تحت شعار بالعلم نُحرّر.. مؤتمر بحثي في الأردن يستشرف مستقبل القدس
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
عمّان- العلم في خدمة قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية القدس المحتلة، كان ذلك الهدف الأساس للمؤتمر البحثي الأول من نوعه لدبلوم دراسات القدس في قصر المؤتمرات بجامعة العلوم التطبيقية في العاصمة الأردنية عمّان، حيث شكل المؤتمر فرصة للالتقاء والتباحث حول قضايا مهمّة تمس المدينة المقدسة استنادا إلى البحث العلمي والمعارف المتخصصة.
وجمع المؤتمر الذي يسعى لبحث واستشراف واقع ومستقبل مدينة القدس، مجموعة من الأساتذة الجامعيين والباحثين في علوم بيت المقدس وتنظمه مؤسسة ملتقى القدس الثقافي بالاشتراك مع كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة، وقد حمل المؤتمر في دورته الأولى شعار "بالعلم نُحرّر".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال محمد البزور رئيس ملتقى القدس الثقافي المنظم للمؤتمر إن المؤتمر يأتي استلهاما لمسيرة العلماء في التصدي لمحاولات الاحتلال فرض سيادته على مدينة القدس، مشيرا إلى أهمية توظيف البحث العلمي والأكاديمي في خدمة قضايا الأمة، ولا سيما القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وقد أشار عميد كلية الشريعة في جامعة العلوم التطبيقية عبد السلام فندي إلى الأهمية التي تحملها مثل هذه المؤتمرات في إحياء قضية القدس والمسجد الأقصى وفلسطين على وجه أعم، مشيدا بمستوى البحوث العلمية والأوراق التي نتجت عن هذا المؤتمر.
المؤتمر استعرض أوراقا بحثية لخريجي دبلوم دراسات القدس (الجزيرة) واقع ومستقبل القدسوافتتح المؤتمر بالجلسة الرئيسية التي حملت عنوان "القدس.. الواقع والمصير"، حيث تحدّثت مجموعة من الأساتذة المهتمين في شؤون القدس والمسجد الأقصى المبارك، مشيرين إلى وجوب التصدي لممارسات الاحتلال التهويدية والحيلولة دون وقوع انتكاسات في قضية فلسطين.
وفي الورقة المتعلقة باستشراف مستقبل مدينة القدس تحدّث أستاذ العلوم السياسية وليد عبد الحي حول ضرورة إدارة وتوظيف المتغيرات لخدمة قضية فلسطين، مضيفا أن الدراسات تثبت أن تأييد الرأي العام العالمي لضم القدس للاحتلال يكون أقل كلما كانت المقاومة أكبر؛ وهو ما يعكس أهمية المقاومة بكل أشكالها بالدفاع عن هوية القدس.
وسلط المؤتمر الضوء على عدد من الأوراق البحثية لطلبة الدبلوم وعدد من الباحثين التي تناولت جوانب مختلفة متعلقة بالقدس ودراسة الاحتلال وكيفية التحرر منه إضافة إلى الجوانب الشرعية والدينية ونظرة القانون الدولي لقضية القدس والمكانة القانونية للمسجد الأقصى المبارك في القانون الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحول مقومات استشراف مستقبل القدس أكد المؤتمرون على أهمية المواءمة بين المعرفة وبين ما يتبعها من قرارات وشددوا على الحاجة إلى وجود قرارات تُبنى على المعرفة والعلم في كل ما يتعلق ببيت المقدس والقضية الفلسطينية بشكل عام.
وتضمنت الأوراق أيضا خطة تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في شرق مدينة القدس والمحاولات التشريعية والسياسية لدى الاحتلال لإضفاء شرعية وهمية على المدينة، وكذلك بحث نقدي حول النظرة لقضية فلسطين والقدس على اعتبار أنها قضية ضد التمييز العنصري.
