قصة الوادي الصغير (2)
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
حمد الناصري
قرأ كبير الرجال ما اتفقوا عليه ، قبل أنْ يرفعوها إلى الجد الكبير ، ليقرّها أو يُبدي رأيه فيها.؛ فقال بصوت مسموع :
أولاً : يجب أن يكون الرجل المُختار مُتَّزناً حكيماً، وذا رزانة راجحة وله خِبرة سابقة في التَّحكيم وأنْ لا يُظَن فيه.
ثانياً : أنْ يكون رجلاً محمود البنان ، شديداً ، صَلباً ، يتمتع بالحِمَاسة ، والشدَّة في الأمر.
ثالثاً :
أن يُقْبَل بعدله .وحُكمه نافذ أياً ذهب ، أو مَال .وليس لأحد الحق في نقض تحكيمه .
رابعاً :
أنْ يكون من أشراف الرجال ، لديه القُدرة على حلّ المُشكلات ، ومَرغوباً من الرجال . غير مَنبوذ ولا مُحتقر الصّفات بينهم .
خامساً :
يُفضّل أنْ يكون الرجل مُقبل غير مُدبر .. وأنْ يكون وحيداً ، ولن يُسمح لأحد بمشاركته . إلاّ إذا كان من اختياره.
سادساً :
له الحق ، في أنْ يَمنح غيره صلاحية المشاركة للمساعدة أو المُعاونة ، لمن يراه مناسباً ، لضمان المصداقية . وله الحق في عدم فِعْل ذلك .!
***
ساد صمت كبير بين الحضور .. توقف كبير الرجال وبدا ينظُر في الوجوه ، وتبدو مُشَوّشة ومُرتبكة ، بدت تخرج عن صَمتها وتستجمع قوتها ، عليها سِمات الارتياح ووجوهٌ خجولة تُبادر بالنظر فيما يجمع عليه المُؤتلفون.؛
اعترض البعض واختلفوا ، فالجِسْر الذي أقامه عبدالأعلى ، ليس مُلزماً بهم .. فالماء في الوادي والقرية تقع فوقه ومساحات مُنبسطة دونه ، وجسر الماء سيكون نَقْمة على القرية والوادي وإذا ما غلظ الماء فيه واشتدّ سيكون بُؤساً قاتماً على وادينا الصغير.؛
قال رجل من الذينَ يرون أنّ الماء ، يجب أنْ تبقَ في خزائن الجِسْر الذي بناهُ السيد عبدالأعلى شيخ الوادي.. نحن وجماعتي نُوافق على الُمْقترح ولنْ يعترض أحد مِنا إلا الذين اختلفوا فيه كأصحاب سالم الراس وبعض من رجال القرية الذين لم يكونوا يومئذ .
شَعر شيخ الوادي بأنّ الاختلاف قائم ولن ينتهي ما لم يَحسم الموقف وخشيَ أنْ ينتهي الامر على خُصومة فيكون الحال أكثر صُعوبة وقسوة ، فقال بصوت جهوري:
ـ دعونا من هذا اللّغط ، الرجال المُكلّفون بالمُقترح وضعوا آلية وشُروطاً مُلزمة ، وأيّما أحدٌ منكم انطبقتْ عليه تلك الشروط ، أو وفْق ما سارتْ عليه آلية الاختيار . وأنّ الشخص الوحيد الذي يحقّ له النقض أو الرفض ، أو التعديل هو الجد الاعلى ، ذلك لأنهُ أسّ القاعدة الكبرى للوادي والقرية .. وتلك هي عاداتنا وتقاليدنا ألِفْناها منذ بعيد ، ولا يُمكن لأحد أنْ ينتزع منها شيء أو تغييرها أو تعديل في قيَمها إلّا بأمر الجد الاعلى أو مِمّن يحل مكانه من بَعده ، بوصيةٍ منه أو بأمرٍ نافذٍ من لسانه ، أو بشهادة رجال أقوياء أشراف .
لكن الرجال اختلفوا ، واخذوا يَتهامسون بينهم ، ويتطلّعون في رجل آخر يكون هو الرّجل الحَكَمْ وفق ما جاءتْ به الوثيقة .. وإذا سالم الراس مُقْبل نحوهم .. والشمس قد دحضتْ بقرصها ناحية المَغيب ، ومساءات النهار تتوارى رُخاءً مُنقادةً حيث لباس الليل ، فتتكوّر على نفوس آثمة وأخرى في منازل عالية .
