بوتين يعيد رسم تحالفاته من بيونغ يانغ.. قراءة في الأهداف
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
في زيارة هي الأولى من نوعها منذ نحو 24 عامًا، حطّت طائرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عاصمة كوريا الشمالية، بيونغ يانغ. خلال أكثر من عقدين من الزمن، لم يكن من الممكن أن يحتفظ النهر بنفس مياهه كما يقال. بوتين الذي قابل زعيم كوريا الشمالية الراحل، كيم جونغ إل، ليس هو نفس الشخص الذي التقى ابنه، كيم جونغ أون مؤخرًا.
وقد وصل الأمر ببوتين حينها إلى التفكير جديًا في الانضمام إلى حلف الناتو، ولم يجد غضاضة في مفاتحة الرئيس الأميركي السابق، بيل كلينتون في ذلك. لكن بعد سنوات من التحديث وإعادة البناء، تغيرت الأوضاع بل وتعقدت. روسيا تشن حربًا شرسة في أوكرانيا، حيث يقدم الحلف الدعم والمساعدة، والحرب توشك أن تتحول إلى صدام مباشر بين روسيا والغرب، مما قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة، تُدخل البشرية جمعاء في مصير مجهول.
على خطى حلف الناتوتكمن أهمية زيارة بوتين إلى بيونغ يانغ في المضامين الموضوعية أكثر منها من حيث الشكل. رغم حرص الرئيسين على بثّ مجموعة من الصور المصنوعة بعناية للرأي العام، كي تعكس حميمية العلاقة التي تجمعهما، كما فعل قادة مجموعة دول السبع في اجتماعهم الأخير في إيطاليا. المضمون كان هو الأهم هنا، فقد شهدت الزيارة توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين، التي قد تدشن لحلف دفاعي جديد على غرار حلفَي الناتو ووارسو.
المادة الرابعة من الاتفاقية تتحدث عن الدعم العسكري المتبادل في حال تعرض أحد الطرفين لهجوم من دولة أو عدة دول أخرى. هذه المادة تتشابه مع المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، التي تنص على أن أي هجوم مسلح ضد إحدى الدول الأعضاء يعتبر هجومًا ضد جميع الأعضاء، مما يتوجب مساعدة المعتدى عليه حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة المسلحة. تم تفعيل هذه المادة بعد يوم واحد من هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001م التي استهدفت برجَي التجارة في نيويورك.
من هنا فإن هذه الشراكة الإستراتيجية قد تشكل نواة لحلف أوسع يضم الصين، وإيران في المرحلة الأولى. ما سيميز هذا التحالف – حال وجوده – أنه سيكون عابرًا للأيديولوجيا، خلافًا لحلف وارسو الذي كان تجمعًا للدول الشيوعية. الفكرة الأساسية هنا التي ستجمع مكوناته، هي التصدي للهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.
الرسائل الروسيةعقب زيارته بيونغ يانغ، توجه بوتين إلى العاصمة الفيتنامية، هانوي؛ لتعزيز العمل المشترك وصولًا إلى شراكة إستراتيجية مماثلة. فما هي الرسائل التي أراد بوتين إيصالها للولايات المتحدة وحلفائها؟
أولًا: تأسيس عالم متعدد الأقطابنشأ بوتين في ظل الإمبراطورية السوفياتية، ورأى انهيارها بعينه، وعاصر التداعيات الكارثية التي مرت بها البلاد عقب ذلك الانهيار. تجرعت بلاده مرارة التحكم الأحادي للولايات المتحدة في العالم. إذ وقفت روسيا عاجزة أمام القصف الذي تعرضت له صربيا خلال حرب كوسوفو عام 1999م، وهي دولة سلافية حليفة لروسيا. كذلك فشلت روسيا في الحيلولة دون الغزو الأميركي للعراق عام 2003م رغم طبيعة العلاقات التي كانت تجمع الدولتين.
الملاحظة الجديرة بالتسجيل هنا، أن هاتين العمليتين تمتا خارج إطار الأمم المتحدة، مما شكل سابقة مهمة سيعتمد عليها بوتين لاحقًا في تبريره غزو أوكرانيا. كما أنهما خصمتا كثيرًا من كبرياء الدولة الروسية، وأحالتاها إلى دولة من الدرجة الثانية، وأثبتتا التفرد والهيمنة المطلقة للولايات المتحدة وحلفائها. من المفيد أن نذكر كيف وطّأت كتابات أكاديمية لفكرة نهاية التاريخ وانتصار الليبرالية الغربية، ونجاحها في فرض هيمنتها ثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا.. إلخ.
