الاقتصاد نيوز - بغداد

بقلم: الدكتور مهند طالب الحمدي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.


يدور الابتهاج بشراء لاعبي كرة القدم العالميين من قبل أندية رياضية في المملكة العربية السعودية حول أكثر من مجرد البعد الرياضي وتنويع اقتصاد المملكة. إنه يتعلق أيضًا بالجيوبولتيك وأبعادٍ دينية تحظى بها المملكة العربية السعودية، على الأقل بالنسبة لبعض كبار اللاعبين في العالم الذين ينتقلون إلى أندية سعودية.

 
تشمل الانتقالات الأخيرة لاعبين على مستوى رفيع مثل لاعب ريال مدريد كريم بنزيمة، ونغولو كانتي وكاليدو كوليبالي لاعبا تشيلسي، وسيكو فوفانا لاعب ليون، وموسى ديمبيلي ورياض محرز لاعبا مانشستر سيتي. ومن المؤكد أن رسوم الانتقال والرواتب المغرية هي محرك رئيسي.
ولكن بالنسبة للاعبين المسلمين، يلعب التقارب الديني مع المملكة العربية السعودية، بلاد أقدس مدينتين في الإسلام، مكة والمدينة، دوراً أساسياً في قراراتهم كذلك. كذلك الهجمات الثقافية الأوروبية التي تغذي المشاعر المعادية للمهاجرين والمسلمين والسود، هي دافع قوي في تحرك اللاعبين المسلمين وغير المسلمين من الملونين بعيداً عن الملاعب الأوروبية. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الأندية الأوروبية سجلاً مختلطًا في تلبية الاحتياجات الدينية للاعبين المسلمين، مثل الصيام خلال شهر رمضان وأوقات الصلاة اليومية.
قد يرقى نزوح اللاعبين المسلمين وغير المسلمين المتدينين إلى نوعٍ من رد فعل عنيف ضد سعي بعض الدول الغربية لنشر ثقافة مجتمع الميم من خلال رياضة كرة القدم، والذي يرفضها البعض بشكلٍ خاص باعتبارها تتعارض مع عقائدهم ومبادئهم. قال السيد كريم بنزيمة إنه قرر الانتقال إلى نادي الاتحاد السعودي "لأنني مسلم وهي دولة مسلمة. لطالما أردت العيش هناك ... الأهم من ذلك، إنها دولة مسلمة، إنها بلد محبوب وجميل."
على موقع شبكة تلفزيون العربية المملوكة للمملكة العربية السعودية، أكد المحلل الرياضي البحريني السيد عمر العبيدلي أن "أي شخص مسلم يمارس شعائر دينه أو شخص غير أبيض يعيش في أوروبا سوف يفهم على الفور أن الأمر على الأرجح لا يتعلق بالمال فقط." وأضاف السيد عمر: "لكي نكون واضحين، فإن ملايين الدولارات المعروضة لانتقال اللاعبين هي بالتأكيد عامل رئيسي. ومع ذلك، فإن مزيجًا من الغطرسة والجهل يجعل الغربيين البيض العلمانيين الذين يهيمنون على كرة القدم الأوروبية، بما في ذلك وسائل الاعلام الرياضية، يقللون من شأن جاذبية المملكة العربية السعودية للاعبين البارزين في مجال الرياضة الأشهر في العالم." 
لكن السيد عمر يٌقر بالقول، "هذا لا يعني أن المملكة العربية السعودية خالية من العنصرية. ومع ذلك، فإن نظرة سريعة على أعضاء المنتخب الوطني السعودي ورحلة سريعة عبر المسجد الحرام في مكة، يشيران بوضوح إلى أن من غير المرجح أن يتعرض السود لنوع الكراهية اللاذعة التي أصبحت شائعة بشكلٍ متزايد في أوروبا ".
ربما يكون السيد عمر العبيدلي محقاً في وجهة نظره، على الرغم من تساءل النقاد عن سبب عدم بحث اللاعبين الكبار عن أماكن أكثر تناغمًا وأكثر ملاءمة ثقافيًا لهم قبل هذا الوقت، حتى لو كانت فرص اللعب هناك أقل جاذبية في الماضي. ومن المحتمل أن تكون الإجابة على ذلك ذات أبعادٍ عدة. 
أصبحت المملكة العربية السعودية مكاناً مختلفاً منذ أن أدخل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إصلاحات اجتماعية بعيدة المدى عززت بشكلٍ كبير الفرص المهنية والاجتماعية للمرأة، وبدأت بتقليص الضوابط القاسية للفصل بين الجنسين، وأدخلت أنشطة ترفيه على النمط الغربي إلى البلاد في ثورة اجتماعية غير مسبوقة في تاريخها. علاوة على ذلك، فإن طموحات الأمير محمد بن سلمان الرياضية، وهي جزء من خطط التنويع الاقتصادي المصممة لتقليل اعتماد المملكة على صادرات النفط، تجعل المملكة العربية السعودية مكانًا مثيرًا للعب كرة القدم.
لو نجحت خطط ولي العهد في تحويل دوري المحترفين السعودي إلى أحد أكبر خمس بطولات دوري في العالم، فإن كرة القدم ستعزز مكانة المملكة العربية السعودية كقوة رئيسية في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب تتمتع فيه القوى المتوسطة باستقلالية استراتيجية أكبر.
