بوابة الوفد:
2024-12-18@10:46:45 GMT

الفاسد.. من الطعام إلى الكتابة!

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

محظوظ من يتناول وجبة طعام فاسدة! أجل محظوظ؛ لأن بعض أجزاء جسده ستؤلمه سريعًا، فيهرع إلى المستشفى، وتتم معالجته من ذاك الطعام الفاسد الذى دخل جوفه، وبعد يوم أو اثنين أو حتى أسبوع سيسترد صحته وعافيته، ويعاود حياته بفرح وهمة ونشاط.

أما سيئ الحظ، فهو ذلك الإنسان الذى يطالع كتابة فاسدة تخرب العقل أو يقرأ مقالًا رديئًا يدمر الوجدان، وهو لا يعى أن ما يقرأه من كلام فاسد سيهدم بنيانه الذهنى، ويعيد تشكيله وفق رؤى أخرى تعطل حريته الفكرية وانطلاقه نحو فهم الحياة بشكل أفضل.

حسنًا... وما هى مواصفات الكتابة الفاسدة، أو الآراء المدمرة التى تصيب العقل بالعطب؟ وفى الوقت نفسه يصعب معها علاج هذا العقل المعطوب، فصاحبه يظن نفسه أمسك بالحقيقة المطلقة، بل يدافع عنها ويفرضها بالتكفير أو القتل إذا لزم الأمر.

إليك أبرز مواصفات الكتابة الفاسدة، وباختصار شديد:

إن الكتابة الفاسدة هى التى تخاصم العقل، وما وصل إليه ذلك العقل من علم حديث يتطور بسرعة مذهلة فى العقود الأخيرة، هذا العلم الذى يسر لنا سبل الحياة، وجعلها أكثر متعة وراحة. العلم الذى اخترع الطباعة والتخدير والقطار والطائرة والراديو والتليفزيون والغسالة والثلاجة والصحف والموبايل والإنترنت وغيرها كثير جدًا. هذا العلم الذى توصل إلى وضع قوانين عصرية تنظم العلاقلات بين الناس بعضها بعضًا، حتى لا يجور قوى على ضعيف، أو يستأسد غنى على فقير. هذا العلم الذى فتح الآفاق أمام العقل ليغامر ويبحث ويكتشف الفضاء وما يحتشد به من مجرات وكواكب ونجوم.

الكتابة الفاسدة أيضًا هى التى تروج للخرافات والخزعبلات وتضعها فى خانة التقديس. الكتابة الفاسدة هى التى تقدّس أفكارًا وآراء بائسة لأناس عاشوا قبل قرون بعيدة، وتمنحهم صكوك المعصومين من الخطأ. الكتابة الفاسدة هى التى تحرم المرء من تذوق الكلام الحلو واللغة المشرقة. الكتابة الفاسدة هى التى تحتفى بالروايات البائسة واللغة الركيكة والصياغات المبتذلة.

بهذا المعنى نستطيع أن نصنف الكثير من الكتابات المنشورة هنا وهناك بأنها تندرج ضمن الكتابة الفاسدة، فما أكثر ما نشر من مقالات وآراء وبوستات تحتفل بأنصاف الموهوبين، وتمجّد أرباع المبدعين!

أذكر أن لويس عوض كتب مرة بانزعاج: (إن كُتّاب الدرجة الثالثة لهم نقاد الدرجة الثالثة)، وكان الحق معه، فقد انتشر فى وادينا خلال السنوات الأخيرة الكثير من كُتّاب الدرجة الثالثة، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعى على شيوع كتاباتهم الفاسدة ورواجها بصورة مخيفة جعلتنا نطالع المديح والتقريظ والثناء ينهال على أشعار وروايات ومقالات وبوستات مهلهلة مضطربة الصياغة، محرومة من الفكرة اللامعة واللغة العذبة.

على أية حال... مرت مصر طوال تاريخها الحديث على الأقل بمثل هذا، عندما تصدر المشهد الثقافى والفنى والإبداعى أناس محدودو الكفاءات، فصالوا وجالوا واقتنصوا شهرة لا يستحقونها، لكن المجد حرمهم من نعمته، فنسيهم الناس.

حقا... ما أتعس الكتابة الفاسدة، وما أجمل ما يثرى العقل ويسعد الوجدان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفاسد الانسان

إقرأ أيضاً:

دور الكتابة العلاجية في تعزيز الصحة النفسية والوعي الذاتي

جدة – بدر النهدي

ضمن فعاليات “معرض جدة للكتاب 2024″، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، عُقدت اليوم ورشة عمل بعنوان “الكتابة وسيلة علاجية” قدمتها الدكتورة ميسم الشمري، الحاصلة على شهادة الدكتوراه في جودة التعليم.

وركزت الورشة على الكتابة العلاجية بوصفها أداة مبتكرة للتعبير عن المشاعر وتخفيف الضغوط النفسية وتعزيز الوعي الذاتي. أوضحت الدكتورة الشمري أهمية الكتابة الإبداعية بوصفها أسلوباً يساعد الأفراد على التعامل مع تحديات الحياة، واستعادة التوازن النفسي، وتحسين التنسيق الحركي اليدوي.

وتناولت الورشة مجموعة من الممارسات مثل: كتابة اليوميات بوصفها وسيلة لتنظيم الأفكار والمشاعر، والشعر والقصص لتفريغ العواطف بأسلوب إبداعي، ورسائل غير مُرسلة بوصفها طريقة للتعامل مع الصراعات الداخلية.

وأكدت الدكتورة الشمري أن الكتابة العلاجية تعزز من التعبير الحر، وتساعد على تنظيم المشاعر وفهم الذات، مما يسهم في تحسين الصحة العقلية والجسدية. كما أشارت إلى إمكانية دمجها في خطط إدارة التوتر أو برامج علاجية شاملة.

وناقشت الورشة أيضاً الأثر المتبادل للكتابة الأدبية على الكاتب والقارئ، وكيف يمكن أن تصبح الكتابة وسيلة للتداوي والتعبير العميق.

وتُعد هذه الورشة فرصة فريدة للمهتمين باستكشاف الكتابة بوصفها وسيلة للتعبير والتعافي النفسي، وسط أجواء ثقافية مميزة يحتضنها المعرض.

ويستقبل معرض جدة للكتاب 2024 زواره يومياً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 منتصف الليل، باستثناء يوم الجمعة حيث يفتح أبوابه من الساعة 2 ظهراً، ويستمر المعرض حتى 21 ديسمبر الجاري.

مقالات مشابهة

  • معرض جدة للكتاب يسرد تجربة فنّ التدوين في الكتابة اليومية
  • العلاج فى مستشفيات الحكومة.. رحلة عذاب
  • فيش وتشبيه الرئيس السورى القادم!!
  • آثار أفغانستان.. كنوز حضارية دمرتها ثلاثة عقود من الحروب
  • غليزان: حجز وإتلاف 3 قناطير من الدجاج الفاسد
  • هل عاد الزمن «العثمانلى»؟!
  • التخلي عن الكتابة نوع من الموت
  • دور الكتابة العلاجية في تعزيز الصحة النفسية والوعي الذاتي
  • معرض جدة للكتاب 2024 يعزز الوعي حول فنون الكتابة الصحفية
  • ضبط كمية من الجبن الفاسد في حملة تموينية مكبرة ببورسعيد