بوابة الوفد:
2024-12-26@15:12:39 GMT

فى ظلال الهجرة النبوية المشرفة

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

الهجرة النبوية تعد من أهم الأحداث فى تاريخ الإسلام إن لم تكن الحدث الأهم فيه، وهو ما حمل الصحابة على التأريخ بها لأمة الإسلام، فقد كانت نقطة تحول هامة فى هذا التاريخ العظيم، وبداية البناء العملى للدولة فى المدينة المنورة، ذلك البناء الذى قام على عدة أسس، من أهمها :
1- المؤاخاة وترسيخ فقه التعايش ومبدأ العيش المشترك بين البشر، ذلك المبدأ الذى اتخذ من المدينة المنورة أفضل أنموذج فى تاريخ البشرية، سواء فيما بين المسلمين، أم فيما بينهم وبين الطوائف الأخرى من سكان المدينة .


فقد رسخ الإسلام مبدأ المؤاخاة ووحدة الصف، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (آل عمران: 103)، ويقول سبحانه: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (الأنفال: 46)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» (رواه مسلم).
كما تعد وثيقة المدينة أعظم أنموذج لفقه العيش الإنسانى المشترك فى تاريخ البشرية، فقد أكد فيها نبينا (صلى الله عليه وسلم): أن يهود بنى عوف، ويهود بنى النجار، ويهود بنى الحارث، ويهود بنى ساعدة، ويهود بنى جشم، ويهود بنى الأوس، ويهود بنى ثعلبة، مع المؤمنين أمة، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه، وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وأن من خرج منهم فهو آمن، ومن قعد بالمدينة فهو آمن، إلا من ظلم أو أثم، وأن الله (عز وجل) جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فأى إنسانية، وأى حضارة، وأى رقي، وأى تعايش سلمى، أو تقدير لمفاهيم الإنسانية، يمكن أن يرقى إلى ما كان من تسامح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإنصافه، ألا ترى إلى قوله (صلى الله عليه وسلم): «لليهود دينهم» قبل أن يقول: «للمسلمين دينهم»، ليكون فى أعلى درجات الإنصاف والتسامح.
2- المسجد ورسالته، تلك الرسالة التى تقوم على أن المسجد للعبادة والذكر والتربية على مكارم الأخلاق، وكل ما يحقق مصالح الخلق، ويسهم فى عمارة الكون وتحقيق الأمن والسلم المجتمعى والإنساني.
3- السوق الذى أقامه ورسخ دعائمه النبى (صلى الله عليه وسلم) ليرمز بذلك إلى أهمية الاقتصاد والعمل والإنتاج فى حياة الأفراد والأمم والشعوب، فديننا قائم على فن صناعة الحياة، وعمارة الدنيا بالدين، وليس تخريبها أو تعطيل الأخذ بأسبابها باسم الدين، ذلك أن الهجرة نفسها مبنية على أمرين متلازمين، هما: حسن التوكل على الله (عز وجل)، وحسن الأخذ بالأسباب.
كما أن بالهجرة درسًا مهمًا لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، هو تكامل الأدوار فى رحلة الهجرة بين أبناء المجتمع جميعًا من الرجال والنساء والشباب، ففى الوقت الذى صحب فيه أبو بكر (رضى الله عنه) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وواساه بنفسه وماله، حتى قال النبى (صلى الله عليه وسلم): «إن من أمنّ الناس عليّ فى صحبته وماله أبا بكر» (صحيح البخاري)، نام ذلك الشاب الذى نشأ فى بيت النبوة على بن أبى طالب فى مكان النبى (صلى الله عليه وسلم) فى أنموذج فريد من نماذج التضحية والفداء، كما أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قد عهد إليه برد الأمانات التى كانت عنده (صلى الله عليه وسلم) إلى أصحابها، إلى جانب هذا وذلك كانت أسماء بنت أبى بكر المعروفة بذات النطاقين تشق طريقها إلى غار ثور بالطعام إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه، وقد ضمت بيعة العقبة الثانية اثنين وسبعين رجلا شبابًا وشيوخًا وامرأتين، مما يؤكد على أن التعاون والتكامل والتنسيق وصدق النية وإخلاصها وتغليب العام على الخاص من أهم أسباب النجاح، فالعلاقة بين الرجل والمرأة، وبين الشباب والشيوخ ينبغى أن تكون علاقة تكامل وتكافل وتراحم، لا علاقة نزاع ولا شقاق، فللرجل حقوقه وعليه واجباته، وللمرأة مثل ذلك، كما أننا فى حاجة إلى خبرة الشيوخ وحماس الشباب معًا، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» (الترمذي).
أما المفهوم الأعظم للهجرة فهو كونها لله ورسوله، كونها هجرة من الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، ومن الظلم إلى العدل، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن خلف العهد إلى الوفاء به، ومن البطالة والكسل إلى العمل والإنتاج، يقول الحق سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» (الرعد: 11)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده» (البخاري).

