مسؤلي الشرقية: أزمة نقص الأسمدة مؤقتة وفي طريقها للحل
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
قال المهندس عرفة محمد عرفة، مدير عام مركزية الشرقية للائتمان الزراعي، أن أزمة الأسمدة الأذوتية، سببها الآن ضعف ضخ الغاز إلى مصانع إنتاج الأسمدة، وبالتالى أثر على كمية الإنتاج التي يتم مدها للجمعيات المركزية، فضلا عن عطلة وإجازة عيد الأضحى المبارك، وعمليات الجرد الثانوي التي تتم في نهاية السنة المالية في الربع الأخير من شهر يونيو من كل عام.
وأوضح أن رصيد محافظة الشرقية من الأسمدة من أول شهر يونيو الجاري بلغت تقريبًا 28 ألف طن أسمدة بنوعيها: «اليوريا، والنترات» وهي كافية وتم توزيعها على جميع الجمعيات دون أن تتأثر أي جمعية عن أخرى بكافة أرجاء المحافظة بأي عجز في الحصص، خاصة وأن المحافظة كانت ومازالت طيلة السنوات الأربعة الماضية متربعة على باقي المحافظات في الحفاظ على حصصها الصيفية والشتوية، بفضل القيادة الحكيمة للحاج حسين رياض الرماح، رئيس مجلس إدارة الجمعية المركزية للائتمان بالشرقية.
وأشار مدير عام مركزية الشرقية للائتمان الزراعي، إلى أن الأسمدة الاذوتية يتم دعمها وصرفها للمزارعين على الكارت الذكي، وسعرها ثابت، ولم تترأ أي زيادة في الأسعار حتى الآن، فشكارة اليوريا يتم صرفها للمزارعين بـ 251 جنيه، وشكارة النترات بـ 246 جنيه، لافتًا إلى أن عملية الصرف تتم بحسب التركيب المحصولي والحصر الفعلي للحيازات والزراعات الفعلية في الأرض الزراعية.
ونوه إلى إنه خلال الأيام القليلة الماضية وبعد إجازة العيد تم مد الجمعيات الزراعية بمراكز المحافظة، مثل: «منيا القمح، والحسينية، وأبو حماد، وصان الحجر» بحصصهم، من الحصة الشهرية للمحافظة خلال شهر يونيو البالغة تقريبًا 16 ألف طن و650 كيلو، وسيتم الصرف تباعًا لباقي الجمعيات بعد انتهاء أعمال الجرد السنوي والذي ينتهي في 31 من شهر يونيو الجاري.
وذكر عرفة أن أزمة نقص حصص الأسمدة ظهرت للعلن منذ عدة أيام فقط، وذلك بسبب ضعف ضخ الغاز للشركات المنتجة للأسمدة، وإنه تواصل مع الجهات المعنية ومدير عام الجمعية العامة بالمركزية في القاهرة، والذي طمأنه بأن عدد من الشركات المنتجة للاسمدة بدأت بالفعل في تشغيل خطوط الإنتاج التي تأثرت بالأزمة بعد إعادة ضخ الغاز من جديد، وإنه سيتم الإنتاج تباعا كما كان من قبل، وسيتم دعم برامج محافظة الشرقية من حصصها، وسيتم تغطية جميع جمعيات المحافظة والبدء في الصرف للمزارعين من أول شهر يوليو القادم بحصة تزيد عن 16.500 ألف طن، حيث تبلغ حصة مركزية الشرقية في الموسم الصيفي شهريا 5450 طن من النترات، و11 ألف طن و200 كيلو من اليوريا.
ومن جهته أكد إبراهيم إسماعيل، نقيب الفلاحين بالشرقية، إن الأسمدة الزراعية لها فائدة كبيرة في مساعدة النباتات على النمو، وذلك من خلال توفير المغذيات المناسبة للنباتات والتي تعمل على زيادة الخصوبة، وبالتالي تعمل على زيادة الانتاجية وبجودة مرتفعة.
وأشار نقيب فلاحين الشرقية، إلى أن هناك أزمة حقيقية في عدد من قرى المحافظة الشرقية، الأمر الذي قد يؤثر بالسلب على انتاجية المحصول في آخر الموسم، لافتا إلى أن إعطاء الأرض الزراعية الأسمدة من: «النترات، واليوريا» في أوقاتها ومواعيدها المقررة يؤثر قطعًا وبشكل إيجابي وسريع على المحاصيل الزراعية الصيفية مثل «القطن، الارز» من حيث زيادة الانتاجية وكمياتها وجودتها.