جانب من المشاركين في المؤتمر (الجزيرة) العلم في مواجهة التهويدوخلص المؤتمر إلى العديد من التوصيات، ولا سيما ما يتعلّق بالعمل الأكاديمي والبحث العلمي، أبرزها:
التأكيد على خصوصية دور الأردن رسميا وشعبيا في سبيل تحرير المسجد الأقصى. ضرورة التصدي لممارسات الاحتلال التهويدية في مدينة القدس والحيلولة دون وقوع انتكاسات جديدة. تبني العلم والفهم السليم كقاعدة أساس في رفع مستوى ثقة الأمة بأهمية العلم وضرورة مراجعة المعارف العلمية المتداولة وتصحيحها. إنتاج دراسات علمية رصينة تسد الثغرة المتعلقة بعلوم بيت المقدس للفت الأنظار إلى الدور الحيوي للتعليم في تكوين الهوية الثقافية والوعي بخطورة الاحتلال. ضرورة تضمين المعرفة الرئيسية في المدارس للطلبة والتنبه للإستراتيجيات وممارسات الاحتلال التي تستهدف التعليم في القدس.وقال رئيس ملتقى القدس الثقافي محمد البزور إن الملتقى يسعى من خلال تلك الأنشطة الأكاديمية إلى تحرير العقول والتي هي أول الطريق لتحرير المدينة التي احتُلت ثقافيا قبل أن تُحتل عسكريا، كما تضمنت فعاليات المؤتمر تخريج الدفعة الأولى من طلبة الدبلوم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مدینة القدس
إقرأ أيضاً:
الشيخ جميل حمامي.. نصف قرن في خدمة القدس وأهلها
الشيخ جميل عبد الرحيم حمامي عالم مقدسي، ولد في مدينة معان الأردنية عام 1952 وتوفي في القدس عام 2023. تعود أصول عائلته إلى مدينة نابلس الفلسطينية.
عاش في القدس وتربى فيها، وتلقى جزءا من تعليمه فيها، ثم سافر إلى مصر وتخرج في جامعة الأزهر، وبعدها عاد للقدس وانشغل بالوعظ والخطابة والتدريس، كما انخرط في العمل الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
الولادة والنشأةولد الشيخ جميل عبد الرحيم حمامي "أبو حمزة" في مدينة معان جنوب الأردن، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1952.
كان والده يعمل شرطيا في المدينة نفسها، وتنحدر أصول عائلته من مدينة نابلس شمال فلسطين، ثم انتقل مع عائلته إلى القدس، وفيها تربى وتلقى تعليمه المدرسي.
كان الشيخ جميل متزوجا وله 4 أولاد و5 بنات، وأصبح جدا لأكثر من 22 حفيدا، وأبا معنويا لآلاف الأطفال المقدسيين، الذين درسوا في مدارس الإيمان الإسلامية، التي كان الحجر الأساس فيها حتى وفاته، وحارب ضد دخول المنهاج الإسرائيلي إليها.
عرف الشيخ في شبابه داعية وخطيبا في عدة مساجد بفلسطين المحتلة، أهمها المسجد الأقصى المبارك، وكان له دور في تأسيس عدة هيئات شرعية واجتماعية، بينها دار الحديث الشريف، وجمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية، ومدارس الإيمان.
آلاف المقدسيين شيعوا جثمان الشيخ جميل حمامي بعد وفاته (الجزيرة) الدراسة والتكوينأتم دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة القدس وتخرج في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية عام 1973، شهد له مدير مدرسته -آنذاك- الشيخ عكرمة صبري بنجابته وتميزه، ثم انتقل إلى كلية الشريعة في جامعة الأزهر، وحصل فيها على شهادة الليسانس في الشريعة عام 1977.
التحق بعدها بجامعة عين شمس بغرض الحصول على شهادة الماجستير، لكنه لم يكمل تعليمه فيها، والتحق ببرنامج الدراسات العليا بجامعة القدس في بلدة أبو ديس شرقي القدس المحتلة وحصل فيها على الماجستير.
الوظائف والمسؤولياتعمل الشيخ جميل حمامي في التدريس والوعظ والخطابة والأعمال الإدارية، فقد تولى فور تخرجه من المرحلة الثانوية عام 1973 مهمة إمام وخطيب في مسجد بير زيت، وذلك قبل سفره إلى مصر.
