يونيو 28, 2024آخر تحديث: يونيو 27, 2024

المستقلة /- يثار الجدل بين حين وآخر حول زواج الأخوة الأشقاء وشيوعه في مصر القديمة. فإلى أي شيء أو دليل يستند أولئك الذين يروجون ذلك، وهل هناك خلط تسبب في فهم خطأ؟

زواج الأشقاء: خلط المفاهيم

قال مجدي شاكر، الخبير الأثري المصري، إنه على عكس رواية “ديودور الصقلي” بشأن زواج الأخوة الأشقاء وشيوعه في مصر القديمة، لم يرد حتى الآن في النصوص المصرية القديمة ما يثبت ذلك.

ربما جاء هذا الخلط نتيجة إطلاق المصري القديم على زوجته لفظ “snt” بمعنى أخت، وهو لفظ أطلق أيضًا على الحبيبة في النصوص المعروفة بأغاني الحب، حيث يتعدى هذا اللفظ في الحالتين السابقتين مفهومه اللفظي إلى معنى يدل على الرابطة القوية بين الزوج وزوجته والحبيب وحبيبته كرابطة الأخوة التي لا يمكن فصلها أو التنصل منها.

زواج المحارم في مصر القديمة: وهم أم حقيقة؟

تابع الخبير الأثري: “يتطلب تعريف الزوج بالأخ والزوجة بالأخت في التعريفات المصرية القديمة، تعقيبا موجزا لتصويب فكرة مغلوطة أشاعت الظن لدى بعض الكتاب من القدامى والمحدثين بشيوع زواج الأخ بأخته في المجتمع المصري القديم”. هذا الأمر مشكوك في صحته إلى حد بعيد، على الرغم من أنه لم ينسب لقدامى المصريين وحدهم وإنما نسبه بعض المؤرخين كذلك إلى عدد من الشعوب الشرقية والغربية كأسلاف العبرانيين وأهل نباتا السودانيين والإغريق والمقدونيين والأنباط.

أشار شاكر إلى أن الثابت أن تقاليد الزواج المصرية القديمة تجنبت زواج “المحارم” بفطرتها أو تشريعاتها منذ فترة مبكرة من تاريخها البعيد. وكثيرا ما بقى من أنساب الأزواج والزوجات في النصوص المصرية القديمة ما يدل على انتماءاتهم إلى أسر متنوعة وفروع مختلفة، بالرغم من الاستمرار في تلقيب الزوج والأم والزوجة بالأخت.

البحث في الأنماط الزوجية

لفت الخبير الأثري إلى أنه في أحد الأبحاث تم تقصي نحو 350 زيجة مصرية، وتبين أنه لا يكاد يوجد بينها غير مثال واحد فقط مؤكد لزواج شقيقين من بعضهما، والمدهش أنهما كانا من أصل ليبي مهجن في عصر الأسرة 22. وما يعتريه الشك من حالات أخرى معدودة يحتمل أن يكون قد تم في أسوأ حالاته بين غير الأشقاء، وهذا لا ينفي وجود حالات فردية شاذة أباح أصحابها لأنفسهم زواج المحارم، وهو شذوذ لم تنج منه كبرى الحضارات حتى عصرنا الحاضر ولم يكن لمجتمعاتها شأن بإباحته.

قال شاكر: “لا ريب أن هذا الفهم الخاطئ لثقافة ذاك العصر من حيث الرمزية والإسقاطات، جعل البعض يروج لهذه المفاهيم السطحية. لأن ذلك لا يعني بالضرورة زواجًا حقيقيًا بين الأب وابنته، خاصة وأن العديد منهن قد أخذن هذا اللقب في حياة والداتهن. ومن غير المنطقي أن يتزوج الملك بابنته ويرقيها إلى مرتبة الزوجة الأولى بينما لا تزال والدتها على قيد الحياة تؤدي دورها في حكم مصر كزوجة للملك”.

أدوار الزوجة الملكية الكبرى

تابع الخبير الأثري: “من المعروف أن ملكة مصر التي حملت لقب ‘حمت نسو ورت’ في الدولة الحديثة كان لها العديد من الأدوار سواء أكانت دينية، أم سياسية، أم اجتماعية. وأغلب الأميرات اللواتي يتخذن هذا اللقب قد اتخذنه في وقت متأخر في عهود آبائهن وفي ظروف خاصة، لذا فهناك احتمال مؤكد أن دور ‘الزوجة الملكية الكبرى’ قد تم توزيع أعبائه بين الأم والابنة. فأغلب الظن أن الملكات الأمهات كن إذا تقدمن في السن، ولم يعد باستطاعتهن القيام بجميع أدوارهن العامة، فإن الابنة تعد حينئذ نائبة عن أمها في القيام بدورها في الشئون العامة”.

