بوابة الوفد:
2024-12-18@17:08:57 GMT

كراكيب من الخوف

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

كان الخوف فى طفولتنا رقيقًا مثل أحلامنا، فأقصى ما كنا نخاف منه عصا سيدنا وفلكته، وما ينتظرنا من العقاب صبيحة يوم غد إذا ساقت الأقدار سيدنا إلى المكان الذى نلعب فيه، فيلمح بطرف عينه تلك الأجسام الضئيلة، وهذه الأقدام الحافية تتسابق وتتصارع خلف كُرة أوشكت معالمها أن تندثر وسط الغبار، ثم يأتينا فجأة صوت المنادى كصافرات إنذار الكوارث: «اجرى.

. سيدنا هيشوفنا!»، لتغير الأجساد وجهتها والأقدام أهدافها، ويتحول مشهد اللعب إلى مشهد فرار من هجوم مفاجئ بالأسلحة الثقيلة، فيبحث كل منا عن ساتر يواريه، ومخبأ يحميه، عسى أن يسقط  اسمه من كشوف سيدنا وعقاب فلكته غدًا.

كنا نخاف من تلك الحكايات التى تمر على أسماعنا بأن فلانًا ابن فلان قد مات غرقًا أو حرقًا، وأنه يظهر ليلًا فى تلك البقعة التى خرجت فيها روحه إلى بارئها، متجسدًا فى صورة قط أسود تخرج من عينيه نار، لتصبح تلك البقع من الأماكن المحرمة، وتصير حدودًا لا يستطيع الاقتراب منها إلا الشجعان، ثم نستمع بإنصات إلى حكايات من تشجع وقرر الذهاب إلى هناك، لينسج لنا بعد هذه الرحلة قصصًا تزيد مخاوفنا وتؤكدها!

كنا نخاف من هتك أسرار شقاوتنا وافتضاح أمرها، تلك الأفعال التى لم تتجاوز محاولات تدخين سيجارة خلسة بعيدًا عن الأنظار، سيجارة قد جمعناها من بقايا أخواتها المتناثرة فى الطرقات هنا وهناك، أو قمنا بشراء عدد منها فى الأعياد لا يتجاوز عدد من قرر الانحراف والإقبال والاشتراك فى تلك الجريمة.. ليتم كشف أمرنا بعد النظرة الأولى من أهالينا، وننال ما نستحق من العقاب. 

ثم كبرنا وكبر الخوف معنا عندما رأينا أطفالنا يتحدثون عن «الكراش والإكس»، ويتحدثون بلهجات غريبة على أسماعنا، ويستخدمون ألفاظًا أغرب لا تستوعبها عقولنا، ويسردون قصص الحب الملتهبة بين تلاميذ لم تتجاوز أعمارهم السنوات الأولى من التعليم الأساسي، ويشتعل الخوف فى قلوبنا أكثر فأكثر، عندما نرى فى أعين تلك البراءة ضحكات من السخرية المعلنة، والصرخات المبطنة بالصمت تقول لنا: انظر حولك وتفحص جيدًا، على من تسلط أضواء الكاميرات وتنهال الأموال، انظر حولك وتفحص جيدًا، فقد تغيرت المعانى وتبدلت الأحوال وتحولت المفاهيم، وأصبح العلم فى «الراس مش فى الكراس».. حابب تتأكد خدلك جولة على «انستجرام» و«التيك توك»  يابابا!

كبرنا وازداد الخوف فى قلوبنا ونحن نشاهد مقاطع فيديو لشاب يطعن فتاة بسكين فى وضح النهار لرفضها الزواج منه أو الارتباط به، طعنة وراء أخرى، لتسقط تلك المسكينة غارقة فى دمائها تلفظ أنفاسها الأخيرة أمام الناس، ثم يزداد الخوف عندما ترى أن هذه الحادثة أصبحت مسلسلًا يتكرر بالسيناريو نفسه مع تغير الأبطال وأماكن التصوير.  

كبرنا وكبر الخوف معنا كلما رأينا حادثة هنا أو حريقًا هناك، دون أن تجد له تفسيرًا يدخل فى نطاق العقل والمنطق، ودون أن تجد إجابة عن السؤال: كيف يحدث هذا، ولماذا يحدث، ومن المسئول عن ذلك كله؟!

فى طفولتنا كنا نسير بين مخاوفنا وأحلامنا فى شوارع من السكينة والأمان، لا نخاف جوعًا ولا نخشى عطشًا، ولا نحمل همَّ رزق، وعندما كبرنا أدركنا ما كان يحمله الآباء عنا، فتبدلت الأحلام وتغيرت الهموم، وبقيت كراكيب الخوف تلاحقنا وتكبر فى نفوسنا، وبقيت أقصى أمانينا أن نهرب من عقاب سيدنا وفلكته!  

