بوابة الوفد:
2024-11-17@13:42:58 GMT

الفاسد.. من الطعام إلى الكتابة!

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

محظوظ من يتناول وجبة طعام فاسدة! أجل محظوظ؛ لأن بعض أجزاء جسده ستؤلمه سريعًا، فيهرع إلى المستشفى، وتتم معالجته من ذاك الطعام الفاسد الذى دخل جوفه، وبعد يوم أو اثنين أو حتى أسبوع سيسترد صحته وعافيته، ويعاود حياته بفرح وهمة ونشاط.

أما سيئ الحظ، فهو ذلك الإنسان الذى يطالع كتابة فاسدة تخرب العقل أو يقرأ مقالًا رديئًا يدمر الوجدان، وهو لا يعى أن ما يقرأه من كلام فاسد سيهدم بنيانه الذهنى، ويعيد تشكيله وفق رؤى أخرى تعطل حريته الفكرية وانطلاقه نحو فهم الحياة بشكل أفضل.

حسنًا... وما هى مواصفات الكتابة الفاسدة، أو الآراء المدمرة التى تصيب العقل بالعطب؟ وفى الوقت نفسه يصعب معها علاج هذا العقل المعطوب، فصاحبه يظن نفسه أمسك بالحقيقة المطلقة، بل يدافع عنها ويفرضها بالتكفير أو القتل إذا لزم الأمر.

إليك أبرز مواصفات الكتابة الفاسدة، وباختصار شديد:

إن الكتابة الفاسدة هى التى تخاصم العقل، وما وصل إليه ذلك العقل من علم حديث يتطور بسرعة مذهلة فى العقود الأخيرة، هذا العلم الذى يسر لنا سبل الحياة، وجعلها أكثر متعة وراحة. العلم الذى اخترع الطباعة والتخدير والقطار والطائرة والراديو والتليفزيون والغسالة والثلاجة والصحف والموبايل والإنترنت وغيرها كثير جدًا. هذا العلم الذى توصل إلى وضع قوانين عصرية تنظم العلاقلات بين الناس بعضها بعضًا، حتى لا يجور قوى على ضعيف، أو يستأسد غنى على فقير. هذا العلم الذى فتح الآفاق أمام العقل ليغامر ويبحث ويكتشف الفضاء وما يحتشد به من مجرات وكواكب ونجوم.

الكتابة الفاسدة أيضًا هى التى تروج للخرافات والخزعبلات وتضعها فى خانة التقديس. الكتابة الفاسدة هى التى تقدّس أفكارًا وآراء بائسة لأناس عاشوا قبل قرون بعيدة، وتمنحهم صكوك المعصومين من الخطأ. الكتابة الفاسدة هى التى تحرم المرء من تذوق الكلام الحلو واللغة المشرقة. الكتابة الفاسدة هى التى تحتفى بالروايات البائسة واللغة الركيكة والصياغات المبتذلة.

بهذا المعنى نستطيع أن نصنف الكثير من الكتابات المنشورة هنا وهناك بأنها تندرج ضمن الكتابة الفاسدة، فما أكثر ما نشر من مقالات وآراء وبوستات تحتفل بأنصاف الموهوبين، وتمجّد أرباع المبدعين!

أذكر أن لويس عوض كتب مرة بانزعاج: (إن كُتّاب الدرجة الثالثة لهم نقاد الدرجة الثالثة)، وكان الحق معه، فقد انتشر فى وادينا خلال السنوات الأخيرة الكثير من كُتّاب الدرجة الثالثة، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعى على شيوع كتاباتهم الفاسدة ورواجها بصورة مخيفة جعلتنا نطالع المديح والتقريظ والثناء ينهال على أشعار وروايات ومقالات وبوستات مهلهلة مضطربة الصياغة، محرومة من الفكرة اللامعة واللغة العذبة.

