كيف يكون الحل سودانياً؟
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
كيف يكون الحل سودانياً؟
عثمان ميرغني
بالتزامن مع، أو حتى قبيل، كلام المبعوث الأميركي الخاص توم بيريلو عن إمكانية التحرك لإرسال قوات دولية وأفريقية، إلى السودان، بدا ملحوظاً تزايد الدعوات لتدخل دولي «عسكري» تحت غطاء أو مظلة أو ذريعة – سمها كما شئت – حماية المدنيين.
بغض النظر عن الدوافع، فإن الدعوات لأي تدخل عسكري خارجي، تبقى محفوفة بالمخاطر وستدفع بالسودان نحو تعقيدات وأفق غير معروف العواقب.
لوقت طويل لم يبد العالم اهتماماً جدياً يتناسب مع حجم الكارثة، ولم يقم بجهود حقيقية لردع الأطراف التي تؤجج الحرب بإمدادات السلاح والمرتزقة عبر دول الجوار. وقد كتبت الكثير من المقالات، وصدرت العديد من التصريحات الناقدة للتجاهل الدولي لا سيما موقف إدارة بايدن الذي انتقده مشرعون أميركيون في مناسبات عدة.
فعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية شاركت في رعاية منبر جدة وعينت تحت ضغط الكونغرس المبعوث الخاص بيريلو، فإنها لم تجعل الحرب السودانية في قائمة اهتماماتها. فآخر بيان للرئيس بايدن بشأن الحرب كان قبل نحو سنة، ما جعل الكثير من الأطراف تخلص إلى أن البيت الأبيض غير مهتم بالحرب السودانية مع تركيزه على حربي أوكرانيا وغزة. من هذا المنطلق فإن واشنطن عندما تتحدث عن قوات دولية للسودان فهي تعني بالأساس قوات أفريقية.
الحقيقة أنه لأسباب كثيرة واتهامات بالتواطؤ في دعم «قوات الدعم السريع» وتسهيل مرور السلاح، فإن معظم دول الجوار الأفريقي لا تصلح وسيطاً أو حتى شريكاً في أي وساطة، ناهيك عن التدخل تحت مظلة قوات دولية/ أفريقية يروج لها. دولتان فقط في تقديري تجدان القبول من مختلف الأطراف لاستضافة أي مفاوضات سودانية – سودانية لإنهاء الحرب واستعادة المسار الانتقالي هما السعودية، التي تستضيف أصلاً منبر جدة، ومصر التي عقدت فيها جولات عدة من اجتماعات ومؤتمرات القوى المدنية السودانية، وتبنت مبادرة عقد قمة دول الجوار في الأشهر الأولى للحرب.
مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية الذي دعت له مصر قد يكون، لو عقد وتهيأت له الظروف والأسباب لإنجاحه، فرصة ومدخلاً للعودة إلى منبر جدة بصورة أكثر وضوحاً تساعد في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب والعودة إلى مسار انتقالي جديد متوافق عليه مسبقاً بما يضمن نجاحه هذه المرة بعيداً عن المشاحنات والصراعات التي قادت البلاد إلى هذا الوضع المأساوي. لكن هناك عقبات بالتأكيد وتدخلات قد تعرقل التئام مؤتمر القاهرة، والذي يبدو واضحاً الآن أنه لن ينعقد نهاية هذا الشهر مثلما كان مقرراً له.
اللافت هو دخول دول أفريقية على الخط وضغطها بالتناغم مع تلميح بيريلو إلى تحركات لإعداد الأرضية لإرسال قوات دولية وأفريقية، «لفرض» السلام إذا لم تُستأنف المفاوضات لوقف القتال. في هذا المجال يمكن الإشارة إلى اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي عقد برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قبل أسبوع وقرر البدء في تحرك لدعوة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو إلى اجتماع تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) «دون تأخير»، على حد ما جاء في بيان الاجتماع. والملاحظ هنا أن هذه الدعوة تخطت منبر جدة ودوره باعتباره المظلة التي انعقدت تحتها جولات المفاوضات السابقة بين الجيش و«الدعم السريع»، والتي عليها توافق من الأطراف خلافاً للدور الأفريقي.
كثيرون يرون أن المدخل لإنهاء الحرب هو المفاوضات بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وهو ما لم يحقق النجاح حتى اللحظة. في تقديري أن المدخل الصحيح لإنهاء الحرب هو في مفاوضات شاملة وتوافق بين القوى السياسية والمدنية أولاً ينزع فتيل قضايا جوهرية مغذية لهذه الحرب، ويعد الأرضية لمرحلة ما بعدها. فالحرب وإن كانت اندلعت بين حملة السلاح، إلا أن في جذور مسبباتها صراعات القوى السياسية التي لم تُفشل الفترة الانتقالية فحسب، بل هيأت الظروف لاندلاع الحرب، وتسهم بشكل أو بآخر في إطالة أمدها.
من دون هذا التوافق سنبقى ندور في حلقة مفرغة وسيطول أمد الحرب بسبب عوامل خارجية وداخلية كثيرة، وحتى لو انتهت فإن عوامل عدم الاستقرار ستبقى. أما إذا تنازلت الأطراف عن المواقف العدمية والإقصائية، أكاد أجزم بأن الظروف تكون أصبحت مهيأة لوقف الحرب ومعالجة القضايا الشائكة المغيبة حالياً تحت شعارات فضفاضة مثل «لا للحرب»، وهذا موضوع يحتاج عودة في مقال لاحق.
* نقلاً عن (الشرق الأوسط)
الوسومالرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية السودان الشرق الأوسط المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو عثمان ميرغني مصر منبر جدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية السودان الشرق الأوسط المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو عثمان ميرغني مصر منبر جدة الدعم السریع لإنهاء الحرب قوات دولیة منبر جدة
إقرأ أيضاً:
أوستن: قوات بيونغ يانغ ستدخل الحرب ضد أوكرانيا قريباً
أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، السبت، أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك "قريباً" في القتال ضد القوات الأوكرانية.
ويقدّر وزير الدفاع الأمريكي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودون في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم "دمجهم في التشكيلات الروسية" هناك.
While Zakharova doesn't know whether there are North Korean troops in Russia, the United States has evidence that they are present there.
"There is evidence that North Korean troops are in Russia. What exactly are they doing? It's not yet known. That's something we need to deal… https://t.co/HX2T01Rkis pic.twitter.com/RQEAiWpQX3
وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيغي بالمحيط الهادئ: "بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً" في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.
وذكر أوستن أنه لم ير أي تقارير مهمة عن جنود كوريين شماليين "يشاركون بنشاط في القتال" حتى الآن.
وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية هذا الأسبوع، إن موسكو تقدم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ في مقابل القوات التي تتهم سيؤول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.
While Zakharova doesn't know whether there are North Korean troops in Russia, the United States has evidence that they are present there.
"There is evidence that North Korean troops are in Russia. What exactly are they doing? It's not yet known. That's something we need to deal… https://t.co/HX2T01Rkis pic.twitter.com/RQEAiWpQX3
ورداً على سؤال حول نشر القوات الكورية الشمالية الشهر الماضي، لم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، وعمد إلى تحويل السؤال إلى انتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.
وقالت كوريا الشمالية الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون "عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي" لكنها لم تؤكد إرسال قوات.