الثورة نت:
2025-01-11@16:11:59 GMT

الغدير كمحطة تزود للمستقبل

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

 

 

تمر علينا المناسبات بشكل دوري ونحتفل بها بشكل اعتيادي لكننا لا نقف عند منطلقاتها، ونعيد القراءة، والتحليل، والتفكيك .. حتى نتخذ منها قاعدة انطلاق لصناعة الحياة، فالثبات سمة غالبة في ثقافتنا العربية، ولا بد لنا من تجديد الرؤى، وتحريك الثابت، وتفكيك الصورة النمطية حتى نرسم غيرها لتكون أكثر تفاعلا وحيوية .


اليوم نحتفل بعيد الغدير، والغدير مناسبة ذات جدل فكري، لكنها في اليمن تحولت إلى مناسبة اجتماعية ثابتة، في ظل حركة التحول التي تشهدها المنطقة العربية، وفي ظل الجدل والصراع القائم اليوم بين الحق والباطل – وهو صراع طبقي قديم – يتجدد اليوم كقضية جدلية شائكة ومعقدة لم نصل إلى مرحلة توافق في حل إشكالها، وهي تمتد إلى العصر الجاهلي، فقد كانت الطبقية والتمايز من السمات البارزة في المجتمعات العربية الجاهلية، وحين جاء الإسلام لم تكن تلك الحالة التي عليها المجتمع العربي إلاّ ظاهرة اجتماعية كانت قد بلغت ذروتها، ولذلك جاء الإسلام ليمحو أمثال تلك الظواهر الاجتماعية ويؤكد على مبدأ التوحد والمشترك الإنساني، ولذلك رفع من شأن بلال بن رباح، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ولم يفرق بين سلمان الفارسي وبين أي أموي وهاشمي، بل قال بالبعد الإنساني، ويُؤثَر عن الإمام علي -كرَّم الله وجهه- قوله: إنما الناس اثنان أو صنفان صنف أخ لكم في الدين وآخر شبيه لكم في الخلق، أي في البعد الإنساني، وقد حاول المشروع الإسلامي أن يجدد في المجتمع الإسلامي، ويحدث انتقالاً وتبدلاً، بيد أن الثقافات القديمة لا يمكن لها أن تترمَّد ولكنها – وفق طبيعتها ووفق قانون التاريخ- تعيد إنتاج نفسها وفق شروط المراحل وتجلياتها الثقافية، وقد رأينا يوم السقيفة كيف حاولت تلك الخصوصيات أن تعلن عن نفسها في صور ومستويات متعددة، ولم يكد الزمن يمضي حتى اندلعت الحروب والصراعات، وكانت المقومات القديمة للمجتمع الجاهلي هي الباعث، وهي الموجه الثقافي الذي يدير الصراع.
في صِفّين كانت تلك البواعث أكثر بروزاً ووضوحاً، وقد قال حينها عمار بن ياسر: «إني لأرى وجوه قوم لايزالون يقاتلون حتى يرتاب المبطلون، والله لو هزمونا حتى يبلغوا منا سعفات هجر، لكنا على الحق وكانوا على الباطل، والذي نفسي بيده لنقاتلنهم على تأويله كما قاتلناهم على تنزيله».
والخوض في تفاصيل هذا الموضوع يحتاج إلى مجلدات، والقضية ما تزال في طور التجدد مع كل صراع، وكل حالة تحول تحدث في المجتمعات العربية، وهي في اليمن ذات بعد تواشجي لعدة عوامل تاريخية منها مناصرة هذا الحي من اليمن للمشروع الإسلامي، وخصوصية العلاقة مع الإمام علي والطالبيين منذ بدء الصراع بين الأمويين والهاشميين، كما تدل على ذلك كتب الأخبار والتاريخ التي رصدت تموجات الحركة التاريخية.
ويبدو أن المعيقات الاجتماعية في التطور والتحديث ما تزال تضرب بسياجها حتى اليوم الذي يشهد العالم هذا الانفتاح الكوني في المعرفة، وفي الفلسفة، وفي الاشتغال الإنساني الذي يتجاوز العرقيات والسلاليات والأبعاد المناطقية، وقد برزت أصوات في شبكة التواصل الاجتماعي على أسس عرقية وسلالية، ويبدو أن اليمن ما يزال يقف في طريق السيل إن لم يتداركه أبناؤه ويخرجوه إلى الأفق الإنساني الذي يتسع للكل.
نتمنى على القائد العلم السيد عبد الملك الحوثي أن يولي هذه الثغرة في جدار البناء الاجتماعي والثقافي اهتماما مضاعفا حتى نذهب إلى المستقبل بخطوات أكثر تماسكا وبرؤى أكثر فهما في السيطرة على مقاليده، وحتى لا يجد العدو فينا ثغرة فينفذ منها لزعزعة استقرارنا .
نحن اليوم في أشد الحاجة إلى إحياء المشروع الإسلامي وليكن عيد الغدير هو الملهم حتى نضع من شأن الجاهلية الاجتماعية والثقافية والعصبيات، ونعلي من شأن المشروع الإسلامي العالمي بروح المعنى الكبير للإنسان الذي حمله الإسلام وشوهته الصراعات .
فإعادة الاعتبار لدور الثقافة كسلطة اجتماعية تفرض نفسها بالاصطدام بالواقع وتغييره بعد أن غاب هذا الدور أو كاد في العقود الماضية لأسباب سياسية بحتة .
والسؤال الذي يطرح نفسه: أين ثقافة المشروع؟ كيف تصبح فاعلاً وقادراً على الفعل والتغيير؟
إذا‮ ‬ترسخت‮ ‬في‮ ‬أذهاننا‮ ‬ثقافة‮ ‬المشروع‮ ‬حينها‮ ‬سنكون‮ ‬قادرين‮ ‬على‮ ‬التغيير‮ ‬وفق‮ ‬محددات‮ ‬ثلاثة،‮ ‬هي‮:‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‮- ‬الوقوف‮ ‬أمام‮ ‬الماضي‮ ‬ومساءلة‮ ‬مصادره‮ ‬المعرفية‮ ‬والثقافية‮، ‬ذلك‮ ‬أن‮ ‬الماضي‮ ‬يعيق‮ ‬نظام‮ ‬الطاقة‮ ‬على‮ ‬الحياة‮ ‬والقدرة‮ ‬على‮ ‬التجديد‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
– مساءلة الحاضر البشري الثقافي والسياسي والاجتماعي وتفقد أثره وإنتاجه وطبيعته الاجتماعية والسياسية والثقافية من أجل الخلق والابتكار ضمن حدوده النسبية لا المطلقة ومن خلال مكونه ومنظومته لا من خارجه، بمعنى التغلغل في نسيجه العام وإعادة ترتيبه وصياغته وتأهيله.‮.‬‬‬‬‬
‮- ‬الوقوف‮ ‬أمام‮ ‬أسئلة‮ ‬المستقبل‮ ‬وخلق‮ ‬إمكانية‮ ‬التحكم‮ ‬به‮ ‬عبر‮ ‬أدوات‮ ‬ومناهج‮ ‬العلم‮ ‬والتخطيط،‮ ‬لا‮ ‬الفوضى‮ ‬والارتجالية‮ ‬وسوء‮ ‬التخطيط‮ ‬التي‮ ‬نعاني‮ ‬منها‮ ‬في‮ ‬مظاهر‮ ‬حياتنا‮ ‬سواءً‮ ‬الفردي‮ ‬منها‮ ‬أو‮ ‬الجمعي‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
نحن أمام محطات يفترض أن تلهم البعد الثوري فينا حتى نصوغ واقعا إسلاميا متسقا مع المستوى الحضاري المعاصر ويحفظ هويته الإيمانية والثقافية .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إرث زايد الإنساني تعلن تنفيذ مبادرات في البرازيل بـ 40 مليون دولار