على أية حال... مرت مصر طوال تاريخها الحديث على الأقل بمثل هذا، عندما تصدر المشهد الثقافى والفنى والإبداعى أناس محدودو الكفاءات، فصالوا وجالوا واقتنصوا شهرة لا يستحقونها، لكن المجد حرمهم من نعمته، فنسيهم الناس.

حقا... ما أتعس الكتابة الفاسدة، وما أجمل ما يثرى العقل ويسعد الوجدان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفاسد الانسان

إقرأ أيضاً:

إغتيال العقل السوداني

أطلق كتاب متحور قحت/تقدم خلال السنوات الثلاث الماضية موجة عاتية لإغتيال العقل السوداني وشل قدرته على التفكير. يصر هؤلاء الكتاب يوميا على أن الأساس الوحيد لإثبات الحقيقة، وتاسيس ما هو عادل وما هو غير عادل ليس الجدارة الفكرية والأخلاقية للموقف .
تقول هذه الطائفة من الكتاب ضمنا وعلنا أن الخير والشر يتحددان بقياس مبني علي موقف الإخوان المسلمين من القضية وما يفكرون فيه أو لا يفكرون فيه. وصار من الممكن نسف أي حجة أو موقف أو كاتب بمشابهة ما جاء به بأي شيء له علاقة بكوز. وفي هذا فناء منهجي لانه يمكن إثبات خطل أي حجة تحت الشمس بفبركة تربطها بنص إخواني. إذ يمكن إثبات كوزنة أي إنسان يؤمن بان أصل الحياة من الماء بما أن الأخوان أيضا يؤمنون بان الله جعل من الماء كل شيء حي.

ويمكن اللجوء إلي إقتباس مبتور لإثبات أن كارل ماركس كان كوز لانه قال بشبه ما قال به حسن البنا وسيد قطب والترابي والغنوشى من أن “إن الدين هو وعي الذات لدى الإنسان الذي لم يعثر على ذاته بعد، أو أضاعها من جديد. وهو النظرية العامة لهذا العالم، خلاصته الموسوعية، منطقه في صيغته الشعبية، شرفه الروحي، حماسته، جزاؤه الأخلاقي، تكملته المهيبة، أساس عزائه وتبريره الشامل. إن الشقاء الديني هو تعبير عن الشقاء الواقعي، وهو من جهة أخرى، احتجاج عليه. الدين أنة الكائن المضطَهَد، قلبُ عالم لا قلبَ له، كما انه روح اوضاع اجتماعية لا روحَ فيها”.

لذلك شاعت عادة فكرية إمتدت إلى خارج حدود كتابالجنجا ، تمنع التفكير بجدية في أي القضية، وبدلا من ذلك الإكتفاء بتقييم أي نص أو موقف من خلال البحث عن أي نقطة مشتركة تجمعه مع أي شيء قاله أخ مسلم في أي زمان أو مكان. هكذا يتم أغتيال العقل والفكر وطرد الذكاء والأخلاق من النقاش في الشان العام والنتيجة الوحيدة لهذا التسطيح هو صعود تحالف من الفاسدين الأذكياء لقيادة العام يعاونهم اغبياء وجهلة وفاقدو كفاءة يفتون في أمور العامة.

معتصم أقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نجيبة الرفاعي: الكتابة بحث دائم عن الذات
  •  أشرف غريب يكتب: «عاش هنا» ذاكرة البشر والأثر
  • «عودة قوية».. ياسمين عبدالعزيز وهانى سلامة ومحمد سعد لـ«الشاشة الذهبية»
  • المرأة.. ذلك الكاىٔن المحير!!
  • دفتر احوال وطن «٢٩٧»
  • خارج السرب(خارج السرب)
  • إغتيال العقل السوداني
  • التدريب على أساليب الكتابة الإبداعية للطلبة الموهوبين بالداخلية
  • ميكالى: شباب مصر كانوا الأفضل والحظ ساند المغرب
  • عودة سوبر دونالد