تتداول الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي ومختلف الجهات الدولية مصطلح "اليوم التالي للحرب" وكيف سيكون بعد حرب الإبادة المستمرة لما يقرب من تسعة شهور، وسط طرح العديد من "الحلول والبدائل" المختلفة.

ويتم الحديث عن "اليوم التالي" أو "ما بعد الحرب" بما يخص الحرب في غزة. إلا أن ذلك لا يكشف ماذا يحدث في المناقشات السرية ما وراء الكواليس.



وتختلف العديد من الجهات الإسرائيلية والدولية حول الرؤية الممكنة لهذا اليوم، وكيف سيكون شكل الحياة في قطاع غزة الذي كان يعاني من الحصار الإسرائيلي لأكثر من 16 سنة، لكن كيف ينظر أهلي قطاع غزة أنفسهم لهذا المصطلح؟

يؤكد حسام (33 عاما) إن مصطلح اليوم التالي هو مصطلح كبير "لا يريد أو يوجع دماغه به أو يفكر به كثيرا"، مضيفا أن هذا اليوم بالنسبة له يجب أن يكون "يوم انتهاء الحرب واليوم الطبيعي الذي بعدها، وهو اليوم الطبيعي لما نعرفه عن غزة".

ويقول حسام لـ "عربي21": إن "هناك أحاديث عن إقامة إدارة مدنية أو تقسيم قطاع غزة ومقترحات لقوات دولية عربية، وكل ذلك غير مهم بالنسبة لنا، نريد فقط انتهاء الحرب والعودة إلى حياتنا الطبيعية والآدمية".


ويوضح أن اليوم التالي للحرب بالنسبة للكثير من أهل مدينة غزة هو عدم التفكير اليومي بكيفية توفير أقل القليل من الطعام والخضار، وعدم التفكير بسبل العيش وتوفير الأموال لشراء الحاجيات الأساسية، قائلا: "هذه أمور عمرنا ما كنا نفكر فيها وخير غزة كان كثير".

ويضيف أن "أغلب الناس لا يفكرون كثيرا في هذه الأمور السياسية، كل اللي بدهم ياه أنه الحرب تخلص والموت يخلص، أو حتى مش بس الموت يخلص، إنما تخلص مرحلة عدم الحياة وعدم الموت اللي إحنا فيها".

ومن ناحيتها، تؤكد بيسان (34 عاما) أن اليوم التالي للحرب يعني عودة النازحين وإعادة لم شمل العائلات الفلسطينية التي تفرقت بسبب الحرب والتهجير وتدمير البيوت.

وتقول بيسان لـ "عربي21" إن الحرب حرمتها من رؤية والديها الكبار في السن الذي تصادف وجودهما خارج قطاع غزة في رحلة علاج عند اندلاع الحرب، مضيفة "8 شهور وعيوني ما شافتهم وودني ما سمعت صوتهم، هم بركتي في الدنيا".

وتوضح "الحرب بالنسبة لي تنتهي لما أشوفهم وأشوف أخوتي الشباب النازحين إلى جنوب قطاع غزة، الحرب بتخلص لما ترجع العائلة تجتمع كلها وسط إزعاج ودوشة الصغار والكبار".


بدوره، يؤكد أبو زياد (67 عاما) أنه لا يهتم بأي مصطلحات أو مخططات إسرائيلية وأمريكية، وأن اليوم التالي للحرب هو اليوم الذي يبقى أهل غزة فيه على أرضهم وما تبقى من بيوتهم.

ويقول أبو زياد لـ "عربي21" إن هذه "ليست أول حرب مدمرة تمر على قطاع غزة، الولد اللي عمره 10 سنين شاف 3 حروب على الأقل حتى الآن ولسة موجود في بلده، وأنا شفت أكثر وفي حرب 1973 كان عمري 15 سنة".

ويوضح "والله ما هي شعارات.. بس بجد مش فارقة معنا إيش بحكوا أو إيش يصير، سواء ضلت حماس أو لا، إجت السلطة ولا أجت قوات عربية ولا إسرائيلية مش فارقة، طول ما الشعب على أرضه وهذه أرض فلسطينية للشعب الفلسطيني".

من ناحية أخرى، تؤكد نور (29 عاما) إنها منذ سنوات كانت تخشى ما يُمسى "صفقة القرن"، معتبرة أنها فشلت في مرحلة واحدة لكنها ستعود في أشكال ومسميات أخرى بنفس الهدف الأول وهو إفراغ فلسطين من أرضها.

وتقول نور لـ "عربي21" إنها بعد أسابيع قليلة من الحرب ومشاهدة مدى الدمار التهجير والنزوح تأكدت أن ما يحدث هو مخطط قديم يهدف في النهاية لإنهاء القضية الفلسطينية، وأن "اليوم التالي" ما هو إلا مصطلح جديد لنفس المخطط.

