بيزنس داي: لهذه الأسباب.. طرابلس ثاني أسوأ مدينة في العالم للعيش فيها
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
ليبيا – كشف تقرير إخباري نشرته صحيفة “بيزنس داي” النيجيرية الناطقة بالإنجليزية عن قائمة أسوأ 10 مدن للعيش فيها في العالم خلال العام 2024.
التقرير الذي تابعته وترجمت المرتبط منه بالشأن الليبي صحيفة المرصد أشار لوجود تحديات شديدة تقلل بشكل كبير من قابلية هذه المدن للعيش فيها ومن بينها عدم الاستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدلات الجريمة ونقص البنية التحتية والقضايا البيئية.
ووفقا للتقرير جاءت العاصمة طرابلس في ترتيب ثاني أسوأ مدينة في العالم بعد دمشق السورية فالأولى تواصل التعامل مع آثار الصراع وعدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن والتدهور الاقتصادي والتعطل شبه الدائم للخدمات الأساسية ما يجعل الحياة صعبة بالنسبة لسكانها.
وبحسب التقرير جاءت في الترتيب بعد العاصمة طرابلس كل من الجزائر العاصمة تليها لاغوس في نيجيريا ودكا في بنغلاديش وكراتشي في باكستان وهراري في زيمبابوي وبورت مورسبي في غينيا الجديدة وكاراكاس الفنزولية فضلا عن كييف الأوكرانية.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي
بروفيسور حسن بشير محمد نور
نعم، أزمة التهجير القسري والنزوح التي يشهدها السودان هي الاسوأ في العالم، كما ان الانتهكات والجرائم المرتكبة هي الاشد قسوة وبشاعة من نوعها، خاصة في صراع بين أطراف تنتمي لنفس البلد، هذا بالطبع إذا استثنينا الأبادة الجماعية التي تقوم بها اس رائ يل ضد الشعب الف ل سطي ني في الاراضي المحتلة والدمار الممنهج في لبنان (وهذا بالطبع لا يحتاج لتأكيد وزير الخارجية البريطاني، لانه وحسب المثل السوداني "ما حك جلدك مثل ظفرك"). الصراع بين القوى الكبرى في العالم لا يعرف الرحمة ولا يعبأ بمصالح الشعوب، خاصة مثل الشعب السوداني المغلوب علي أمره المبتلى بحكام و(قادة) لا يتمتعون بأي درجة من الرشد وإلا لما تسببوا في أزمة توصف بأنها الاسوأ في العالم.
سبق ان نبهنا مع غيرنا بأن الانقسام بين الاقطاب الكبرى في العالم لا يسمح بتمرير قرارات عبر مجلس الامن، وان الدعوات للتدخل الاممي هي صرخات في (وادي عبقر), كما ان مثل هذا التدخل يجد معارضة لا بأس بها، ليس فقط من الأطراف المؤيدة للحرب في السودان، وانما من قوى سياسية واجتماعية مؤثرة. في هذا الاطار يأتي (الفيتو) الروسي ضد مشروع القرار البريطاني حول السودان في مجلس الامن يوم الاثنين 18 نوفمبر 2024. وهو موقف متوقع من روسيا بحكم العداء المستفحل والتاريخي بين روسيا وبريطانيا، الذي اشتد منذ ان اعلن ونستون تشرشل صيحته حول الجدار الحديدي (ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي) وتدشينه للحرب الباردة مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. يظهر ذلك العداء بجلاء في اشعال الحرب في اوكرانيا وتأجيجها والدفع بها نحو منزلق خطير يبشر بيوم قيامة قريب ينهي العالم الذي نعيش فيه، ذلك لسبب بسيط هو ان هذه اللعبة الخطرة تتم ضد دولة تمتلك اكبر ترسانة نووية في العالم من حيث الكم والنوع، فاذا كنت تلعب بالنار بين براميل من البارود شديد الانفجار فإن (لفيتو) يعتبر نثارة ثانوية باردة.