مع وجود لاعبين مسلمين يملؤون صفوف أندية سعودية ناجحة، فإن ذلك سيعزز أيضًا موقع المملكة في المنافسة على القوة الناعمة الدينية في العالم الإسلامي. ومن شأن ذلك كذلك أن يعزز محاولة المملكة العربية السعودية لتحديد ما يمثله الإسلام في القرن الحادي والعشرين.
اجتاحت رياضة كرة القدم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ أن أدخلتها بريطانيا وفرنسا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. لعبت الرياضة الأكثر شعبية في المنطقة منذ ذلك الحين دورًا رئيسيًا في النضالات المناهضة للاستعمار والاحتجاجات المناهضة للحكومات بعد فترة الاستعمار. لعب مشجعو كرة القدم المتشددون دورًا حيويًا في الانتفاضات التي أطاحت بقادة تونس ومصر وليبيا واليمن، وحاولت المملكة العربية السعودية في البداية إلى إبعاد نشاطات كرة القدم في البلاد عن تأثيرات الربيع العربي الذي بدأ عام 2011.
كانت التعليمات التي صدرت للمستشارين الإسبان، الذين تم استقطابهم للعمل في المملكة العربية السعودية قبل تسنم الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، هي تطوير أول استراتيجية رياضية وطنية في المملكة العربية السعودية، مع التركيز على الرياضات الفردية بدلاً من الرياضات الجماعية. ربما كان أحد أهداف تقليل التركيز على الرياضات الجماعية هو الحد من احتمالية تحول كرة القدم لمجال لبث أفكار لا تتقبلها الحكومة. 
طالبت صفحة لبعض أنصار نادي النصر السعودي على فيسبوك بعنوان الثورة النصراوية في عام 2013 باستقالة رئيس نادي النصر الأمير فيصل بن تركي، ابن أخ الملك سلمان بن عبد العزيز. تم نشر مقطع فيديو على موقع يوتيوب يبين ركض الأمير فيصل بن تركي خارج ملعب كرة القدم بعد أن دفع بوقاحة مسؤولاً أمنياً جانباً.
جاءت الحملة ضد الأمير فيصل بن تركي في أعقاب الاستقالة غير المسبوقة في عام 2012 من قبل الأمير نواف بن فيصل، وهو حفيد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، كرئيس للاتحاد السعودي لكرة القدم، وهو أول فرد من العائلة المالكة تجبره ضغوط الجماهير الرياضية على القيام بذلك. أدت استقالة الأمير نواف بن فيصل إلى انتخاب اللاعب السابق أحمد بن عيد الحربي رئيساً للاتحاد السعودي لكرة القدم، وهو من عامة الشعب، في بلدٍ لا توجد فيه انتخابات. يُنظر إلى السيد أحمد الحربي على نطاق واسع على أنه إصلاحي وداعم لكرة القدم النسائية.
يبدو أن إصلاحات الأمير محمد بن سلمان الاجتماعية قد عززت الثقة ورفعت من مستوى الطموح الجامح في البلاد لتحسين فرصها في النجاح الرياضي مقارنة بالمحاولات التي قامت بها بعض الأندية السعودية في سبعينيات القرن الماضي لاستقطاب بعض أفضل لاعبي العالم من البرازيل.
تلقى روبرتو ريفيلينو في ذلك الوقت، مثل كريستيانو رونالدو، أول نجوم كرة القدم الذين انتقلوا إلى المملكة العربية السعودية هذا العام، ترحيبًا كبيرًا عندما وصل إلى المملكة على متن طائرة كونكورد ليلعب مع نادي الهلال قبل 45 عامًا. كان في استقبال السيد ريفيلينو في المطار آلاف المشجعين وهم يلوحون بالأعلام. تم نقله في سيارة رولز رويس إلى أحد أفخم الإقامات الملكية وتم تكريمه بمأدبة فخمة ضمت أنواعاً كثيرة من المأكولات الشهية حضرها أفرادٌ من العائلة الحاكمة السعودية. كان حكام المملكة العربية السعودية آنذاك، مثل الآن، يأملون في أن تعزز كرة القدم الهوية الوطنية للسعوديين.
كان التنافس الجيوسياسي كامنًا في خلفية الصراع في المنطقة في ذلك الوقت أيضًا. على الرغم من أن الشاه كان لا يزال يحكم إيران، إلا أن حكام المملكة العربية السعودية لم يستسيغوا أن تكون إيران، منافسة المملكة في المنطقة، هي الدولة الوحيدة التي تتأهل لكأس العالم 1978 ممثلة لقارة آسيا. لقد قطع السعوديون شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين، حيث تأهلوا لعدة نهائيات لكأس العالم، وهزموا الأرجنتين في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي في دورة كأس العالم الأخيرة التي نظمتها دولة قطر. 
على عكس عام 1978، لا تسعى المملكة العربية السعودية اليوم إلى تحقيق طموحات كرة القدم بمعزل عن غيرها من الأمور الملحة. تعتبر فورة استقدام اللاعبين اللامعين جزءاً من برنامج إصلاحٍ شاملٍ للبلاد. يُعزز ذلك فرص المملكة في تحقيق النجاح في كرة القدم، لكنه يجعلها تعتمد على قدرة الأمير محمد بن سلمان على تنفيذ إصلاحاته الاقتصادية الأوسع نطاقًا بنجاح. لازال هناك مسار بعيد ووقت طويل كي نرى ما يتحقق على أرض الواقع.