إنْدفع الرجال يسألونه بفضول :
- من دَلَّكَ علينا في هذا اليوم ؟
- لا أحد، فقط علمت بأنَّ الرجال مُختلفون ويتنازعون على جِسْر الماء الذي أقمته ، وعلمت أيضاً بأنَّ القوم عَوَّلوا بؤس نزاعاتهم وشِقاقهم على هذه الأحواض والجِسْر الذي أقَمْته ، لذلك جئت أُقدّم المُساعدة كي أُنْهى صِراعاتكم .
قال رجل من المُجتمعين :
- لن نَقْبل بك حَكماً ، أنت رجل أناني ، وما طريقتك هذه، إلاّ دليل يُؤكد خُبثك وحبّك للشهرة وإثارة الإمْتنان . ثم إنك طرف في هذا النزاع .
قال شيخ القرية ، وقد اتفق الجميع ، بأن يكون خليفةً للجد الاعلى ، وقد حمل تواً ، لقب " سَيّد" :
- إن عدلْت وأحْسَنت ، جزيناكَ ، وقبلناكَ بيننا .. أمّا إذا تدخّل الذين معك أو إنكَ أدخلت أحداً من ليس لهم الحق في أمور الوادي فذلك له شأن آخر.. وفي كل الحالات يكون سَعياً مَردوداً فيه.
إلى جانب سَعْيك ذاك ، عليك أنْ تُقسم لنا أولاً ، بأنْ لا تنحاز لطرف منهم ولو كانوا من جماعتك وبالتالي يجب أنْ تتجرّد عن أنانية حُب النفس والمَيْل إلى هَوى الأصحاب، كي لا يُظلم أحدا.؛ وإيّاك أنْ يَعتريك اسْتعلاء أو مَسْلك سَيطرة أو ظُلماً لطرف على آخر .
قام شخص وكان جالساً وقال بصوتٍ عالٍ، في وجه المُتحدّث :
جميعكم تعرفون من يكون سالم الراس وشيخ القرية هو أول من يعرفه.. إنه رجل شريفاً وذا اخلاق طيبةً، سخيّ وكريم. فإيّاك والطعن .!
فلا تكذب على نفسك وتقول كلاماً غير موزون، فيه زور وبُهتان، فالرجل من حيث عرفت.!
غضب سالم الراس وكاد يّنصرف، لولا أنْ مَسكه أحد كبار الرجال وقال له بلطف:
- لاشكَّ نحن راضون بك، فأنْت معروفاً بيننا.. ورجل ثقةٍ، ونَحَبّذك قولاً وفعلاً، فلا تحسبُ نوايا البعض سيئة، إنّما كانت تُعبر عن وجهة نظر فردية فكن مع حُسن النوايا الطيبة .
قال رجل يُدعى "شديد "وقد سحب يد سالم الراس إليه:
ـ كُلّ ما قِيْل عنك صحيح، فلا تُطاوعها فترميك في تهلكة لست بخارج منها ، طاوعنا فنحن قدّها وزودْ.؛ لا تدع الذين من حولك مُثقلون بالتفاهات ، واترك النساء فقد لا تُطيق كثيراً من سُؤلهنّ ومَخاوفهنّ ، فإنّهنّ خُلِقن ليكنّ على عِوج ، وضِلْع به عِوج لا خير فيه .؛
ولا تدَعْ أحداً يُفرض رأيه على الرجال ، وإيّاك أنْ تندفع وراء أنفسٍ أمّارة بأفكارٍ مَنحوسة .. وابْتعد عن كلّ ما يُعرف إخلاصًا ووفاءً ، فلا إخلاص إذا عطَب المرغوب ولا وفاء إنْ تفرّق العطاء، وقُل قولاً ثقيلا لهنّ ، فالأدب كرامة والقِيَم سلامة ومن ينحطّ فلا قدر له ولو كان سيّداً حكيماً.؛ واتبع الذين يُريدون لك عُلواً وسيادة خطوة بخطوة وارتقي بأولئك الذينَ يَرقون إلى مُستوى الأفكار النيّرة من الرجال دون النساء ، فأنتَ سيداً كبيراً، وجدك الاعلى سيّد الوادي وأساسهُ وعُمقه.؛
قاطعه رجل نافذ من القرية الاعلى:
- اسمع - وأشار إلى شديد - إِنْ تُعارض رأياً ، أو ترفض إتَّفاقاً، فذاك شأنك ، لكن إنْ تخلط الأوراق ، وتقحم نفسك فيما لا يُعنيك فذاك مَحسوب عليك .
