واشنطن – جاءت مشاركة الرئيس جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب في المناظرة الأولى لرئاسيات 2024 مساء أمس الخميس، سعيا لإقناع الشعب الأميركي المشكك في قدراتهما على الخدمة لولاية ثانية، صادمة.

وأظهرت المناظرة تناقضا بين المرشحيْن؛ حيث جاء أداء بايدن ضبابيا ومفكّكا بشكل متكرر، وظهر ترامب منضبطا بعكس كل التوقعات.

وعانى الرئيس بايدن مع بعض الإجابات، وأخطأ في الكلام في لحظات عديدة في نصف المناظرة الأول، وتحدث بصوت خشن، بالمقابل أظهر الرئيس السابق ترامب في البداية ضبط نفس غير معهود في عدم مهاجمة بايدن.

بداية متعثرة لبايدن

ومع بدء المناظرة التي استضافتها شبكة "سي إن إن" في مقرها الرئيسي بمدينة أتلانتا بولاية جورجيا، تحدث بايدن بسرعة غير عادية في تعليقاته المبكرة. كما بدا أنه يبحث عن الكلمات، وأخطأ في بعض الحالات. وقال في مرحلة ما إن إدارته "تغلبت أخيرا على الرعاية الطبية".

بدوره، كرر ترامب مزاعمه حول انتخابات 2020 بتأكيدات جامحة وتصريحات كاذبة، ولم يقدم أي اعتذار عن دوره في أحداث اقتحام الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، وألقى باللوم على رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي. في حين تحدث بايدن (81 عاما) بسرعة، وبدا أنه يتلعتم في إجاباته، ويتخبط في نهاية الجمل حتى عندما اتهم ترامب بأنه كاذب وتهديد للديمقراطية.

تجنب المرشحان الرد مباشرة على الأسئلة المطروحة، وحافظا على انضباطهما النسبي بسبب طبيعة وقواعد تنظيم المناظرة وخاصة جزئية غلق الميكروفون. واتهما بعضهما بعضا بالكذب عدة مرات طوال فترة المناظرة التي امتدت 95 دقيقة.

وكانت البداية سيئة للرئيس بايدن الذي فقد تركيزه، وظهرت صورته مهزوزة، وبرر البيت الأبيض ذلك بأنه كان يعاني من نوبة برد، إلا أن بايدن لم يستطع تبديد الشكوك المتعلقة بكبر سنه وعدم لياقته الذهنية لتبعات الوظيفة الأهم في العالم.

وكان صوته مبحوحا بعض الشيء، وتعثر أثناء حديثه عن الرعاية الطبية، وفقد قطار أفكاره. في حين قفز ترامب على عثرات بايدن في مرحلة ما قائلا "لا أعرف ماذا قال.. لا أعتقد أنه يعرف ما قاله أيضا". وحاول ترامب تجنب موضوع إدانته الجنائية، وتحويل الانتباه إلى إدانة هانتر بايدن نجل الرئيس.

وبدأت المناظرة بالتركيز على الوضع الاقتصادي، خاصة التضخم وارتفاع معدلات الدين الوطني والتأمينات الاجتماعية. ثم انتقل الحديث إلى قضية الهجرة التي استغلها ترامب وعاد إليها في عدة مناسبات خلال المناظرة.

جدال ولوم

وتجادل المرشحان المفترضان حول أوكرانيا، حيث ألقى ترامب باللوم على بايدن في "غزو" روسيا، وانتقد ضخامة المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة. ولم يختلفا حول أولوية دعم إسرائيل "للقضاء" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكرر ترامب أنها "ما كانت لتهاجم إسرائيل لو كان هو من يحكم أميركا"، وفق تعبيره.

وانتقل النقاش سريعا بعد ذلك للهجوم الشخصي المتبادل من المرشحين. وانتقد بايدن منافسه بطرق جديدة على المناظرات الرئاسية، مشيرا إلى أن ترامب كان "الشخص الوحيد في هذه المرحلة الذي هو مجرم مدان في دعاوى قضائية تتهمه بالتحرش بامرأة وممارسة الجنس مع نجمة إباحية".

ورد ترامب بالإشارة إلى الإدانة الجنائية لهانتر نجل بايدن، قائلا "ابنه مجرم مدان على مستوى عالٍ جدا".

وألقى بايدن باللوم على إدارة ترامب لترك الاقتصاد في "حالة من الفوضى"، قائلا إنه وضع الأساس لارتفاع التضخم الصاروخي.

