معضلة كبيرة تواجهها المجموعات العربية والمسلمة بأمريكا فيما يتعلق بتصويتهم فى الانتخابات الرئاسية فى 5 نوفمبر القادم، إذ عليهم التصويت لدونالد ترامب، أو لجو بايدن.

الخيارات أمام هؤلاء الناخبين والناخبات سيئة، أو شديدة السوء فى مختلف التقديرات، فهناك مرشح لا يتردد فى التأكيد على صهيونيته رغم كونه كاثوليكيا، ومرشح آخر لا يتردد فى التأكيد على صداقته القوية لإسرائيل لأسباب مختلفة، منها العائلية.



ترك السباق الرئاسى أيضا الناخبات والناخبين الأمريكيين ــ بشكل عام ــ أمام اختيار صعب بين مجرم مدان بجرائم جنائية وعمره 78 عاما، ومرشح آخر عمره 81 عاما، ابنه مجرم مدان كذلك بجرائم جنائية.
من بين ما يقرب من 336 مليون مواطنة ومواطن أمريكى، 4.5 مليون منهم يعتبرون عربا ومسلمين، أى حوالى 1.3٪ من السكان. وصلت مشاركتهم فى انتخابات 2020 تقريبا لـ1.5 مليون، بمعدل إقبال بلغ 71%. وتعول حملة بايدن على أن يقبل هؤلاء مواقفه رغما عنهم، ويصوتون له على أى حال عندما يفكرون فى البديل المحتمل: الرئيس السابق دونالد ترامب، الذى يدعم إسرائيل أيضا وله تاريخ من الخطاب المعادى لمن يدينون بالإسلام.

تاريخيا، ومنذ وقوع هجمات 11 سبتمبر، وما تبعها من شن إدارة الرئيس الجمهورى، جورج دبليو بوش، حربا أطلق عليها اسم «الحرب على الإرهاب»، والتى برر بها غزو أفغانستان عام 2001، ثم غزو العراق عام 2003، أدى ذلك لاقتراب أغلب العرب من الحزب الديمقراطى، الذى اُعتبر أقل جنوحا إلى اللجوء لاستخدام القوة، وعضد من اقترابهم من الحزب الديمقراطى سياسات الرئيس الجمهورى السابق ــ دونالد ترامب ــ بتقييد سفر مواطنى ومواطنات عدة دول إسلامية للولايات المتحدة، ودعمه الكبير لإسرائيل. إلا أن دعم بايدن الأعمى، وغير المشروط، سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا واستخباراتيا وماليا لإسرائيل، أدى إلى تآكل بعض النوايا الحسنة التى حاول الحزب الديمقراطى بناءها مع المجموعات العربية والمسلمة فى أمريكا على مدى العقدين الماضيين.

 وفقا لدراسة لمركز بيو لأبحاث الرأى العام، فإن 66% من الأمريكيات والأمريكيين المسلمين يقولون إنهم ديمقراطيون أو مستقلون يساريون صوتوا لصالح بايدن عام 2020. ومع ذلك، لن يكون بايدن حكيما إذا اعتبر تصويت الناخبات والناخبين العرب أو المسلمين له أمرا مفروغا منه، إذ لا يدرك أن الآلاف منهم أصبح لهم هدف انتخابى وحيد ألا وهو هزيمة بايدن وعقابه بجعله رئيسا لفترة رئاسية واحدة.

من الجدير بالذكر، أن العرب الأمريكيين والمجموعات المسلمة ليسوا كتلة واحدة. فى الواقع بينهم انقسامات واسعة، فمنهم محافظون اجتماعيا ودينيا ويصوتون للحزب الجمهورى بسبب سياسات تتعلق بطبيعة وشكل العائلة التقليدية، وقضيتى الإجهاض والمثلية الجنسية. وهناك الكثير من عرب أمريكا، ربما أغلبية، من المسيحيين، لا تحبذ الحزب الديمقراطى تاريخيا، ويفضلون مرشحا جمهوريا. لذا تراهن حملة بايدن على أن المجتمعات العربية والمسلمة فى أمريكا ستدعمه فى النهاية على حساب ترامب، على الرغم من أى غضب لديهم بسبب مواقفه بشأن غزة.

من ناحية أخرى، يبدو أن حسابات بايدن لا تتركه متحمسا لتغيير سياساته كى يجذب أصوات الكتلة العربية والمسلمة فى أمريكا. اختار بايدن نهجا آخر وهو تلبية مطالب كبار مانحى الحزب الديمقراطى من المليارديرات اليهود. ومن بين هؤلاء من قدموا تبرعات تقترب من المليون دولار من حساباتهم الشخصية، ومن بين هؤلاء من يُعرف بالعداء الصريح للعرب وللشعب الفلسطينى والتعصب ضد الإسلام، ويبدون فى الوقت ذاته تعاطفا ساحقا مع إسرائيل حتى عندما ترتكب جرائم حرب وإبادة جماعية.