الآباء والبنات: لقب شرفي أم حقيقة؟

وأوضح شاكر أن هناك احتمال آخر لما تتحدث عنه بعض الروايات حول زواج الأب بابنته، في أن الملكات الأمهات قد سمحت بإعطاء هذا اللقب لبناتهن كنوع من التجهيز للمستقبل، والتوقع بأنهن سيصبحن ملكات في القريب. ويحتمل أيضا أن الملك كان يعد ذلك الأمر تشبها بالإله، وهو مجرد لقب شرفي يمنح للأميرة. والواقع أنه ليس هناك من دليل مؤكد على فكرة زواج الأب من ابنته زواجًا حقيقيًا في مصر القديمة، إذ يعتبره الكثيرون مجرد لقب شرفي لإضفاء نوع من التكريم أو القداسة على البنات الملكيات.

مراسم الزواج وطقوسه

ذكر شاكر أنه لم تصلنا تفصيلات كافية عن الطقوس التي كانت تمارس، ولكن يبدو أن مراسم الزواج كانت تتم في المعبد بحضور أقرباء الزوجين. أي أن الزواج كان يصطبغ بالصبغة الدينية، فكان الكهنة هم الذين يجرون طقوسه، وخاصة كهنة “آمون” في عصر الدولة الحديثة، مما أسبغ عليه نوعا من القدسية والشرعية. وكانت ليلة الزفاف تحدد، فتنحر فيها الذبائح، وتولم فيها الولائم، وتعزف الموسيقى ويفرح القوم ويلهون.

أشار الخبير الأثري إلى أن أقدم عقد زواج مصري وصل إلينا يرجع إلى عام 590 ق.م “الأسرة السادسة والعشرين”. فربما كان العقد في البداية يتم مشافهةً بين كبار أفراد الأسرتين، ثم تطور فيما بعد إلى نص مكتوب. وكان ولي الأمر ينوب عن العروس في كتابة العقد، وذلك حتى القرن السابع ق.م، ثم أباح المجتمع للعروس أن تحضر كتابة العقد بنفسها.

الزواج والطلاق في مصر القديمة

تابع شاكر أن الزواج والطلاق كانا من الأمور المدنية التي يحكمها العرف. وكان على الرجال أن يقدموا لزوجاتهم الهدايا والأثاث والمنزل. وبعد الزواج كان الزوج يعطي زوجته ثلثي ممتلكاته، وكان من حقها الاحتفاظ بنصيبها الذي جلبته معها من بيت أسرتها. وكان الطلاق مسموحا لعدة أسباب مثل الكراهية، أو إذا وقع أحد الزوجين في الزنا أو لم يكن قادرا على الإنجاب. وفي هذه الظروف كان من حق الزوجة الحصول على تعويض.

اتحاد شكلي: الزواج في مصر القديمة

ومن جانبها، قالت آيات الجارحي، الباحثة في الشأن الأفريقي وعضو الرابطة الأوروبية، إن قسم علماء الأنثروبولوجيا يميز بين شكلين من الزواج: الزواج الداخلي “الاندوجامي” أي أنهم من داخل الجماعة القرابية التي ينتمي إليها الزوجين، والزواج الخارجي “الإكسوجامي” أي من خارج الجماعة القرابية.

أضافت الباحثة أن الزواج من الناحية البيولوجية هو اتحاد شكلي ودائم بين رجل وامرأة أو أكثر في نطاق مجموعة محددة من الحقوق والواجبات. أما من الجانب القانوني، فالزواج هو عقد شرعي بين شخصين (ذكر وأنثى) بالشكل الذي تنص عليه قوانين المجتمع، ويترتب من خلاله مجموعة من الحقوق والواجبات بين طرفي العقد.

 

 

 

مرتبط

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: المصریة القدیمة فی مصر القدیمة الخبیر الأثری زواج ا

إقرأ أيضاً:

صدق أولا تصدق.. الأغنياء أكثر عرضة للإصابة بمرض وراثي قاتل مقارنًة بالفقراء

كشفت دراسة فنلندية حديثة أن الأغنياء قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان وراثياً مقارنة بالفقراء، إذ تناول باحثو الدراسة العلاقة بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي ومجموعة متنوعة من الأمراض. 

