طهران- خلافا للبرود الذي خيّم على النصف الأول من فترة الدعاية للانتخابات الرئاسية المقررة يوم غد الجمعة في إيران، تمكنت المناظرات المباشرة من دغدغة المزاج الشعبي وتسخين المشهد الانتخابي على مواقع التواصل في بادئ الأمر، ومع اقتراب مرحلة الصمت الانتخابي بدأت اللافتات والصور الترويجية تتكاثر في الشوارع وساحات العاصمة طهران.

وبعد أن شهدت كبرى المدن الإيرانية خلال اليومين الأخيرين كرنفالات انتخابية ضخمة تذكّر باستحقاقات انتخابية مضى عليها أكثر من عقد، عاشت بعض أحياء العاصمة طهران، الليلة الماضية، أجواء عرس انتخابي طالما فقدته منذ فترة طويلة، على وقع الأغاني والهتافات التي تروج لبعض المرشحين.

وبعد تراجع نسبة المشاركة في كل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضيتين وتسجيلهما مستوى هو الأدنى منذ ثورة عام 1979، لا يصعب على المتابع للشأن الإيراني أن يشعر بسخونة وطيس الانتخابات عقب عزوف الأوساط السياسية على الثنائية القطبية المتمثلة في التيارين الإصلاحي والثوري.

آراء الشارع

وفي حين تُظهر نتائج استطلاعات الرأي تقدم المرشح الإصلاحي الوحيد مسعود بزشكيان على منافسيه المحافظين، قامت الجزيرة نت بجولة في مناطق جنوب وجنوب شرق ومركز طهران، واستطلعت آراء الشارع الإيراني الذي أظهر اهتمامه وشعوره بحساسية الانتخابات الراهنة.

وفي قضاء ري وساحة خراسان معقل التيار المحافظ جنوبي طهران، ينقسم أنصار المحافظين في دعوة الشعب -لا سيما شريحة المتدينين- للتصويت لصالح رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، مؤكدين أن فوز مرشحهم المفضل سيسهم في مواصلة مسيرة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

أما أنصار التيار الإصلاحي فلا يواجهون صعوبة بإقناع فئة الشباب ومنتقدي الوضع المعيشي الراهن ومعارضي بعض السياسات مثل تقييد الإنترنت والحجاب الإلزامي، بضرورة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، والتصويت لصالح مسعود بزشكيان، من أجل إحداث تغيير.

نتائج استطلاعات الرأي تظهر تقدم المرشح الإصلاحي الوحيد مسعود بزشكيان على منافسيه المحافظين (الجزيرة) ثنائية سياسية

الثنائية القطبية في الشارع الإيراني ونتائج استطلاعات الرأي، أدتا إلى إعلان كل من المرشحين المحافظين أمير حسين قاضي زاده هاشمي وعلي رضا زاكاني انسحابهما لصالح التكتل المحافظ، الذي عبرا عنه بـ"خط الثورة"، لكن جميع المحاولات الأخرى الرامية إلى الإجماع بين المرشحين الآخرين قاليباف وجليلي باءت بالفشل حتى عشية يوم الاقتراع.

وبعد وقوف غالبية رموز التيارين الإصلاحي والمعتدل مع المرشح بزشكيان، راح أنصار التيار المحافظ يبحثون عن تحليل لما حل بمعسكرهم، فما كان من الباحث السياسي الأكاديمي بجامعة طهران رحمان قهرمان بور إلا أن يلخص لهم السبب في مفردة "الخوف".

وكتب قهرمان بور على منصة إكس أن "الخوف جعل السياسيين الإصلاحيين يضعون الخلافات جانبا ويدعمون بزشكيان، الخوف في السياسة يؤدي إلى الوحدة. لكن تحالف المحافظين صعب جدا حيث إنهم لا يخشون الفشل، ومن هذه الزاوية فإن سلوك مجلس صيانة الدستور هذه المرة يصب في صالح الإصلاحيين".

البلاد دخلت مرحلة الصمت الانتخابي صبيحة اليوم الخميس (الجزيرة) فرصة الإصلاحيين

من ناحيتها، ترجع الباحثة السياسية برستو بهرامي راد، تمسك كل من المرشحين قاليباف وجليلي بخوض المعترك الرئاسي حتى النهاية إلى ترشح كل منهما عدة مرات للرئاسة، وأنه قد لا يكون هناك متسع للخاسر بخوض السباق مرة أخرى، عدا أن كلا منهما يرى نفسه أوفر حظا من منافسه.

وفي حديثها للجزيرة نت، تؤكد الباحثة الإيرانية أن التيار الإصلاحي لا خيار لديه سوى دعم بزشكيان كونه مرشحه الوحيد في الانتخابات الجارية خلافا للاستحقاق الماضي، حيث كان لدى الإصلاحيين مرشحان، عبد الناصر همتي ومحسن مهر علي زاده.

