؛ بحيث ينشأون في بيئة صحية تؤهلهم على المرونة والمواءمة والتصالح والتسامح، وغيرها من القيم التي تؤصِّل إمكاناتهم وقدراتهم على التكيُّف ومعالجة المشكلات بأسلوب أكثر إيجابية، وتعوِّدهم على السلوكيات التي تنم عن أخلاق مجتمعهم وقيمه السمحة.

ولعل هذا التكيُّف يتطلَّب القدرة على الممارسة المُثلى للعديد من العادات التي تقتضي تحقيق تلك الأهداف، ومن بين تلك الممارسات يأتي (التأمُّل)، باعتباره أحد أبرز أدوات العناية الذاتية، التي تعزِّز الصحة النفسية؛ فهو من الممارسات العامة المعروفة على مستوى المجتمعات، والتي دعت إليها الأمم عبر الحضارات، بل حضَّت عليه الأديان، ومن بينها الدين الإسلامي الذي يأمرنا بالتأمل في خلق الله والتفكُّر في ملكوته، عبر إعمال العقل وإطلاقه بحكمة وعمق.

إن التأمل باعتباره أداة مهمة يقتضي التفكُّر وتركيز الانتباه بقدرة الله سبحانه في خلقه، وبكل ما حولنا، وبما حبانا الله إياه من نِعم تقتضي الشكر، فإنه أيضا قوة داخلية وشعور بالرضا والسلام والمحبة؛ لما له من أهمية - بحسب العديد من الأدبيات - في (خفض التوتر، وتحسين التركيز والتوازن العاطفي وتخفيف القلق والاكتئاب وتحسين جودة النوم). إنه أداة تدعم تحسين الصحة البدنية عموما.

ولذلك فإن العالم يحتفل في الواحد والعشرين من ديسمبر من كل عام بـ (اليوم العالمي للتَّأمُل)، الذي يهدف - حسب اليونسكو - إلى (زيادة الوعي بالتأمل وفوائده، واستذكار حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية)، الأمر الذي يدفع العالم إلى تعزيز تلك الأهمية ودعم أفراده إلى العناية بفكرة التأمل نفسها؛ كونها قائمة على إعمال الفكر والتعَّمق في الذات وما حولنا من متغيرات بل وما يحصل في العالم من تحديات تستوجب إعمال العقل والتفكُّر؛ فكل ما حول الإنسان من نِعم وما يمُّر فيه من محن إنما تحتاج منه التأمُّل والوقوف الحكيم، لا التسرُّع والاندفاع وجلد الذات، بما قد لا يضر بالنفس وحسب بل أيضا يصيبها بالكثير من الأمراض النفسية، التي تجعله مكبلا، غير قادر على المضي في حياته، وعاجز عن إسعاد نفسه وأهله، بل قد يصل إلى إيذاء نفسه وإيذاء من حوله.

أما التأمُّل باعتباره ممارسة فإنه يمثِّل القدرة على التصالح مع الذات وفهمها وفق محددات اجتماعية تعزِّز الصحة النفسية، وتدعم تحقيق الرفاه؛ فكلما تمتع أفراد المجتمع بالصحة النفسية، كانت قدرتهم على العمل والعطاء والإقبال على الحياة أكبر، ولهذا فإن التأمُّل والوعي به يقوم على توجهات المجتمع في العناية بالصحة النفسية، وبناء عالم أكثر مرونة وإيجابية وخدمة للسلام والمحبة.

ولأن الرياضات عموما بأنواعها وأشكالها تقدِّم ضمن مجموعة من الأدوات التي تساعد أفراد المجتمع على التغلُّب على الكثير من الإرهاصات النفسية والجسدية التي تحدث في كثير من الأحيان دونما قصد، سواء خلال العمل و التعامل مع الناس أو حتى من ضغوطات الحياة عموما، فإن الرياضات الروحية المختصَّة بالجانب النفسي تقدِّم نفسها باعتبارها خيارا مناسبا للتعمُّق وإعمال الفكر والشعور بالهدوء والسكينة.

إن الصحة النفسية اليوم تغدو أكثر أهمية بالعناية والرعاية من قِبل المجتمعات، لما تمثِّله من مركزية في علاقتها بالتنمية وتحقيق الرفاه المجتمعي، وهي لا تتعلَّق بالتغذية الصحية وممارسة الرياضة عموما، بل أيضا بما ينتجه ذلك من أفكار ومشاعر وسلوك، قد يظهر ضمن تلك العلاقات المتشابكة خاصة في ظل التطورات التقنية التي تجعل الناشئة والشباب بشكل خاص، ينساقون وراء العديد من المغريات والتحديات في عالم افتراضي واسع لا يمكن ضبطه، سوى بإمكاناتهم على تأمُّل كل ما يتابعونه، أو يشاهدونه ويسمعونه، أو يقرأونه، ويتفكَّرون فيه وفق ضوابط قيم المجتمع ومحدداته.

