الليثيوم أم قطع العلاقات مع اسرائيل أم التقارب مع روسيا؟.. ما كلمة السر في الانقلاب البوليفي الفاشل؟
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
بدا الانقلاب الأخير في بوليفيا، 26 يونيو، أغرب الانقلابات التي شهدتها البلاد على الإطلاق. استمر يوما واحدا، لم يسفر عن نتيجة، وكان على الهواء مباشرة بلا حذف.. أو هكذا بدا الأمر!
بدأت القصة بانتقاد القائد العام للقوات المسلحة البوليفية الجنرال خوان خوسيه زونيغا غريمه رئيس البلاد السابق إيفو موراليس في مقابلة تلفزيونية وتهديده بالاعتقال.
في اليوم التالي أزاح القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس البلاد لويس آرسي القائد العام الجنرال خوان خوسيه زونيغا من القيادة، بعد أن تحرك الأخير على رأس وحدات من الجيش، 26 يونيو، في ناقلة جنود مدرعة إلى الساحة المركزية في لاباز، نحو القصر الرئاسي "للتحدث شخصيا" مع الرئيس آرسي.
قام البعض بتصوير هذه المحادثة بالهاتف المحمول، فيما انتشر هذا التسجيل على شبكة الإنترنت، ليصيب كثيرين بالدهشة، ويثير إشاعات غربية بشأن "انقلاب ملفق بغرض الدعاية الانتخابية للرئيس آرسي الذي يعتزم الترشح العام المقبل أمام موراليس". بدا الأمر في القصر الرئاسي وكأنه "شجار عائلي عادي"، أمر خلاله الرئيس آرسي الجنرال باحترام القانون والدستور، وبدا الجنرال محرجا، لكنه يرفض تنفيذ الأمر، نستمع إلى صخب وضجيج، فيما يحاول المسؤولون العسكريون والحكوميون من جميع الجهات الضغط على الثنائي.
يغادر زونيغا القصر، ويطالب الرئيس الشرعي أنصاره بالاحتشاد في الشوارع دفاعا عن الديمقراطية، ويبدو أن أحدا لا يدعم المتمردين، ولم تقف الشرطة إلى جانبهم، وعلى الفور تدعم جميع الوكالات الحكومية الرئيس الشرعي ويخرج الناس إلى الشوارع، لكن المثير للدهشة والغرابة في آن أن رئيسة بوليفيا السابقة جانين أنيز المحكوم عليها بالسجن لعشر سنوات، والتي كانت تنتهج سياسة موالية للولايات المتحدة الأمريكية على طول الخط، والتي وعد زونيغا بالإفراج عنها فور انقضاضه على الحكم، رفضت هي الأخرى "الانقلاب غير القانوني"، وقالت إن الحكومة يجب أن تتغير من خلال الانتخابات.
أدانت المنظمات الدولية وزعماء الدول الصديقة، وعلى رأسها روسيا بالقطع، محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن الأهم أن الجيش لم يدعم الانقلاب. وهو ما سمح للرئيس آرسي بقبول اليمين الدستورية من القائد العام الجديد للجيش البوليفي، الذي أمر العسكريين في الميادين بالعودة إلى ثكناتهم. ألقي القبض على زونيغا، وسيحاكم بتهمة الفتنة والانقلاب، وانتهت القصة عند هذا الحد، أو هكذا يبدو الأمر إلى حينه.
لكن السؤال يبقى مطروحا: ما هذا الذي حدث؟ ولمصلحة من؟ ومن يقف وراءه؟ هل هناك أصابع خارجية؟ وهل السبب هو: السيطرة على مخزون الليثيوم في بوليفيا، أم قطع بوليفيا العلاقات مع إسرائيل، أهل هو التقارب مع موسكو وبكين؟
تعد بوليفيا واحدة من أفقر البلدان في العالم، في الوقت الذي كانت ثرواتها الطبيعية المذهلة تذهب دائما إلى كثيرين دون أن يستفيد منها شعبها. وفي القرنين السادس عشر وحتى التاسع عشر، كان الأوروبيون مهووسين بتعدين الفضة في بوليفيا، وضخت آلاف الأطنان من المعادن الثمينة خارج البلاد، وراح ضحية ذلك ملايين السكان المحليين في عمليات التعدين هذه، كان استغلال العمالة في المناجم مريعا لأبعد الحدود.