وتضيف أنها "اليوم التالي من الحرب بالنسبة لها ستكون محاولة السفر من أجل استكمال دراسة تخصص الطب، الجامعات تدمرت في غزة والله يعلم متى من الممكن أن تعود للعمل، لن أضيع مستقبلي، سأكمل تعليمي وتخصصي وسأعود إلى غزة وسأعمل في مستشفياتها بإذن الله". 


واختتم وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الجمعة لقاءات ومباحثات في واشنطن، عرض فيها وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية خطة اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، في حين يتصاعد التوتر بين البيت الأبيض ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن غالانت عرض خلال زيارته لواشنطن خطة اليوم التالي للحرب على غزة، مضيفة أنه أبلغ الإدارة الأميركية بقرب انتقال الجيش الإسرائيلي للمرحلة الثالثة من الحرب.

وقال غالانت في بيان قبل أن يتوجه إلى واشنطن: "نحن مستعدون لأي إجراء يحتمل أن يكون لازما في غزة ولبنان وفي مناطق أخرى"، وأوضح أنه سيلتقي نظيرَه الأميركي لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

ويربط بعض المسؤولين الإسرائيليين بين تكثيف الجيش للتوغل حاليا في رفح، حيث يقول إنه يستهدف آخر كتائب لحماس، وبين احتمال تحول التركيز بعد ذلك إلى لبنان، كما بدا أن غالانت يربط الأمرين أيضا في تعليقاته.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية، التي تأتي بدعم أمريكي مطلق، عن أكثر من 124 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

وتتحدى "إسرائيل" طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإسرائيلي اليوم التالي غزة اليوم التالي للحرب الفلسطينية إسرائيل فلسطين غزة اليوم التالي اليوم التالي للحرب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیوم التالی للحرب من الحرب قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

المقاومة في اليوم التالي

 

يقال إن (الحق فوق القوة) وإن المقاوم المدافع عن حقه في وطنه وحريته وسيادته واستقلاله، هو الأقوى من المحتل والأكثر شجاعة من الغازي والوافد الغريب عن الأرض والتضاريس.

غزة تجاوزت بملحمتها (حطين) و(عين جالوت) وتجاوزت ملاحم العرب والمسلمين في مواجهة الحملات الصليبية.. نعم تجاوزت ملحمة طوفان الأقصى كل ملاحم العرب والمسلمين التي كانت متعادلة في قدرات أطرافها، غير أن ملحمة الأقصى كانت ملحمة استثنائية غير مسبوقة في التاريخ، لا من حيث قدرات أطرافها، ولا من حيث إمكانياتهم، إذ يصعب بل يستحيل أن نقارن بين قدرات وإمكانيات المقاومة ماديا ومعنويا وعلميا وتقنيا واستخباريا وعسكريا، مع عدو مدجج بكل القدرات العسكرية الحديثة بل والأكثر حداثة، والمتفوق تقنيا والمدعوم من كبرى جيوش العالم ودول العالم، التي اصطفت سرا وعلانية إلى جانب العدو، مقدمين له كل أشكال الدعم والإسناد بكافة أشكاله عسكريا استخباريا وأمنيا وتسليحا وتجسسيا وإعلاميا ودبلوماسياً وغطاء سياسياً في كل المحافل الدولية والمنظمات الدولية، لدرجة ان أمريكا ودول الغرب وكل عواصم الحريات والديمقراطيات في العالم تخلت من أجل الكيان الصهيوني عن قيمها وأخلاقياتها ومبادئها وقوانينها ودساتيرها من أجل نصرة العدو الصهيوني، فيما المقاومة التي حوصرت من العدو ومن كل دول العالم حوصرت أيضا من أشقائها عربا ومسلمين، في حرب إبادة جماعية دامت لأكثر من 15 شهرا، حربا أبادت القطاع ولم تترك فيه حجرا ولا شجرا وذهب ضحيتها أكثر من (70 ألف شهيد) غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ ومدنيون عزل، وهناك أكثر من (200 الف جريح) وآلاف المعتقلين، حرب مشفوعة بحصار جوي وبري وبحري، حرب منع الأعداء خلالها الطعام والماء والوقود والأدوية عن الأطفال والنساء والشيوخ وعن أكثر من (2.5) مليون عربي فلسطيني، ظل لأكثر من (15) شهرا تائها في جغرافية القطاع المحدودة التي لا تزيد عن (365)كم مربع.

