عاشت البشرية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في ضلالات الجهل والشرك، فقد فشا فيها الجهل، واعتدى القوي على الضعيف، وافتُقِد الأمن، وسُلِبت الحقوق، ودارت الحروب على أسباب واهية.. وكانت العرب جزءاً من هذه البشرية التي تحتاج إلى من ينقذها وينتشلها مما هي فيه.. وهنا آن أوان البعثة المحمدية، وظهرت بًشْرَيَات الصبح والنور.
وفي يوم الاثنين من رمضان من العام الأربعين من مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي غار حراء نزل جبريل عليه السلام بأمر الله عز وجل، يحمل أعظم رسالة، إلى أفضل نبي، ليغير الحياة من الشرك إلى التوحيد، ومن الظلم إلى العدل، ومن الظلمات إلى النور، قال الله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ}(إبراهيم:1). وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (بُعِث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يُوَحَى إليه، ثم أُمِر بالهجرة فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة) رواه البخاري.
وتصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بداية نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي هو الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِب إليه الخلوة، وكان يخلو في غار حراء، يتحنث (يتعبد) فيه الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملَك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلتُ: ما أنا بقارئ، قال: فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطنى الثالثة ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}(العلق3:1 )، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَل، وتكَسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها، وكان امرًأً تنصر بالجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله له أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قدْ عَمِي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ما ذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس (جبريل عليه السلام) الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا (شاباً)، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال: أَوَ مُخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قَط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزرا، ثم لم ينشب (يلبث) ورقة أنْ تُوُفِّيَ) رواه البخاري.
قال ابن حجر: "قال شيخنا البلقيني: الملك المذكور هو جبريل، كما وقع شاهده في كلام ورقة".
فائدة:
أجمع رواة السيرة النبوية على أن بداية نزول الوحي كان في شهر رمضان، وأول القرآن الكريم نزولاً كان في رمضان، وقد استدل ابن إسحاق على أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعِث في شهر رمضان بقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ}(البقرة:185). قال ابن القيم: "لما كَمُل له صلى الله عليه وسلم أربعون أشرقت عليه أنوار النبوة، وأكرمه الله تعالى برسالته، وبعثه إلى خَلْقِه، واختصه بكرامته، وجعله أمينه بينه وبين عباده، ولا خلاف أن مبعثه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يوم الاثنين، واختلف في شهر المبعث، فقيل لثمان مضين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، هذا قول الأكثرين، وقيل: بل كان ذلك في رمضان، واحتج هؤلاء بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآَنُ}(البقرة:185)، قالوا: أول ما أكرمه الله تعالى بنبوته وأنزل عليه القرآن فى رمضان جملة واحدة فى ليلة القدر إلى بيت العزة، ثم أنزل منجما (مُفَرقاً) بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة".
وأول ما أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}(العلق:1)، قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}(العلق3:1 ): "فأول شيء نزل من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات، وهن أول رحمة رحِمَ الله بها العباد، وأول نعمة أنعم الله بها عليهم، وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة، وأن من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم". وقال ابن تيمية: "أول ما أنزل من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} عند جماهير العلماء، وقد قيل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} روي ذلك عن جابر، والأول أصح، فإن ما في حديث عائشة رضي الله عنها الذي في الصحيحين يبين أن أول ما نزل {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} نزلت عليه وهو في غار حراء، وأن المدثر نزلت بعد، وهذا هو الذي ينبغي، فإن قوله: {اقْرَأْ} أمر بالقراءة لا بتبليغ الرسالة وبذلك صار نبياً، وقوله: {قُمْ فَأَنْذِرْ} أمر بالإنذار وبذلك صار رسولاً منذراً".
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" ـ فيما ذكره عن عائشة رضي الله عنها ـ: "ثم أكرمه الله تعالى بالنبوة، فجاء المَلَك وهو بغار حراء، وكان يحب الخلوة فيه، فأول ما أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (العلق:1) هذا قول عائشة والجمهور".
لكن جاءت بعض رواياتٍ لأحاديث صحيحة يفيد ظاهرها أن أول آيات القرآن نزولا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}(المدثر:1). عن جابر رضي الله عنه قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يُحَدِّثُ عن فَتْرَةِ الوَحْيِ، فَقالَ في حديثه: فَبيْنَا أنَا أمْشِي إذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رأْسِي، فَإِذَا المَلَكُ الذي جَاءَنِي بحِرَاءٍ جَالِسٌ علَى كُرْسِيٍّ بيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ، فَجَئِثْتُ (خفت) منه رُعْبًا، فَرَجَعْتُ فَقُلتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فأنْزَل اللَّه تعالى: {يَا أيُّها المُدَّثِّرُ}..) رواه البخاري.
قال ابن القيم في "زاد المعاد": "حديث جابر الذي احتج به صريح في أنه قد تقدم نزول المَلك عليه أولا قبل نزول {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}(المدثر:1) فإنه قال: فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فرجعت إلى أهلي فقلت: زملوني دثروني، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}(المدثر:1) وقد أخبر أن المَلَك الذي جاءه بحراء أنزل عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}(العلق:1) فدل حديث جابر على تأخر نزول {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}(المدثر:1) والحجة في روايته لا في رأيه، والله أعلم".
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: "قوله: "أن أول ما أنزل قوله تعالى }يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} ضعيف بل باطل، والصواب أن أول ما أنزل على الإطلاق: {اقرأ باسم ربك} كما صرح به في حديث عائشة رضي الله عنها. وأما {يا أيها المدثر} فكان نزولها بعد فترة الوحي".
شبهة ورد:
فى كل زمان يوجد من أعداء الإسلام من المستشرقين والمبشرين ومن يدور في فلكهم من المنافقين، من يطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ويثير حوله الشبهات والافتراءات، ومن ذلك:
1 ـ دعواهم أن الوحي كان إلهام نفس وحديث روح، وأنه صلى الله عليه وسلم كان متشوقاً للنبوة ومنتظراً نزول الوحي عليه.
والرد على ذلك يسير، فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أصيب بالخوف والفزع مما سمع ورأى في بداية نزول الوحي عليه، وأسرع إلى بيته يرجف فؤاده، ففي حديث عائشة رضي الله عنها عن بداية نزول الوحي: (فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: لقد خشيتُ على نفسي) رواه البخاري. وفي هذا دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مُتشوِقاً للرسالة التي سيُكَلف بتبليغها للناس، وقد قال الله تعالى تأكيداً لهذا المعنى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(الشورى:52). كما أن ضم جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم وإرساله ثلاث مرات قائلاً في كل مرة: {اقْرَأْ} يعتبر تأكيداً على أن الوحي ليس أمراً ذاتياً داخلياً مرده إلى حديث روح وإلهام نفس، وإنما هو استقبال وتلقِ لحقيقة خارجية لا علاقة لها بالنفس والإلهام، كما يدعي المشككون في الإسلام والتلبيس على المسلمين، من أعداء الإسلام ومن سار وراءهم.
2 ـ ومن شبهاتهم التي يثيرونها على الوحي ما يقولونه من أنه صلى الله عليه وسلم تعلمه من الأحبار والرهبان وعلماء الأديان السابقة.
والرد على هذه الشبهة الواهية أنه صلوات الله وسلامه عليه كان أمياً لم يقرأ كتاباً، ولم يكتب سطراً، ولم يقل شعراً، ومع ذلك يوحى إليه القرآن الكريم معجزته الخالدة، الذي تحدَّى به العرب، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة والبيان، فعجزوا أن يأتوا بمثله، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(البقرة:23)، ومِنْ ثم فأميته صلى الله عليه وسلم كمالٌ في حَقِه، ومعجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته، والقاطعة لشكوك المبطلين كما قال الله عز وجل: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ المُبْطِلُونَ}(العنكبوت:48). قال القاضي عياض: "ليست المعجزة مجرد كونه أمياً، فإن المعجزة حاصلة بكونه صلى الله عليه وسلم كان أولاً كذلك، ثم جاء بالقرآن وبعلوم لا يعلمها الأميون". وقال الرازي في تفسيره: "أجلّ معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأشرفها أنه كان رجلاً أميًا" إلى أن يقول: "ظهور هذه العلوم العظيمة عليه مع أنه كان رجلاً أميًّا لم يلقْ أستاذًا، ولم يطالع كتاباً من أعظم المعجزات"..
إن بداية نزول الوحي من أهم وأكبر الحوادث فى تاريخ البشرية والإنسانية وليس فى تاريخ المسلمين وحدهم, فهي لحظة وحي الله عز وجل لعبده ونبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه، ليكون للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}(الأحزاب:45)، وحقيقة الوحي: إعلام الله تعالى أنبياءه بما يريد أن يبلغه إليهم مِنْ شرْعٍ أو كتاب بواسطة أو غير واسطة، والأحاديث الواردة في ابتداء نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة، ولا تناقض بينها، وكان الوحي يقظة لا مناماً، وحقيقة لا خيالاً، ولا حديث روح وإلهام نفس، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}(الشُّورى:7). وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلَا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(الشُّورى:52)، وقد ترتب على الوحي جميع حقائق الدين بعقائده وتشريعاته وأخلاقه.
عن اسلام ويبالمصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وسلم النبی صلى الله علیه وسلم له صلى الله علیه وسلم عائشة رضی الله عنها قال الله تعالى رواه البخاری قوله تعالى ه ا ال م د ه تعالى فی حدیث قال ابن أن أول على أن
إقرأ أيضاً:
حذر منه النبي.. هذا الفعل الخاطئ فى الوضوء يدخلك النار
أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، معنى حديث النبي -صلى الله عليه- وسلم: "ويل للأعقاب من النار"، مشيرًا إلى أن العقب هو مؤخر القدم، تحديدًا المنطقة المحيطة بالكعب، وهي الجزء الذي قد يغفل بعض الناس عن وصول الماء إليه أثناء الوضوء.
وأكد الشيخ عويضة في فتوى له، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الحديث في موقف تعليمي أثناء سفر مع الصحابة -رضي الله عنهم-، حيث لاحظ أن بعضهم كان يتسرع في الوضوء ولم تصل الماء إلى أعقابهم، فقال لهم: "أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار"، مما يعني ضرورة إتمام الوضوء وإحسانه.
وأضاف: "العبرة هنا أن الوضوء هو أساس الطهارة للصلاة، وإهمال أي جزء من أعضاء الوضوء يبطل العبادة، فالرسالة واضحة: لا تتعجلوا في الوضوء، بل أتموه بدقة، فإهمال ذلك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة".
حديث ويل للأعقاب من النارعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : «تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا» رواه البخاري (حديث رقم/60) ، ورواه مسلم (رقم/241) بلفظ آخر فيه:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ ، فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ».
ما يستفاد من الحديث1- فضيلة إسباغِ الوضوء على كلِّ أجزاء الأعضاء، ومعنى الإسباغِ: إيصالُ الماء إلى أعضاء الوضوء كاملةً.
2- يُفيد الحديث أيضًا وجوبَ غَسلِ الرِّجلين في الوضوء، وقد أجمعَ أهل السُّنة فيما حكى النَّووي وغيرُه على وجوب غَسل الرِّجلين.
3- شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، حيث كان يتأخر عن القافلة ويمشي آخرها كي يعين ضعيفهم ويحمل عاجزهم ويتفقد أحوالهم.
4- حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعليم أصحابه وبيان الحكم الشرعي عند حاجتهم إليها، وعدم سكوته صلى الله عليه وسلم عن الخطأ إن وقع منهم.
هل يجوز نشر أسرار البيوت على السوشيال من أجل التربح؟ أمين الفتوى يجيبهل يجوز أداء سُنة العشاء بنية النافلة وقيام الليل؟.. دار الإفتاء تُجيب
كيفية الوضوء الصحيح وأركانه وفرائضه وسننه
يبحث الكثير عن خطوات الوضوء ، لأن هناك عبادات لا تقبل إلا بالطهارة عن طريق الوضوء، وذكر العلماء أن هناك 7 فرائض و13 سنة لـالوضوء، والأهم هو عمل الفرائض، أما السنن فهي اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، والوضوء هو الركن الأساسي للصلاة، ومن دونه لا تصلح، لذا وجب علينا معرفة خطوات الوضوء الاساسية.
معنى الوضوءالوضوء في اللغة مشتق من الوضاءة أي الحسن والبهاء، وفي الشرع الإسلامي هو: طهارة مائية تخص أعضاء معينة على صفة مخصوصة بنية التعبد، الأفعال المخصوصة هي: النية، وإيصال الماء إلى أعضاء مخصوصة.
أخطاء الوضوء1- ترك المضمضة والاستنشاق، لأنهما داخلان في غسل الوجه المأمور به، واختلف العلماء في حكم المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل، والقول الأول: وجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل، واستحبابهما في الوضوء، وهو مذهب الأحناف، وإليه ذهب الإمام الثوري، وهو رواية عن أحمد نقلها عنه أبو داود.
القول الثاني: أن المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء والغُسل، وهو قول الجمهور، فهو مذهب المالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد
القول الثالث: وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل، وهو عكس القول الثاني، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو من المفردات، وبه قال ابن المبارك وابن أبي ليلى وإسحاق.
2- ومن تلك الأخطاء: عدم غسل الكفين مع اليدين، والاكتفاء بغسلهما أول الوضوء، والصواب أن يغسل الكفين مع اليدين حتى لو غسلهما في أول الوضوء، فغسلهما أول الوضوء مستحب، وغسلهما مع اليدين واجب.
3- ومن الأخطاء في الوضوء: التساهل أو ترك غسل المرفقين أو الكعبين أو العقبين، وقد جاء الوعيد في ذلك؛ كما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» (رواه مسلم)، والعَقِب: هو مؤخَّرُ القَدَم.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا ترك موضع ظُفر على قدمه، فقال له: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» (رواه مسلم)، وفي حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجُلا يُصلي، وفي ظهرِ قدمهِ لمعة قدرَ الدرهمِ لم يُصبها الماءُ، فأمَرَهُ النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعِيدَ الوضوءَ والصلاةَ»؛ (رواه أبو داود).
4- ومن الأخطاء في الوضوء: الزيادة في غسل أعضاء الوضوء أو بعضها أكثر من ثلاث مرات، وهذا مخالف للسنة، وروى عَمْر بْنِ شُعَيْبٍ، روى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ».
5- ومن الأخطاء الشائعة: الإسراف في استخدام الماء، والله تعالى يقول: «وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (الأعراف: 31).
كيفية الوضوءفي سورة المائدة آية 6 قال الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، وهذا توضيح لأركان الوضوء في القرآن، والتي سنفسرها لكم بالتفصيل.
- نية الوضوء، فيجب أن ننوي الوضوء ونقول بعدها (بسم الله).
-غسل الكف 3 مرات في الوضوء.
-المضمضة 3 مرات في الوضوء.
-الاستنشاق بالأنف 3 مرات في الوضوء.
-غسل الوجه 3 مرات الوضوء «أي من منبت الشعر حول الوجه وحتى الذقن، ومن الأذن اليمنى لليسرى»
-غسل اليدين للمرافق 3 مرات في الوضوء على أن نبدأ باليد اليمنى.
-مسح الرأس مرة واحدةفي الوضوء «ويمكن ثلاثا».
-مسح الأذن مرة واحدةفي الوضوء على أن نبدأ باليمنى (ويمكن ثلاثا).
-غسل القدمين إلى الكعبين 3 مرات في الوضوء «نبدأ باليمنى وندخل الماء بين الأصابع».
-نقول بعد الوضوء «أشهد أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدًا عبده ورسوله، اللهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين»
فرائض الوضوءيجب أن نفعلها بشكل أساسي ومن دونها يكون الوضوء باطلاً وهي:
النية محلها «في القلب».
غسل الوجه.
غسل اليدين للمرفقين.
مسح الرأس.
غسل القدمين للكعبين.
ترتيب أركان الوضوء.
تعاقب أركان الوضوء «أي نقوم بغسل كل جزء يلو الآخر ولا ننتظر حتى يجف ما قبله»
وهذه هي السنن التي اختلف عليها الفقهاء، ومن دونها يكون الوضوء صحيحًا:
قول بسم الله في بداية الوضوء.
غسل اليدين للرسغين.
المضمضة «فيما عدا المذهب الحنبلي قال إنها واجبة».
الاستنشاق «فيما عدا المذهب الحنبلي قال إنها واجب».
الاستنثار «وهو إخراج الماء من الأنف بعد إدخاله».
مسح الرأس كله «سُنة لدى الشافعية والحنفية، وفرض لدى الحنابلة والمالكية».
مسح الأذنين.
تخليل الماء في شعر اللحية.
تخليل الماء بين أصابع القدمين.
عمل كل خطوة 3 مرّات.استخدام السواك.
عدم استخدام الماء بإسراف.
البدء بالعضو الأيمن في كل خطوة.