سودانايل:
2024-07-01@14:51:36 GMT

دعونا نضع حداً لحرب الضعفاء هذه: الجزء الثالث

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

دعونا نضع حداً لحرب الضعفاء هذه: الجزء الثالث
بروفيسور إبراهيم أحمد البدوى عبد الساتر
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السابق
يونيو، 2024

بسم الله الرحمن الرحيم
نواصل في هذا الجزء الثالث والأخير من المقال استدعاء الدروس والعِبَر من تراثنا العربي-الأفريقي المزدوج عن نِعَم ومِنَن السلام وعظمة من قيضهم الله سبحانه وتعالى لبنائه، لما لهذه العِبَر والدروس من دلالاتٍ عظيمة لحالنا ومآلنا في ظل هذه الحرب المأساوية.


الرسالة الأولي لمعلقة شاعرنا الحكيم زهير بن أبي سلمي والتي استعرضناها في الجزء الثاني كانت عن ويلات ومآس ي الحروب الأهلية، بينما الرسالة الثانية مثار هذا الجزء لهذه المعلقة التي تنضح بالحكمة تتمثل في احتفاء الشاعر
ببناء السلام وإصلاح ذات البين والبذل والعطاء في سبيل ذلك، حيث أبدع في مدح الحارث بن عوف وهرم بن سنان، صانعي السلام. وكان هذان السيّدان من أشراف بني ذبيان قد أديا من مالهما الخاص دِيّات القتلى من الفريقين، وقد بلغت بتقدير بعضهم ثلاثة آلاف بعير:
سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ
يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأمَرِ نَسلَم
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها وَمَن يَستَبِح كَنزاً مِنَ المَجدِ يَعظُمِ
فَأَصبَحَ يَجري فيهُمُ مِن تِلادِكُم مَغانِمُ شَتّ ى مِن إِفالِ المزَُنَّمِ
وكما ورد في تحليل الباحث في اللغة العربية وآدابها، الأستاذ مؤيد الشرعة، فقد امتدح الشاعر في اللوحة أعلاه من الملعقة هرم بن سنان، والحارث بن عوف اللذين كان "لهما الفضل في انتهاء حرب داحس والغبراء، إذ دفعا دية قتلاها جميعهم، فنجد أنّ الشاعر يقسم برب البيت الحرام، بأنّ هذين الرجلين لم يأتِ على العرب مثلهما، فهما قد تداركا فناء قبيلتين، وأنهيا حربا عظيمة. وهنا يشير الشاعر إلى عظم دورهما، فصحيح أنهما دفعا مبالغ مالية كبيرة، إلا أنهما خلّدا اسميهما في التاريخ، فلا زالت قصتهما تُحكى إلى اليوم، فالمال يزول لكن السمعة والسيط الطيب يبقيان لآخر العمر، فقد كانت تجارتهما رابحة" . ما قام به هذان الرجلان العظيمان كان ،بمقاييس زماننا هذا، بمثابة مشاريع بناء السلام الكبرى عندما يحزم أهل البلاد المأزومة وقواها الحية أمرهم في بذل كل مرتخصٍ وغالٍ لتحقيق هذه الغاية النبيلة ويتسنى لهم الدعم والمساندة من مؤسسات الشرعية الدولية والإقليمية .
وهناك أيضاً موروثنا الأفريقي العظيم والذي كان وتراثنا الإسلامي الصوفي المتسامح حافظاً لبيضة السودان وجامعاً للُحمَته القومية رغم تعثر مشروع البناء الوطني، خاصة بعد تسيد ثقافة الإقصاء والتغلب التي أتى بها نظام الإنقاذ البائد وحاضنته "الإسلاموية". في معرض تحليله للنجاحات النسبية للتجارب الديمقراطية في بعض الدول الأفريقية، قطع البروفيسور جيمس روبنسون، أستاذ الاقتصاد السياس ي بجامعة شيكاغو الأمريكية وصاحب الكتاب الشهير "لماذا تفشل الأمم" ، قطع روبنسون بأن هذه النجاحات ربما تعود إلى أن اتخاذ القرارات في التراث الأفريقي التقليدي عادة ما يتم با لإجماع وليس بالأغلبية، حيث تولى التقاليد الأفريقية الكثير من الأهمية للمؤسسات التي ترسخ هذه الثقافة ولهذا تتناسب اللامركزية والديمقراطية التوافقية مع طبيعة المجتمعات الأفريقية المتنوعة، بينما أدت الدولة المركزية القابضة التي أنشأها الاستعمار إلى فشل المشروع الوطني في كثير من هذه البلاد.

