رسالة مفتوحة الى مرتضى الغالى، رشا عوض وفائز سلك ومن لف لفهم
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
صلاح محمد احمد
1. مقدمة:
لاشك ان الخالق رب العالمين قد حباكم بالقدرة على التعبير' لتأتى مقالاتكم او حتى احاديثكم مقروءة و مسموعة؛ ولاشك ان لكم ولامثالكم الذين يحذون حذوكم درجات كبيرة فى التأثير على افكار النخب شيبا وشبابا؛ ولا انكر باننى اتطلع على ما تجودون به قراءة لما تكتبون او تتفوهون به؛ واستفيد _كغيرى- من بعض الاراء التى تترى؛ (ولكن) اسمحوا لى بان اقول بان شعورا طاغيا يأتينى كلما قرأت ماتكتبون او سمعت ما تتحدثون به بأن هناك رهابا يطغى على مجمل افكاركم اسميه ( الكوزنفوبيا)، وهذا الرهاب يتماثل ويتداخل مع ما عرف(بالاسلاموفوبيا) الذى يجد ترحيبا فى العالم الغربى، ويعتبر (الكوزنفوبيا)نهجا سودانيا اصيلا خلقناه من خلال تجربة خاصة لها صفاتها ومنطلقاتها.
2. اولا اود ان ابدأ رسالتى لكم؛ بالحديث عن نفسى، وما ابغض الحديث عن الأنا؛ ولكنى اضطررت على ذلك حتى لا اوضع تحت طائلة اتهام جاهز ومعلب من شاكلة(كوز مختبىء)-(انتهازى مثبط للهمم)-(غير ثورى..)الخ الخ -لاقول بأننى من اؤلئك للذين تضرروا من سياسات التمكين؛ ومن اكثر المنتقدين لتجربة اقحمت الدين الحنيف وباسمه تمت مجزرة اعدام نفر عزيز من اصلب عناصر قواتتا المسلحة ؛ ومنهم صديق شفاف واصيل وهو الفريق طيار خالد الزين ورفقائه.؛ وما اورده هنا ليس دفاعا عن بيوت الاشباح والتجريف الذى شهدته الخدمة المدنية و القوات النظامية تحت شعار التمكين؛ ولكن مداخلتى تهدف لاخراج الوطن من وهدته؛ وابعاده من ان لايقع مرة اخرى تحت قوة سلطوية تفرض رأيها بالقوة سواء تحت سلطة عسكرية او مدنية !......
3. وبمتابعتى لكل التطورات التى مرت على الوطن منذ انقلاب ١٩٩٨ ؛ وحتى (ثورة الشباب)..جاءنى اليقين بأن الذين اصطفوا تحت الشعار المبهم ( الاسلام هو الحل).. تاهوا حول الشعار؛ بين الخيار التربوى المتدرج والمتمشي مع مزاج الاغلبية الغالبة من مواطنى البلد؛ وبين اخرين اثروا التحكم فى مقود الحكم بالبلاد دونما دراسة واعية لطبيعة التكوينات الاثنية والاجتماعية فى قطر يمثل قارة بتنوعه؛ وتعرضت التجربة لهزات و مطبات كان ابرزها ما سميت بالمفاصلة بين عراب الحركة وتلاميذه..وكل متابع ..عاش كيف نمت الخلافات وتشعبت وتعقدت؛ ليصف عراب الحركة بأن التاريخ الاسلامى اتسم بالدموية !! واتجهت السلطة الى سيطرة عسكرية قابضة مع محاولة بعض المدنيين المؤدلجين للتاثير وقيادة دفة البلد الى ما يظنونه الطريق القويم ...واتسمت هذه المحاولات بسعى البعض ان يكونوا فى صدارة المشهد ولو على حساب اخرين..!! وكانت التصفيات بينهم!!!.
4. بناء على ما قلت اعلاه. اخلص للقول ان التجربة لايمكن وضعها فى (سلة واحدة ) ؛ وتصنيف المنتمين لذاك الخيار يتراوح بين من يظن ان بيضة الدين فى خطر و عليه حماية الدين من اعداء..فى تصوره!!_و اطياف تجتزء من الدين بعضا من مباحاته كالتعدد فى الزواج او البحث عن الرزق الذى يمنحه الخالق لمن يحب وقبوله سبحانه الاستغفار!! ومنهم الانتهازى الذى تجدهم فى دهاليز اى نظام وتوجه؛ همهم الوظيفة والعيش فى الظلال.