حرب استهدف العدو فيها المنازل والمساجد والكنائس والمدارس والطرقات والمستشفيات وعربات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني والدكاترة ومخازن الأدوية، حرب إبادة ممنهجة ومنظمة ومتفق عليها بالفعل والصمت والتجاهل، حرب عجزت المؤسسات الدولية المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين عن إيقافها، حرب دمرت مقرات الأمم المتحدة، واهتان خلالها رموز المنظمات الدولية، حرب يمكن وصفها بأنها حرب إبادة كاملة جسدت انحطاط المجتمع الدولي وانهيار قوانينه وكل المنظومات القانونية والأخلاقية، سقطت خلالها حتى الأديان بكل مسمياتها (سقطت للأسف بكل قيمها) والهويات الحضارية والإنسانية.

حرب أخفق فيها العدو رغم كل ما سلف ذكره، عن تحقيق ولو هدف من بنك أهدافه التي أعلنها يوم قرر شن عدوانه وحرب إبادته على قطاع غزة بذريعة تصفية المقاومة وتجريدها من سلاحها والتخلص منها فكريا ووجوديا وماديا ومعنويا، نعم حرب رغم بشاعة العدو وجرائمه فيها ورغم المدد الغربي والشراكة الأمريكية والصمت العربي الإسلامي إزاءها، هزم فيها العدو هزيمة منكرة وساحقة، هزيمة قد لا يستوعبها البعض من أصحاب نظريات (الانبطاح) الذين ينظرون إلى الدمار في غزة ويعتبرونه دليلاً على (هزيمة المقاومة) فيما آخر سيقول: من قتلت المقاومة من العدو؟ مقارنة بما قتل العدو من الشعب الفلسطيني؟ وهناك من سيظل يتمسك بخيبته ويتحدث عن (مغامرات المقاومة) وأنها ضحت بالشعب الفلسطيني وضاعفت من معاناته ودمرت قدراته وعرضته للإبادة، وأمثال هؤلاء ومن يرددون مثل هذه الترهات هم بشر قد سلب الله منهم عقولهم وجَّردهم حتى من بقايا كرامة يمكن أن يتحلى بها إنسان لديه بقايا من كرامة وحرية وشذرات من نخوة عز.

حرب عدوانية شنها العدو، وكانت بالنسبة للمقاومة مصيرية مرتبطة بحقها الوجودي وحق شعبها في الوطن والدولة والحرية، حرب حسمتها المقاومة الفلسطينية وانتصرت فيها ومشاهد تبادل الأسرى كافية لتثبت انتصار المقاومة التي لا يمكن مقارنتها بالعدو وقدراته وإمكانياته وإمكانيات حلفائه وداعميه.. فمن دعم المقاومة؟ حتى (سلطة عباس) المرتهنة شاركت العدو في عدوانه على المقاومة، العرب خانوا المقاومة ومن هرولوا ليتوسطون ما كانوا ليهرولون للوساطة لو كانت المقاومة ضعيفة أو تمكن العدو من سحقها، ماذا فعل هؤلاء في لبنان؟ وماذا فعلوا في سوريا؟ هل قدروا يلتزمون بما تعهدوا به للشعب اللبناني؟ هل تمكنوا من ردع العدو في سوريا؟ وحدها اليمن ممثلة بحكومة صنعاء، أقدمت على ما لم يكن يخطر ببال أحدا عدوا كان أو صديقا.. نعم عملت اليمن ما لم يجرؤ على القيام به ويعمله أي نظام عربي هل كانت صنعاء تغامر؟ لا كانت مؤمنة حد اليقين بما تقوم به وتعرف جيدا ما الذي قامت به والهدف من وراء ذلك، وهو ما لم يدركه أو يستوعبه أصحاب نظريات الانبطاح والارتهان..

لذا أعيد وأكرر ما سبق أن قلته في تناولة سابقة بأن اليوم التالي الفلسطيني هو يوم المقاومة وهي من سوف تشكل أطيافه وهذا ما نشاهده ويشاهده العدو والعالم الذين أرعبتهم مشاهد العزة والكبرياء والشموخ في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [141]
  • هل ستقدم روسيا تنازلات لإنهاء الحرب مع أوكرانيا؟
  • فاتورة التشخيص الخاطئ للحرب علي الأبواب – إحنا فرحانين أوي أوي
  • صفقة تبادل الأسرى وتحولات المشهد الإسرائيلي
  • التبرع بالأجزاء !!
  • اليوم.. القضاء الإداري ينظر دعوى التحفظ على «المتحدة للصيادلة»
  • المقاومة في اليوم التالي
  • فن صناعة “اليوم التالي” بنكهة المقاومة
  • أهالي جنوب لبنان يعززون فشل العدو الإسرائيلي
  • صحيفة تتحدث عن 4 سيناريوهات إسرائيلية لمن يحكم غزة في اليوم التالي للحرب