في القرن الحادي والعشرين، تمتلك بوليفيا أغنى احتياطيات الليثيوم على كوكب الأرض. والليثيوم يستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية (مستقبل صناعة السيارات في العالم)، ويدخل في مكونات البطاريات الصغيرة التي تمد الكثير من الأجهزة بالطاقة، ويستخدم في صناعة الزجاج والسيراميك وبطاريات جميع أنواع الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة وغيرها.
إقرأ المزيدوقد لعب الرئيس البوليفي السابق إيفو موراليس، وهو أول هندي من سكان البلاد الأصليين يتولى منصب الرئيس، وهو اشتراكي آمن بإمكانية انتشال البلاد من الفقر المستمر منذ قرون، دورا كبيرا في تنمية البلاد بانتهاجه مسارا اشتراكيا. نجح موراليس تدريجيا في إخراج الدولة من عباءة الولايات المتحدة الأمريكية وقام بتحسين علاقاته مع روسيا والصين، وبناء نظام مناسب من الضوابط والتوازنات على الجبهة الخارجية.
وهكذا يسير لويس آرسي، الرئيس الحالي، على نفس نهج موراليس، الذي زار مدينة بطرسبرغ الروسية مؤخرا للمشاركة في المنتدى الاقتصادي الدولي هناك، وأدلى بتصريحات مهمة عن تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية بين بوليفيا وروسيا، على خلفية طرد شركات ألمانية من إنتاج الليثيوم، وعدم التفاوض مع شركات أمريكية إلى الأبد بهذا الشأن.
لقد أفادت هذه السياسة المستقلة الاقتصاد البوليفي، فلم يعد السكان يتضورون جوعا للمرة الأولى منذ قرون، إلا أن الأهم من ذلك هو الروح الوطنية بينما شعر الشعب وأدرك دور الحكومة في تعزيز الاستقرار في البلاد، ليس فقط من أجل القضايا البعيدة وغير المفهومة لعامة الناس، وإنما لرفاهية المواطن العادي. ويتفق على ذلك أيضا أفراد القوات المسلحة حيث أن الجيش جزء لا يتجزأ من الشعب البوليفي.
وقد أظهر شعب بوليفيا موقفه تجاه الانقلابيين بزعامة زونيغا بوضوح شديد، إلا أن القصة ربما لن تنتهي عند هذا الحد. فهناك الكثير من الأثرياء الموالين للغرب داخل بوليفيا، التي تواجه انتخابات أخرى العام المقبل 2025. وحتى برغم فرص إيفو موراليس المتقدمة للفوز بهذه الانتخابات، إلا أن جانين أنيز انتزعت منه الفوز عام 2019، واتبعت سياسة مؤيدة للولايات المتحدة بشكل علني، بل واقترحت أن يطلق الجيش النار على مظاهرات خصومها السياسيين، وهو السبب في سجنها اليوم.
إقرأ المزيدوبرغم انتماء موراليس وآرسي لنفس الحزب "الحركة نحو الاشتراكية"، إلا أنهما اختلفا مع قرار موراليس الترشح لانتخابات 2025. وبرغم الخلاف العلني بين زونيغا وموراليس (إلى حد تهديده بالاعتقال)، إلا أن آرسي قام بتعيينه قائدا عاما للجيش.
بعد اعتقال زونيغا، زعم الأخير أن الانقلاب لم يكن أكثر من "تمثيلية" بغرض زيادة شعبية آرسي ورفع أسهمه في الانتخابات المقبلة، وقال إن الانقلاب كان "من اختراع آرسي نفسه. وهو ما التقطته وسائل الإعلام الغربية ونشرت تلك الشائعة باستخدام آراء "من الشارع البوليفي".