إضافة إلى ذلك فإن حاجة المجتمعات اليوم إلى المرونة والتفاؤل كبيرة؛ فهذه المرونة تمكِّنهم من تخطي العديد من التحديات وتدفعهم إلى حل مشكلاتهم وتحدياتهم وفق رؤية أكثر إيجابية، ولهذا فإن تحقيق الصحة النفسية القائمة على التأمُّل والتفكُّر والعلاقات الإيجابية من خلال الأقران وتحفيز الصحة البدنية، والوعي بقيمة الصحة وعلاقتها بالرفاه الاجتماعي والصحة العاطفية، سيجعل أفراد المجتمعات أكثر قدرة على تخطي الضغوطات وفق مرونة نابعة من تلك العلاقة التي تأسسَّت على السلام الداخلي.

ولهذا فإن عُمان اعتنت عناية فائقة بالصحة النفسية، وبالوعي المجتمعي بأهميتها وقدرتها وإمكاناتها؛ وقد تزايد اليوم هذا الوعي الذي يظهر ليس من خلال الزيارات لمراكز الطب النفسي وحسب، بل أيضا بعناية المؤسسات الحكومية والخاصة والمدنية بالصحة النفسية لموظفيها وتهيئة البيئة الصحية المناسبة لهم، إضافة إلى عناية المؤسسات التعليمية والأكاديمية بهذا القطاع الصحي، التي تقدِّم برامج متخصصة للأطفال والناشئة والشباب، تهدف إلى التوعية وتقديم الدعم النفسي المناسب للطلاب في كافة مراحلهم التعليمية.

إن هذا الوعي المؤسسي ينعكس بدوره على الأفراد من خلال عنايتهم بأنماط الحياة الصحية المختلفة، سواء عن طريق ممارسة الرياضات البدنية أو الروحية، أو الالتزام بالتغذية الصحية، أو حتى عن طريق اختيار البيئة الصحية والأصحاب الإيجابين، وغير ذلك من الممارسات التي تنم عن وعي بأهمية الصحة النفسية وعلاقتها بالتطوير الذاتي النابع من محبة الذات والإيمان بقدراتها وبالتالي تحقيق الرفاه الاجتماعي من ناحية، والتنمية والمواطنة الإيجابية النابعة من عطائه ومشاركته الفاعلة في بناء مجتمعه ووطنه من ناحية أخرى.

ولذلك فإن العناية بالصحة النفسية عموما وبفكرة التأمُّل في حياتنا وما حولنا بشكل خاص، تتطلَّب منا الإيمان بأهميتها وقدرتها على تغيير أنماط ممارساتنا اليومية، للشعور بالسلام الداخلي وحُب الحياة والإقبال على العمل وفتح آفاق جديدة رحبة تتسِّع للجميع، فالحياة جميلة إذا نظرنا بعين الرضا والمحبة وتقبُّل أنفسنا والآخر بتسامح وتفاهم ينم عن أخلاقنا وقيمنا المجتمعية الأصيلة.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • الصحة النفسية والرفاه الاجتماعي
  • التفاصيل الكاملة لحادثة الدهس في المانيا وهوية الفاعل.. السعودية تدين وتقول أنها حذرت منه
  • استشاري: نقص فيتامين D قد يتسبب في ظهور أعراض الاكتئاب
  • أبرزها الاكتئاب.. أعراض واضحة لنقص فيتامين D
  • استشاري: نقص فيتامين D قد يتسبب في ظهور أعراض الاكتئاب| فيديو
  • استشهاد 25 فلسطينيا بغارات للاحتلال على غزة.. بينهم 8 في شقة واحدة
  • استشاري تغذية: نقص فيتامين D يتسبب في ظهور أعراض الاكتئاب
  • اكتشاف فائدة جديدة للقهوة تخص الأمعاء
  • فوائد مذهلة.. تأثير تناول الثوم اليابس على الجهاز الهضمي؟
  • 12 مليار يوم عمل ضائع سنويا بسبب الاكتئاب.. كيف يتأثر الاقتصاد العالمي؟