من بين هؤلاء يأتى الملياردير، ذو الأصول المصرية، حاييم سابان، وهو ممن ساهموا بأكثر من مليون دولار لحملة بايدن، وساهم كذلك بملايين أخرى فى لجان تمويل الحملات الانتخابية التابع لمنظمة آيباك، أكبر منظمات اللوبى اليهودى فى أمريكا، وهو عضو فى مجلس إدارة جمعية أصدقاء الجيش الإسرائيلى.

قبل أسابيع، وعقب تعطيل بايدن المؤقت لشحن القنابل العملاقة التى تزن 2000 رطل، بعث سابان برسالة بريد إلكترونى إلى بايدن منتقدا قرار الرئيس، ومحذرا بالقول «دعونا لا ننسى أن هناك ناخبين يهودا، يهتمون بإسرائيل، أكثر من الناخبين المسلمين الذين يهتمون بحماس»، مشيرا إلى أن وضع شروط على عمليات شحن الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل يشبه دعم حماس. وأوضح سابان أولوياته فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز قائلا: «أنا رجل ذو قضية واحدة وقضيتى هى إسرائيل». كما تبرعت زوجة سابان، شيريل سابان، بمبلغ 929 ألف دولار لحملة بايدن، وقدمت 2.18 مليون دولار لجمعية أصدقاء الجيش الإسرائيلى فى عام 2022 كهدية قدمتها مع زوجها.

ستنتهى انتخابات 2024 بلا شك متقاربة فى النسب التى سيحصل عليها ترامب وبايدن. وستحسم ست أو سبع ولايات متأرجحة سباق الانتخابات. ومن حُسن حظ الناخبات والناخبين العرب والمسلمين وجود أعداد كبيرة منهم فى أربع ولايات متأرجحة وهى ميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن وجورجيا. ومن شأن اختيار أغلبهم تغيير نمط دعمهم التقليدى للمرشح الديمقراطى، والتصويت لدونالد ترامب، أن يقلب نتيجة الانتخابات فى ولاية أو أكثر، وهو ما سيسهم بصورة كبيرة فى تحديد هوية الرئيس القادم للولايات المتحدة.

فهل تفعلها الكتلة العربية والمسلمة فى أمريكا وتعيد ترامب للبيت الأبيض وتعاقب بايدن، أم أن تخوفهم من ترامب سيدفعهم للإبقاء على رئيس كرر وأكد، طول فترة العدوان على قطاع غزة، على دعم إسرائيل بكل ما يمكن غير مكترث بسقوط ما يقرب من 40 ألف شهيدة وشهيد أغلبهم من الأطفال والنساء، وغير مكترث بأصوات المجموعات العربية والمسلمة فى أمريكا؟

(الشروق المصرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربية الانتخابات ترامب بايدن غزة امريكا غزة العرب انتخابات بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الدیمقراطى من بین

إقرأ أيضاً:

بعد أدائه المهزوز أمام ترامب.. هل يمكن استبدال بايدن بمرشح ديمقراطي آخر؟

ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن بأداء مهزوز للغاية في أول مناظرة تجمعه مع منافسه الجمهوري، والرئيس السابق دونالد ترامب، تمهيدا للانتخابات التي تجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ودفع تلعثم بايدن، وعدم قدرته على مجاراة ترامب في عدة مناسبات خلال المناظرة، إلى فتح نقاش جديد داخل الحزب الديمقراطي حول قدرة الرئيس البالغ من العمر 81 عاما، على الترشح لولاية رئاسية جديدة تمتد لأربع سنوات.

وفور انتهاء المناظرة، سلطت وسائل إعلام الضوء على تساؤل "هل يمكن للديمقراطيين استبدال بايدن بمرشح آخر؟".

وبالعودة إلى القانون الداخلي للحزب الديمقراطي، فإن هذه المسألة ممكنة في حالات محدودة فقط، ولكنها لا تبدو واقعية لأسباب عديدة.

وبرغم تزايد الأصوات المعارضة لترشح بايدن للانتخابات داخل معسكر الحزب الديمقراطي بسبب عدم إيمان ملايين الناخبين بقدرات الرئيس الذهنية، إلا أن ذلك لم يؤثر لغاية اللحظة على الإجماع حوله داخل حزبه.

وحصل بايدن مسبقا على تأييد نحو 3900 مندوب من الحزب، من أصل 4000 يحق لهم التصويت على مرشحي الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية.

وجاء تأييد بايدن قبل شهور كإجراء يُنظر إليه على أنه تقليدي للحزبين الجمهوري والديمقراطي بمنح من يرأس البلاد فرصة للفوز بولاية ثانية.

الأمر بيده
من الحالات النادرة التي قد يتغير فيها بايدن، هو موته قبيل الانتخابات، أو مرضه بحيث لا يقوى على الكلام. وبهذه الحالة يتعين على مندوبي الحزب الديمقراطي اختيار بديل له.

