الفيلسوف والروائى الإيطالى أمبرتو إيكو (1932-2016)، والذى اشتهر بروايته «اسم الوردة» nome il della rosa (1980)؛ كان فى زيارة إلى نيويورك عندما سأله سائق التاكسى الباكستانى من أين هو. أجابه إيكو أنه جاء من إيطاليا، سأله السائق: من هم أعداء إيطاليا؟ أجابه إيكو أنهم ليسوا فى حالة حرب مع أحد فى الوقت الحاضر، فسأله السائق بنفاد صبر أنه يقصد الأعداء التاريخيين لإيطاليا.
لم يكن السائق راضيًا عن الإجابة، فكيف لا يكون لدولة أعداء؟ وقبل النزول من السيارة، أعطى الفيلسوف السائق بقشيشًا محترمًا لتعويضه عن إحساسه بخيبة الأمل فى روح المسالمة المفرطة عند أهل إيطاليا وفشلهم الذريع والمؤسف فى خلق أعداء لهم.
قرأت هذه الحكاية فى كتاب إيكو «اختراع الأعداء» Inventing the Enemy (2013)، وجعلتنى أتساءل: من نحن عندما نكون وحدنا؟ يبدو أننا لا يمكننا التعرف على أنفسنا إلا فى حضور الآخر المختلف. ولكن التحدى الذى سيواجهنا هو أننا ربما لن نتسامح مع هذا الآخر المختلف لأنه «ليس نحن»، «ليْسَنا»، كيف نتعايش مع من هو «ليْسَنا»؟ وكيف نبنى قواعد الحياة المشتركة فى المجتمع الواحد أو التعايش السلمى بيننا وبين الدول الأخرى المختلفة عنّا؟
هنا يأتى دور التعليم والتربية والتثقيف.
فكيف نتعامل مع أشخاص من خلفية مختلفة، سواء أكانت عرقية أو لغوية أو دينية أو ثقافية؟ كثير من الشعوب، نحن المصريين لسنا استثناء، يميلون إلى الاحتراس من الاندماج فى الثقافة الغريبة ويحذرون مما يسميه البعض فى بلادنا فيروسات «الغزو الثقافي».
ليس جديدًا أن نسأل: كيف يتعامل الناس من خلفيات ثقافية مختلفة ببعضهم البعض دون أن يفقد الواحد منهم هويته الأصلية؟ فقد طُرِحَ هذا السؤال من قبل، طَرَحَه عباس محمود العقاد (1889-1964) وسلامة موسى (1887-1958) فى مناظرة فى أبريل 1930 فى الجامعة المصرية حديثة الإنشاء. تناولت المناظرة مقولة كيبلنج (1865-1936) عن الشرق والغرب وكيف أنهما الصنوان اللذان لن يلتقيا أبدًا. واتفق العقاد مع كيبلنج بحجة أن السجل التاريخى يتساوى مع مقولة كيبلنج. لا، ردّ سلامة موسى، يمكن للشرق والغرب أن يجدا أرضية مشتركة للتفاهم لأن كليهما ينتمى إلى عائلة بشرية واحدة ومصير بشرى واحد. أكد موسى أن الأمل الوحيد للشرق لتخليص نفسه من تخلفه هو أن يتبنى القيم والممارسات الغربية. لكن العقاد ذكّره أنّ الصدام بين «روحانية الشرق» و»مادية الغرب» يحول دون أى لقاء. وفاز العقاد فى المناظرة بـ228 صوتًا مقابل 132.
أعتقد أنّ على المرء أن يحافظ على ملامح أصالته وثقافته، ولكن فى الوقت نفسه، عليه أن يقرأ ويدرس ويتعرّف على ثقافات الآخرين ولا يعتبر المختلف عنه عدوًا له.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: من نكون
إقرأ أيضاً:
مرتكب عملية الدهس بألمانيا يرتبط باليمين المتطرف.. فيديو
أفاد عربي مرزوق، مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" من برلين، أن التحقيقات الأولية في حادث الدهس الذي وقع في ولاية تورجن الألمانية، القريبة من مدينة ماجديبورج، كشفت أن السائق قد يكون يعاني من اضطرابات عقلية، مما أدى إلى الحادث الذي أسفر عن إصابة أكثر من 100 شخص.
وأشار مرزوق، خلال تغطيته للقناة، إلى أن الحادث أسفر عن وفاة أكثر من 5 أشخاص، وأكدت التحقيقات الأخيرة في ألمانيا أن السائق كان يعاني من مشكلات نفسية وعقلية، مما دفعه للتصرف بهذه الطريقة العنيفة.
مرتكب عملية الدهس في ألمانيا مرتد عن الإسلام وهارب من السعودية من هو طالب عبدالمحسن منفذ عملية الدهس في ألمانيا؟أوضح أن التحقيقات أظهرت ارتباط السائق بالتيار اليميني المتطرف في ألمانيا، حيث كان يدعم حزب "البديل من أجل ألمانيا" وحركات اليمين المتطرف الأخرى على مدار السنوات الماضية من خلال منشوراته ومواقفه السياسية.
وأشار مرزوق إلى أن تصريحات جهاز حماية الدستور، الاستخبارات الداخلية الألمانية، أكدت أنه لا يمكن تصنيف السائق ضمن التيار الإسلامي أو أي نوع من التطرف الديني، حيث إنه قد ارتد عن الإسلام منذ سنوات طويلة، مما يدل على أنه لم يكن يتبع أي أيديولوجية دينية متطرفة في الوقت الراهن.