>> يقول نيلسون مانديلا :

تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأسلحة الثقيلة

إقرأ أيضاً:

تثير الخوف والحيرة. سيناتور أمريكي يطالب بتعقب المسيرات المجهولة

طالب السيناتور الأمريكي تشاك شومر الحكومة الفيدرالية باستخدام تكنولوجيا أفضل لتعقب المسيرات المجهولة، بهدف التعرف عليها وإيقافها.
جاء ذلك بعد أسابيع من الخوف والحيرة بشأن الطائرات المسيرة التي تحلق فوق مناطق من نيويورك ونيوجيرسي.
ووفقًا لتصريحات صادرة عن مكتبه، دعا شومر، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية نيويورك، وزارة الأمن الداخلي إلى استخدام تكنولوجيا خاصة على الفور لتحديد وتعقب هذه المسيرات حتى نقاط هبوطها.تزايد القلق العامتأتي دعوات شومر وسط تزايد القلق العام من أن الحكومة الفيدرالية لم تقدم تفسيرات واضحة بشأن من يشغل المسيرات، كما أنها لم توقفها.
وقال مسؤولو الأمن القومي، إن هذه المسيرات لا تبدو أنها علامة على تدخل أجنبي.
وقال الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي: "هل يمكن أن يحدث هذا حقًا دون علم حكومتنا؟ لا أعتقد ذلك، دعوا الرأي العام يعرف، وأن يعرف الآن وإلا فأسقطوها".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } السلطات الأمريكية فشلت في التعرف على المسيرات الغامضة - blue Newsنشاط إجرامي أو أجنبي

لا تزال مُسيّرات مجهولة تظهر في السماء فوق شمال شرق الولايات المتحدة في نهاية هذا الأسبوع، ما دفع السلطات الفدرالية إلى التشديد مجددًا على عدم وجود أي نشاط إجرامي أو أجنبي في هذا الصدد، فيما اقترح الرئيس المنتخب دونالد ترامب إسقاطها.

وقالت كاثي هوكل، الحاكمة الديموقراطية لولاية نيويورك، رابع أكبر ولاية أميركية لناحية عدد السكان (20 مليون نسمة)، في بيان يوم السبت، إن مدارج مطار صغير في المنطقة أغلقت لمدة ساعة مساء اليوم السابق بسبب ظهور "مسيّرات جديدة".

أخبار متعلقة بعد 15 عامًا.. ولاية إنديانا تستعد لإعدام رجل قتل 4 أشخاصاحتمال حدوث فيضانات.. تحذير من هطول أمطار متواصلة على بريطانيا

وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، أكدت السلطات الملاحية في نيويورك هذا الإغلاق القصير الذي لم يكن له أي تأثير في الرحلات الجوية.

بلاغات عن تحليق مجهول

ومنذ أسابيع عدة، يُبلغ سكان في منطقة نيويورك ونيوجيرسي عن تحليق لطائرات بلا طيار في السماء، وهي ظاهرة أثارت قلقا، خصوصا أن السلطات المحلية والوطنية لم تقدم أي إجابات في شأن مصدرها.
وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأجهزة مضيئة تحلق في السماء، فيما ينتقد مسؤولون منتخبون محليون إدارة الرئيس جو بايدن بسبب ما يعتبرون أنه تقاعس من جانبها.

مقالات مشابهة

  • القليل من الخوف يمكنه أن يخفض مستويات الالتهاب المرتفعة
  • خطوات سهلة تساعدك في السيطرة على الخوف من المستقبل
  • آيات قرآنية تحفظك من الخوف والهم وتزيد الرزق.. إمام الدعاة نصح بها
  • حكم استحباب البدء بالصلاة على سيدنا محمد في مهمات الأمور
  • بين الخوف والنزوح والموت.. قصص مأساوية لأصحاب الأمراض المزمنة في السودان
  • د. حسن البراري يكتب .. الطغاة يجلبون الغزاة
  • احذر.. هذه العادة في استخدام الهاتف تزيد القلق
  • جدعون ليفي: إسرائيل تجرع شعبها الخوف مع حليب أمهاتهم
  • تثير الخوف والحيرة. سيناتور أمريكي يطالب بتعقب المسيرات المجهولة
  • رمضان عبد المعز: كلام سيدنا النبى بيطمنا ويعلمنا منخافش من بكرة