ما وراء البترودولار: مستقبل متعدد الأقطاب لتجارة النفط
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
في أعقاب أزمة النفط عام 1973، وافقت المملكة العربية السعودية على إجراء جميع المعاملات النفطية بالدولار واستثمار أموال فائض النفط في سندات الخزانة الأمريكية مقابل الدعم العسكري الأمريكي. وكانت الاتفاقية نعمة للدولار وكانت أساسية في ترسيخ الدولار كعملة احتياطية عالمية، ونظرا للدور البارز الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في تجارة النفط العالمية، فقد كان للاتفاق تأثير بعيد المدى.
وقد أدى هذا إلى ضمان الطلب المستمر على الدولار، حيث كانت كل دولة في حاجة إليه لشراء النفط. ودعم هذا الطلب على الدولار سياسات "الاقتراض والإنفاق" التي تنتهجها الحكومة الأمريكية، إلى جانب عجزها الهائل. فطالما احتاج العالم إلى الدولارات لشراء النفط، فقد ضمن الطلب عليها. وهذا يعني أن البنك الاحتياطي الفيدرالي أصبح قادرا على طباعة المزيد من الدولارات وإصدار المزيد من سندات الخزانة مقارنة بما كان ليفعله لولا ذلك. وكما ورد في مقال نشره موقع ناسداك.كوم، فإن الاتفاق أدى إلى إنشاء "سوق أسيرة" لديون الحكومة الأمريكية.
لا تعني نهاية الاتفاقية أن السعودية ستتوقف عن قبول الدولار مقابل النفط، وهناك الكثير من اللاعبين المؤثرين الآخرين في هذا الميدان الذين من المرجح أن يستمروا في الاعتماد على الدولار، لكن انتهاء الاتفاق يفتح الباب أمام مبيعات النفط بعملات أخرى، بما في ذلك اليوان الصيني، وإذا ابتعدت السعودية عن الدولار، فمن المرجح أن تحذو دول أخرى حذوه
انتهت صلاحية الاتفاق في 9 حزيران/ يونيو، ولا يبدو أنه سيتم تجديده، وهذا يفتح الباب أمام السعوديين لبيع النفط بعملات أخرى غير الدولار. ولا تعني نهاية الاتفاقية أن السعودية ستتوقف عن قبول الدولار مقابل النفط، وهناك الكثير من اللاعبين المؤثرين الآخرين في هذا الميدان الذين من المرجح أن يستمروا في الاعتماد على الدولار، لكن انتهاء الاتفاق يفتح الباب أمام مبيعات النفط بعملات أخرى، بما في ذلك اليوان الصيني، وإذا ابتعدت السعودية عن الدولار، فمن المرجح أن تحذو دول أخرى حذوها.
وبحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، فإن "نحو 80 في المئة من مبيعات النفط العالمية يتم تسعيرها بالدولار. ومع ذلك، فإن روسيا وإيران والسعودية والصين وغيرها من الدول تتحول بشكل متزايد إلى العملات المحلية في تجارة الطاقة. في عام 2023، تم شراء 20 في المئة من النفط العالمي بعملات أخرى، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.
وتضغط الصين على السعودية لقبول اليوان مقابل النفط، كما أفادت تقارير أن الحكومة السعودية أعربت عن انفتاحها على الفكرة، ومن المرجح أن تعزز عضوية السعودية في كتلة بريكس هذا العام العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
البريكس هي كتلة تعاون اقتصادي تتكون في الأصل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، واعتبارا من 1 كانون الثاني/ يناير 2024، توسعت الكتلة لتشمل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران وإثيوبيا. وقد أعربت أكثر من 40 دولة أخرى عن اهتمامها بعضوية مجموعة البريكس.
يبلغ عدد سكان بريكس الموسعة حوالي 3.5 مليار نسمة، وتبلغ قيمة اقتصادات دول مجموعة البريكس أكثر من 28.5 تريليون دولار، وتشكل حوالي 28 في المئة من الاقتصاد العالمي. وتمثل دول البريكس أيضا حوالي 42 في المئة من إنتاج النفط الخام العالمي.
كان البترودولار في حالة استنزاف قبل انتهاء الاتفاقية السعودية الأمريكية، وفي أواخر الصيف الماضي أبرمت دولة الإمارات صفقة تجارة نفطية دون تحويل العملات المحلية إلى الدولار لأول مرة، عندما دفعت أكبر شركة تكرير في الهند ثمن الخام بالروبية، كما اشترت الهند النفط من روسيا دون استخدام الدولار. وتحتل الهند المرتبة الثالثة بين أكبر مستوردي النفط في العالم.
وكما ذكرت صحيفة إنديا توداي، فإن "هذه الخطوة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية تمثل بداية تحول كبير في ديناميكيات الاقتصاد العالمي، على الرغم من أن آثارها الكاملة على التجارة والتمويل الدوليين لا تزال غير واضحة".