ووفق بهرامي راد، فإن الإصلاحيين قد عزفوا عن التصويت في الانتخابات البرلمانية التي أجريت مطلع مارس/آذار الماضي بسبب إقصاء مجلس صيانة الدستور غالبية مرشحيهم، ولذلك يرون في المصادقة على بزشكيان فرصة ثمينة ونافذة للعودة إلی الساحة السياسية من جهة، وقطع الطريق على التيار الذي يرونه متطرفا ويضر بالمصالح الوطنية، من جهة أخرى.

???? تتحدث استطلاعات الراي عن تقدم المرشح الاصلاحي مسعود #بزشكيان على بقية نظرائه المرشحين بفارق واضح. هذه الاستطلاعات حتى هذا اليوم تتوقع ترحيل #الانتخابات_الرئاسية_الايرانية لمرحلة ثانية بين #قاليباف وبزشكيان لكن هذه الاستطلاعات تتحدث عن امكانية فوز بزشكيان في المرحلة الاولى .

— محمد صالح صدقیان (@msedghian) June 23, 2024

نسبة المشاركة

وعن نسبة المشاركة المتوقعة في انتخابات يوم غد، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى مهدي مطهر نيا، رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية، الذي يرى أن المشاركة الشعبية سوف تتأرجح بين 45% و52%، موضحا أنه كلما ارتفعت المشاركة الشعبية تزداد معها حظوظ الإصلاحيين في الفوز.

وتوقع المتحدث نفسه، أن تذهب بلاده إلى جولة ثانية للانتخابات الرئاسية بين بزشكيان وأحد المرشحين المحافظين قاليباف أو جليلي في حال كانت المشاركة الشعبية منخفضة، مضيفا أنه "في حال بلغت المشاركة الشعبية أكثر من 50% سيكون بزشكيان الفائز في انتخابات يوم غد الجمعة"، على حد قوله.

وبعد أن شكك كل من المرشحين الإصلاحي مسعود بزشكيان والمعتدل مصطفى بور محمدي، خلال المناظرات المتلفزة، في عزم المرشحين زاكاني وقاضي زاده هاشمي البقاء حتی نهاية السباق الانتخابي، وأنهما لم يترشحا للظفر بالرئاسة وإنما من أجل الانسحاب لصالح الآخرين، أثار انسحابهما انتقادات واسعة في الشارع الإيراني بسبب هدر الثروات العامة، ذلك أن السلطات الرسمية في إيران توفر دعاية مجانية للمرشحين قدرها أكثر من 500 مليار تومان (الدولار يساوي نحو 60 ألف تومان).

ويرى مراقبون في إيران، أنه رغم أن السابقة الأمنية والقضائية للمرشح بور محمدي تقلص من حظوظه للفوز بالانتخابات الرئاسية لكنه كان ظاهرة المناظرات السابقة، وبرهن عن فهمه السياسي، وأوضح برامجه وخططه لإدارة البلاد، وبالتالي عرض نفسه على أعضاء مجلس خبراء القيادة مرشحا محتملا لتولي منصب المرشد الأعلى في البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات الرئاسیة المشارکة الشعبیة مسعود بزشکیان

إقرأ أيضاً:

إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الإيرانية

سرايا - أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات في إيران محسن إسلامي، صباح اليوم السبت، عن نتائج أولية للانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ14.

وقال إسلامي، وفق ما بثته وكالة "ارنا" للأنباء، إنه "بعد فرز 8 ملايين و379 ألفا و341 صوتا في 23 ألفا و66 مركز اقتراع في 300 مدينة بالبلاد، حصل سعيد جليلي على 3 ملايين و505 آلاف و191 صوتا، ومسعود بزشكيان على 3 ملايين و389 ألفا و191 صوتا، ومحمد باقر قاليباف على مليون و116 ألفا و659 صوتا، ومصطفى بور محمدي على 62 ألفا و310 أصوات".

وبدأت عملية فرز الأصوات لانتخابات الرئاسة الإيرانية بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الساعة الثانية عشرة منتصف الليل بالتوقيت المحلي، بعد تمديد العملية الانتخابية 3 مرات.

في الوقت نفسه، قُتل شخصان وأصيب آخرون إثر هجوم شنه مسلحون على سيارة تحمل صندوق اقتراع في منطقة جكيغور، جنوب محافظة سيستان وبلوشستان الواقعة جنوب شرق إيران.

وجرت الانتخابات الرئاسية الـ14 في إيران في 58 ألفا و640 مركز اقتراع داخل البلاد، و340 مركزا في أكثر من 95 دولة.

وإذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، فستنتقل الانتخابات إلى جولة ثانية في 5 تموز/ يوليو المقبل، حيث سيواجه المرشحان الحاصلان على أكبر عدد من الأصوات بعضهما البعض.