في مقدمة هؤلاء يأتي فرانسيس فوكوياما بأطروحته ذائعة الصّيت، "نهاية التاريخ والإنسان الأخير". تلك المرحلة "أحادية القطبية" يحاول بوتين اليوم تجاوزها وطرح بديل لها. أكد بوتين من هانوي على أهمية "التعاون في الأمم المتحدة والقمم الآسيوية وآسيان، إضافة إلى الاهتمام المشترك ببناء هيكل أمني جديد مبنيّ على مبدأ عدم استخدام القوة، والحل السلمي للأزمات، وعدم بناء تحالفات عسكرية في المنطقة".
كان بوتين يشير هنا إلى النشاط العسكري الأميركي المكثف في المحيط الهادئ، خاصة منطقتَي بحر اليابان، وبحر الصين الجنوبي، والتي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين. المعنى ذاته أشار إليه أيضًا الزعيم الكوري الشمالي، بتأكيده على أن معاهدة الشراكة الإستراتيجية "ستصبح قوة دافعة لتسريع إنشاء عالم جديد متعدد الأقطاب".
ثانيًا: مزاحمة الوجود الأميركي في شرق آسيايحتفظ الجيش الأميركي بأكثر من 70 قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية، وحوالي 120 قاعدة في اليابان. كما استخدمت الولايات المتحدة، أوكرانيا للعبث بالأمن القوميّ الروسيّ، يبدو أنّ موسكو قرّرت أن تنتهج الإستراتيجية نفسها معها. أرسلت روسيا مؤخرًا 4 سفن حربية، بينها غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى كوبا على مقربة من السواحل الجنوبية للولايات المتحدة.
من فيتنام، قال بوتين للصحفيين: "نحتفظ بحق إرسال أسلحة إلى مناطق أخرى في العالم، مع أخذ اتفاقاتنا مع كوريا الشمالية في الاعتبار. ولا أستبعد هذا الاحتمال". إن هذه الخطوة الروسية حال تحققها قد تؤدي إلى خلخلة الموازين الأمنية والدفاعية في شبه الجزيرة الكورية. لذا لم يكن مستغربًا أن تعبر واشنطن عن قلقها، فيما أعلنت سول مراجعة سياستها بشأن توريد أسلحة إلى أوكرانيا، فيما ستعمل إستراتيجية روسيا على فك العزلة عن كوريا الشمالية، وتخطي العقوبات الدولية بحقها.
ثالثًا: الاستعدادات لتطورات الحرب الأوكرانيةيريد بوتين أن يؤكد للولايات المتحدة وحلفائها أنه ليس بمفرده، خاصة بعد الحشد الأميركي للحلفاء في الناتو ومجموعة دول السبع. الاجتماع الأخير لوزراء دفاع الحلف في بروكسل أكد على "عدد من التدابير التي سيتم تطبيقها بشكل فردي وجماعي". أمين عام الحلف، ينس ستولتنبرغ، دافع عقب الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الناتو، في مايو/أيار الماضي، عن استخدام أسلحة غربية لضرب أهداف داخل روسيا. فيما تحدث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن "الرد الفردي والجماعي على روسيا إذا لزم الأمر".
من هنا تحتاج موسكو إلى زيادة فاعلية تحالفاتها العسكرية، تحسبًا لأي تطورات مرتقبة في الساحة الأوكرانية. الجيش الكوري الشمالي يربو عدد جنوده على المليون جندي، كما أن بيونغ يانغ يمكنها مد الجيش الروسي بالقذائف الصاروخية وغيرها من العتاد العسكري، إما بشكل مباشر، أو بالتحول إلى قناة بديلة لتمرير المساعدات العسكرية الصينية دون تعرض بكين لأي لوم دولي.
الخلاصة
روسيا تدرك اليوم أن فرص اشتعال حرب عالمية ثالثة تزداد يومًا بعد الآخر، مما يلزم إعادة رسم خريطة تحالفاتها الخارجية، خاصة في نقاط التماس مع القوات الأميركية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للولایات المتحدة کوریا الشمالیة بیونغ یانغ
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تستنكر استهتار روسيا بأرواح المدنيين بعد قصف على كريفي ريغ
عواصم "وكالات": دان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الأحد "الاستهتار اللامحدود بأرواح المدنيين" عقب قصف روسي على مدينة كريفي ريغ في أوكرانيا أسفر عن مقتل 18 شخصا بينهم تسعة أطفال الجمعة.