وعند التطرق إلى مسألة الإجهاض، كان من المفترض أن تكون إحدى أقوى القضايا بالنسبة لبايدن. لكن إجابته على سؤال عن الإجراء أثارت القلق بين أنصاره. وبدأ بالحديث عن رغبة ترامب في السماح للولايات بتحديد ما إذا كان الإجهاض قانونيا. لكنه تعثر في قصة عن امرأة شابة "قتلت للتو"، وأشار إلى جنازة حضرها ترامب.

ويبدو أن القصد من ذلك هو التشكيك في مزاعم الرئيس السابق حول المهاجرين غير النظاميين الذين يغتصبون النساء، لكن عثرات بايدن جعلت من الصعب فهمها.

وقال بايدن إنه لا يدعم قوانين الإجهاض المتأخر التي نفذتها بعض الولايات. لكنه ألقى باللوم على ترامب في القوانين التقييدية التي تم تمريرها منذ نهاية قضية "رو ضد وايد". واعتبر أن "فكرة أن الولاية قادرة على القيام بذلك تشبه إعادة الحقوق المدنية إلى الولايات".

وفي 24 يونيو/حزيران 2022، ألغت المحكمة العليا الأميركية الحكم التاريخي الذي يحمي حق النساء في الإجهاض في قضية "رو ضد وايد" التي رفُعت عام 1973، وسط ترحيب من الجمهوريين ومعارضة واسعة من الديمقراطيين ومنظمات حقوقية.

وأشاد بايدن بإجراءاته التنفيذية التي تحد من طلبات اللجوء على الحدود، قائلا إنها قللت من المواجهات الحدودية في الأسابيع الأخيرة بنسبة 40%.

تهرب

وفي واحدة من أقوى لحظات بايدن، اتهم ترامب بقوة بأنه مستعد للتخلي عن أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، وقال "أسمع الكثير من الحماقة هنا".

وأضاف "هذا الرجل الذي يريد الخروج من حلف شمال الأطلسي (ناتو). هل ستبقى فيه؟"، وتخلل هذا التعليق انتقادات حادة حول دور واشنطن في العالم. ورد ترامب "السبب الوحيد الذي يجعله يلعب مع الناتو هو أنني جعلتهم يدفعون مئات المليارات من الدولارات".

جادل ترامب بأن الاقتصاد كان ممتازا قبل أن يتعرض لأزمة تفشي وانتشار كورونا، وبأن خلق فرص العمل في عهد بايدن لم يكن سوى تأثير "ارتداد" لمعدلات ما قبل انتشار الوباء، وأكد أن "التضخم الحالي يقتل بلادنا بالتأكيد".

وقال إنه لن يحاول إلغاء حكم المحكمة العليا بشأن أدوية الإجهاض، وإنه يؤمن باستثناءات للاغتصاب وسفاح القربى وسلامة صحة الأم. لكنه دافع عن قرار إلغاء قضية "رو ضد وايد"، معتبرا أنها تخص الولايات وليس الحكومة الفدرالية.

وأكد أنه سيكون رئيسا أقوى في السياسة الخارجية، قائلا إن بايدن لا يحظى بالاحترام، وإن دول العالم "تسخر من بلادنا بسبب قيادته". وتهرب ترامب -مرارا وتكرارا- من الأسئلة حول تورطه في أعمال شغب يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 واقتحام أنصاره مبنى الكونغرس، قائلا إنه طلب منهم التصرف "بشكل سلمي ووطني".

واستغل ترامب اهتزاز بايدن وتعثراته المبكرة للتأكيد على أسئلة الجمهوريين حول القدرة العقلية للرئيس.

وعندما تأخر بايدن خلال إجابة حول الهجرة، قال ترامب بسرعة "لا أعرف حقا ما قاله في نهاية تلك الجملة. لا أعتقد أنه يعرف ما قاله أيضا". وبعد إجابة بايدن، ادعى ترامب أن الرئيس سمح "للإرهابيين والمجرمين" بعبور الحدود، وقال "أنا أسميها جريمة بايدن للمهاجرين".