فهل لنا أيضاً أن نتدبر في حكمة شاعرٍ عاش في زمان قريب ونحزم أمرنا ونصلح ذات بيننا وننهى هذه الحرب اللعينة:
إذا التفَ حولَ الحقِ قومٌ فإنه يُصرِم أحداثَ الزمانِ ويُبرِم

ibrahim.abdelsatir@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

قراءة لقصيدة اغتراب للشاعرة (آمال صالح)


(اغتراب ) 
    يستخدم الشاعر اسم لنصه 
يتلاءم مع مايربو إليه 
لهذا الإسم لا بد من مبررات 
جزء من النظام المعرفي أو مايسمى بالعتبة لإيصال فكرة ما
 من لم يألف الغربة من الصعب الخوض في غمارها  !!
بدت شيئا جديدا، الجمل الشعرية يمكن أن تفجر التفاعل بين الصوت والمعنى والغاية التي يثيرها التفاعل الدلالي... بعد أن كان يعيش في مأمن في بلده لكن الظروف والأوضاع حالت دون ذلك لذلك لجأ إلى الغربة بحثا اما عن الأمن والأمان والعيش الكريم !!
يقول سارتر: إن الاغتراب النفسي حالة طبيعية لوجودنا في عالم خال من الغرض !!
فما بالك عندما يعيش اغتراب المكان والاغتراب النفسي !! 
تجربة شعراء الاغتراب جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا ابو ماضي والجواهري والبياتي وبلند الحيدري وأحمد مطر..  تجربة هؤلاء العمالقة في الشعر ومدى تأثير الغربة على نتاجهم !!
لذلك ترى البعض  رغم كل مايحيط به من أناس حوله الا أنه يعيش حالة الاغتراب  !!
ليس سهلا أن تنتقل من مكان إلى آخر سوف تتغير الكثير من الأمور   لذلك نرى صور درامية نابعة من احساس الشاعر وأن محاكاة الشاعر يتم الكشف الهاجس الخفي لتسليط الضوء عنه !!
الساعات تجري بالمقلوب !!
على أطراف الوحدة!!
زمن قاسي !!
هل هو الشعور بالوحدة أم هو الحنين إلى الوطن !!
يبقى تأثير الارض (الوطن الأصلي )
كالحلم التي تفجر مخيلة الشاعر لذلك هنالك اضطراب في المكان بين الماضي والحاضر، نلاحظ هنالك عدم توازن بين البيئة الحاضنة والبيئة الماضية !!

اي هنالك هوس ووله للمكان ذاته !!
فان: رائحة المكان !!
ضجيج الامس!!
وهم المكان !!
حوار متعدد للذات
يحفز المتلقي على مواصلة فهم المونولوج والحزن حالة شعورية تعبر عن الذات لذلك تبحث الشاعرة ( آمال صالح) عن البعد الانساني بتجلياته والصراع قائم بين المكانين بيقى صراع النفس قائما وهي صور التجلي مستمرة !!
خيط الأمل تلك الفسحة من الحياة التي تعتبر نقطة ضوء وبصيص أمل للوصول إلى الغاية( الأشرعة)  الحرية التي يبحث عنها الانسان اينما كان ليعبر عن ذاته وتطلعاته الغايات لاتنتهي والامنيات تبقى في هواجسنا كلنا نسعى إلى تحقيقها.....
قد تكون هنالك فترة يقرر فيها الانسان أن يعود إلى الأم الأرض التي ولد فيها فلايمكن ان تنتزع العواطف أو تلغى قسرا لكن هل يستطيع ان يتعايش مع بيئة اختلفت اختلافا جذريا اصبح جزءً منها   ؟؟
من الصعب أن تجد جواب ؟؟
إن الوعي الوجداني والشعري  هو صوت يخترق مسمعنا وتلك الايقاعات السردية تعبر عن الكثير ممن عانوا الغربة 
هل يستطيع المغترب بعد ان عاش تلك المسافة المعتمة بالقلق والحصار وتشتيت الفكر والاحساس بالعودة مرة اخرى إلى الوطن الأم !! لذلك إن التوهج العاطفي والخيال الشعري في مخاطبة المكان هذا الهاجس اللاشعوري المشحون لألق الكلمة دليل على قدرة الشاعر في إضاءة العتمة لتشكيل محور جوهري في بنية الذات والانتماء....كذلك الخيال الدرامي لتشكيل وحدة النص لتوسيع أفق المتلقي بعد ان وضع عدة تساؤلات استفهامية تأملية تجلت في تلك الصور الشعرية.... التساؤلات الذهنية من خلال غربة الذات قصيدة تستوعب التراكمات الحياتية في فضاء روحي واسع لتطلعات مكبوتةبشكل درامي....

 

مقالات مشابهة

  • في هذا الموعد.. كريم عبد العزيز يبدأ تصوير الجزء الثالث من فيلم «الفيل الأزرق»
  • “إنسايد آوت 2” يواصل للأسبوع الثالث تصدّر شباك التذاكر في أميركا الشمالية
  • يوليو الحالي..بدء تصوير الجزء الثالث من مسلسل "كامل العدد"
  • أول يوليو.. إذاعة الجزء الثالث من "يوميات صفصف" لـ صفاء أبو السعود
  • موعد إذاعة الجزء الثالث من «يوميات صفصف» لـ صفاء أبو السعود على الراديو 9090
  • «الراديو 9090» يعرض الموسم الثالث من يوميات صفصف أول يوليو
  • القصبي: في ذكرى 30 يونيو دعونا نستعيد مسيرة التنمية والتقدم التي شهدتها مصر خلال فترة حكم الرئيس السيسي
  • قراءة لقصيدة اغتراب للشاعرة (آمال صالح)
  • «الصحة»: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين بمنظمة تنمية الاتحاد الأفريقي
  • الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين بمنظمة تنمية الاتحاد الأفريقي على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية والبيولوجية