وقال فولكر تورك في بيان إن "استخدام روسيا الاتحادية لسلاح متفجر واسع النطاق في منطقة مكتظة بالسكان، وفي غياب أي وجود عسكري واضح، يظهر استهتارا لامحدودا بأرواح المدنيين"، مشيرا إلى احتمال أن يشكل الهجوم جريمة حرب.
وزار فريق من المفوضية السامية موقع القصف امس، أي في اليوم التالي للهجوم، وقام بتوثيق الأضرار والتأكد من أسماء وهويات الأطفال القتلى.
وأضاف تورك "هذا هو الهجوم الأكثر دموية ضد الأطفال الذي سجله المفوض السامي منذ بدء التدخل واسع النطاق في فبراير 2022".
وتابع "هذا رعب لا يمكن تصوره: قُتل تسعة أطفال، معظمهم أثناء اللعب في حديقة، بشظايا من السلاح العسكري الذي انفجر فوقهم".
وقال إن "انفجارا واحدا أدى إلى مقتل 18 شخصا في مساء يوم جمعة دافئ في كريفي ريغ، بينما كانت عائلات تتجمع قرب ملعب ومطعم ومبان سكنية".
كما رفض المفوض السامي مزاعم روسيا بوجود قادة عسكريين في المنطقة.
وجاء في بيانه أن "جميع الشهود أكدوا أنه لم يكن هناك وجود عسكري في المطعم أو في المنطقة وقت الضربة"، مضيفا أنه حتى لو كان قادة حاضرين، يتوجب على طرفي النزاع التحفظ على القيام بأعمال عسكرية بوجود مدنيين.
ودعت المفوضة السامية إلى إجراء تحقيق "سريع وشامل ومستقل".
زيلينسكي: الضغط الدولي على موسكو "غير كافٍ" لايقاف الهجمات
من جهته، لفت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الأحد إلى تزايد الضربات الجوية الروسية التي تستهدف بلاده في الآونة الأخيرة، معتبرا ذلك مؤشرا على أن الضغط الدولي على موسكو "غير كافٍ".
وقال زيلينسكي على فيسبوك إن "عدد الهجمات الجوية يتزايد"، مشيرا الى أن ذلك يظهر أن "الضغط على روسيا لا يزال غير كافٍ".
وأضاف "بهذه الطريقة تكشف روسيا عن نواياها الحقيقية: مواصلة بث الرعب طالما سمح العالم بذلك".
واتهم القوات الروسية بإطلاق "أكثر من 1460 قنبلة جوية موجهة، ونحو 670 طائرة هجومية مسيّرة، وأكثر من 30 صاروخا" على أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي.
وتدعو كييف على خصوصا إلى فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على موسكو.
نددت أوكرانيا اليوم الأحد بـ"هجوم هائل" روسي على أراضيها، أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة ثلاثة آخرين في العاصمة كييف، بالإضافة إلى ضحية أخرى في جنوب البلاد.
الى ذلك، رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"التقدم الملموس" و"التفاصيل الأولية" بشأن نشر قوة أوروبية على أراضي بلاده إذا ما تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وذلك غداة زيارة رئيس أركان الجيش الفرنسي ونظيره البريطاني إلى كييف.
وقال زيلينسكي "ثمة تقدم ملموس وتفاصيل أولية بشأن كيفية نشر قوة أمنية شريكة"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وتقترح فرنسا وبريطانيا نشر قوة تشارك بها دول أوروبية في أوكرانيا لضمان منع استئناف الحرب بمجرد تطبيق وقف إطلاق النار.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق عبر منصة إكس "نواصل مناقشاتنا بشأن الدعم طويل الأمد للشعب الأوكراني".
وأضاف "أولا، من أجل جيشهم، الذي يشكل ـ وسيظل ـ خط دفاعهم الأول؛ وثانيا، من أجل قوة طمأنة محتملة، يتم نشرها خلف خط التماس لردع أي عدوان روسي متجدد".
وشكر زيلينسكي "المملكة المتحدة وفرنسا على قيادتهما"، قائلا "هذا النوع من العمل المشترك، عندما يركز الجميع على نتيجة قوية، هو الذي يساعد في تحقيق سلام موثوق ودائم في أوكرانيا".