التداعيات المحتملة لزوال البترودولار
إن نهاية البترودولار قد تؤدي إلى تسريع عملية إزالة الدولرة على مستوى العالم، وهذا من شأنه أن يشكل كارثة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وفي حين أن الاتجاه الحالي نحو إزالة الدولرة لا يهدد بشكل مباشر دور الدولار كعملة احتياطية عالمية -ومع ذلك- فإنه قد ينذر بمشاكل أكبر في المستقبل، وخاصة إذا تسارعت وتيرة ذلك.
نهاية البترودولار قد تؤدي إلى تسريع عملية إزالة الدولرة على مستوى العالم، وهذا من شأنه أن يشكل كارثة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وفي حين أن الاتجاه الحالي نحو إزالة الدولرة لا يهدد بشكل مباشر دور الدولار كعملة احتياطية عالمية -ومع ذلك- فإنه قد ينذر بمشاكل أكبر في المستقبل، وخاصة إذا تسارعت وتيرة ذلك
الدولار بالفعل على أرض مهتزة، فالعديد من الدول تبحث عن طرق لتقليل الاعتماد على الدولار بسبب المخاوف المتزايدة بشأن استخدام أمريكا للدولار كسلاح في السياسة الخارجية. وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث، من أن العقوبات المفروضة على روسيا قد تؤدي إلى تآكل هيمنة الدولار من خلال تشجيع الكتل التجارية الأصغر حجما على استخدام عملات أخرى، وهذا هو بالضبط ما نشهده.
بدون دعم البترودولار للعملة الأمريكية، قد نشهد المزيد من التسارع في نزع الدولرة، وحتى أولئك الذين يقللون من أهمية أي تهديد لمكانة الدولار باعتباره عملة احتياطية عالمية يعترفون بأن انتهاء اتفاقية البترودولار قد يضعف الدولار على المدى الطويل، ومن شأن ذلك أن يمتد إلى الأسواق المالية الأمريكية، وخاصة سوق السندات، كما أنه سيؤدي إلى المزيد من تضخم الأسعار للمستهلكين الأمريكيين.
في الواقع، إذا لم تعد الدول الأخرى بحاجة إلى الدولارات لإجراء التجارة، فإن الطلب على الدولار قد ينخفض بشكل كبير، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى خلق فائض من الدولار وانخفاض سريع في قيمته، وسترتفع أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية. وسيكون هذا وضعا غير مقبول بالنسبة لحكومة تخدم أكثر من 34.5 تريليون دولار من الديون.
لقد أدت الزيادات المتواضعة في أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالفعل إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة إلى مستويات عالية، حيث تنفق حكومة الولايات المتحدة الآن على خدمة الدين أكثر مما تنفقه على الدفاع الوطني أو الرعاية الطبية.
باختصار، يجب أن نحذر من الاعتماد على هيمنة البترودولار العالمي لدعم الاقتصاد الأمريكي الهش.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه النفط السعودية الدولار العملات الاقتصادية اقتصاد السعودية النفط الدولار عملات مدونات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة العربیة السعودیة النفط العالمی الاعتماد على من المرجح أن على الدولار فی المئة من المزید من
إقرأ أيضاً:
عادل حمودة: الثورة السورية أصبحت صراعا دوليا متعدد الأطراف
قال الإعلامي عادل حمودة، إن الثورة السورية انطلقت في المناطق المهشمة من البلاد، إذ بدأت أول مظاهرة يوم 15 مارس 2011 في سوق الحميدية وسط دمشق.
مطالبة استرداد الكرامةوأضاف «حمودة»، خلال تقديمه برنامج «واجه الحقيقة»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن المظاهرات توالت في أماكن متفرقة تحت اسم «استرداد الكرامة»، إذ كانت مطالب الشعب السوري واضحة.
رد النظام السوريوأكد أن بشار الأسد لم يجد لمواجهة مطالب الثوار سوى استخدام السلاح، وهو ما أدى إلى تفاقم الصراع، كما حدث في غالبية دول الربيع العربي، ركبت التنظيمات الدينية الثورة، خرجت هذه التنظيمات من رحم جماعة الإخوان، وتحولت تدريجياً من معارضة سياسية إلى مليشيات مسلحة.
الدعم الخارجي للمليشياتوتابع أن مثل هذه المليشيات المسلحة وجدت من يمولها ليحقق مصالحه الخاصة، وفي نفس الوقت، استعان بشار الأسد بروسيا لحمايته عسكريا وبإيران لدعمه داخليا.
سوريا: ملعب دولي للقوى المتصارعةوأوضح أن سوريا تحولت إلى ملعب دولي لقوى متصارعة، إذ نجحت بعض هذه القوى في احتلال قطعة من سوريا، بينما نجح البعض الآخر في السيطرة على النظام الرئاسي، في النهاية، دفع الشعب السوري الثمن غاليًا، فقد الشعب حريته، مسكنه، ووطنه، بل وفقد حياته في بعض الأحيان.
الفرق بين المعارضة والمليشياتوأشار «حمودة» إلى ضرورة التفرقة بين المعارضة السياسية والمليشيات المسلحة، فالمعارضة السياسية تسعى للوصول إلى الحكم بطرق سلمية، بينما المليشيات المسلحة تحقق أهدافها بالقوة العسكرية، ومن الخطأ وصف جميع القوى المناوئة للنظام في سوريا بأنها معارضة.