أما إذا بقي بايدن على وضعه الصحي الحالي، وبرغم عدم إيمان كثير من الديمقراطيين بقدرته على إدارة البلاد، إلا أن الأمر سيكون بيده للترشح واستكمال المشوار.

ولا يستطيع الحزب الديمقراطي إجبار بايدن على الانسحاب، إلا إذا قرر هو ذلك بنفسه، وذلك بعد حصوله على أغلبية مؤيدة لترشحه مسبقا.


ورطة محتملة
لا تبدو الأمور أفضل كثيرا بالنسبة للحزب الديمقراطي في حال انسحاب بايدن، إذ يتبقى على موعد الانتخابات الرئاسية نحو أربعة شهور فقط، وهي مدة غير كافية لاختيار مرشح توافقي داخل الحزب.

وبحسب تقرير لـ"فايننشال تايمز" فإنه في حال قرر بايدن الانسحاب، فإن إيجاد بديل له سيتطلب عدة جولات من الانتخابات الداخلية، واستطلاعات الرأي التي لن يكفيها المدة المتبقية للانتخابات.

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الاقتراحات هو حلول نائبة بايدن، كامالا هاريس كمرشحة بدلا منه، إلا أن هذا المقترح لا يحظى بإجماع داخل الحزب الديمقراطي.

وأشار استطلاع رأي سابق إلى أن نسبة رضا الديمقراطيين عن كامالا هاريس لا تتجاوز حاجز الـ40 بالمئة.


من جلسة واحدة
أحد المقترحات من قبل مشرعين ديمقراطيين، هو اختيار بديل لبايدن من جلسة واحدة فقط، حتى لو لم يحظ بإجماع الأغلبية.

ونقلت شبكة "سي أن أن" عن ديفيد أكسلرود، أحد كبار مستشاري الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، قوله: "هناك شعور بالصدمة إزاء الطريقة التي ظهر بها في بداية هذه المناظرة، وكيف بدا صوته.. لقد بدا مرتبكا بعض الشيء. ستكون هناك مناقشات حول ما إذا كان ينبغي أن يستمر"، مضيفا: "هو وحده من يستطيع أن يقرر ما إذا كان سيستمر أم لا".

وتوقع أكسلرود أن بايدن لن يترك السباق الانتخابي، مشيرا إلى أن "هذا الرجل لديه الكثير من الفخر ويؤمن بنفسه". لكن متخصصين في الشؤون الأمريكية صرحوا لشبكة "إيه بي سي نيوز" بأن الخيارات محدودة في حال رفض بايدن مغادرة السباق بمحض إرادته.

ففي هذه الحالة، سيكون أحد الحلول المتبقية وفق نائب ديمقراطي لم تكشف القناة الأمريكية عن اسمه هو "تنظيم مؤتمر مفتوح في الحزب الديمقراطي واختيار مرشح جديد من هذا المؤتمر".

ليست سابقة تاريخية
في حال انسحب بايدن فإن ذلك لا يعد سابقة تاريخية، ففي عام 1968، انسحب الرئيس الأسبق ليندون جونسون من السباق الانتخابي، بسبب حظوظه الضعيفة بالفوز في ولاية ثانية.

وفتح انسحاب جونسون حينها جدلا واسعا وانقساما داخل الحزب الديمقراطي في الانتخابات التي عقدت على وقع الحرب الفيتنامية.

وبعد مؤتمر عاصف عُقد في شيكاغو، تم اختيار المرشح هوبرت همفري حينها للتنافس في الانتخابات.

وبعد أربع سنوات من انسحاب ليندون جونسون المفاجئ، انسحب الديمقراطي توماس إيغلتون من منصب نائب الرئيس للمرشح الرئاسي للحزب جورج ماكغفرن.

يشار إلى أن المؤتمر العام للحزب الديمقراطي سيُعقد في الفترة من 19 إلى 22 آب/ أغسطس المقبل في شيكاغو.

مقالات مشابهة

  • "نيويورك تايمز": ممولو الحزب الديمقراطي يريدون استبدال بايدن بـ"القوة"
  • أوباما يرد على انتقادات بشأن أداء بايدن في المناظرة.. والأخير يؤكد موقفه
  • بعد أدائه المهزوز أمام ترامب.. هل يمكن استبدال بايدن بمرشح ديمقراطي آخر؟
  • Axios: الديمقراطيون يشككون في قدرة هاريس على الحلول محل بايدن
  • بعد أدائه المهزوز أمام ترامب.. هل يمكن استبدال بايدن بمرشح ديقمراطي آخر؟
  • العقبة جيل بايدن.. هل تتدخل ميشيل أوباما؟
  • بايدن فشل فى تصوير ترامب مدمرًا للديمقراطية في حادثة اقتحام الكابتول
  • الديمقراطيون يبحثون عن بديل لبايدن بعد تعثره أمام ترامب
  • ترامب يهزم بايدن في ملف "الإجهاض" الحصان الرابح في سباق المرشح الديمقراطى
  • هل تعاقب المجموعات العربية والمسلمة في أمريكا الرئيس بايدن؟