وأضاف أن الحلفاء "يبذلون جهودا لضمان الأمن في أوكرانيا وتوفير ضمانات أمنية موثوقة".
في وقت سابق السبت، أكد رئيس الأركان الفرنسي تييري بوركار أنه اجرى مع نظيره البريطاني الأدميرال توني راداكين محادثات حول إرسال "قوة طمأنة" إلى أوكرانيا في حال التوصل إلى وقف الحرب المستمرة منذ بدء الحرب قبل ثلاث سنوات.
وكتب في منشور على منصة اكس "معا، نرغب في ضمان سلام دائم ومتين في أوكرانيا، وهو شرط أساسي لأمن القارة الأوروبية".
وخلال الزيارة أجرى رئيسا الأركان الفرنسي والبريطاني محادثات مع الرئيس الأوكراني والقائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية أولكسندر سيرسكي ووزير الدفاع رستم عمروف.
وقال عمروف على فيسبوك إن "الهدف الرئيسي (من الزيارة) كان انخراط الشركاء بوضع ترتيبات أمنية في أوكرانيا بعد انتهاء الأعمال القتالية".
وصرح رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية امس بأنهم ناقشوا "خيارات الطمأنة" التي سيوفرها تحالف دولي.
وأضاف أن الهدف من الزيارة المشتركة هو "الحفاظ على الدعم القوي" للجيش الأوكراني بما يسمح له بمواصلة القتال ضد القوات الروسية.
وأوضح أن الهدف الآخر يتمثل في "تحديد استراتيجية طويلة المدى لإعادة بناء الجيش وتطويره".
ويقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الجهود الأوروبية.
ووصف زيلينسكي الاجتماع مع بوركار وراداكين بأنه "جوهري".
وقال مساء الجمعة "نناقش الوجود العسكري على الأرض وفي الجو وفي البحر. كما نناقش الدفاع الجوي وبعض المسائل الحساسة الأخرى".
وأضاف "سنجتمع على مستوى عسكريينا أسبوعيا. شركاؤنا يدركون تماما احتياجات أوكرانيا".
روسيا تسيطر على قرية في منطقة سومي الأوكرانية
وعلى الارض، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأحد السيطرة على قرية في منطقة سومي الأوكرانية في تقدم نادر عبر الحدود.
وقالت الوزارة في بيان "حررت وحدة من مجموعة قوات الشمال خلال عمليات هجومية قرية باسوفكا في منطقة سومي"، مستخدمة الاسم الروسي لقرية باسيفكا القريبة من الحدود مع منطقة كورسك الروسية.
وفي مطلع مارس، أكدت موسكو بالفعل سيطرتها على قرية نوفينكي، وقد كان ذلك التقدم الأول في المنطقة منذ الانسحاب الروسي منها في 2022، لكن كييف أعلنت لاحقا أن جيشها تصدى للقوات الروسية في المنطقة.
وكانت روسيا سيطرت عليها لفترة وجيزة قرى في سومي عندما بدأت هجومها في عام 2022.
وفي فبراير الماضي، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قواته دخلت الأراضي الاوكرانية انطلاقا من منطقة كورسك، الأمر الذي نفته أوكرانيا ووصفته بأنه "كذب".
ومنذ ذلك الحين، يتحدث المسؤولون الأوكرانيون عن هجمات روسية معزولة، مؤكدين التصدي لها في كل مرة.
وهذا التقدم في منطقة سومي يبدو مرتبطا بالاختراق الذي حققه الجيش الروسي في منطقة كورسك حيث بدأت القوات الأوكرانية هجوما مباغتا في صيف 2024.
وتمكنت القوات الروسية من استعادة جزء كبير من الأراضي التي كانت تسيطر عليها كييف.
ويقتصر وجود القوات الأوكرانية حاليا في روسيا على جيب مساحته 80 كيلومترا مربعا، أي 6% من المساحة التي سيطرت عليها بعد بدء هجومها، بحسب تقديرات لوكالة فرانس برس تستند إلى ملفات ينشرها المعهد الأمريكي لدراسة الحرب بشكل يومي معتمدا على معلومات يكشفها الطرفان وتحليل صور من الأقمار الاصطناعية.
موسكو تهاجم مناطق اوكرانية بالمسيرات والصواريخ
من جهة ثانية، أسفرت هجمات بالصواريخ وبالطائرات المسيّرة شنّتها روسيا على مناطق في أوكرانيا صباح اليوم الأحد الى مقتل شخصين، أحدهما في كييف حيث أصيب كذلك ثلاثة بجروح، بحسب ما أعلنت السلطات.
