عادت مفردات الثأر والانتقام مرة أخرى إلى خطاب رموز الحركة الشيوعية، وممثليها في قوى الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي ـ ويأتي خطاب قوى الحرية والتغيير حول ضرورة التخلص من دولة 1956 وهم يقصدون بذلك تشكيلات الدولة السودانية التي حكمتِ البلاد بعد استقلالها في يناير 1956، التي يزعمون أن قلة من العرب المسلمين هم مَن سيطروا على كل مفاصل الدولة والثروة في البلاد، واستبعدوا وهمَّشوا المجموعات الإفريقية في شرق وغرب وجنوب السودان.
ويقود التيار الشيوعي، هذا التيار الذي يتبنى فكرة التهميش، الذي تتسع مكوناته لتشمل المجموعات العلمانية، ونشطاء المنظمات الدولية، وكل تلك المجموعات التي تحترف التسول أمام السفارات الأجنبية في الخرطوم بزعم الاضطهاد والتهميش. وفي هذا الاتجاه نشر أنصار هذا التيار العشرات من الكتب والمقالات والدراسات التي تؤسس لفكرة التهميش والاضطهاد، وتطالب بإزالة الدولة السودانية، وتفكيكها (طوبة طوبة)، وطرد كل مَن له علاقة بالعرب، أو ما يطلقون عليهم الأقلية، والمجيء بتلك الهوامش الإفريقية لحكم السودان.
ويلقى هذا الخطاب العنصري البغيض دعمًا غيرَ محدود من الأوساط الأمريكية والأوروبية، ومن مختلف التوجهات الشيوعية والعلمانية في الوطن العربي والقارة السمراء، ومن المؤسف أن هذا الخطاب أصبح يمثل مصدرًا للاسترزاق المالي والسياسي، حتى أن أنصاره لا يعملون في أي مهن أخرى إلا التحرك في داخل السودان وخارجه لتبني والدفاع عن هذا الخطاب الذي يدر لهم الأموال أينما ذهبوا. ويمنح أيضًا الجنسية والجواز الأوروبي، وهو الحلم الذي يداعب جميع أفراد هذا التيار، الذي يدّعي الثقافة في السودان.
ووفقًا لمتابعة دقيقة لأطروحات هذا التيار وتحركاتهم، فإن التمسك به والدفاع عنه أصبح قضية حياة ووجود لهم، كما أنه يورَّث لأبنائهم وأحفادهم، ولكل أجيالهم من بعدهم، خاصة وأنه أقصر الطرق للثراء الحرام والشهرة والحديث أمام كاميرات الفضائيات العربية والدولية.
ومن خلال هذه الحقائق يمكن تفسير التساؤل الملح في الشارعين السوداني والعربي الآن: من أين أتى تيار قوى الحرية والتغيير بكل هذه الجرأة والشجاعة التي تجعله يخاطب الجماهير خارج السودان، ويعقد المؤتمرات ويتحدث وكأنه صاحب الدولة، وصاحب السلطة، وربما يشكل الحكومات لما بعد انتهاء الحرب، وهو التيار الذي يجب أن يُحاكَم بتهم متعددة من بينها المساهمة مع الدعم السريع في ارتكاب جرائم حرب، وجرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، خاصة أنه وقف إلى جانب التمرد منذ يومه الأول حتى الآن، وشكل مظلة سياسية وأمنية ودولة لجرائم التمرد.
وهكذا يتضح أن من بين أسرار حرب الدعم السريع ضد الجيش السوداني، أن التمرد وأتباعه من قوى الحرية والتغيير لا يستهدفون فقط الوصول إلى مقاعد السلطة في البلاد، ولكنهم وبشكل علني ودون مواربة يسعون إلى تغيير كل تركيبة الدولة السودانية، وعلى رأس هذه الأهداف طرد كل المجموعات العربية ليس فقط من السلطة، ولكن من السودان واستبدال مجموعات إفريقية بهم، وهو ما حدث بالفعل على أرض الواقع، حيث يشارك الآن مع قوى التمرد في السودان عشرات الآلاف من دول إفريقية كالنيجر وتشاد والكاميرون وإفريقيا الوسطى وغيرها، وهم قاموا بالفعل باحتلال بيوت المواطنين، وتم طرد أصحابها منها واستولوا على سياراتهم وأموالهم، وبيوتهم، وكل ما بها، ويتحركون الآن باعتبارهم أصحاب الأرض والبيت والشارع، وهذا جزء يسير من محاولة فك طلاسم الحرب في السودان.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر هذا التیار
إقرأ أيضاً:
قيادي بحزب المؤتمر: العلاقات المصرية السودانية ركيزة لاستقرار المنطقة
قال الدكتور أحمد سمير البلبيسي، رئيس لجنة البحث العلمي بحزب المؤتمر، إن زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، للقاهرة اليوم، تكتسب أهمية بالغة في هذا التوقيت، حيث تشهد المنطقة تحديات متعددة تتطلب تضافر الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار.
وأضاف الدكتور أحمد سمير البلبيسي، أن مصر والسودان تربطهما روابط عميقة من الأخوة والتاريخ المشترك، وتشكل هذه الزيارة فرصة مهمة لتعزيز التعاون الثنائي والتشاور بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد، في تصريحات صحفية اليوم، أن العلاقات المصرية السودانية علاقات تاريخية تقوم على جذور ممتدة، وسياسية تقوم على تنسيق المواقف إزاء القضايا الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى العلاقات الأمنية والاستراتيجية التي تعكس التنسيق المشترك للحفاظ على الأمن القومي للبلدين، والتعاون في مكافحة الإرهاب وحماية الحدود.
وأشار البلبيسي، إلى الجهود والدعم المصري لاستعادة الاستقرار والتنمية في السودان، مؤكداً وقوف مصر إلى جانب الشعب السوداني الشقيق في هذه المرحلة الدقيقة، وتقديم كل الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني لتحقيق تطلعاته في السلام، وذلك انطلاقًا من قناعتها الراسخة بأن استقرار السودان جزء لا يتجزأ من استقرار مصر والمنطقة بأسرها، مشيرًا إلى المبادرات المصرية المستمرة لوقف إطلاق النار ودعم المسارات السلمية لحل الأزمة.