وكانت وكالة "تسنيم" الإيرانية أفادت فجر اليوم، بأن التوقعات الأولية لنتائج الانتخابات الرئاسية المبكرة تشير إلى التوجه نحو جولة ثانية بين المرشحين مسعود بزشكيان وسعيد جليلي، في حين تستمر عملية فرز الأصوات بالانتخابات التي بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 40% حسب الوكالة ذاتها.

وقالت وكالة تسنيم إن النتائج الأولية أظهرت تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان بنسبة تبلغ نحو 42.6%، وإن المرشح المحافظ جليلي جاء ثانيا بنسبة تصل إلى 38.8%.

وكان الاقتراع توقف عند منتصف الليل في إيران بعد تمديده 3 مرات لمدة 6 ساعات، وذلك في ضوء ما قالت لجنة تنظيم الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية إنه بسبب كثافة توافد الناخبين إلى مراكز الاقتراع، وقالت السلطات إن النتائج الأولية ستعلن اليوم السبت.

وقال المتحدث باسم جليلي إنه من المحتمل المرور إلى جولة ثانية في هذه الانتخابات، علما أنه إذا لم يحصل أي مرشح على 50% زائد صوت واحد فسيتم إجراء جولة إعادة بين المرشحَيْن الأعلى بالنتائج في 5 تموز/ يوليو المقبل.

ويتنافس 4 مرشحين على المنصب، 3 منهم يدعمهم التيار المحافظ، وهم محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي ومصطفى بورمحمدي، في حين يدعم الإصلاحيون المرشح الرابع مسعود بزشكيان، وجميعهم في الخمسينيات أو الستينيات من العمر.

في غضون ذلك، أفاد التلفزيون الإيراني بمقتل شخصين في هجوم مسلح على سيارة تنقل صناديق الاقتراع في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي البلاد.

وكانت وکالة تسنيم أعلنت مقتل شرطيين اثنين وإصابة آخرين في هجوم لمسلحين على سيارة كانت تحمل صنادق الاقتراع بمنطقة راسك في محافظة سيستان وبلوشستان.

وفي وقت سابق مساء الجمعة، أعلنت لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية انتهاء التصويت وإغلاق مراكز الاقتراع وبدء فرز الأصوات.

وكانت السلطات الإيرانية مددت التصويت حتى الساعة الـ12 (منتصف الليل) بالتوقيت المحلي (20:30 بتوقيت غرينتش).

وجاء التمديد للمرة الثالثة بسبب كثافة الإقبال بعد أن كان قُرر إغلاق مكاتب الاقتراع عند السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وأفادت تقارير بأن مراكز الاقتراع في العاصمة طهران شهدت إقبالا كثيفا من الناخبين.

وكان المرشد الأعلى علي خامنئي أدلى بصوته، داعيا الإيرانيين إلى "الاقتراع بكثافة في هذا الاختبار السياسي المهم والضروري لنظام الجمهورية الإسلامية".

وقال رئيس البرلمان السابق علي مطهري إن الانتخابات تعتبر مؤشرا على الدعم الشعبي للنظام السياسي والإدارة في أي بلد بالعالم.

وتأتي الانتخابات الرئاسية عقب وفاة رئيس البلاد إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق لهما في حادث تحطم مروحية أثناء عودتهم من مراسم افتتاح سد على الحدود مع أذربيجان في 19 مايو/أيار الماضي.
إقرأ أيضاً : اشتباكات عنيفة عقب اقتحام الاحتلال لحي المخفية بنابلسإقرأ أيضاً : صحيفة عبرية: الجيش سيبقى بمحور فيلادلفيا 6 أشهرإقرأ أيضاً : مقررة أممية: لا يمكن وصف ما يحدث في غزة إلا بإبادة جماعية


مقالات مشابهة

  • جولة حاسمة بين الإصلاحي بزشكيان والمحافظ جليلي الجمعة المقبلة
  • الانتخابات الإيرانية.. قاليباف يحشد لمناصرة جليلي لإيقاف جماح الإصلاحيين
  • إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الإيرانية
  • إيران.. بزشكيان يتقدم على جليلي بعد فرز أكثر من 12 مليون صوت
  • النتائج الأولية للانتخابات الإيرانية.. الإصلاحي بزشكيان أولًا ويتبعه المتشدد جليلي
  • التلفزيون الإيراني: تقدم بزشكيان في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية
  • إصلاحي و3 محافظين.. تعرف على المرشحين لانتخابات الرئاسة بإيران
  • منافسة بين 4 مرشحين في الانتخابات الرئاسية بإيران
  • قبل يوم من الانتخابات.. انسحاب اثنين من المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية