سحب قانون المالية.. هكذا ارتفعت حدة المواجهة داخل النظام الكيني
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
نيروبي – تراجع الرئيس الكيني وليام روتو، الأربعاء الماضي، عن التوقيع على قانون المالية الجديد المثير للجدل بسبب زيادة الضرائب، بعد يوم من احتجاجات جماهيرية تحولت إلى أعمال عنف ومحاولة اقتحام للبرلمان، مما أسفر عن مقتل 23 شخصا، وفقا للجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان.
ويُعدّ هذا التراجع تحوّلا حادا في موقف الرئيس، الذي وصف الاحتجاجات بأنها "خيانة"، مؤكدا أن الحكومة "لن تتهاون في الرد على أي تهديد للديمقراطية في كينيا".
كما أعلن في خطاب تراجعه حالة الطوارئ الأمنية ونشر عناصر الجيش لمساعدة ضباط الشرطة في إدارة المظاهرات المستمرة وحماية المنشآت الحكومية.
تداعيات التراجعرغم إعلان روتو سماعه الأصوات الرافضة للقانون وسحبه وفتح باب الحوار مع الشباب لإيجاد حلول للموازنة العامة، فإن عددا من المتظاهرين رفضوا التراجع عن تنظيم الاحتجاجات، وأوضحوا أن مطلبهم تحوّل من رفض القانون إلى المطالبة بتنحي الرئيس عن منصبه عبر التظاهر أمام القصر الرئاسي.
ودعا الناشط السياسي إيكورو أوكوت إلى مواصلة التظاهر. وقال في تدوينة له إن "الأمر لم يعد يتعلق برفض قانون المالية، بل تحول الحد الأدنى للمطالب إلى رحيل روتو نفسه"، وحمّله مسؤولية مقتل المحتجين.
واندلعت فعلا بعض المواجهات أمس الخميس في العاصمة نيروبي بين مجموعات صغيرة من المتظاهرين -مقارنة باحتجاجات الثلاثاء الماضي- وعناصر من الشرطة المتمركزة بكثافة في شوارع وسط المدينة، والتي نجحت في تفريقها بإطلاق الغاز المدمع والرصاص المطاطي.
وشهدت الطرقات المؤدية إلى القصر الرئاسي والبرلمان حواجز عسكرية وتشديدات أمنية. كما شهدت مناطق مثل مومباسا (شرقا) وكيسومو (غربا) مواجهات بين المتظاهرين والشرطة.
واعتبر عدد من المراقبين أن الرئيس وليام روتو نجح في إفشال "المسيرة المليونية" التي كانت مقررة أمس الخميس، بعد أن رأى بعض مؤيدي حركة الاحتجاجات أنهم حققوا هدفهم إثر سحب القانون، ورفضوا المشاركة في المسيرة.
ودعا الناشط في مجال حقوق الإنسان بونيفاس موانجي المتظاهرين إلى إلغاء الاحتجاجات، واعتبر أن دعواته السابقة إلى تنظيم مسيرة مليونية لم تعد ذات معنى بعد نجاحهم في تحقيق أهدافهم، وقال إنها ستتحول إلى فوضى.
في حين اعتبرت الناشطة حنيفة فارسافي أن الإصرار على تنظيمها سيجهض المكاسب التي تحققت.
ضغوط دوليةمن جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركي ماثيو ميلر أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصل بالرئيس الكيني مباشرة إثر سحبه قانون المالية مساء الأربعاء الماضي.
ودان بلينكن -في هذا الاتصال- ما اعتبره استعمالا مفرطا للقوة، لكنه أكد أن إدارة الرئيس جو بايدن "ستظل شريكا ثابتا لحكومة كينيا وشعبها أثناء مواجهتهم التحديات الاقتصادية التي تنتظرها البلاد بعد قرار سحب قانون المالية"، مما أثار تكهنات حول تدخل غربي لتهدئة الوضع.
وبرأي المعارض كورنيليوس رونوه، فإن تراجع روتو عن توقيع قانون المالية كان بسبب الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي وليس رضوخا لمطالب المتظاهرين.
وعززت صحيفة "نايشن" الكينية هذه التوقعات بعد أن كشفت عن لقاء سري في القصر الرئاسي بنيروبي جمع مساء أول أمس الأربعاء الرئيس روتو ومسؤولين سياسيين وأمنيين كينيين بعدد من سفراء ورؤساء بعثات الدول الغربية.
وكانت 13 سفارة غربية في نيروبي قد أعربت في بيان مشترك، الثلاثاء الماضي، عن قلقها العميق من "انتهاكات حقوق الإنسان" إزاء تعامل الحكومة مع الاحتجاجات. كما انتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة الكينية "لاستخدامها القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين".
تحديات جديدةرغم النجاح النسبي للرئيس روتو في خفض حدة الاحتجاجات، فإنه قد يواجه في الأيام القادمة تحديات جديدة داخل حكومته.
فقد زعم ريغاثي غاتشاغو نائب الرئيس الكيني، إثر إعلان روتو سحب القانون، أن المدير العام لجهاز المخابرات الكينية نور الدين حاجي يسعى إلى "تدبير مؤامرة لاتهامه هو والرئيس السابق أوهورو كينياتا بأنهما من الممولين والمدبرين للاحتجاجات الشعبية ضد مشروع قانون المالية".