يضاف لذلك ان روسيا لن تنسي خديعة القرار الاممي الذي وافقت عليه بشأن ليبيا، والذي كان في ظاهره يهدف لحماية المدنيين وقام حلف التاتو باستغلاله ثم (حدث ما حدث في ليبيا) ونتائجه ماثلة أمام العالم. يبقى إذن، اذا إراد (الغرب الاستعماري الجماعي حسب وصف الدبلوماسية الروسية)، فيما نرى أن يتدخل في الصراع السوداني فعليه اتباع نهح ما حدث في العراق وافغانستان (وهذا انتهي بالهروب الكبير لجيش بادن العظيم مسلما مفاتيح كابول لطالبان بعد عشرين عاما من التدخل العسكري المباشر) ويوغوسلافيا السابقة، ذلك النهج الذي تم خارج (الشرعية الدولية) وبالتالي علي من يفعل ذلك تحمل العواقب لوحده، دون الاستناد علي قرار اممي يظهر غير ما يبطن حسب فهم الكثيرين من غير المستندين لحلم ان (المجتمع الدولي) بالشعوب (رؤوف رحيم).
في ظل الصراع الوجودي بين روسيا و(الغرب الجماعي) لن يمر قرار عبر مجلس الامن بسهولة، خاصة اذا كان يحمل طابعا لتدخل خارجي قد يؤدي لفرض نظام معين. في هذا السياق من المفهوم ان أي تحول يؤدي الي وصول حكم (مدني ديمقراطي) بدعم غربي في السودان سيجعل من هذه البلاد في شراكة طويلة الامد مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة، بريطانيا والاتحاد الاوربي، وان أي نظام شمولي او انقلابي سيكون مقاطعا من (الغرب الجماعي) وسيتوجه لا مناص نحو روسيا والصين. هذه معادلة بسيطة ليس من الصعب فهمها ووضعها في الحسبان في التعامل مع (المجتمع الدولي).
أما فيما يتعلق بازمة التهجير والنزوح والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين فيمكن التذكيرببعض الاثار المترتبة عليها ومالاتها وما يمكن فعله مع فشل العالم بوضعه الراهن في معالجة مثل هذه الازمات الكبرى،علما باننا قد تطرقنا بشكل متواصل للتكاليف الاقتصادية والاجتماعية للحرب واثارها، في العديد من المقالات والمشاركات منذ اشتعال هذه الحرب الكارثية. وفي رأيي ان ما يجري في السودان رغم بشاعته يعتبر متواضعا قي المنظور العالمي مع خطر وقوف عالم اليوم علي حافة حرب عالمية نووية لم يشهد العالم لها مثيل، ولن يشهده مرة اخرى بالطبع في حالة اندلاعها.
ما يجري في السودان له اثار بالغة الخطورة اقتصاديا واجتماعيا وديمغرافيا، أهم مظاهر ذلك باختصار هي:
اقتصاديا: تدهور قطاعات الانتاج الحقيقي في الزراعة والصناعة والخدمات المنتجة، تأثر البنية التحتية وتدمير معظمها وهي بنية متواضعة بدون حرب، فقدان مصادر الدخل وتفشي البطالة، التراجع الخطير للايرادات الحكومية، وقد فصلنا في تلك الموضوعات ووضحنا اثرها علي مجمل النشاط الاقتصادي وعلي المؤشرات الاقتصادية الكلية.
اجتماعيا: الاثار علي الخدمات العامة خاصة الصحة والتعليم ومن نتائجها توطين الاوبئة، الاصابات والاعاقات الجسدية والنفسية، أضافة لتعطل الدراسة لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، وفقدان التمدرس لملاين الاطفال السودانيين وبطالة الخريجين ونزيف العقول.