تحميل

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المملکة العربیة السعودیة الأمیر محمد بن سلمان فی العالم کرة القدم

إقرأ أيضاً:

ناصر الخليفي: لا يعجبني مبابي عندما يتحدث عن سان جيرمان

ظهرت مهارات ناصر الخليفي كلاعب تنس محترف سابق واضحة داخل ملعب البادل في الدوحة، عندما واجه سائق الفورمولا 1 البريطاني جورج راسل، تحت أنظار أرسين فينغر، المدرب السابق لنادي آرسنال والرئيس الحالي لقسم تطوير كرة القدم العالمية في الاتحاد الدولي لكرة القدم.

حسب صحيفة فيلت أم زونتاج وبيلد الألمانية، نجح ناصر الخليفي خلال مسيرته الاحترافية في عالم التنس بالوصول إلى قائمة أفضل 1000 لاعب في العالم. ويشغل صاحب الـ51 عاماً اليوم منصب رئيس نادي باريس سان جيرمان، ورئيس رابطة الأندية الأوروبية التي تضم أكثر من 730 نادياً على مستوى القارة، إلى جانب كونه عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ورئيس مجلس إدارة مجموعة beIN الإعلامية، مالكة قنوات beIN Sports، والتي تستثمر أيضاً في بطولة دوري أبطال أوروبا وتتفاوض حالياً مع رابطة الدوري الألماني لكرة القدم "البوندسليغا" للحصول على حقوق البث التلفزيوني للمنافسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