5. عاش الوطن بين مد وجزر؛ فئة تتغلب على فئة اخرى؛ تماما كما يحدث فى كل الانظمة المؤدلجة التى تقوم على فكر يعتقدونه احاديا (قس على ذلك التجارب الشيوعية:بول بوت فى كمبوديا- كيم ايل سونغ فى كوريا الشمالية ؛ انور خوجة فى البانيا ومن قبلهم الديكتاتور ستالين الذى حكم الاتحاد السوفييتى من ١٩٢٣ حتى موته فى ١٩٥٣..الخ+تجارب البعث القطرى فى سوريا و ما سمى بالبعث القومى بالعراق...!! ).. 6- من الاسباب التى عمقت موجات الكراهية وسدت ابواب الحوار..تلك التجارب الفطيرة التى نمت وترعرعت فى منصات المعاهد والجامعات..وخلقت الظاهرة التى اسميها الهلالريخية...انا مع الهلال اكره المريخ والعكس ايضا. وهذه الجزئية تحتاج الى اعادة النظر فى التجربة برمتها؛ فالامم لاتبنى برفع الاصوات وكيل السباب..بل الخروج من تلك التجارب كلية ومحاولة فهم اشواق واهداف ثورة الشباب والذى اخال ان معظمهم لم يعايشوا او يتماهوا مع هذه الاستقطابات المرضية..ونشدوا سودانا جديدا .سودانا خاليا من عصابات احتلت بيوتنا و محطات الخدمات وسرقت ممتلكاتنا . الخ. اما لو جاء الحديث عن من خلق ظاهرة المليشيات فالامر معروف و مرصود و مشاهد....وبعد سردى المقتضب هذا ..ياليتكم اقتديتم بما قام به المحبوب عبد السلام حين زار الراحل المقيم كمال الجزولى برفقة الكاتب الواعى الواثق كمير واشاد بمجاهدات كمال فى مجال الادب والسياسة...؛ باسلوب فتح ابواب الحوار بين النخب المتنوعة فكريا...يمكن الوصول الى نقاط التقاء ..وتحجيم بؤر الاختلاف التى تؤجج نيران الفتن. اما اذا ظللنا نردد الكيزان الله لا كسبكم والاخر ردد العلمانيين لعنة الله عليهم سنظل ندور فى دائرة الفتن التى تزداد يوما اثر يوم والوطن يتسرب من بين ايدينا لاننا لم نلتزم باهم شرط من شروط الديمقراطية التى تعلى قيم الحوار ..وبالله التوفيق.صلاح محمد احمد
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كريم وزيرى يكتب: حكايات القوادم.. عندما كتبت كوكب الشرق مقالًا عن الحب
فى ستينيات القرن الماضى، وتحديدًا فى العدد رقم ١٤٤ من مجلة «آخر ساعة»، نشرت أم كلثوم مقالًا بعنوان «الحب فى الحقيقة والفن»، حيث خرجت كوكب الشرق عن إطار الأغانى والكلمات الموزونة لتخاطب قراءها مباشرة عبر قلمها، متناولة مفهوم الحب بين الواقع والفن.
المقال كان بمثابة نافذة جديدة لجمهورها، إذ أتاح لهم رؤية جديدة للفنانة التى ما دام عبرت عن مشاعرهم بأغانيها.
جاء المقال فى وقت كانت فيه مصر تمر بمرحلة سياسية واقتصادية استثنائية، إذ كانت البلاد تعيش أجواء ما بعد ثورة ٢٣ يوليو، حيث سادت الروح القومية وشهدت حركة التصنيع القومية وبناء السد العالى، رغم التحديات الاقتصادية التى فرضها التوتر السياسى فى المنطقة وحرب اليمن، وكانت هذه الحقبة مليئة بالأحداث الكبرى التى شكلت وعى المصريين ومواقفهم تجاه القيم الإنسانية الأساسية مثل الحب والتضحية والانتماء.
فى هذا السياق، قررت أم كلثوم أن تكتب عن الحب، ليس فقط بوصفه شعورًا إنسانيًا، بل كقيمة مركزية فى حياتنا اليومية وعلاقاتنا، وهذا القرار لم يكن غريبًا على فنانة عُرفت بدورها الوطنى والاجتماعى، حيث سخرت فنها ليكون صوتًا للوطن والمواطن وجعلت أغانيها يعبر عن مكنونات ما يشعر به المواطن فى وقت حزنه وفرحه وحتى انتصاراته.
وتناولت أم كلثوم فى مقالها الحب كقيمة إنسانية شاملة، مؤكدة أن الحب ليس مجرد كلمات معسولة أو مشاعر مؤقتة، بل هو كما كتبت «فعل مستمر يتطلب الصبر والإخلاص»، وطرحت تساؤلًا مهمًا «هل الحب الذى نراه فى الأفلام والأغانى يشبه الحب الذى نعيشه فى حياتنا؟».