وأَلقى نظرة قويةٍ في عين "شديد " ثم استطرد:
ـ الرجال الذين من أمثالك، يُدافعون عن كلمةٍ خرجتْ من لسانهم ويَندمون إذا أساؤوا أو آذوا بها أحداً.. فكيف بك تحتقر كلمةً أنتَ قائلها بالأمس، أليستْ هذه حماقات، تَحرق نفسك بها وتهزّ كرامة الآخرين بسخافاتك، فإنْ رَضيتَ بها اليوم، فغداً سوف تُهَزّ فيه كرامتك وتُهان فالإنسانية بقدر ما تُعطيها.. ذلك هو العَطاء الذي يَسمو بك ولا يأخذ منك أمْراً يُقابل عَطاؤه ولا يَنقص من قدرهِ شيئاً .؛ ألستَ القائل :
ـ التفاهة رُويبضة فمن عاش سواقط تفاهتها ولم يفعل شيئاً ، فُتِنَ بشراذمها.؛
قال شديد بكبرياء :
ـ دعْني أكمل لك ما تبقى .. النساء سَقطات تتضاعف ، تتلوا بعضها وتتعاقب سقطاتهنّ تلواً.؛
قال رجل من القرية من أقرباء سالم الراس:
ـ نحن أشراف القرية، وسادة الوادي، كانوا جميعاً ولا يزالون يأتَمرون بأمْرنا ولا أحد يَنقض قولنا. وأشار إلى بعض الرجال من أصْلاب الجد الأعلى سيّد الوادي الصغير وزعيم القرية شيخ كريم ، وهؤلاء هم الذين تعرفهم وتُوقّرهم وتُبْسَط لهم سُهول الوادي الصغير ، إذا ما رغبوا ، ولا أحد منكم ليس على مَعرفة بهم.. ولم تُعرف ثقافة واسعة قبلهم، رجال عِز وفخر وكرامة، اتخذوا اسماً عالياً ومَسْلكاً عُرف بهم ، سادوا الأمكنة ولم يسرقوا قوتَ الضُعفاء وقلوبهم سليمة وركبوا البحار والانهار ، شقوا الاعين وتفجّرت الصخر عيوناً نَصْراً لهم.
أمّا الذين عرفتهم من بعدهم فهُم رجال جاءوا من حيث علمت مكانهم ، وتعرف أصْلابهم كما تعرف أمهاتهم وتعلم أنّ قلوب أمهاتهم وجِلَة ومُتعلقة بهم وتعلم علاقة المَصدر بصُلْبهم .؛ ونحن لا نقبل منهم قولاً ولا رُشداً ولا نتقبّل أحداً حتى نعلم بأمْره ولا نفتعل الحركات التافهة لنسْتَفِز غيرنا بها ، على الرغم بأننا قادرون أنْ نردّ لهم الصّاع بأضعاف ونكيل عليهم مُضاعفة ثقيلة ، ولكنّ في تُراثنا أمثلة لا تُحصى وتأبَى قيَمنا وأخلاقنا أنْ نرد بالمِثْل، وفي محلّيتنا نرددها كثيراً "من لا أصْل له كمن لا هويّة ولا مكانة له ولا نسَبْ يتبعهُ .. ومن تردّى هَوى بأسْفل القاع ".؛
ـ ما ذا تعني بكلامك هذا ؛ ومن المقصود بتلك العبارات.