وفي غضون دقائق من بدء المناظرة، بدأ الديمقراطيون في الانزعاج من أداء بايدن. وعلى وسائل التواصل وفي الدردشات ورسائل البريد الإلكتروني، فزع أنصار الرئيس من صوته المرتعش وإجاباته المفككة وارتباكه الواضح خلال بعض ردوده. وظهرت المخاوف بشأن عمر بايدن، التي كانت تغلي منذ شهور، علنا لدى الرأي العام قبل انتهاء المناظرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات باللوم على ترامب فی قائلا إن

إقرأ أيضاً:

افتتاح قمة “آبيك” في بيرو وترامب الغائب الحاضر

بيرو – افتُتحت في بيرو، امس الجمعة، قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادي (آبيك) بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومن المقرر أن يعقد بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ الذي لم يكن حاضرا في الجلسة الافتتاحية للقمة محادثات اليوم السبت، في حين رجّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم قبل أن يؤدي ترامب اليمين في يناير/كانون الثاني المقبل.

وقالت رئيسة بيرو دينا بولوارتي أمام الزعماء إن التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف ينبغي أن يعزَّز “في ظل تفاقم التحديات المختلفة التي نواجهها مع مستويات عدم اليقين في المستقبل المنظور”.

وأكدت “نحن بحاجة إلى مزيد من التشارك والتعاون والتفاهم مع التقليل من التشرذم”.

وتأسست مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصادا تمثل معا نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من 40% من التجارة العالمية.

وكان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترامب يخيم الآن على الأجندة، كما هي الحال بالنسبة لمحادثات المناخ في مؤتمر “كوب 29” الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الأسبوع المقبل.

ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.

وحضرت القمة أيضا اليابان وكوريا الجنوبية وكندا وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتستند أجندة ترامب “أميركا أولا” إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وزيادة استخراج الوقود الأحفوري وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا تراوح من الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط إلى تغير المناخ والتجارة العالمية.

وهدد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على واردات السلع الصينية لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية.

من جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤا في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءا في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن.

والصين حليفة لروسيا وكوريا الشمالية اللتين يشدد الغرب عقوباته عليهما، وتبني قدراتها العسكرية، وتكثف الضغوط على تايوان التي تعتبرها جزءا من أراضيها. كما تعمل على توسيع حضورها في أميركا اللاتينية عبر مشاريع البنية التحتية ومشاريع أخرى في إطار مبادرة الحزام والطريق.

بولوارتي اجتمعت مع نظيرها الصيني شي جين بينغ

وافتتح شي مساء الخميس أول ميناء موّلت الصين بناءه في أميركا الجنوبية، في بيرو، على الرغم من دعوة مسؤول أميركي كبير دول أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر حيال الاستثمارات الصينية.

ويجتمع شي بنظيره التشيلي غابرييل بوريتش، الجمعة، في حين يلتقي بايدن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وهما حليفان رئيسيان للولايات المتحدة في آسيا.

وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الذي يرافق بايدن إن الدول الشريكة ستعلن إنشاء أمانة لضمان أن تحالفها “سيكون سمة دائمة للسياسة الأميركية”.

والصين ليست الدولة الوحيدة في مرمى ترامب الاقتصادي، فقد هدد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% أو أكثر على البضائع الآتية من المكسيك -وهي عضو آخر في منتدى آبيك- ما لم توقف “هجمات المجرمين والمخدرات” عبر الحدود.

ونشرت بيرو أكثر من 13 ألف عنصر من القوات المسلحة للحفاظ على الأمن في العاصمة ليما، حيث بدأ عمال النقل وأصحاب المتاجر 3 أيام من الاحتجاجات على الجريمة والإهمال الحكومي.

المصدر : الوكالة الفرنسية

مقالات مشابهة

  • الرئيس الصيني لـ«بايدن»: بكين مستعدة للعمل مع إدارة أمريكية جديدة
  • آخر اجتماع قبل تنصيب ترامب.. بايدن يلتقي الرئيس الصيني
  • أبو العينين: الرئيس السيسي وترامب سيعملان على إنهاء الحرب وإحلال السلام بالمنطقة
  • إندبندنت: بوتين وترامب يتخاعدان وأوكرانيا هي من سيدفع الثمن
  • افتتاح قمة “آبيك” في بيرو وترامب الغائب الحاضر
  • افتتاح قمة آبيك في بيرو وترامب الغائب الحاضر
  • صفقة أم هدايا متبادلة بين نتنياهو وترامب؟
  • بايدن وترامب يناقشان مسألة المختطفين في غزة
  • تفاصيل لقاء بايدن وترامب.. والموعد الرسمي لانتقال السلطة
  • بعد لقاء بايدن وترامب فيه.. حكاية البيت الأبيض الشاهد على أهم قرارات في العالم