أعلنت مؤسسة "إرث زايد الإنساني" تنفيذها عدداً من المبادرات البيئية والمجتمعية في جمهورية البرازيل الاتحادية بقيمة 40 مليون دولار، وذلك تزامناً مع الاحتفاء بمرور 50 عاما من مسيرة العلاقات الإماراتية ـ البرازيلية.
ويأتي إعلان المبادرات في أعقاب الزيارة الرسمية التي قام بها سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نيابة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" إلى البرازيل وشارك خلالها في قمة مجموعة العشرين (G20) التي استضافتها خلال شهر نوفمبر الماضي.
وستنفذ مؤسسة "إرث زايد الإنساني" المبادرات من خلال المؤسسات والجهات التابعة لها، والتي تشمل مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، وصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية، والتعاون مع "مؤسسة الأنهار النظيفة المحدودة"، وبالشراكة مع نظيراتها من المؤسسات البرازيلية المعنية في المجالين البيئي والمجتمعي، مع التركيز على دعم السكان الأصليين في منطقة الأمازون، و"برنامج معالجة التلوث البلاستيكي في نهر الأمازون"، والبرنامج الإماراتي لزراعة (10,000) فسيلة نخيل وتدريب المزارعين في ولاية باهيا، إضافة إلى تقديم الخبرة الفنية لحماية التنوع البيولوجي الغني في البرازيل والنظم البيئية الحيوية لدعم ما يُعرف باسم "مرفق الغابات الاستوائية إلى الأبد" وهو مبادرة برازيلية أعلنت خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) للحفاظ على الغابات المطيرة الاستوائية في العالم، بتكلفة إجمالية تصل إلى 250 مليار دولار أميركي.
وأكد سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الدولية الإنسانية، رئيس مجلس أمناء مؤسسة إرث زايد الإنساني، متانة العلاقات التاريخية التي تجمع دولة الإمارات والبرازيل منذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" والتي أكملت مسيرة عقدها الخمسين وتميزت بتنوع روابطها الاقتصادية والثقافية وغيرهما، مشيراً سموه إلى ما توليه قيادة الدولة الحكيمة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من حرص واهتمام بمواصلة تعزيزها على مختلف المستويات بما يحقق تطلعات شعبي البلدين الصديقين نحو التنمية والازدهار المستدامين. 
وقال سموه إن مبادرات "مؤسسة إرث زايد الإنساني" تستهدف دعم المشروعات ذات الأبعاد المجتمعية والبيئية المتعددة لاسيما تلك التي تنعكس إيجاباً على الحياة المعيشية ويكون لها آثار اقتصادية وثقافية مشتركة، وتُسهم في تحقيق النماء للمجتمع. 
وأضاف سموه أن مثل هذه المبادرات تجسد نهج دولة الإمارات الأصيل في بناء الإنسان وتمكين المجتمعات وتحقيق سعادتها، مؤكداً سموه أنها تستهدف إثراء الجهود والمبادرات الإنسانية والتنموية ومنها توفير الغذاء والرعاية الصحية وحوكمة إدارة المخلفات البيئية، فضلاً عن تطوير طرق الزراعة وتطبيق حلول صديقة للبيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، تماشياً مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
وقالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي عضو مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، إن علاقات دولة الإمارات والبرازيل الصديقة شهدت نمواً وتطوراً مستمرين خلال العقود الماضية، مشيرة إلى مشاركة دولة الإمارات في أعمال قمة مجموعة العشرين التي ترأستها البرازيل وتعاونهما في إطار مجموعة "بريكس" بجانب التنسيق الوثيق بينهما في مجالات الاستدامة واستضافة (كوب 30) والانتقال في مجال الطاقة والطاقة المتجددة وغيرها من المجالات محل الاهتمام المشترك. 
وأكدت معاليها أن قوة العلاقات الإماراتية ـ البرازيلية تنطلق من رؤية البلدين المشتركة والتزامهما تجاه تمكين المجتمعات وتعزيز قدراتها في مواجهة التحديات العالمية المشتركة في سبيل الحفاظ على كوكب الأرض والمكونات البيئية الأساسية وبناء مستقبل مزدهر ومستدام للشعوب.
 