وقالت النائبة الأولى لرئيس الوزراء الأوكراني يوليا سفيريدنكو "في الساعات الأولى من هذا الصباح (الأحد)، شنّت روسيا هجوما هائلا على امتداد مساحة أوكرانيا، باستخدام صواريخ بالستية وصواريخ كروز ومسيّرات".
وسمع مراسلون لوكالة فرانس برس في كييف دوي انفجارات خلال الليل، وشاهدوا أعمدة دخان تتصاعد من المدينة في وقت مبكر صباح اليوم الأحد.
وكتب المتحدث باسم الإدارة العسكرية لمدينة كييف تيمور تكاتشنكو عبر منصات التواصل الاجتماعي "في حصيلة أولية، قتل شخص وأصيب ثلاثة، نقل اثنان منهم الى المستشفى" للعلاج.
وأفاد رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو بالعثور على جثة قتيل "جراء اعتداء من القوات الروسية في مقاطعة دارنيتسيا. كان في الشارع على مقربة من موقع الانفجار"، مشيرا الى أن العمل جارٍ على تهديد هويته.
وأفادت خدمات الطوارئ في العاصمة بأن الضربات الروسية أدت الى اندلاع نيران في مبانٍ غير سكنية، وإلحاق أضرار بمركز تجاري من طبقات عدة.
وأوضحت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت 23 صاروخا و109 طائرة مسيّرة في اتجاه ست مناطق، مشيرة الى أنها أسقطت 13 صاروخا و40 طائرة.
وفي منطقة خيرسون بجنوب البلاد، أسفر هجوم بطائرة مسيّرة عن مقتل رجل في التاسعة والخمسين، بينما أصيب شخصان في ضربة بقنبلة جوية موجهة في منطقة خاركيف (شمال شرق) المحاذية للحدود الروسية، بحسب مسؤولين محليين.
وفي منطقة خملنيتسكي (غرب)، أكدت السلطات الأوكرانية أن الدفاعات الجوية اعترضت صاروخا روسيا لكن الشظايا أسفرت عن إصابة امرأة.
وشدد مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك على أن "لغة القوة هي الوحيدة التي يفهمها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين. على كل شركائنا اعتماد هذه اللغة".
وتأتي الهجمات في وقت يدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى وقف لإطلاق النار في الحرب التي اندلعت مع بدء روسيا حربها الشاملة في أوكرانيا مطلع عام 2022.
وبينما وافقت كييف الشهر الماضي على مقترح أمريكي لهدنة مدتها ثلاثين يوما، لم تتجاوب موسكو مع ذلك، لكنها أكدت أنها ستتوقف عن مهاجمة منشآت الطاقة في أوكرانيا. الا أن الطرفين تبادلا في الآونة الأخيرة الاتهامات بمواصلة مهاجمة هذه البنى التحتية.
وأتى الهجوم الروسي اليوم الأحد غداة انتقاد زيلينسكي السفارة الأمريكية بسبب ما اعتبره بيانا "ضعيفا" لم يحمّل روسيا المسؤولية عن هجوم روسي وسط البلاد.
وكانت السفيرة الأمريكية بريدجيت برينك كتبت في منشور مساء الجمعة على منصة "اكس"، "أشعر بالهلع من سقوط صاروخ بالستي الليلة بالقرب من ملعب ومطعم" في كريفي ريغ، من دون أن تذكر مصدر الصاروخ في بادئ الأمر.
لكن بعد انتقادات زيلينسكي تحدّثت برينك السبت عن "الهجمات الروسية" خلال زيارة إلى خاركيف.
وكانت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لأوكرانيا منذ بدء الحرب، لكن ترامب صعّد عقب عودته الى البيت الأبيض في يناير، من انتقاداته لزيلينسكي، وبدأ تواصلا مباشر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين سعيا لتسوية في الحرب.
دارت مشادة حادة بين زيلينسكي وترامب في أواخر فبراير في واشنطن. ورغم تراجع حدة التوترات منذ ذلك الحين، ما زالت تبدو علاقتهما هشة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها نفذت "ضربة دقيقة" على مطعم حيث كان يجتمع "قادة تشكيلات ومدربون غربيون".
في المقابل، اتهم الجيش الأوكراني موسكو بأنها "تحاول التغطية على جريمتها " و"تنشر معلومات كاذبة" عن الهدف.