ديمغرافيا يؤدي التهجير القسري والنزوح الجماعي الي تغيير التركيبة الديمغرافية للباد، خاصة وان التهجير لم يقتصر علي العاصمة والمدن فقط وانما شمل مناطق ريفية واسعة، كما جرى مؤخرا في ولاية الجزيرة. اتجه معظم النازحين الي مناطق حضرية مما ادي لاختلال كبير في التوزيع السكاني والضغط علي الموارد والخدمات اضافة لمشاكل الاكتظاظ السكاني.
سيؤدي كل ذلك لاثار خطيرة علي النشاط الاقتصادي بانهيار القطاعات الانتاجية الرئيسية وسيادة الريعية الاقتصادية والانتاج المعيشي والقطاع غير الرسمي. كما سيؤدي ذلك لتدهور الاستقرار النقدي وانهيار الثقة في النظام المصرفي وتراجع سعر الصرف والقوة الشرائية. كل ذلك سيفاقم معدلات الفقر والبطالة والاخلال الخطير بالامن الاجتماعي لامد طويل.
في ظروف الخلاف الحاد في المجتمع الدولي لابد من العمل في رأينا في عدة اتجاهات منها:
• علي القوى الوطنية العمل بشكل جماعي او حتي بمكونات منفردة علي تعزيز فرص الحل السياسي للازمة وتفعيل دور المجتمع المدني والمجتمعات المحلية، بدلا عن الركض خلف سراب المجتمع الدولي او حتي الاقليمي وذلك يتضمن عدد من الخطط والبرامج الاجراءات الهادفة الي:
- التركيز علي بناء مشروع وطني جامع لدولة المواطنة السودانية القائمة علي الحرية والسلام والعدالة والتنمية المتوازنة ووضع تصور واضح للحل السياسي علي هذا الاساس. وبالتأكيد هذا المشروع يصطدم بالصراع علي السلطة وطموح الاطراف المتحاربة، اضافة لعقبة تحقيق المحاسبة وعدم الافلات من العقاب، وهنا تبدو قضية شائكة.
- وضع استراتيجيات تنموية لما بعد الحرب تشمل اعادة الاعمار، اعادة بناء البنية التحتية والانتاجية والتأسيس لنظام عادل لقسمة الموارد. هذا يمكن ان يكون مشجعا لدمج بعض الاطراف في جهود الحل خاصة حركات الكفاح المسلح غير المنخرطة في الحرب بين الجيش والدعم السريع.
- العمل علي تعبئة واستقطاب الموارد المحلية والخارجية لاعادة بناء المناطق المتضررة واعادة التوطين وتوجيه الموارد نحو المناطق الريفية والتنمية المحلية لتخفيف الضغط علي الحضر.
- تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص في برامج اعادة الاعمار
- وضع برامج عملية للتعامل مع التحديات الصحية وايجاد برامج لرعاية المصابين جسديا ونفسيا واعادة تأهيلهم ورعايتهم
- العمل علي ايجاد بدائل للتعليم الرسمي خاصة في مناطق النزوح مع الغياب لدور الولة او الدعم الدولي الفعال.
بالتأكيد كل ذلك لا يعني اغفال الضغط علي المجتمع الدولي والاقليمي، في ايجاد حلول سلمية لهذا النزاع الذي يتسع نطاقه ليصبح تهديا علي المستوى الاقليمي والدولي. وبما ان هذه الحرب تمثل تحديا وجوديا يهدد وجود الدولة السودانية ومستقبل الاجيال المقبلة فان الوضع يتطلب طرق جميع السبل للضغط والتدخل، حتي اذا تم ذلك خارج الاطر التقليدية لعمل الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي. وقد يكون من المفيد تفعيل اليات مجلس السلم والامن الافريقي، بحكم انه يمكن ان يكون منظمة اقليمية تحظي بقبول واسع بما في ذلك الصين وروسيا، مما يمكن من ايجاد وسائل واليات عملية للدفع نحو الحل السياسي للنزاع.
mnhassanb8@gmail.com