وألمح نقيب فلاحين الشرقية، إلى إنه عندما يعاني الفلاح في عدم حصوله على الأسمدة الكافية لارضه، سيضطر إلى اللجوء إلى تجار السوق السوداء، وسيقع تحت رحمتهم واسعارهم العالية، خاصة وأن سعر شيكارة الكيماوي وصل إلى 800 جنيه، وهو سعر مضاعف لسعر الجمعية الزراعية المحدد بـ 251 جنيه لشكارة اليوريا، و 246 جنيه للنترات.
وذكر أن فدان الأرز كان مخصص له 5 شكائر من الأسمدة، وتقلصت الكمية خلال الأعوام الماضية إلى شيكارتين فقط، وهو ما يدفع المزارعين إلى استكمال الـ 3 الباقية من السوق السواد، وأن هذا كان مقبولًا من قبل، أما مع ارتفاع الأسعار لأرقام فلكية أصبح الأمر الآن يسبب خسائر كبيرة لهم مع نهاية الموسم، مطالبا القيادة السياسية بمعالجة أزمة مصانع الأسمدة وسرعة ضخ الغاز لها خلال الساعات القليلة القادمة، حتى تتمكن من استيفاء الكميات الانتاجية المطلوبة منها، وبالتالي تمنع من وقوع أزمة زراعية قد تؤثر لا قدر الله على الأمن الغذائي المصري في موسمه الصيفي.
وأوضح المهندس سمير راشد مدير عام المتابعة الميدانية والرقابة بمديرية الزراعة بمحافظة الشرقية، إنه بسبب إرتفاع درجة الحرارة عن المعدلات الطبيعة، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدلات الإستهلاك للطاقة بشكل مبالغ فيه، لافتاً إلى أن جهود الحكومة متواصلة لإنهاء أزمة نقص الغاز في مصانع الأسمدة، كون أن صناعة الأسمدة هي إحدى الصناعات الهامة والاستراتيجية في مصر، وذلك لاهميتها في الزراعة، محليا، ولها فائدة كبيرة في عمليات التصدير التي تصل لنحو 4 مليار دولار.
وشدد على إنه تم التنبيه على جميع الجمعيات الزراعية، بصرف الأسمدة فور وصول برنامج المحافظة، وإنهاء الأزمة، وطالب المزارعين التابعين لجمعية ليس بها أسمدة التوجه للجمعيات القريبة التي بها أسمدة للصرف منها، بشرط عدم وجود تعديات على الأرض الزراعية، أو وعدم وجود زراعات مخالفة له، مشيرا إلى أن المديرية ستعمل على ضخ كميات إضافية لأي جمعية بعد الانتهاء من أعمال الجرد السنوي.
Screenshot_2024-06-27-19-12-03-96 Screenshot_2024-06-27-19-11-14-67 Screenshot_2024-06-27-19-11-02-09 Screenshot_2024-06-27-19-10-44-03 IMG_٢٠٢٤٠٦٢٧_١٨٥٨٠٤المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أزمة نقص الأسمدة محافظة الشرقية المحافظات السوق السوداء الرقابة السنة المالية الكارت الذكي درجة الحرارة عيد الأضحى المبارك إنتاج الأسمدة تجار السوق السوداء إجازة عيد الأضحى المبارك نقص الأسمدة أزمة الأسمدة يوريا شهر یونیو ضخ الغاز إلى أن ألف طن
إقرأ أيضاً:
خيام الموت في المواصي .. أحلام تحت الرماد وقبور مؤقتة
غزة "عُمان" بهاء طباسي: كانت السماء رمادية فوق خيام النازحين في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حين حلَّ المساء الأخير في حياة الطفل أركان النجار. لم يكن يدري أن رحلته الصغيرة لشراء الفلافل ستكون موعده الأخير مع الحياة، ولا أن الجوع الذي أيقظه من نومه سيكون الجسر الذي يعبر عليه إلى الشهادة. أركان، ابن التاسعة، كان يظن أن الفلافل ستكون مكافأته بعد يوم طويل من التشرد والعطش، لكنه تلقى بدلاً منها قذيفة حولت جسده الغض إلى أشلاء.