الخليفي، كيف نجحت بأن تُصبح الرجل الأكثر نفوذاً في عالم كرة القدم الأوروبية اليوم؟
لم أطمح للنفوذ والسُلطة أبداً. أحب الرياضة، ولدي شغف لجعل الأمور أفضل مما كانت عليه عند بدايتها، كما أنّي أقدر قيمة الأشياء الصغيرة، نتيجة بداياتي المتواضعة، بعكس الاعتقاد السائد والأفكار المسبقة. كانت عائلتي تعيش في منزل صغير في تلك الفترة، وكُنا فقراء جداً. فقبل خمسين عاماً لم يكن هُناك نفط ولا غاز، وأحياناً لم نكن نملك قوت يومنا. ولكن كان لدينا مساحة كبيرة خارج منزلنا للعب كرة القدم. في إحدى المرات، شاهدني شخص من أحد أندية التنس الخاصة بينما كُنت ألعب كرة القدم مع بقية الأطفال على الرمال دون حذاء. وسألني حينها إذا كنت أريد تجربة رياضة التنس. وهكذا بدأت رحلتي مع رياضة التنس، ويعود الأمر أيضاً لأنّي لم أمتلك أي مهارة مميزة كلاعب كرة قدم. وهُنا بدأت باكتشاف شغفي.
نجحت خلال مسيرتك الاحترافية في عالم التنس بالوصول إلى قائمة أفضل 1000 لاعب في العالم، حتى أنّك تدربت مع بوريس بيكر. وتشغل اليوم منصب رئيس نادي باريس سان جيرمان، ورئيس رابطة الأندية الأوروبية التي تضم أكثر من 730 نادياً على مستوى القارة، إلى جانب كونك عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ورئيس مجلس إدارة مجموعة beIN الإعلامية، التي تستثمر أيضاً في بطولة دوري أبطال أوروبا وتتفاوض حالياً مع رابطة الدوري الألماني لكرة القدم البوندسليغا للحصول على حقوق البث التلفزيوني للمنافسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هل كان صعودك التدريجي إلى قمة كرة القدم الأوروبية مخططاً له؟
هل أنا الشخصية الأكثر نفوذاً؟ لا أرى المسألة من هذا المنظور، لست كذلك وليس لي حاجة لهذا، بل هكذا يراني الآخرون من بعيد. لطالما أحببت الرياضة، كما هي حال غالبية القطريين، إنّها جزءٌ أصيل من هويتنا. وأؤكد بأنّ الوصول إلى هذا النفوذ لم يكن هدفي ولا حتى ضمن خطتي. أتت عضويتي في المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم بحكم منصبي كرئيس لرابطة الأندية الأوروبية؛ والتي أصبحت رئيسها أيضاً لكوني رئيساً لنادي كرة قدم، كما كانت الحال بالنسبة لكارل هاينز رومينيغه وآخرون من قبلي. فلا يُمكنك أداء وظيفة منها دون الأخرى، وفي الحقيقة لم أطلب أن أتولى أيّاً من هذه الوظائف، بل رفضتها صراحة. وفي حال وجود أي احتمال لتضارب في المصالح مع عمل قنوات beIN Sports، والتي لا أُدير عملياتها اليومية أبداً، أتنحى دوماً عملاّ بمبادئ الحوكمة الرشيدة. أرى من المضحك حقاً أن يطلب مني الجميع المساعدة دوماً عندما لا تسير الأمور على ما يُرام، ليعود الأشخاص أنفسهم لتوجيه أصابع الاتهام إلى تضارب المصالح هذا؛ بعض الأشخاص إرضاؤهم غاية مستحيلة.
انتقد كارل هاينز رومينيغه ألتراس نادي بايرن ميونيخ بسبب اللافتات التي وجهوها إليك أثناء مباراتهم ضد باريس سان جيرمان، والتي تصفك بالشخص البلوتوقراطي الذي يهتم بالسلطة والمال فحسب. هل تؤلمك مثل هذه الاتهامات؟ 
بدايةً، أتوجه بالشكر لصديقي العزيز كالي، الذي أُكِنُّ له كل التقدير والاحترام لكل ما فعله من أجل كرة القدم. اتصلت به بعد التصريح الذي أدلى به والذي أثر بي كثيراً. إنّه رجل نبيل حقاً وصاحب رؤية وقيم، ويحتاج مجالنا مزيداً من الأشخاص مثل كالي.