وزير الأوقاف

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المدينة المنورة الله عز وجل هجرة تاريخ الإسلام صلى الله علیه وسلم رسول الله

إقرأ أيضاً:

دعاء في الصلاة للنجاة من عذاب يوم القيامة

يُعتبر الدعاء من أعظم الوسائل التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وخاصة في أوقات العبادة، مثل الصلاة، وقد ورد عن البراء بن عازب رضي الله عنه، حيث قال: "كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحببنا أن نكون عن يمينه، يقبل علينا بوجهه، قال: فسَمِعته يقول: «ربِّ قِني عذابك يوم تَبعث عبادك»" (رواه مسلم).

يُظهر هذا الحديث النبوي الشريف أهمية الدعاء في الصلاة، وما لها من أثر عميق في تعزيز العلاقة بين العبد وربه، والتعبير عن الافتقار والاحتياج إلى الله تعالى. حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء طلبًا للنجاة من عذاب يوم القيامة، وهو يوم عظيم سيبعث فيه الله عباده ليحاسبهم على أعمالهم.

التوجه إلى الله في أوقات الصلاة
يُظهر الحديث أن الصحابة كانوا يحبون أن يكونوا في موضع عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، لما في ذلك من قربٍ إليه ومن فرص للتفاعل الروحي معه. كان هذا الموضع مكانًا يتجلى فيه الفضل في طلب الدعاء والرحمة من النبي صلى الله عليه وسلم، ليكون له تأثير كبير في قلوبهم.

ويجب على المسلم أن يستشعر في صلاته ما كان يستشعره الصحابة، من تواضع وخشوع في التوجه إلى الله، طلبًا للرحمة والمغفرة. فالصلاة هي الوقت الأمثل لرفع الأكف إلى الله في الدعاء، خاصة في اللحظات التي يعبر فيها العبد عن أصدق مشاعره وحاجاته، مثل الدعاء الذي ذكره الحديث النبوي "ربِّ قِني عذابك يوم تَبعث عبادك".

الدعاء للنجاة من العذاب


يعد هذا الدعاء من أهم الأدعية التي يجب على المسلم أن يتحلى بها في صلاته. حيث يستشعر المسلم في هذه الكلمات عظمة الله تعالى، ويطلب منه النجاة من العذاب في يوم الحساب، الذي يبعث فيه الله عباده. الدعاء هنا يعكس الوعي الكامل بقيمة الصلاة والركوع لله سبحانه وتعالى، فهو لحظة العبادة الكبرى التي يُفترض أن يستغلها المسلم في طلب رحمته ومغفرته.

أهمية الدعاء في تقوية الروحانية
من خلال هذا الدعاء، يرسخ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية التواصل مع الله في أوقات الصلاة، حيث يُظهر العبد تواضعه أمام عظمة الله، معترفًا بحاجة قلبه إلى رحمته. إن الصلاة هي أقوى الوسائل التي ينبغي للمسلم أن يستغلها في التضرع إلى الله، طالبًا النجاة من عذاب يوم القيامة.


إن الدعاء الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يعد من أسمى الأدعية التي ينبغي على المسلم أن يُكثر منها في صلاته، ليكون من أهل النجاة في يوم القيامة. 

الصلاة هي الفرصة المثلى لتقوية الصلة مع الله، حيث يتوجه العبد بكل جوارحه إلى ربه، راجيًا رحمته ونجاته. وبالتالي، علينا أن نستشعر عظمة الدعاء وأثره في تقوية الروحانية في حياتنا اليومية.

مقالات مشابهة

  • بيان فضل إماطة الأذى عن الطريق
  • مصر.. أستاذ أزهري يعلق على التقاط الصور أمام الكعبة المشرفة
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • أقوى دعاء للتقرب إلى الله .. مُستجاب ومُجرّب اغتنمه
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة
  • صلاة هى الأفضل بعد الفرائض.. لا تتركها كل يوم
  • دعاء في الصلاة للنجاة من عذاب يوم القيامة