خرج جائعًا فعاد أشلاء
في مساء ذلك اليوم خرج أركان مع جدته من خيمتهم المهترئة في منطقة المواصي القريبة من شاطئ بحر خانيونس. حمل قطعة نقدية صغيرة في كفه الطري، يلوّح بها فرحًا وهو يردد لأمه قبل أن يغادر: «بدي أجيب فلافل أمي، وبعدين بنام». كانت أمه تبتسم، رغم الحزن المتجذر في ملامحها، وهي تتابع ابنها يغادر صوب العشاء الأخير.
لكن الصاروخ الإسرائيلي لم ينتظر طويلاً. سقط على الخيمة القريبة بينما أركان وجدته كانا يعبران الطريق نحو بائع الفلافل. انطلقت الصرخات، وغمرت الأتربة وجوه المارة، وسرعان ما تحولت الأرض إلى لون الدم. تم نقل الجدة إلى العناية المركزة، فيما لم يُعثر على أركان حيًا. كان جسده الصغير قد وصل المستشفى الميداني، بلا نبض، بلا عشاء.
خال الطفل، معاذ النجار، كان لا يزال يبكي بحرقة حين تحدث قائلاً لـ«عُمان»: «الاستهداف صار وأنا قاعد في الخيمة، طلعنا نجري، وجدت أمي ملقاه على الأرض، والولد كان معها. فقدت الولد. روحت على المستشفى الميداني ووجدته شهيدا، راح يأكل مع أمي. راح يجيب فلافل لكي يأكل. ما لحق يأكل. طفل جبعان. مات جبعان».
أمام قبره، كان وداع الأم لأركان مؤلمًا أكثر من أي كلمات. كانت تنوح وتصرخ في وجه التراب: «قلت لك يا خالي دير بالك عليه. والله قلت لك. هذا كان الغالي عندي». وبينما كانت الجموع تهيل التراب على الجسد الصغير، كان الوجع يسكن في كل العيون، وفي كل كف ترتفع بالدعاء.
لم يكن أركان سوى واحد من مئات الأطفال الذين ودّعهم أهل غزة دون أن ينالوا حتى وجبة عشاء أو قبلة وداع. لكن قصته، بما فيها من جوع وبرد وخوف، تختصر الحكاية الكبرى: حكاية من يُقتلون في أمكنة ادعى الاحتلال أنها آمنة، في خيام نزوح تحولت إلى مقابر جماعية.
حين تصبح المنطقة الآمنة مصيدة للنازحين
منذ أسابيع، وخاصة ليلة وصباح اليوم، يكثف الاحتلال الإسرائيلي غاراته على خيام النازحين، مستهدفًا مناطق مثل المواصي غرب رفح وخان يونس وغزة، والتي سبق أن أعلنها مناطق «آمنة» للمدنيين. لكن الواقع يقول غير ذلك. فالقصف هناك لا يفرّق بين طفل وشيخ، ولا بين خيمة ومخبز.
كل قذيفة تسقط على تلك الخيام لا تدمر القماش والخشب فقط، بل تمزق ما تبقى من ثقة الأهالي بأي وعود دولية أو إنسانية. لقد باتت «المنطقة الآمنة» مرادفًا للمصيدة، حيث يُساق النازحون إلى المجهول، ويُتركون فريسة سهلة لطائرات لا ترحم.
حسناء تُسائل العالم
تقول حسناء سالم، وهي تودع زوجها الشهيد الذي سقط داخل خيمته في المواصي: «الاحتلال يدعي أن منطقة المواصي آمنة لكن في الحقيقة هي الأكثر خطورة في قطاع غزة كله. قام بتجميع كل سكان غزة حتى يتم استهدافهم بشكل سريع».
وتضيف لـ«عُمان»: «زوجي كان نائمًا في الخيمة، لماذا يتم استهدافه بهذه الطريقة؟. تلقيت خبر استشهاد زوجي بالصبر والثبات الحمد لله. وهذا مصير الشعب الفلسطيني. نحن متوقعون لأي خبر. أي إنسان بريء ليس له علاقة بالحرب، متوقعين إنه يستشهد».
