المحكمة الجنائية الدولية تدين قائد شرطة في جماعة أنصار الدين الإسلامية بارتكاب جرائم حرب في مالي
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
يونيو 27, 2024آخر تحديث: يونيو 27, 2024
المستقلة/- أدانت المحكمة الجنائية الدولية قائد الشرطة الجهادية بارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية خلال فترة الإرهاب في مدينة تمبكتو في مالي.
و أدين الحسن آغ عبد العزيز آغ محمد آغ محمود، 46 عاماً، بارتكاب جرائم تشمل التعذيب و الاعتداء على الكرامة الشخصية.
و قال القاضي أنطوان كيسيا مبي ميندوا إن الحسن لعب “دور رئيسي” في الإشراف على عمليات بتر الأطراف و الجلد عندما كان قائدا للشرطة عندما سيطرت جماعة أنصار الدين الإسلامية على تمبكتو لمدة عام تقريبا اعتبارا من أوائل عام 2012.
و قال ميندوا: “لقد أُدين الحسن بقرار الأغلبية بارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التعذيب و المعاملة القاسية و الاعتداء على الكرامة الشخصية، بسبب الجلد العلني لـ 13 فرداً من السكان”.
و مع ذلك، تمت تبرئته من جرائم الحرب المتمثلة في الاغتصاب و الاستعباد الجنسي، فضلاً عن جريمة الزواج القسري ضد الإنسانية.
كما تمت تبرئته من جريمة الحرب المتمثلة في مهاجمة أماكن مقدسة. و استخدم مقاتلو أنصار الدين المعاول و المجارف و المطارق لتحطيم المقابر الترابية و الأضرحة التي يرجع تاريخها إلى قرون مضت و التي تعكس النسخة الصوفية من الإسلام في تمبكتو. لكن القضاة وجدوا أن الحسن لم يكن له أي دور في التدمير.
و سيتم إصدار جدول زمني للحكم عليه قريبا.
و جلس الحسن، الذي كان يرتدي رداءً أصفر اللون و غطاء رأس أبيض، و ذراعيه مطويتين، طوال فترة الحكم التي استمرت ساعتين تقريبًا.
و قال ميندوا إن الحسن شارك أيضًا في عمليات الاستجواب حيث تم استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات.
و عرض القاضي بالتفصيل عهد الإرهاب في ظل المسلحين في تمبكتو، بما في ذلك اعتقال النساء ثم اغتصابهن أثناء الاحتجاز.
و قال ميندوا: “لم يكن أمام السكان خيار آخر سوى تكييف حياتهم و أنماط حياتهم لتتوافق مع تفسير الشريعة الإسلامية… المفروضة عليهم بقوة السلاح”.
و وصف ميندوا عمليات الجلد الوحشية في الساحة المركزية أمام الحشود بما في ذلك الأطفال، فضلاً عن البتر العلني بالمنجل.
و أُدين الحسن بتهمة “المساهمة في الجرائم التي يرتكبها أعضاء آخرون” في الجماعات الجهادية، بما في ذلك التشويه و الاضطهاد.
و رغم تبرئته من عدة تهم، قال نائب المدعي العام، مامي ماندياي نيانغ، إنه “مسرور بالحكم الذي أثبت أن المتهم مذنب بعدد معين من التهم”.
أضاف: “أفكر في الضحايا و أقول مرة أخرى باسم المدعي العام… إننا سنبقى إلى جانبهم، وندرس الحكم بعناية، وأن الخطوات التالية… ستكون من أجل تحقيق عدالة أكثر اكتمالاً لهؤلاء الضحايا”.
تأسست تمبكتو بين القرنين الخامس و الثاني عشر على يد قبائل الطوارق، و تُعرف باسم “لؤلؤة الصحراء” و “مدينة الـ 333 ولياً” نسبة إلى عدد الحكماء المسلمين الذين دفنوا هناك خلال العصر الذهبي للإسلام.
لكن الجهاديين الذين اجتاحوا المدينة اعتبروا الأضرحة وثنية و دمروها بالفؤوس و الجرافات.
و استغل المسلحون من جماعتي أنصار الدين و تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي انتفاضة الطوارق العرقية في عام 2012 للسيطرة على مدن في شمال مالي المضطرب.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة مذكرة اعتقال بحق أحد كبار القادة الجهاديين في منطقة الساحل الإفريقية بسبب الفظائع المزعومة في تمبكتو في الفترة من 2012 إلى 2013.
و يعتبر إياد أغ غالي زعيم جماعة نصرة الإسلام و المسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة، و التي تنشط في مالي و بوركينا فاسو و النيجر.
و قالت المحكمة الجنائية الدولية إن آغ غالي، المعروف أيضًا باسم أبو الفضل، مطلوب للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية في تمبكتو.
