في أعقاب أزمة النفط عام 1973، وافقت المملكة العربية السعودية على إجراء جميع المعاملات النفطية بالدولار واستثمار أموال فائض النفط في سندات الخزانة الأمريكية مقابل الدعم العسكري الأمريكي. وكانت الاتفاقية نعمة للدولار وكانت أساسية في ترسيخ الدولار كعملة احتياطية عالمية، ونظرا للدور البارز الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في تجارة النفط العالمية، فقد كان للاتفاق تأثير بعيد المدى.

ونتيجة لهذا، تم تسعير جميع معاملات النفط العالمية تقريبا بالدولار.

وقد أدى هذا إلى ضمان الطلب المستمر على الدولار، حيث كانت كل دولة في حاجة إليه لشراء النفط. ودعم هذا الطلب على الدولار سياسات "الاقتراض والإنفاق" التي تنتهجها الحكومة الأمريكية، إلى جانب عجزها الهائل. فطالما احتاج العالم إلى الدولارات لشراء النفط، فقد ضمن الطلب عليها. وهذا يعني أن البنك الاحتياطي الفيدرالي أصبح قادرا على طباعة المزيد من الدولارات وإصدار المزيد من سندات الخزانة مقارنة بما كان ليفعله لولا ذلك. وكما ورد في مقال نشره موقع ناسداك.كوم، فإن الاتفاق أدى إلى إنشاء "سوق أسيرة" لديون الحكومة الأمريكية.

لا تعني نهاية الاتفاقية أن السعودية ستتوقف عن قبول الدولار مقابل النفط، وهناك الكثير من اللاعبين المؤثرين الآخرين في هذا الميدان الذين من المرجح أن يستمروا في الاعتماد على الدولار، لكن انتهاء الاتفاق يفتح الباب أمام مبيعات النفط بعملات أخرى، بما في ذلك اليوان الصيني، وإذا ابتعدت السعودية عن الدولار، فمن المرجح أن تحذو دول أخرى حذوه
انتهت صلاحية الاتفاق في 9 حزيران/ يونيو، ولا يبدو أنه سيتم تجديده، وهذا يفتح الباب أمام السعوديين لبيع النفط بعملات أخرى غير الدولار. ولا تعني نهاية الاتفاقية أن السعودية ستتوقف عن قبول الدولار مقابل النفط، وهناك الكثير من اللاعبين المؤثرين الآخرين في هذا الميدان الذين من المرجح أن يستمروا في الاعتماد على الدولار، لكن انتهاء الاتفاق يفتح الباب أمام مبيعات النفط بعملات أخرى، بما في ذلك اليوان الصيني، وإذا ابتعدت السعودية عن الدولار، فمن المرجح أن تحذو دول أخرى حذوها.

وبحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، فإن "نحو 80 في المئة من مبيعات النفط العالمية يتم تسعيرها بالدولار. ومع ذلك، فإن روسيا وإيران والسعودية والصين وغيرها من الدول تتحول بشكل متزايد إلى العملات المحلية في تجارة الطاقة. في عام 2023، تم شراء 20 في المئة من النفط العالمي بعملات أخرى، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.

وتضغط الصين على السعودية لقبول اليوان مقابل النفط، كما أفادت تقارير أن الحكومة السعودية أعربت عن انفتاحها على الفكرة، ومن المرجح أن تعزز عضوية السعودية في كتلة بريكس هذا العام العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

البريكس هي كتلة تعاون اقتصادي تتكون في الأصل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، واعتبارا من 1 كانون الثاني/ يناير 2024، توسعت الكتلة لتشمل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران وإثيوبيا. وقد أعربت أكثر من 40 دولة أخرى عن اهتمامها بعضوية مجموعة البريكس.

يبلغ عدد سكان بريكس الموسعة حوالي 3.5 مليار نسمة، وتبلغ قيمة اقتصادات دول مجموعة البريكس أكثر من 28.5 تريليون دولار، وتشكل حوالي 28 في المئة من الاقتصاد العالمي. وتمثل دول البريكس أيضا حوالي 42 في المئة من إنتاج النفط الخام العالمي.