تسبب مرض السكرى.. تحذير من مادة كيميائية خطيرة تصنع منها الأطباق البلاستيكية من هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالسرطان؟

ووفقاً لما ذكره موقع صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية، خلصت نتائج الدراسة إلى إن الأغنياء أو  الأفراد ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المرتفع يواجهون خطرًا وراثيًا أعلى للإصابة بسرطان الثدي والبروستاتا وأنواع أخرى من السرطان. هذا ما أفادت به .

وعلى النقيض من ذلك، وجد الباحثون أن الأشخاص غير الأغنياء، أو الأقل ثراءً هم أكثر عرضة وراثيًا للإصابة بأمراض مثل السكري والتهاب المفاصل، بالإضافة إلى الاكتئاب وإدمان الكحول وسرطان الرئة.

 

قادت الدراسة الدكتورة فيونا هاجينبيك من معهد الطب الجزيئي الفنلندي (FIMM) التابع لجامعة هلسنكي. وأوضحت الدكتورة هاجينبيك أن النتائج الأولية لهذه الدراسة قد تؤدي إلى تعديل بروتوكولات الفحص الطبي، بحيث تتضمن تقييمات المخاطر الوراثية المتعددة الجينات للأمراض المختلفة.

 

وقالت الدكتورة هاجينبيك: "إن فهم تأثير الدرجات الجينية على خطر الإصابة بالأمراض اعتمادًا على السياق الاجتماعي والاقتصادي قد يؤدي إلى تطوير بروتوكولات فحص أكثر دقة". وأضافت: "في المستقبل، قد تتضمن بروتوكولات فحص سرطان الثدي، على سبيل المثال، فحوصات مبكرة أو متكررة أكثر للإناث ذوات المخاطر الوراثية العالية والمستوى التعليمي المرتفع، مقارنة بالإناث ذوات المخاطر الجينية الأقل والمستوى التعليمي المنخفض".

 

قام فريق البحث بجمع وتحليل بيانات الجينوم والحالة الاجتماعية والاقتصادية والصحية لنحو 280 ألف فنلندي تتراوح أعمارهم بين 35 و80 عامًا. وأشارت الدكتورة هاجينبيك إلى أن الدراسة ركزت فقط على الأفراد من أصل أوروبي، مؤكدة على أهمية التحقق من مدى تكرار هذه النتائج في مجموعات سكانية أخرى متنوعة في المستقبل.

 

وقالت الدكتورة هاجينبيك: "من المهم في المستقبل معرفة ما إذا كانت الملاحظات المتعلقة بالتفاعل بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي وعلم الوراثة لخطر الإصابة بالأمراض تنطبق أيضًا على الأشخاص من أصول متعددة في بلدان ذات مستويات دخل مختلفة".

 

وأضافت: "نظرًا لأن الهدف العام من دمج المعلومات الجينية في الرعاية الصحية هو تعزيز الطب الشخصي، فلا ينبغي لنا أن نتعامل مع المعلومات الجينية على أنها حل شامل يناسب الجميع".

 

تقدم هذه الدراسة رؤى جديدة حول كيفية تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية على المخاطر الصحية الوراثية، مما يفتح الباب أمام تطوير استراتيجيات فحص وتشخيص أكثر تفصيلاً ودقة. من خلال دمج المعلومات الجينية والاجتماعية في بروتوكولات الرعاية الصحية، يمكن تحسين الفحوصات الوقائية والعلاج المبكر للأمراض، مما يعزز من كفاءة وفعالية الرعاية الصحية المقدمة للأفراد.

مقالات مشابهة

  • كبير الأثريين يعلق على أزمة عقد قران ابنة مفيدة شيحة في صحن جامع محمد علي
  • الإيقاع بسارق حقائق الكرادة ومطلوب المرور ببغداد
  • لن تصدق ما ستراه.. شاهد ماذا أخرج الأطباء من معدة مريض يمني أجريت له عملية جراحية في صنعاء؟
  • محاكم دبي تصدر 9144 عقد زواج في 2023
  • إصابات بحمى غرب النيل في إسرائيل.. حقائق عن المرض
  • حرية شخصية أم تهديد لـ تامغرابيت.. جدال كبير يصاحب ارتفاع طلبات زواج السنغاليين من المغربيات
  • “فرح وحب وغناء”.. هاني شاكر يروّج لحفليه في لبنان
  • صدق أولا تصدق.. الأغنياء أكثر عرضة للإصابة بمرض وراثي قاتل مقارنًة بالفقراء
  • لن تصدق ماذا يحدث لجسمك عند الاستحمام بالماء والملح؟