وبواقعية شديدة، أجابت بأن الفن غالبًا ما يقدم صورة مثالية للحب، قائلة «الحب فى الفن قد يكون حلمًا ورديًا، لكنه لا يعكس كل جوانب الحقيقة، بل يلبى رغبة الإنسان فى الهروب من قسوة الواقع»، وهذا التصور الواقعى يتماشى مع فلسفتها الفنية، حيث كانت دائمًا تسعى لتقديم فن يمس القلوب ولكنه يعكس الحياة بمصداقية.
على الجانب الآخر، رأت أم كلثوم أن الحب الحقيقى فى الحياة اليومية «ليس مجرد مشاعر عابرة، بل تجربة مليئة بالتحديات تتطلب التفاهم والتضحية»، ورأت أن الحب الواقعى يتمثل فى قبول الآخر بعيوبه قبل مميزاته، وهو علاقة تقوى مع الزمن رغم الصعوبات.
ولربما يعكس التحليل العميق لكوكب الشرق فى مقالها نضجًا كبيرًا فى فهم العلاقات الإنسانية، وربما جاء نتيجة لتجاربها الشخصية والفنية الكثيرة التى خاضتها خلال رحلتها الفنية والإنسانية، حيث عاشت حياة مليئة بالتحديات والنجاحات التى جعلتها أكثر قدرة على فهم جوهر المشاعر الإنسانية.
ولم تنس أم كلثوم فى مقالها أن تربط مفهوم الحب بالوطن، معتبرة أن حب الوطن هو النموذج الأسمى للحب الحقيقى وكتبت وقالت «حب الوطن هو أصدق أنواع الحب وأكثرها تضحية، إنه حب يتطلب الإيمان بالقضية والعمل من أجلها مهما كانت التحديات»، وشددت على أن الوطن يستحق التضحية والصبر، فهو الحب الذى يربط الإنسان بجذوره وهويته.
ولا يخف على أحد ما قدمته أم كلثوم لمصر وللقوات المسلحة، من دعم معنوى ومادى فى أحلك الظروف التى مرت بها مصر أثناء نكسة ١٩٦٧ والكم الهائل من الحفلات التى وهبت أرباحها للمجهود الحربى، والتى انعكست بصورة واضحة فى كلماتها الصادقة فى مقالها.
وفى سياق الحديث عن حبها لمصر، ذكرت أم كلثوم قائلة «لم يكن صوتى يغنى لمصر فقط، بل كان ينبض بحبها، هى ملهمتى ووطنى الذى أعطيته كل ما أملك»، وتأتى هذه الكلمات كتعبير عن ارتباطها العميق بوطنها، الذى انعكس فى كل أغنية قدمتها، سواء كانت «إنت عمري» أو «مصر التى فى خاطرى».
وكتبت أم كلثوم مقالها بأسلوب بسيط، لكنه مشحون بالمعانى العميقة، ولم تستخدم لغة معقدة أو فلسفية، بل لجأت إلى أسلوبها المعتاد الذى يمزج بين الحكمة والدفء، لتصل إلى جمهورها بطريقة تشبه حديثها معهم على المسرح.
ومن خلال هذا المقال، وجهت أم كلثوم عدة رسائل مهمة حول مفهوم الحب، أولها أن الحب ليس مثاليًا، مؤكدة أن الحب الواقعى ليس قصة خيالية أو حلمًا ورديًا، بل هو علاقة تتطلب بذل الجهد والإخلاص.
كما أشارت إلى أن الحب فى الأغانى والأفلام قد يكون مبالغًا فيه، لكنه يظل وسيلة للتعبير عن أحلام الناس ورغباتهم، ودعت إلى ضرورة التمييز بين الحب كما يُقدم فى الأعمال الفنية والحب كما يُعاش فى الحياة.
ولو قرأنا مقال أم كلثوم اليوم، لوجدناه لا يزال يحمل رسائل صالحة لكل زمان، ففى العصر الحالى، يواجه الحب تحديات مختلفة، من ضغوط الحياة إلى تأثير التكنولوجيا على العلاقات وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى تؤثر بشكل كبير على كيفية فهم الناس للحب وتوقعاتهم منه، وأصبحت العلاقات أكثر سطحية فى كثير من الأحيان، مما يجعل كلمات أم كلثوم تذكيرًا بأهمية التركيز على جوهر الحب الحقيقى الذى ينبع من القلب ويُثبت نفسه بالأفعال.
اختتمت أم كلثوم مقالها برسالة تدعو القراء إلى التفريق بين الحب المثالى الذى قد يظهر فى الفن والحب الواقعى الذى يعيشونه وقالت، «الحب ليس قصة مثالية، بل هو علاقة حقيقية تثبت نفسها بالأفعال»، مشيرة إلى أن التحديات اليومية هى ما يجعل الحب واقعيًا ومستمرًا.