كانت حسناء تمسك بيد طفلتها الصغيرة وهي تتكلم، وعيناها الزجاجيتان لا ترفان: «رسالتي للعالم: يوقفوا الحرب فورًا. بيكفي شلال الدماء اللي صار، الدم الذي نزفته غزة يملأ العالم كله، والعالم العربي كله ساكت. الاحتلال حرم أطفال غزة من أبسط حقوقهم، صار فيه تجويع والتعليم راح على مدار عامين من الحرب. وبردو العالم بيتفرج علينا. وبعدين! نتمنى الحرب تقف».
أم محمد: «خذني يا رب وخلي أحفادي»
في خان يونس، كانت أم محمد الرنتيسي أولادها الثلاثة. في صباح ذلك اليوم، انتشرت رائحة الموت بين الخيام، بينما كانت أصوات النواح ترتفع من كل جهة. كانت تحمل صورة ابنها هيثم، الذي لم يتجاوز السابعة عشرة، وقد استشهد وهو في الثانوية العامة. إلى جواره صورة محمد (33 عامًا)، الذي سقط، وشقيقه محمود (30 عامًا).
«يا رب أموت مثلك يا أم ياسر، متعذبش في الدنيا دون أولادي. لي ثلاثة شهداء أولاد، غير اللي راحوا من العائلة، أولاد أختي وغيرهم الكثيرين. أنا مش متحملة»، تقول أم محمد لـ«عُمان» بصوت نائح ومبحوح من الألم.
«الله أعلم الدور على مين جاي، كل صباح خبطة. الله يستر على أولاد محمد، ما يروحوا. أنا مش قادرة أتكلم. ماذا أقول؟!.. يا رب. خذني أنا يا رب وخلي أحفادي. خذ أمانتك يا رب عندك»، وتغرق بعدها في صمت ثقيل، يقطعه صوت بكاء طفلة تمسك بطرف ثوبها.
كان مشهد الوداع جنائزيًا وصامتًا. حتى الأطفال توقفوا عن البكاء، كأنهم تعلموا أن الحزن صار هوية لا يمكن التخلص منها.
لا ينام أحد دون وداع
على أطراف المواصي، كان الأهالي يرفعون الشهداء على أكتافهم بينما تتناثر من حولهم الأشلاء المحترقة لخيام تحولت إلى ركام. عامر اصليح رجل أربعيني يقول لـ«عُمان» وهو يغطي طفلة شهيدة بكوفيته: «يا ابني إحنا صرنا ننام نودع بعض قبل النوم، لأنه ما بنعرف مين يصحى ومين يروح. الخيمة ما بتحمينا، هي قبر مؤجل بس».
وأضاف وهو يشيّع الجنازة: «ما في مكان آمن، لا بيت، لا مدرسة، لا مستشفى، ولا حتى خيمة. الاحتلال بيضرب وين ما بده، وبيقتلنا بالعشرات، كأننا مش بشر».
«الحماية الدولية»
في بيان صدر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أكدت فيه أنه «بين 18 مارس و9 أبريل 2025، أصابت 224 غارة إسرائيلية تقريباً مباني سكنية وخياماً للنازحين»، مضيفة أن «الضحايا في 36 غارة تم التحقق منها حتى الآن كانوا من النساء والأطفال فقط».
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء منذ بدء العدوان قد تجاوز 51 ألفًا، فيما سقط أكثر من 1563 فلسطينيًا خلال الفترة بين 18 مارس و9 أبريل فقط، وأصيب أكثر من أربعة آلاف.
الإحصاءات ليست مجرد أرقام. كل رقم منها يحمل قصة، وطفلًا، وأمًا، وذكرى لا تموت. كل رقم هو بيت مهدّم، وأحلام أُطفئت، وصوت بكاء ما زال يتردد في زوايا الخيام المحترقة.
تستمر الحرب، ويستمر أقران أركان النجار في الموت، واحدًا تلو الآخر. بعضهم جائع، بعضهم نائم، بعضهم ذاهب لشراء العشاء. وكأن روح أركان تتكرر في وجوه كل طفل يُقتل ببراءة في غزة. والمجتمع الدولي يكتفي بالمراقبة، فيما غزة تنزف كل يوم قصة جديدة، ووداعًا آخر.