وبعد تخرجه عام 1977، عمل واعظا متجولا في منطقة رام الله، ثم مدرسا في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية، فمديرا لدار الحديث الشريف في المسجد الأقصى المبارك، ثم مديرا للمسجد نفسه، ومديرا لأوقاف بيت لحم، ثم مساعدا لمدير المعهد الشرعي (كلية العلوم الإسلامية) في أبو ديس، ثم باحثا ومحاضرا ومدرسا في جامعة القدس.
شارك الشيخ حمامي في تأسيس دار الحديث الشريف عام 1979 وجمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية عام 1984، وكان أمين سرها ومديرها التنفيذي منذ تأسيسها.
اهتم الشيخ حمامي بإقامة مهرجانات سنوية خاصة بإحياء السنة النبوية وبإقامة معارض الكتب السنوية، وكان ذا مبادئ وطنية وثوابت عقائدية، ودافع عن القدس والأقصى.
الشيخ جميل حمامي كان مديرا عاما لمدارس الإيمان التي أسسها في القدس (الجزيرة نت) الحياة السياسيةانتمى الشيخ جميل منذ شبابه إلى جماعة الإخوان المسلمين، وبعد تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كان أحد قادتها في القدس والضفة الغربية، وارتبط بعلاقات مع قادتها في قطاع غزة، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، واعتقله الجيش الإسرائيلي مرات عدة.
شارك في جلسات المصالحة والحوار بين حركة حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، في تسعينيات القرن العشرين، وكانت له مشاركة في ندوات وحوارات داخل فلسطين المحتلة وخارجها.
اعتقله الاحتلال للمرة الأولى عام 1989 بتهمة المشاركة في تأسيس حركة حماس وتوجيه الانتفاضة الفلسطينية الأولى وحكم عليه بالسجن 18 شهرا.
وعام 1990، اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مطار اللد بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية، حيث حضر مؤتمر رابطة الشباب المسلم، وحكمت عليه بالسجن 20 شهرا بتهمة التنسيق بين الفصائل وتوقيع وثيقة الشرف بين حركتي حماس وفتح، واعتقل مرة ثالثة وحكم عليه بالسجن 6 أشهر بتهمة التحريض ضد إسرائيل.
المؤلفات والإنجازاتنشر الشيخ جميل حمامي كتابا في مصطلح الحديث عام 1982، وله مؤلفات أخرى أبرزها:
الحركة الإسلامية بعد أوسلو. أعيان الشريعة في فلسطين. وله رسالة بعنوان "مع الغزالي في نظريته التربوية". رسالة الماجستير بعنوان "أسلحة الدمار الشامل وموقف الإسلام منها". رسالة الدكتوراه بعنوان "زيارة المسجد الأقصى في ظل الاحتلال على ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية". مدارس الإيمانأسس الشيخ جميل مدارس الإيمان الإسلامية الخاصة، وعمل مديرا تنفيذيا فيها. وقد بدأت في بيت حنينا في القدس عام 1984 بروضة أطفال صغيرة لم يتجاوز عدد روادها 75 طفلا، ثم تطورت لتشمل -إضافة إلى الروضة- مدرستين ثانويتين إحداهما للطلاب وأخرى للطالبات، ومدرستين أساسيتين إحداهما للطلاب وأخرى للطالبات.
وبلغ عدد طلبة هذه المدارس ما يزيد على ألفي طالب وطالبة، وأصبح لها 5 فروع، وتُعد من المؤسسات التربوية الرائدة في القدس.
وإضافة إلى جهودها في توفير تعليم عالي الجودة، فإنها لم تأل جهدا في تطوير المجتمع ودعم الطلاب المحتاجين.
وتنظم مدارس الإيمان مسابقة ثقافية سنوية سمتها باسم الشيخ سعد الدين العلمي رئيس الهيئة الإسلامية العليا سابقا، وتشارك فيها جميع مدارس القدس.
الوفاةعن عمر يناهز 71 عاما، وبعد معاناة مع المرض، توفي الشيخ في القدس ظهر العاشر من سبتمبر/أيلول 2023.
وشيّع جثمانه من المسجد الأقصى ودفن في مقبرة باب الرحمة.