وصل نادي باريس سان جيرمان إلى دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا. أيّهما برأيك الأوفر حظاً، باريس سان جيرمان أم ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز؟
يُقدم ليفربول أداءً مذهلاً هذا الموسم. وقد توقع الجميع إقصاءنا من البطولة بعدما اكتفينا بالحصول على أربع نقاط فقط من مبارياتنا الثلاث الأولى في مرحلة الدوري. غير أنّ فريقنا المكون من أبرز الشباب الموهوبين تدارك الموقف وحسنّوا الأداء الجماعي بكل روح تنافسية. إنّ النجم الجديد لنادي باريس سان جيرمان هو الفريق نفسه، وأنا فخور جداً بقدرتنا على إعادة تشكيل فلسفة النادي خلال هذه الفترة القصيرة. أعتقد بأنّ روح الجماعة هي العامل الأهم بالنسبة لي، داخل الفريق وعلى أرض الملعب وعلى دكة البدلاء ولدى الطاقم الطبي والتحليلي وكل من يؤدي مهامه خلف الكواليس، ومع الجماهير بلا شك.
يسمح النظام الجديد للبطولة بأن يتواجه فريقان من نفس الدولة في دور الـ16، حيث سنشهد مواجهة بايرن ميونخ ضد باير ليفركوزن وريال مدريد ضد أتلتيكو مدريد. لا يرى المشجعون وشبكات البث هذه الطريقة جذابة. هل سيتجه الاتحاد الأوروبي كرة القدم إلى تغيير هذا الإجراء العام المقبل؟
تتجه جميع الأنظار دوماً نحو دوري أبطال أوروبا، ولكني أتوجه بالشكر إلى ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي قدّم رؤيته الرامية إلى تطوير البطولات الثلاث بالكامل، وطرح بطولة جديدة للسيدات، ليُعزز تنافسية كرة القدم الأوروبية ويجعلها أكثر شمولاً وديناميكية، فضلاً عن الارتقاء بنجاحها التجاري بما يعود بالفائدة على الأندية الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
ومع ذلك، أفضت القرعة هذه المرة إلى هذه المواجهات. ولكني لا زلت أرى بأنّ هذا الأسلوب منصف للجميع ويضمن تأهل النادي الأفضل على أساس الجدارة. وإلى جانب ذلك، بدأنا بتطبيق النظام الجديد من هذا الموسم فقط، وما زلنا جميعاً نتعلّم من المجريات.
اشترت قطر للاستثمارات الرياضية نادي باريس سان جيرمان في عام 2011 مع خطة للفوز بدوري أبطال أوروبا في غضون خمسة أعوام. وجرى التوقيع مع نجوم بارزين مثل بيكهام وإبراهيموفيتش وميسي ونيمار ومبابي لتحقيق هذا الهدف. وقد مر 14 عاماً اليوم دون تحقيق اللقب. ما هي الفرق التي تتطلع لرؤيتها في نهائي ميونخ في 31 مايو (أيار) المقبل؟ 
أعترف بصراحة بأنّ خطة الخمسة أعوام كانت خطأً، ولكننا نتعلم من أخطائنا. ونجحنا بالفعل في الوصول إلى نصف النهائي في ثلاث مناسبات خلال الأعوام الخمسة الماضية، بما فيها نهائي واحد. لذا أرى بأنّنا وصلنا لهدفنا منذ فترة طويلة. وإن كنت تسألني فيما إذا كان هدفنا هو الفوز بدوري أبطال أوروبا، فجوابي هو لا. أمّا إن كنت تسألني فيما إذا كنا نريد اللعب بروح تنافسية في كل مباراة أو اللعب بشكل هجومي أو الاستمتاع بكرة القدم أو هل لدينا اللاعبون القادرون على تحقيق ذلك، فالإجابة هي نعم. لدينا اللاعبون القادرون على مساعدة النادي للفوز بدوري أبطال أوروبا هذا العام والعام المقبل أو في غضون ثمانية أعوام. ونمتلك الأساس اللازم لبناء فريق عظيم من أجل المستقبل.
ما الذي يجعلك متفائلاً إلى هذا الحد؟                      
لدينا لويس إنريكي أفضل مدرب في العالم إلى جانب تشكيلة من أفضل لاعبي العالم. ويبلغ متوسط أعمار لاعبينا بين 19 و20 عاماً. وقد نجحنا في آخر مباراة لنا في دوري أبطال أوروبا في تسجيل 7 أهداف من قبل 7 لاعبين مختلفين. كما أننا نقوم ببناء واحدة من أفضل الأكاديميات في العالم في نادي باريس سان جيرمان.