و تشمل هذه الجرائم القتل و الاغتصاب و الاستعباد الجنسي، و الهجمات على المباني المخصصة كمعالم دينية و تاريخية.
أصدر القضاة مذكرة ضد أغ غالي في منتصف عام 2017، لكن الوثيقة ظلت طي الكتمان طوال السنوات السبع الماضية بسبب “المخاطر المحتملة على الشهود و الضحايا”.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة بارتکاب جرائم ضد الإنسانیة أنصار الدین بما فی ذلک جرائم حرب فی تمبکتو
إقرأ أيضاً:
لماذا تماطل ألمانيا في تنفيذ قرار الجنائية الدولية الأخير؟
طالبت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، دول العالم بوجوب احترام قرارات المحكمة الجنائية الدولية، وحضتها على بذل كل ما في وسعها لتنفيذها. "فلا ينبغي لأحد في القرن الحادي والعشرين أن يشنّ حربًا عدوانية، ويفلت بعدها من العقاب".
لقد أدلت بيربوك بهذا التصريح خلال زيارتها إلى نيويورك يوم 18 يوليو/تموز 2023 بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد نظام روما الأساسي للجنائية الدولية، التي بإنشائها، تؤكد الوزيرة، "يتعهد المجتمع الدولي بالعمل على تحقيق العدالة للضحايا، ومحاسبة الجناة. فالمجتمع الدولي لن يتغاضى عن اقتراف أفظع الجرائم في أي مكانٍ كان".
لكن يبدو – وبعد مرور عام واحد فقط على هذا التصريح – أن وزيرة الخارجية الألمانية وحكومتها لم يكونوا جادين في مطالبتهم العالم باحترام قرارات الجنائية الدولية التي تُعد ألمانيا ثاني أكبر مانح لها. ويبدو أن "في أي مكان كان" في خطاب بيربوك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يتضمن الشرق الأوسط، على الأقل حين تكون إسرائيل هي الجانية، والمدنيون الفلسطينيون هم الضحايا.
لم يكن أحد يتصور أن تكفر الحكومة الألمانية بهذه السرعة بما دأبت على التشدق به من المبادئ النبيلة في المحافل الدولية. فعلى عكس موقف الحكومة الألمانية القوي من قرار الجنائية الدولية حين أصدرت في 17 مارس/آذار 2023 مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي على أساس جريمة ترحيل أطفال أوكرانيين إلى روسيا، نلمس الآن حرجًا شديدًا في تعامل ألمانيا مع قرار ذات المؤسسة الدولية التي دعت العالم بالأمس القريب إلى الامتثال لقراراتها لمّا أصدرت مذكرة اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه المُقال يوآف غالانت؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
إعلانلقد اكتفت الحكومة الألمانية هذه المرة بإصدار بيان مقتضب جدًا، يشير بالدرجة الأولى إلى العلاقة الفريدة التي تربط ألمانيا بإسرائيل، والمسؤولية التاريخية العظيمة تجاهها، ولكنه يخلو من أي شيء يوحي بوجوب تنفيذ هذا القرار، أو بِنِيّة الحكومة الألمانية الالتزام بما طالبت الدول الأخرى بالالتزام به في العام الماضي.
فيبدو أن هذه المحكمة – التي ادعت وزيرة الخارجية الألمانية في خطابها السابق أنها تحتل لديها مكانة خاصة بين المؤسسات الدولية، وأغدقت الثناء عليها أمام مرأى ومسمع من العالم، وشكرت جميع موظفيها على تفانيهم في عملهم، وعلى مهنيتهم واستقلاليتهم – باتت اليوم لا تحظى بتلك المكانة المرموقة، بعدما تجرأت على توجيه اتهامات خطيرة لإسرائيل، وعلى مساءلتها مثل أي دولة أخرى تنتهك القانون الدولي.
لقد بدا تلكُّؤ الحكومة الألمانية في قبول قرار الجنائية الدولية بوضوح في ردود فعل المتحدث باسمها، شتيفن هيبشترايت، الذي جسّد خلال مؤتمر صحفي عقد الشهر الماضي، ارتباك ألمانيا، وقلة حيلتها أمام مأزق التعامل مع هذا القرار.
فحاول عبثًا التهرب بأسلوب غير احترافي من سؤال الصحفيين المتكرر حول إمكانية تنفيذ حكومته مذكرة الاعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير دفاعه السابق، وادعى أن الإجراءات الداخلية المترتبة على هذا القرار قيد الفحص الدقيق، قبل أن يصرح بعد مراوغات عدة بأنه "يجد صعوبة بالغة في تخيل أن تقوم ألمانيا باعتقالات على هذا الأساس"، على الرغم من أن هذا الأمر غير قابل للنقاش؛ لأن ألمانيا صدّقت على نظام روما الأساسي، علاوة على أن المادة 25 من الدستور الألماني تنص على أن القواعد العامة للقانون الدولي جزء من القانون الاتحادي، بل ولها الأسبقية على القوانين المحلية الألمانية.