أخبار ذات صلة نيمار يحدد أهدافه في «المونديال الأخير» التبادل المعرفي الإماراتي يبحث مسارات تعزيز التعاون مع البرازيل المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • دبي تستضيف مسابقة مطوري الألعاب الإلكترونية بالذكاء الاصطناعي في 23 يناير
  • حركة الجهاد الإسلامي تدين العدوان الإرهابي الثلاثي الذي استهدف العاصمة صنعاء
  • تركيا تزود سوريا بـ210 ميغاوات من الكهرباء يومياً
  • لماذا ترفض الثورة الدينية الحداثة؟ كتاب يقرأ علاقة المشروع الإسلامي بالغرب
  • أستاذ اقتصاد سياسي: تعهدات جوزيف عون للبنانين بحجم تطلعهم للمستقبل
  • أستاذ اقتصاد سياسي: تعهدات جوزيف عون للبنانين تعبر عن حجم تطلعهم للمستقبل
  • منها اقتحام عدة مدن فلسطينية.. الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على غزة مساء اليوم
  • بابا الفاتيكان: الوضع الإنساني في غزة مخزٍ
  • القوات المسلحة تؤكد حرصها وتقيدها الصارم بالقانون الدولي الإنساني وقواعد الاشتباك
  • إرث زايد الإنساني تعلن تنفيذ مبادرات في البرازيل بـ 40 مليون دولار