من الخارج، يبدو الخطر الذي ينتظر بوليفيا واضحا للعيان، فها هي الطموحات الشخصية لسياسيين ينتميان لنفس الحزب، يكرسان مجهودهما بإخلاص لشعبهما، وقد فعلا الكثير من أجله، وينتهجان نفس المسار الخارجي، يقفان في خندق روسيا والصين والدول النامية والجنوب العالمي من أجل رفض الهيمنة الأمريكية والدعوة لعالم متعدد الأقطاب. تقف بوليفيا مع جنوب إفريقيا في دعوتها ضد إسرائيل، وتقطع علاقاتها مع إٍسرائيل بسبب العدوان على غزة.
لكن موراليس وآرسي يدفعان نحو انقسام حزب "الحركة نحو الاشتراكية"، أكبر حزب في البلاد، ويروجان بانقسامهما لشائعة أن الانقلاب كان "تمثيلية"، وليس أكثر من شجار "عائلي" داخلي بين موراليس وآرسي، لتتسرب أذرع واشنطن على الفور من خلال عملاء النفوذ الموالين للولايات المتحدة ليعملوا كما كانوا يعملون من قبل، ويعاودوا تهريب ثروات البلاد إلى خارجها، ويتفقوا على عمولات الليثيوم مع الشركات الغربية العابرة للقارات، تحت شعارات "الحرية والديمقراطية والليبرالية الغربية".
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت في الفترة من 1946-2000 بما لا يقل عن 81 تدخلا علنيا وسريا في الانتخابات الأجنبية. ووفقا لدراسة أخرى شاركت الولايات المتحدة في 64 محاولة سرية وست محاولات علنية لتغيير الأنظمة حول العالم خلال الحرب الباردة.
ويقول محللون إن أصدقاء روسيا اليوم يواجهون أوقاتا عصيبة، من الاغتيالات والمؤامرات حتى الثورات الملونة والانقلابات.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الاستخبارات المركزية الأمريكية البيت الأبيض الحرب على غزة الكرملين انقلاب ايفو موراليس حلف الناتو رجال المخابرات فلاديمير بوتين قطاع غزة لويس آرسي هجمات إسرائيلية الولایات المتحدة إیفو مورالیس إلا أن
إقرأ أيضاً:
نص كلمة الرئيس السيسي في لقاء ملك وملكة إسبانيا
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، بـ الملك فيليب السادس ملك أسبانيا، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها سيادته إلى إسبانيا.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن جلالة الملك فيليب حرص في مستهل اللقاء على الترحيب بالرئيس ضيفاً عزيزاً على أسبانيا، معرباً عن إعتزاز بلاده بالعلاقات والأواصر التاريخية الممتدة التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين، وتطلعه لأن تسفر الزيارة عن المزيد من التعاون في مختلف المجالات، والبناء على الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية خلال السنوات الماضية، كما أعرب جلالة الملك فيليب عن تقدير أسبانيا لدور مصر الجوهري وجهودها بإعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق الإستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن السيد الرئيس أعرب عن الامتنان لحفاوة الإستقبال، مؤكداً لجلالة ملك أسبانيا على التقدير الكبير الذي تكنه مصر لبلاده قيادة وشعباً، والحرص على مواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، خاصة في المجالات الإقتصادية والاستثماريّة فضلاً عن التنسيق السياسي، وهو الأمر الذي تجسد في ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التعاون المكثف والوثيق في مختلف المجالات، مشدداً سيادته على حرص الحكومة المصرية على توفير كافة التسهيلات لضمان نجاح الشركات الأسبانية العاملة في مصر وتذليل أية عقبات قد تواجهها.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن السيد الرئيس أشاد بالموقف الأسباني التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، مؤكداً ضرورة تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لإنهاء المأساة الإنسانية التي يعيشها أهل القطاع، مع ضرورة الشروع في عمليات إعادة إعمار القطاع دون تهجير الفلسطينيين أو خروجهم من أرضهم، وحتمية مواصلة جهود البلدين من أجل ضمان إحترام حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، بوصفه المسار الوحيد الضامن لتحقيق السلام الدائم بالمنطقة.
كما أوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس وجه الدعوة لجلالة ملك وملكة أسبانيا لزيارة مصر، وكذا للمشاركة في حفل إفتتاح المتحف المصري الكبير. ومن جانبه، أعرب جلالة الملك فيليب السادس عن تطلعه لتلبية الدعوة وزيارة مصر في أقرب فرصة.