بيدَ أنه وبعد هذا الوقت على تصريح هيبشترايت المخجل، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية بعدها – على مضض كما يبدو – على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في فيوجي بإيطاليا، أن الحكومة الألمانية "ستلتزم بالقانون، لأن لا أحد فوقه".
إعلانلم تكن مماطلة ألمانيا في قبول قرار الجنائية الدولية الأخير، وموقفها المعيب تجاهه مقصورَين على الحكومة الاتحادية فحسب، وإنما كان ذلك موقفًا عامًا يحظى بالإجماع في السياسة الألمانية بمختلف ألوانها ومشاربها الأيديولوجية. فجلّ السياسيين من مختلف الأحزاب الكبرى كانوا في هذه المسألة على قلب رجل واحد.
فعلى سبيل المثال وصف بوريس راين، رئيس حكومة ولاية هسن، قرار الجنائية الدولية بالأمر العبثي السخيف، وصرح في هذا الصدد بأنه "من غير الوارد على الإطلاق اعتقال رئيس وزراء إسرائيلي منتخب ديمقراطيًا على الأراضي الألمانية؛ لأنه يدافع عن بلده ضد الإرهابيين"، وأكد أن "حماية إسرائيل مصلحة عليا للدولة، وأن ذلك يشمل أيضًا حماية كبار سياسييها".
أما فريدرش ميرتس، المرشح لتبوُّؤ منصب المستشار الألماني في الولاية القادمة، فقد سبق له في مايو/أيار الماضي، إبداء موقفه من هذه القضية. فهو لم يكتفِ يومئذ بشجب طلب كريم خان إصدارَ أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت فحسب، بل انتقد، آنذاك، أيضًا الحكومة الألمانية بشدة؛ لأنها لم تجزم بما لا يدع مجالًا للشك بعدم انصياعها لقرارات الجنائية الدولية في هذا الشأن.
ولعل ميرتس كان أبلغ من عبر عن العَوَر الذي يَسِمُ نظرة ألمانيا والغرب عمومًا إلى المؤسسات الدولية، حين قال في حوار مع صحيفة "بيلد" إن "الجنائية الدولية لم تنشأ سوى لمحاسبة الطغاة والقادة المستبدين، وليس لاعتقال أعضاء الحكومة المنتخبين ديمقراطيًا".
إن موقف السياسة الألمانية من هذه القضية، يجعل ألمانيا في مصافّ الدول التي طالما انتقدتها ووصفتها بأقذع الأوصاف. فردة فعلها اليوم لا تختلف كثيرًا عن ردة فعل السياسيين الروس مثلًا، الذين رفضوا بدورهم مذكرة اعتقال فلاديمير بوتين واعتبروها – مثلما اعتبر رئيس حكومة ولاية هسن وغيره من الساسة الألمان قرار المحكمة الأخير – أمرًا سخيفًا غير مقبول.
إعلانعلاوة على أن ازدواجية معايير ألمانيا، وتعاملها الانتقائي مع قرارات المؤسسات الدولية سيساهمان حتمًا وعلى نحو فعال في إضعاف دور هذه المؤسسات في وقت بات فيه العالم على شفا حرب عالمية ثالثة توشك أن تندلع.
وحق إسرائيل في الدفاع عن النفس الذي لا يكلّ السياسيون الألمان من تأكيده كلما اقترفت إسرائيل مجزرة جديدة، ليس معناه أن تملك إسرائيل حق إبادة شعب استعمرته 76 سنة، وأمعنت في تهجيره، ومحاصرته، وقوَّضت كل مقوماته في إنشاء دولته المستقلة.
فمهما كانت بشاعة جريمة حماس في هجوم يوم 7 من أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل، فهذا لا يسوغ لها ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. كما أن مسؤولية ألمانيا التاريخية تجاه إسرائيل لا يمكن أن يكون معناها دعمًا غير مشروط لحكومة يمينية متطرفة يكاد أن يرقى إلى التواطؤ على انتهاك القوانين الدولية في حق الفلسطينيين.
ونظرًا لبشاعة الجرائم التي تُتهم بها إسرائيل وجب على ألمانيا مراجعة مواقفها قبل فوات الأوان، فكما قال ألفريد غروسر، الناشر وعالم السياسة اليهودي الألماني- الفرنسي، الحائز 1975، جائزةَ السلام الألمانية للكتاب: "من أراد التبرُّؤ من هتلر، وجب عليه اليوم أن يدافع عن الفلسطينيين".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية