بوابة الوفد:
2024-06-30@12:16:52 GMT

فى ظلال الهجرة النبوية المشرفة

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

الهجرة النبوية تعد من أهم الأحداث فى تاريخ الإسلام إن لم تكن الحدث الأهم فيه، وهو ما حمل الصحابة على التأريخ بها لأمة الإسلام، فقد كانت نقطة تحول هامة فى هذا التاريخ العظيم، وبداية البناء العملى للدولة فى المدينة المنورة، ذلك البناء الذى قام على عدة أسس، من أهمها :
1- المؤاخاة وترسيخ فقه التعايش ومبدأ العيش المشترك بين البشر، ذلك المبدأ الذى اتخذ من المدينة المنورة أفضل أنموذج فى تاريخ البشرية، سواء فيما بين المسلمين، أم فيما بينهم وبين الطوائف الأخرى من سكان المدينة .


فقد رسخ الإسلام مبدأ المؤاخاة ووحدة الصف، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (آل عمران: 103)، ويقول سبحانه: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (الأنفال: 46)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» (رواه مسلم).
كما تعد وثيقة المدينة أعظم أنموذج لفقه العيش الإنسانى المشترك فى تاريخ البشرية، فقد أكد فيها نبينا (صلى الله عليه وسلم): أن يهود بنى عوف، ويهود بنى النجار، ويهود بنى الحارث، ويهود بنى ساعدة، ويهود بنى جشم، ويهود بنى الأوس، ويهود بنى ثعلبة، مع المؤمنين أمة، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه، وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وأن من خرج منهم فهو آمن، ومن قعد بالمدينة فهو آمن، إلا من ظلم أو أثم، وأن الله (عز وجل) جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فأى إنسانية، وأى حضارة، وأى رقي، وأى تعايش سلمى، أو تقدير لمفاهيم الإنسانية، يمكن أن يرقى إلى ما كان من تسامح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإنصافه، ألا ترى إلى قوله (صلى الله عليه وسلم): «لليهود دينهم» قبل أن يقول: «للمسلمين دينهم»، ليكون فى أعلى درجات الإنصاف والتسامح.
2- المسجد ورسالته، تلك الرسالة التى تقوم على أن المسجد للعبادة والذكر والتربية على مكارم الأخلاق، وكل ما يحقق مصالح الخلق، ويسهم فى عمارة الكون وتحقيق الأمن والسلم المجتمعى والإنساني.
3- السوق الذى أقامه ورسخ دعائمه النبى (صلى الله عليه وسلم) ليرمز بذلك إلى أهمية الاقتصاد والعمل والإنتاج فى حياة الأفراد والأمم والشعوب، فديننا قائم على فن صناعة الحياة، وعمارة الدنيا بالدين، وليس تخريبها أو تعطيل الأخذ بأسبابها باسم الدين، ذلك أن الهجرة نفسها مبنية على أمرين متلازمين، هما: حسن التوكل على الله (عز وجل)، وحسن الأخذ بالأسباب.
كما أن بالهجرة درسًا مهمًا لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، هو تكامل الأدوار فى رحلة الهجرة بين أبناء المجتمع جميعًا من الرجال والنساء والشباب، ففى الوقت الذى صحب فيه أبو بكر (رضى الله عنه) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وواساه بنفسه وماله، حتى قال النبى (صلى الله عليه وسلم): «إن من أمنّ الناس عليّ فى صحبته وماله أبا بكر» (صحيح البخاري)، نام ذلك الشاب الذى نشأ فى بيت النبوة على بن أبى طالب فى مكان النبى (صلى الله عليه وسلم) فى أنموذج فريد من نماذج التضحية والفداء، كما أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قد عهد إليه برد الأمانات التى كانت عنده (صلى الله عليه وسلم) إلى أصحابها، إلى جانب هذا وذلك كانت أسماء بنت أبى بكر المعروفة بذات النطاقين تشق طريقها إلى غار ثور بالطعام إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه، وقد ضمت بيعة العقبة الثانية اثنين وسبعين رجلا شبابًا وشيوخًا وامرأتين، مما يؤكد على أن التعاون والتكامل والتنسيق وصدق النية وإخلاصها وتغليب العام على الخاص من أهم أسباب النجاح، فالعلاقة بين الرجل والمرأة، وبين الشباب والشيوخ ينبغى أن تكون علاقة تكامل وتكافل وتراحم، لا علاقة نزاع ولا شقاق، فللرجل حقوقه وعليه واجباته، وللمرأة مثل ذلك، كما أننا فى حاجة إلى خبرة الشيوخ وحماس الشباب معًا، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» (الترمذي).
أما المفهوم الأعظم للهجرة فهو كونها لله ورسوله، كونها هجرة من الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، ومن الظلم إلى العدل، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن خلف العهد إلى الوفاء به، ومن البطالة والكسل إلى العمل والإنتاج، يقول الحق سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» (الرعد: 11)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده» (البخاري).

وزير الأوقاف

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المدينة المنورة الله عز وجل هجرة تاريخ الإسلام صلى الله علیه وسلم رسول الله

إقرأ أيضاً:

موعد وفضل صيام يوم عاشوراء 2024.. العد التنازلي بدأ

يوم عاشوراء 2024 أصبح أحد أبرز الموضوعات التي تشغل الرأي العام المصري خلال الساعات الحالية بالتزامن مع اقتراب تلك المناسبة التي يحتفل بها المسلمون من عام لآخر.


يوم عاشوراء 2024

وتساءل الرأي العام المصري عن يوم عاشوراء 2024 وذلك لمعرفة موعد صيام ذلك اليوم وكذلك فضل صيامه من أجل الاستعداد له سواء بالصيام أو بالأعمال المستحبة.

ويعد يوم عاشوراء من الأيام المباركة التي تمتع بفضل كبير، ويستحب فيه القيام بالطاعات والأعمال الصالحة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه".

ويستحب الإقران في الصيام بين يومي تاسواء وعاشوراء حيث قال ابن عباس رضي الله عنه: "لما صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال: إذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم".


موعد يوم عاشوراء 2024

وعن موعد يوم عاشوراء 2024، فوفقًا للحسابات الفلكية فإن أول أيام السنة الهجرية الجديدة 1 محرم سيكون موافقا ليوم الأحد الموافق 7 يوليو 2024، وبالتالي فإن يوم عاشوراء سيوافق يوم الثلاثاء 16 يوليو 2024.

 

فضل صيام يوم عاشوراء 2024

وفي وقت سابق، نشرت الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" فضل صيام يوم عاشوراء.

وذكرت الصفحة أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وصيامه ثابت عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ويثاب فاعل هذه السنة بتكفير ذنوب سنة قبله؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ" أخرجه مسلم.  
 

مقالات مشابهة

  • رأس السنة الهجرية 2024: احتفال بالهجرة النبوية ودروس مستفادة للأجيال
  • ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر
  • هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟.. «الإفتاء» تُجيب
  • موعد المولد النبوي الشريف 2024 وحكم الاحتفال به
  • موعد وفضل صيام يوم عاشوراء 2024.. العد التنازلي بدأ
  • موضوع خطبة الجمعة المقبلة: «الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن الكريم»
  • أوقاف الفيوم تنظم ندوات علمية بعنوان "دروس من الهجرة النبوية"
  • بداية نزول الوحي على النبي
  • حكم قول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"