لجأ نادي باريس سان جيرمان إلى تغيير استراتيجية الانتقالات لديه وبات يعتمد على اللاعبين الشباب. أي من نجوم الدوري الألماني تتطلعون لرؤيته بقميص باريس سان جيرمان؟ موسيالا من بايرن ميونخ؟ أم فيرتز من باير ليفركوزن؟
بدافع الاحترام، لا أتحدث إطلاقاً عن لاعبين لدى الأندية الأخرى.
وهل ينطبق هذا على مبابي، الذي غادر باريس سان جيرمان وتحدث علناً عن النزاع القانوني لسداد مستحقاته؟
هذا صحيح، ولا يُعجبني عندما يتحدث اللاعبون والمُلّاك عن باريس سان جيرمان أيضاً.
سؤالي موجه الآن للاعب التنس المحترف السابق: في حال كُنت مضطراً للاختيار فأيّ مباراة تفضل أن تتابع، نوفاك دجوكوفيتش ضد ألكسندر زفيريف في إحدى بطولات الجراند سلام الكبرى؟ أم باريس سان جيرمان ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا؟
أُفضّل كرة القدم بلا شك، ولا سيما باريس سان جيرمان ضد بايرن ميونخ في نهائي 31 مايو (أيار) في ميونخ.
تدّعي وسائل الإعلام بأنّ قطر للاستثمارات الرياضية تهدد بالانسحاب من باريس سان جيرمان بسبب التحقيقات المرتبطة بك شخصياً في قضية لاجادير. هل هذا صحيح؟
لا يوجد أي رد فعل على الإطلاق على أي إجراءات لأنها كلام لا يمتّ إلى الواقع بصلة، ولا يعنيني ذلك على الإطلاق. ولكن بالنظر إلى معاملة الشركات والأشخاص القطريين في فرنسا، فنعم، إنها ليست موضوعية. ولكن من باب الحديث، فإننا نتجه منذ عدة أعوام إلى تصفية استثماراتنا والاستثمار في بيئات أكثر ترحيباً وإنصافاً.
نشهد زيادات مذهلة في رسوم الانتقال ورواتب اللاعبين وعمولات الوكلاء، الأمر الذي دفع رومينيغه إلى طلب وضع سقف للرواتب في أوروبا مع ضرورة وضع حد أقصى لتكاليف الفريق كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية؛ أو سقف لرواتب اللاعبين بدلاً من القواعد المالية الحالية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (والتي تنص على إمكانية صرف 70% من إيرادات النادي على اللاعبين والرواتب والوكلاء). ما رأيك بهذا؟
اتفق مع كالي على ضرورة إيجاد حلٍّ لهذه المشكلة. يزداد الأمر جنوناً يوماً بعد يوم مع رسوم الانتقالات والرواتب، والتي باتت بالفعل تتجاوز إيرادات الأندية، وهذا أمر غير مستدام. إنّ القانون الأوروبي لا يسمح بتحديد سقف للرواتب. لذا يجب علينا أن نتعاون جميعاً، في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والدوريات والنقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين، وجميع الجهات المعنية الأخرى، بدلاً من مواجهة بعضنا بعضاً. لا بد أن نعمل لحماية كرة القدم، لأنّ إفلاس الأندية سينعكس سلباً على اللاعبين والدوريات أيضاً، فالمسألة كلها مترابطة.
تعِدُ بطولة السوبر ليغ التي يقدمها ناديا ريال مدريد وبرشلونة تحت الاسم الجديد "الدوري الموحد" بأرباح بمليارات اليوروهات. هل تخشى أن تنهار جبهة معارضي السوبر ليغ في مرحلة ما؟
ليس لدينا أي مخاوف. يؤشر تغيير اسم البطولة ونظامها كل 12 شهراً إلى حالة من الإحباط. بإمكانهم تغيير ما يريدون، فبطولة السوبر ليغ لن تنجح. بدأت السوبر ليغ بـ12 نادياً، ولم يتبقَ منها اليوم إلّا ريال مدريد وبرشلونة. يمكن للناديين لعب مباراتين أسبوعياً، واحدة في كل ملعب، وهكذا طوال الموسم. يبدو هذا رائعاً، أتمنى لهما حظاً موفقاً.
يُطلق الاتحاد الدولي لكرة القدم بطولة كأس العالم للأندية بحلتها الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية هذا الصيف، لتزيد عدد الفرق المشاركة فيها من 7 إلى 32 نادياً. هل هذا ضروري، لا سيما في ضوء الإجهاد الإضافي الذي سيضعه ذلك على اللاعبين خلال استراحة الصيف، علماً أنّ الخطوة حظيت بانتقادات شديدة من النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين؟