وقال غاتشاغو إن حاجي يقدم معلومات استخباراتية مغلوطة للرئيس الكيني حول تدبيره (أي غاتشاغو) هذه الاحتجاجات بهدف إسقاط روتو والاستيلاء على منصب رئيس الدولة، داعيا إياه إلى الاستقالة من منصبه.
وهذه المرة الأولى التي يكشف فيها غاتشاغو عن وجود تصدع في المواقف مع رئيس الدولة ورجاله، مما يؤكد توقعات سابقة لمراقبين بوجود خلافات حادة بين الرئيس ونائبه، إلا أنها لم تظهر للعلن قبل هذه الاتهامات.
وبدأت تداعيات هذا التصريح تطفو على السطح، فقد انتقد وزير الخدمة العامة موسى كوريا اتهامات غاتشاغو لمدير المخابرات، ودعاه إلى التوقف عن التشكّي وتحمل مسؤولياته كنائب للرئيس.
وبرأي الصحفي الكيني ألان كيسيا، فإن الاحتجاجات أوقعت الرئيس روتو في "مأزقين" يتطلبان حلولا سريعة:
فمن جهة يجب عليه إيجاد حل بديل لتعبئة موارد الدولة بعد سحب قانون المالية. ومن جهة أخرى يجب عليه رأب الصدع الذي بدأ يظهر بين صفوف حكومته قبل أن ينفرط عقد ائتلافها.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قانون المالیة
إقرأ أيضاً:
فاينانشيال تايمز: بشار الأسد نقل 250 مليون دولار من المركزي السوري إلى موسكو
قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن مصرف سوريا المركزي نقل مبالغ نقدية تقدر بنحو 250 مليون دولار عبر رحلات جوية إلى روسيا خلال عامين، عندما كان الرئيس السابق بشار الأسد الذي فر إلى موسكو قبل أسبوع، مديناً للكرملين، مقابل الدعم العسكري، فيما كان أقاربه يشترون أصولاً "بشكل سري" في موسكو.
رويترز: الأسد لم يبلغ شقيقه بخطة هروبه وأوهم الجيش بأن المساعدات بالطريق سقوط الأسد يزيد شعبية نتنياهووسيطرت فصائل المعارضة السورية المسلحة على العاصمة دمشق، الأسبوع الماضي، إثر تقدم خاطف دفع الأسد للفرار إلى روسيا بعد حرب استمرت 13 عاماً، وإنهاء أكثر من 5 عقود من حكم عائلته.
وقالت الصحيفة، في تقرير، إنها اطلعت على سجلات تُظهر أن نظام الأسد، الذي كان يعاني من نقص حاد في العملة الأجنبية، نقل عملات نقدية تزن ما يقرب من طنين من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار فنوكوفو في موسكو، ليتم إيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات الغربية خلال عامي 2018 و2019.
تركيا ترسل فريق بحث إلى سجن صيدنايا للتحقق من وجود معتقلين داخل الأقسام السرية
أعلنت رئاسة الطوارئ والكوارث التركية (آفاد)، أنها سترسل اليوم الاثنين فريقاً مختصاً للبحث والإنقاذ إلى سجن صيدنايا العسكري، بعد ورود أنباء عن احتمال وجود معتقلين داخل الأقسام السرية للسجن، الذي كان يُستخدم كمقر لتعذيب المعارضين في عهد نظام بشار الأسد.
وأوضحت آفاد في بيان لها أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الإنسانية المبذولة للكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين الذين يُعتقد أنهم كانوا محتجزين في السجن، الذي اشتهر بكونه أحد أبرز رموز القمع خلال سنوات حكم النظام السابق.
وأكد البيان أن الفريق المرسل إلى سجن صيدنايا سيتكون من 80 شخصاً مدربين على عمليات الإنقاذ في الظروف المعقدة، وسيعملون باستخدام أجهزة وتقنيات متطورة للكشف عن أي دلائل تشير إلى وجود ناجين أو جثامين داخل الأقسام السرية للسجن.
ومن المقرر أن يبدأ الفريق عمله فور وصوله إلى السجن، الذي يقع على بعد نحو 30 كيلومتراً شمال العاصمة دمشق. وأشارت “آفاد” إلى أن العملية تهدف إلى تقديم المساعدة في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، وضمان عدم ترك أي معتقلين محتملين داخل هذا السجن المعروف بسمعته السيئة.
تجدر الإشارة إلى أن سجن صيدنايا كان يُعد رمزاً للقمع والتعذيب في سوريا، حيث كانت تُمارس داخله أشد أنواع الانتهاكات بحق المعارضين السياسيين والمعتقلين. ومع سقوط النظام، برزت دعوات دولية للتحقيق في مصير الآلاف من المفقودين الذين كانوا محتجزين في هذا السجن.
وتأتي هذه الجهود التركية ضمن إطار التحركات الدولية والإقليمية لمعالجة تداعيات سقوط النظام السوري، والكشف عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها، في ظل محاولات لإعادة بناء المؤسسات ومواجهة إرث القمع الذي تركه النظام السابق.