وفيما يلي نص كلمة السيد الرئيس خلال مأدبة الغداء الرسمي التي أقامها جلالة الملك "فيليب السادس" ملك أسبانيا على شرف سيادته، بحضور جلالة الملكة ليتيزيا ملكة أسبانيا، والسيد بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الأسبانية، وكبار رجال الدولة في أسبانيا:
جلالة الملك فيليب السادس....
ملك مملكة إسبانيا الصديقة،
جلالة الملكة ليتيزيا….
ملكة إسبانيا الصديقة،
دولة رئيس الحكومة الإسبانية،
السيدات والسادة الحضور،
اسمحوا لي أن أتوجه بكل الشكر والعرفان للجانب الإسباني على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة منذ وصولي إلى مملكة إسبانيا، وذلك في زيارتي الثانية إلى بلدكم الصديق، والتي نعتز بعلاقاتنا التاريخية معها على المستويين الحكومي والشعبي.
وأغتنم هذه الفرصة لكي أؤكد مرة أخرى تطلعي لاستقبال جلالة ملك وجلالة ملكة إسبانيا في زيارة رسمية إلى مصر في أقرب فرصة، كما أتطلع أيضاً لاستقبال جلالتكم في مصر لتشريف حفل افتتاح المتحف المصري الكبير والمقرر عقده في شهر يوليو 2025.
جلالة الملك، جلالة الملكة، الحضور الكريم،
تأتي زيارتي اليوم في وقت يشهد فيه مسار علاقتنا الثنائية تطوراً كبيراً، وقد أكدت لقاءاتي اليوم مع جلالة الملك ومع دولة رئيس الحكومة الإسبانية وجود التزام ورغبة مشتركة في تعزيز وتعميق كافة جوانب العلاقات الثنائية، وهو ما انعكس في التوقيع اليوم على الإعلان المشترك لترفيع العلاقات بين بلدينا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وأؤكد في هذا السياق على تطلعنا للعمل المشترك لتنفيذ كافة محاور شراكتنا الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في ظل الفرص والإمكانات التي توفرها البلدان.
الحضور الكريم،
لا يفوتني الإشارة إلى الأزمات والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ويهمني في هذا الصدد أن أُشيد وأن أشكركم على الموقف الأسباني المشرف والتاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، وأن أؤكد التزام مصر بمواصلة العمل مع مملكة إسبانيا الصديقة من أجل إيجاد حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأؤكد في هذا الصدد على تطلعنا لمواصلة قيام إسبانيا بالمطالبة بالتنفيذ الكامل لإتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع لمواجهة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة بالقطاع، فضلاً عن ضرورة البدء بشكل فوري في عملية إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير أهالي القطاع، وكذا ضرورة وقف الممارسات العدوانية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وأشدد هنا أننا نرغب في التوصل إلى السلام الدائم، وأننا نتطلع إلى قيام الرئيس ترامب بالدور الذي ننتظره منه تحقيقاً لهذا الهدف الذي طال انتظاره بإقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وأن نرى في الشرق الأوسط تعايشاً سلمياً بين كل شعوب المنطقة.
وبالنسبة للوضع في سوريا، فإننا نؤكد على أهمية بدء عملية سياسية تشمل جميع أطياف الشعب السوري تنتهي في أقرب وقت ممكن إلى اعتماد دستور للبلاد وإجراء الانتخابات، مع رفضنا قيام إسرائيل أو غيرها من الدول باحتلال أراضي هذا البلد الشقيق.
ونتطلع كذلك إلى إنهاء الصراعات والأزمات التي يشهدها عالمنا، سواء في السودان أو ليبيا أو اليمن أو غيرها وكذا الحرب في أوكرانيا بالوسائل السلمية، بما يضمن الحفاظ على سيادة تلك الدول ومقدرات شعوبها.
جلالة الملك، جلالة الملكة، الحضور الكريم،
مرة أخرى، أكرر شكري وتقديري على كرم الضيافة، وأؤكد تطلعي لمواصلة جهودنا من أجل تعميق أوجه التعاون والتنسيق بين بلدينا.