لا أتفق مع هذه الانتقادات. تُقام بطولة كأس العالم للأندية مرة كل أربعة أعوام بمشاركة 32 نادياً. كما أنّها ليست مسابقة جديدة، وإنّما تحلُّ مكان كأس العالم للأندية بحلته القديمة. ولن تتسبب البطولة في زيادة العبء على اللاعبين. فلننظر إلى دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين حيث تُلعب المباريات كل يومين. نطمح إلى تعزيز حضورنا في المزيد من الأسواق، ومن ضمنها الولايات المتحدة. ويُمثل كأس العالم للأندية فرصة مثالية لتحقيق هذه الغاية. وإلى جانب ذلك، تزداد مطالب اللاعبين يوماً بعد يوم، ما يجعلنا بحاجة لتحقيق مزيد من الأرباح، فلا يُمكنك المطالبة بهذه دون تلك. ومن ناحية أخرى، سيضخ كأس العالم للأندية مئات ملايين الدولارات إلى الدوري الألماني لصالح الأندية المشاركة وغير المشاركة على حد سواء. ومع ذلك، وكما هي الحال بالنسبة لأي شيء آخر، يجب على جميع الأطراف المعنية العمل معاً لإيجاد حلٍّ تعاوني يأخذ بالاعتبار جميع وجهات النظر، بما في ذلك اللاعبين.
تجري المفاوضات خلف الكواليس مع الاتحاد الدولي لكرة القدم  حول المكافآت التي سيتم سدادها خلال بطولة كأس العالم للأندية. هل صحيح أنّكم تسعون لتخصيص 60 أو 70% من المكافآت للأندية الأوروبية الـ 12 المشاركة في البطولة لأنّها من تحتضن جميع نجوم العالم تقريباً؟
لم تكتمل المفاوضات بعد، ولكننا نحرز تقدماً ملموساً. والمهم في الأمر أنّ لدينا مكافآت للمشاركة وأخرى تعتمد على الأداء. والآراء تختلف حولها بلا شك. نود أن نكون منصفين دون أن نتسم بالجشع أو الأنانية. ولكن ما هي قيمة كأس العالم للأندية دون الفرق الأوروبية الـ12؟
هل ستتقدم قطر بملف استضافة الألعاب الأولمبية، ربما في عام 2036؟
ليس لي أي دور في هذا الملف، ولكن برأيي الشخصي لم لا؟ تتمتع قطر بكل ما يلزم لاستضافة الألعاب الأولمبية، ولديها البنية التحتية الملائمة لذلك. ولكن ما يؤسفني كمواطن قطري هو كم الانتقادات التي طالت قطر عندما استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022. وأمّا بعد ختام البطولة، أجمع كل من تحدثت معهم حولها بأنّها كانت أفضل بطولة كأس عالم على الإطلاق، فقد نجحت بكل تفاصيلها، وشعر المشجعون والعائلات بالأمان، وأسفرت عن إحداث تغير إيجابي حقيقي في الدولة. وليس من الإنصاف أن يبحث الناس عن السلبيات في قطر ويكتفوا بالتركيز عليها، بينما يتجاهلون كل الإيجابيات. يُمكنني أن أقول لكم بأنّ أوروبا وأمريكا لا تخلو من المشكلات أيضاً، وهذا ينطبق على ألمانيا أيضاً بالتأكيد. ارتكبنا الأخطاء وتعلّمنا منها بكل رحابة صدر. إنّنا دولة طموحة برؤية متميزة. فما الذي يمنع قطر من استضافة الألعاب الأولمبية كأي دولة أخرى؟ إنّ الاعتزاز بوطنك ومجتمعك المحلي أمرٌ جيد، وهذا ما سأكون عليه دوماً.

مقالات مشابهة

  • إدارة مانشستر يونايتد في السليمانية لبحث تطوير رياضة كوردستان
  • وزير الخارجية يلتقي نائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية
  • فورسبيرج يحلم بقيادة السويد لكأس العالم 2026
  • اليابان تطور أصغر لعبة كمبيوتر في العالم !
  • الخطوط السعودية تواصل ريادتها لتعزيز رؤية المملكة 2030 بإنجازات كبرى
  • ناصر الخليفي: لا يعجبني مبابي عندما يتحدث عن سان جيرمان
  • سياسي جزائري يدعو القمة العربية لإسناد الفلسطينيين وليس الضغط عليهم
  • «حكماء المسلمين».. دبلوماسية دينية تنشر الوسطية والتعايش
  • أندية سيتى كلوب تطلق الدورة الرمضانية على شكل أولمبياد تضم 11 لعبة
  • مجموعة لولو تعلن عن إتمام أول مشروع للطاقة الشمسية بنجاح في المملكة العربية السعودية وتعزز استدامتها عبر شراكتها مع كانو-كلينماكس