ـ المقصود واضح كالشمس في رابعة النهار ، نحن شيئاً مذكوراً وبعضنا هباءً منثوراً ، ولن يُتقبّل من أحدهم إذا غضبنا فدية وتعويضاً ، فإما قِتالاً أو موتاً ، ولو بلغتْ دماءهم البحر والنهر أو مُلئت الصّخر وتشققت الأحجار.؛
قال شديدٌ وهو يحترق بالغضب :
- كفى هُراءً ، لا أريد سماع خَرف رجال يَتباهون بالكلمات، ظناً منهم أنها شجاعة ، فان كنت رجلاً ، وتُريد أنْ تعرفني جيداً ، فاتْبِعني إلى حيث لا يراك مَن هُم مِثلك ، مُحَطّماً ، مقهوراً .
والتفت إلى سالم الراس وكان ساكتاً غارقاً في صمتٍ عميق واخذ يتوعّد في نبرة حادّة وانتهرهُ بقوة:
ـ إني أراك صامت لا تتكلم...؟ أم أنّك اُعْجِبت بكلمات البهرجة وعبارات المديح ، فكُل أحاديث المديح لا صِدق فيها بل أكثرها إطراء زائد لا حقيقة له ، فُرطاً من القول وتهاوناً غفلَ عنه الكثير من الناس.
وانت وأشار إليه ، يا ـ سالم الراس ـ لست بالرجل العَدْل وإنْ تظاهرت بالِمَثالية، ومن كان فيه خِصْلة منها لا يُؤتمن من مَكره وخِداعه.؛
ـ أنا من حيث علمتَ ..ابن الجد الأعلى ، ومن صُلب السيد عبدالاعلى ، ولئن بسَطّت إلّي قولا غليظاً ، لتحبطني به ، و تكسر أطرافي أو تَعِيبني به ، بين المُجتمعين لئلاّ أكون بهم ذا مَقام عالٍ بينهم ، فلنْ أبسطُ لك يدي لأنْتقم منك ولنْ عليك بمِثْلها.؛
ـ ولكنك بَسَطّتها إلى إئتلاف غير نافع ، ائتلافاً غير ذي مقام وغير مُتكافئ .؛ قُل لي بربّك ، من الذي جلبَ لنا الفِتنة في هذه البُقعة من الوادي ، بُقعة التراث العالي رَمْز هويتنا وعُمقنا ، ألستَ أنت.؟
ـ لا تتحدّث بما لا تعرف ، ففي ذلك هرف من القول وكذب وفَرط الآنا الزائفة لا تزيدك رِفْعة بل هيَ تُظهر مَعايب لم نكن نعرفها من قبل هذا ..وذلك كُلّه يُعدّ من النقائص.؛
ـ أنت من أوْهَم البُسطاء بالتجانس والتآلف معنا.؟ لماذا لم تطردهم رغم رفضنا.؟ وتعلم يقيناً أننا لم نطمئنّ بهم ولا يزال الرجال على خِلاف معهم .. فماذا تنتظر..؟ وماذا تترقّب.؟ أليس الاجدر بك أنْ تُؤمّن الوادي أولاً وتطمئن على معايش الناس واستقرارهم تالياً .؛ فليس من العَدْل أنْ يكون رجلاً مثلك يَمكر بالوادي وأهله.؟
قال رجلٌ واقفٌ بجوارهِ:
- إني أشك بأنّ حالة من الخطيئة تَمْلأ الوادي .. قِيْل بأنه كان رجلاً في الماضي كَرِه النساء فَكرِهْنهُ .. ودَّ لو يَقع الجمال في قبضة يده فيحجبه عنهن .. وظلّ ثائراً عليهن.؛ ومن أؤلئك، سالم الراس قد تتفنّن بِخُبْثه ودهائه.. ويُحاول في أيّامنا هذه ، أنْ يَقْتُل مُثَلنا وقِيَمنا وينتزع الإلْهام من جدّه عبدالاعلى، ويتقمّص شخصيته ليُقال بأنه جديرٌ بأمانة الوادي.؛
قال رجل بانَ على رأسه ولحيته شَيْب كثيف:
ـ أيها الرجال ما بالكم تنظرونَ إلى فِتن زالتْ وتجعلوا الشّقاق بينكم، تبغون بغير الحقّ متاعاً لكم ثم يَنقلب بَغيكم على أنفسكم وتَنسون تَخاذلكم وتهاونكم وصَواب أمركم.. فإلى أين أنتم ذاهبون، إلى ذُلّ ومَهانة أم إلى طاقة مَبثوثة.؟ أنتم من أصْلاب رجال الوادي الذين عُرفوا بالعِمارة والحضارة والافعال الرزينة.. أنتم أهل النشاطات الفكرية والمعرفية؟ أنتم الرجال في كل الظروف.؛
ـ نحن نَكْره الذين يَكْرهوننا ويُعادون الوادي.؟ إننا نرفض وجوده بيننا ونَمْنَعهم...؟ فنوايا سالم الراس خبيثة وسيئة للوادي الصغير. وبأيّ منطق مقبول يكون سيداً بالوادي ، فهناك من هو أجدر منه؟ نحن جميعاً على قُوة رجل واحد كما الآباء والاجداد من قبلهم.