كان البترودولار في حالة استنزاف قبل انتهاء الاتفاقية السعودية الأمريكية، وفي أواخر الصيف الماضي أبرمت دولة الإمارات صفقة تجارة نفطية دون تحويل العملات المحلية إلى الدولار لأول مرة، عندما دفعت أكبر شركة تكرير في الهند ثمن الخام بالروبية، كما اشترت الهند النفط من روسيا دون استخدام الدولار. وتحتل الهند المرتبة الثالثة بين أكبر مستوردي النفط في العالم.

وكما ذكرت صحيفة إنديا توداي، فإن "هذه الخطوة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية تمثل بداية تحول كبير في ديناميكيات الاقتصاد العالمي، على الرغم من أن آثارها الكاملة على التجارة والتمويل الدوليين لا تزال غير واضحة".

التداعيات المحتملة لزوال البترودولار

إن نهاية البترودولار قد تؤدي إلى تسريع عملية إزالة الدولرة على مستوى العالم، وهذا من شأنه أن يشكل كارثة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وفي حين أن الاتجاه الحالي نحو إزالة الدولرة لا يهدد بشكل مباشر دور الدولار كعملة احتياطية عالمية -ومع ذلك- فإنه قد ينذر بمشاكل أكبر في المستقبل، وخاصة إذا تسارعت وتيرة ذلك.

نهاية البترودولار قد تؤدي إلى تسريع عملية إزالة الدولرة على مستوى العالم، وهذا من شأنه أن يشكل كارثة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وفي حين أن الاتجاه الحالي نحو إزالة الدولرة لا يهدد بشكل مباشر دور الدولار كعملة احتياطية عالمية -ومع ذلك- فإنه قد ينذر بمشاكل أكبر في المستقبل، وخاصة إذا تسارعت وتيرة ذلك
الدولار بالفعل على أرض مهتزة، فالعديد من الدول تبحث عن طرق لتقليل الاعتماد على الدولار بسبب المخاوف المتزايدة بشأن استخدام أمريكا للدولار كسلاح في السياسة الخارجية. وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث، من أن العقوبات المفروضة على روسيا قد تؤدي إلى تآكل هيمنة الدولار من خلال تشجيع الكتل التجارية الأصغر حجما على استخدام عملات أخرى، وهذا هو بالضبط ما نشهده.

بدون دعم البترودولار للعملة الأمريكية، قد نشهد المزيد من التسارع في نزع الدولرة، وحتى أولئك الذين يقللون من أهمية أي تهديد لمكانة الدولار باعتباره عملة احتياطية عالمية يعترفون بأن انتهاء اتفاقية البترودولار قد يضعف الدولار على المدى الطويل، ومن شأن ذلك أن يمتد إلى الأسواق المالية الأمريكية، وخاصة سوق السندات، كما أنه سيؤدي إلى المزيد من تضخم الأسعار للمستهلكين الأمريكيين.

في الواقع، إذا لم تعد الدول الأخرى بحاجة إلى الدولارات لإجراء التجارة، فإن الطلب على الدولار قد ينخفض بشكل كبير، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى خلق فائض من الدولار وانخفاض سريع في قيمته، وسترتفع أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية. وسيكون هذا وضعا غير مقبول بالنسبة لحكومة تخدم أكثر من 34.5 تريليون دولار من الديون.

لقد أدت الزيادات المتواضعة في أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالفعل إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة إلى مستويات عالية، حيث تنفق حكومة الولايات المتحدة الآن على خدمة الدين أكثر مما تنفقه على الدفاع الوطني أو الرعاية الطبية.

باختصار، يجب أن نحذر من الاعتماد على هيمنة البترودولار العالمي لدعم الاقتصاد الأمريكي الهش.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه النفط السعودية الدولار العملات الاقتصادية اقتصاد السعودية النفط الدولار عملات مدونات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة العربیة السعودیة النفط العالمی الاعتماد على من المرجح أن على الدولار فی المئة من المزید من

إقرأ أيضاً:

ترامب يسأل الجنود: "كيف حال كيم جونغ أون؟".. ما مستقبل العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية؟

في حادثة لافتة، وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يوم الاثنين، سؤالًا غير متوقع لعناصر الجيش الأميركي المتمركزين في كوريا الجنوبية، حيث استفسر عن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وفي مكالمة فيديو مع نحو 20 جنديًا، سأل ترامب: "كيف حال كيم جونغ أون؟"، مضيفًا أنه يمتلك قوة نووية الآن، لكنه أعرب عن ثقته في استئناف التفاهم بينهما، قائلًا: "أعتقد أنه سيكون سعيدًا بعودتي".