كانوا عُمَّار الوادي وقوة حَبْله المَتين، فالآباء في الماضي صانوا تُراثنا وأمكنة الوادي، وحفظوا القرية من الغاشِمين وقاوموا المُعْتدين.؛ وازدادوا خُشونة، كلما صَلف الغُرباء ولم يتلاطفوا معهم ولم يُقربوهم زُلفى منهم ، كما فعل المُتزلفين والمُتعجرفين أمثالكم.؟ ولن يضرّنا هُراء المُدّعين، فما ليس لهم فيه لن نقبلهُ منهم ولو تحوّل الوادي إلى بركة دماء.؟
ـ ليس لاحد التعدّي على رِفْعة الوادي ومكانة الجَد الأعلى حكيم الوادي ورَمْز انتمائه وهُو أحد عُمّار تُراثنا ونقاوة مجدنا وصَمّام أمان لأمّتنا.. كان الجد الأعلى لا يتردد عن النهي عن مُنكر فَعَله الغُرباء .؛ كان صَماماً مُحكماً لأرضنا ودِيارنا ودِلالة باقية على حُقبة جديرة بالاهتمام ، فإنْسَان الوادي أخلاق وقيَم وأهْلَنا تُراثاً نعتز بهم.
ـ ذلك نعرفه ولا نُريد من يُعلّمنا رِفْعة الوادي ومكانة الجد الأعلى ولا نُريد من يُلَقّننا سِيرته.؟ والجد الأعلى سيّدٌ مُطاع بلا مُنازع وجميعنا نتّبعه وكبار الوادي يَعلمون هذه الحُظوة .
وأما سالم الراس فلا يزال غضاً، لم يرقَ إلى حياة إلْهام السّماء وجدّه لم يُقَرّبهُ من الأمكنة رغم محبتهِ وقُربه منه، ولا غروَ أنّ لكلّ شأنٍ خصوصية ولكل إنسان فجوة ، وطالما نحن راضينَ فمن حقّنا أنْ نُبدي رفضاً او وفاقاً مع من نُمكنه بموافقتنا ليَكون سيّد الوادي الصغير كيف شئنا ورَغِبنا .؛
قال الرجل الذي بجوار الأشيب:
ـ أعُمّيَتْ عليكم أم أنتم ترجون من يُلزمكم بها .. السيد الاعلى وحده من رعى الوادي منذ زمن بعيد .. وستبقى سيادته على الوادي الصغير ما دُمْنا عليها أحياءً نتوارث مجدنا في البحر والبر.
قال رجل ذي عينين بهما رجَفان ورفّة:
- ما يقوله الرجل صحيحاً، لا غُبار عليه ولا شائبة تشوبه.. فهل أنتم ترجون من يُلزمكم بها، أم أنتم مُلزمونَ بها، والسيد الأعلى جدّنا قد رعى الوادي قديماً وسيرعاه من بعده أولاده وأحفاده .
قال رجل كبير السِن، وقد صوّب عينيه تجاه الرجلين:
- ماذا أصابكما.!؟ أخبروني من الذي وسَن منكم ، جميعاً له وسَن فُتور وغَفلة؟ إلا السماء لا وسَن لها ، قولا بربّكما ما الذي تُريدان قوله..
نظر إلى الوجوه المًتحلقة بعينين فاحصتين.؟ وأردف: أليس كذلك.!؟
تحمحم رجل قصير القامة مُكتنز الجسم :
ـ انتبهوا أيها الرجال.. انتبهوا.. احرصوا على أهلكم ودياركم ابْعدوا الغُرباء عن واديكم ، لا تهملوا شيئاً .. رجال من واديكم ، ادخلوا الغُرباء ويُدافعوا عنهم وينسون مجدهم ..لا تُهملوا واديكم ابداً ، فالإهمال باهض الثّمن ، فإنْ دخل الغُرباء واديكم لن يخرجوا منه ، ما دام امتداد تُراثكم باقٍ .. غُرباء حاقدين ، وصفهم أحد مُعَمّري الوادي بأنهم كالبُهم لا وفاء لهم ولا ثقة.؛ أخرجوهم من أرضكم ولا تكونوا في ضَلالة وغباء، ابقوا الوادي في نقاء خالياً منهم ، خُذوا بالأسْباب ولا تُبالوا ولا تهنوا ، فأنتم المُنتصرين.؛
قال الرجل كان بجوار الأشيب والتفت ناحية الرجال، وألقى بنظرة قوية صَوب الرجل الذي يُجادلهم ويُحدثهم:
- ليس لديَّ ما أجادلكَ به .. لكن الحقيقة تغلب الأكاذيب وتَنتصر على الهُراء.؛ نعلم قلوبكم ومَيلها للغُرباء ، ولكنّا نقول لكم لن يتحقق شيئاً من ذلك ولو سَنتْ قلوب بعضكم وماتتْ نفوسهم وثَقُلت افئدتهم بمنافع شتّى وانشغلت أيديهم بالعداء للوادي وأهله ، فلن يجدوا منا غير الرد والصَد والرفض.؛
غُروب الشمس له جمال لا يُضاهىَ وله سِحْر على رمال الوادي، تأخذك أشعّة شُروق الشمس على الرمال كأنما بياض يتفتّح ، وتحمل أشِعّتها في البحر زَهْواً ونشاطاً .. وكلما انزلقَ قُرصها إلى العُمق رُويداً رُويداً ،، كُلّما بعثَ حُزناً مُؤجّلاً ريثما الشروق يعود مُحمّلاً بالأمل.؛
يتبع 3
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إختتام مسابقة الرسام الصغير لرياض ومدارس الأقصى الأهلية بمودية
شمسان بوست / مودية
ضمن خطة الأنشطة المدرسية لرياض ومدارس الاقصى الأهلية الحديثة بمديرية مودية، اختتمت صباح اليوم الخميس بقاعة الفقيد عبدالله الهظام مسابقة الرسام الصغير التي اقيمت برياض ومدارس الأقصى في جميع المستويات الثلاثة وسط تنافس شديد ابدع فيه جميع الطلاب في تلك المستويات الثلاثة برياض ومدارس الأقصى.
هذا وقد تم تحديد الفائزين بالمسابقة من قبل لجنة التحكيم حيث كانت النتيجة كالتالي :
حقق المركز الأول بالمستوى الأول الطالب/ تيم الله ايمن الصف الثاني
وحقق المركز الأول بالمستوى الثاني الطالب/ احمد موسى من الصف السادس
وقد حقق المركز الأول في المستوى الثالث الطالب/ محمد عادل من الصف التاسع .
وخلال المسابقة أكد عضو مجلس إدارة رياض ومدارس الأقصى د. أبوبكر عبدالرحمن بأن رياض ومدارس الأقصى تضم الكثير من التلاميذ والطلاب المبدعين والموهوبين في جميع الأنشطة المختلفة
وكان لابد علينا من تشجيعهم وتنمية قدراتهم الإبداعية وإعطائهم الفرص لإظهار تميزهم وابداعهم.
واضاف قائلاً: وهذه هي مهمة المدرسة والتي سيعود عليها بالنفع في المستقبل بأن يجعل البيئة المدرسية مشوقة وشعلة من النشاط والإبداع المتميز
وهو ما يساعد ويجذب ويزيد من محبة هؤلاء الطلاب للمدرسة.
وفي ختام المسابقة
قام عضو مجلس الإدارة برياض ومدارس الأقصى د. ابوبكر عبدالرحمن بتكريم أوائل الفائزين بالمسابقة بجوائز عينية تقديرا لجهودهم وتميزهم اللافت.
الإعلام التربوي مودية