ترامب، الذي التقى كيم ثلاث مرات خلال ولايته الأولى، وصف كوريا الشمالية بأنها "قوة نووية"، وهو ما تتحفظ الولايات المتحدة عادة على قوله، تفاديًا للاعتراف الرسمي بوضع بيونغ يانغ النووي. وجاء ذلك في وقت تشهد فيه شبه الجزيرة الكورية توترًا متزايدًا، إذ أطلقت كوريا الشمالية مؤخرًا صواريخ قصيرة المدى، ما دفع كوريا الجنوبية لعقد اجتماع أمني طارئ، وأثار إدانة من القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

السيناريو الأول: التصعيد والمواجهة 


في هذا السيناريو، تزداد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية نتيجة تعنت الطرفين في المفاوضات. إصرار واشنطن على نزع السلاح النووي الكامل ورفض بيونغ يانغ لذلك، إلى جانب استمرار تجاربها الصاروخية، قد يؤدي إلى زيادة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة وتعزيز العقوبات.

هذا الوضع قد يخلق بيئة مشحونة تشمل تهديدات متبادلة أو حتى مواجهات عسكرية محدودة. كما يمكن أن تؤدي هذه التوترات إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، مثل كوريا الجنوبية واليابان، خوفًا من التداعيات الأمنية لأي تصعيد.

السيناريو الثاني: استئناف الدبلوماسية واتفاق مرحلي


في حال عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات، قد يتم التوصل إلى اتفاق مرحلي يهدف إلى تخفيف التوترات. هذا الاتفاق قد يتضمن تخفيفًا جزئيًا للعقوبات مقابل وقف كوريا الشمالية لتجاربها النووية.

يمكن لهذا السيناريو أن يشهد تحسنًا طفيفًا في العلاقات، بما في ذلك التعاون الإنساني والاقتصادي بين الكوريتين. لكن القضايا الرئيسية، مثل نزع السلاح النووي الكامل، ستظل دون حل، مما يجعل الاتفاق مؤقتًا وهشًا.

السيناريو الثالث: التعايش السلمي والاعتراف الضمني


في هذا السيناريو، تقبل الولايات المتحدة ضمنيًا بوجود كوريا الشمالية كقوة نووية وتضع ترتيبات لضمان التعايش السلمي وتجنب التصعيد. قد تكون هذه الخطوة مدفوعة بأولويات واشنطن الأخرى، مثل التنافس مع الصين.

على الرغم من الاستقرار النسبي الذي قد يحققه هذا السيناريو، فإن حلفاء أميركا في المنطقة قد يعبرون عن قلقهم حيال هذا الوضع، خاصة إذا شعرت كوريا الجنوبية واليابان بأن أمنهما مهدد.

تظل العلاقات الأميركية - الكورية الشمالية رهينة لتعقيدات عديدة، مما يجعل شبه الجزيرة الكورية محورًا حساسًا في السياسة الدولية.

مقالات مشابهة

  • ترامب يسأل الجنود: "كيف حال كيم جونغ أون؟".. ما مستقبل العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية؟
  • هدر هائل.. ماذا وراء ارتفاع كميات بيع الدولار في العراق؟
  • أستاذ علوم سياسية: ترامب كان واثقا من قدرته على الترشح والفوز مرة أخرى بالرئاسة الأمريكية
  • بعد العقوبات الأمريكية..تراجع قياسي لصادرات النفط الروسي
  • أسعار النفط تهبط مع تقييم المتعاملين لخطط ترامب وقوة الدولار
  • مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية في إدارة ترامب الثانية
  • ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من تأثير العقوبات الأمريكية على المعروض
  • مشترو النفط الروسي الآسيويون يبحثون عن بدائل بعد العقوبات الأمريكية
  • عبدالصادق: ليبيا تسجل انتعاشاً نفطياً وتفتح أبوابها للاستثمار العالمي
  • السعودية تتصدر شركات الطيران عالميا في انضباط مواعيد مغادرة الرحلات عام 2024