الوطن:
2024-12-18@23:45:51 GMT

د. يوسف عامر يكتب: ابن السبيل

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب: ابن السبيل

قالَ اللهُ سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36].

بدأت الآيةُ الكريمةُ بالأمرِ بعبادَةِ اللهِ سبحانه وتعالى والنهيِ عن الشركِ به، ثم أمرتْ بالإحسانِ إلى الوالدَيْنِ، وذي القربى [الأقارب]، واليتامَى والمساكينِ [المحتاجين]، ثم بعدَ ذلك جاءَ الأمرُ بالإحسانِ للجار، والجارُ نوعَانِ؛ الجارُ ذو القُربى وهو الجارُ الذي تربطُهُ بجارِهِ قَرابةٌ في النَّسَب، والجارُ الجنُبُ وهو الغريبُ الذي ليسَ له صِلةُ نسَبٍ بجارِهِ.

ثم جاءَ بعدَ هذا الأمرُ بالإحسانِ إلى (ابنِ السبيلِ)، والسبيلُ في اللغةِ هو الطريق، وابن السبيلِ هو المسافرُ الذي انقطعَ عن وطنِهِ، وليسَ في يدِهِ من المالِ ما يُوصّلُهُ إلى حيثُ يريدُ، وقد بيَّن السادةُ العلماءُ أنَّه سُمّيَ بـ(ابنِ السبيلِ) لأنه يلازمُ السبيلَ [الطريق] في سفرِهِ.

وابنُ السبيلِ يعاني الغربةَ والوحشةَ وقلةَ مَن ينصرُهُ ويؤازرُهُ، وقد راعَى الشرعُ الشريفُ حالَةَ ابنِ السبيلِ النفسيَّةَ والماديَّةَ، فمن حيثُ الحالةُ النفسيةُ أمرَ بالإحسانِ إليه، والإحسانُ إليهِ يشملُ حسنَ المعاملةِ والمحافظةَ على شعورِهِ، فهو يُعاملُ معاملةَ الضيفِ الكريمِ، وللضيافةِ عندنا في الإسلامِ آدابٌ، منها أنه يُستحبُّ للمُضيفِ أن يُؤنِسَ ضيفَهُ بالحديثِ الطيبِ المناسبِ ولا يطيلُ السكوت عندَه، وأن يلقاهُ بطلاقةِ وجهٍ.

وألَّا يغيبَ عنه، وأن يقومَ على خدمتِهِ بنفسِهِ فهذا من إكرامِه، وأَلَّا يجلسَهُ مع مَن يتأذَّى بالجلوسِ معَهم، وأنْ يَخرجَ معه إلى بابِ الدارِ إذا أرادَ الخروجَ، يقولُ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فَلْيُكرمِ ضيفَهُ» [متفق عليه]. والضيافةُ سُنةٌ نبويةٌ كريمةٌ، ومن العلماءِ مَن صرَّح بأنَّها تصيرُ واجبةً إذا لم يكن مع هذا الغريبِ مالٌ يكفيهِ لسفرِهِ وخشِيَ على نفسِهِ الهلاكَ.

ومن الناحيةِ الماديةِ فإنَّ ابنَ السبيلِ أحدُ مَن تُصرفُ لهم زكاةُ المالِ المفروضةِ على القادرِ مِن المسلمينَ، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].

وقد اتفقتْ كلمةُ السادةِ الفقهاءِ على أنَّ ابنَ السبيلِ إذا أرادَ الرجوعَ إلى وطنِه ولم يكنْ معه من المالِ ما يُبلغُهُ موطنَهُ فإنَّه يُعطَى من الزكاة بحسَبِ حاجتِهِ، حتى لو كان ابن السبيل غنيًّا في بلده، لكنَّه لما نفَدَ ما معه مِن مالٍ في سفرِهِ، فإنه صارَ مستحقًّا للزكاة بقدرِ ما يُبلغُه وطنَهُ، ولا يحلُّ له ما يزيدُ على ذلك.

وهذا يبين كيفَ يعتني الشرعُ الشريفُ بالمسلمين حين يجعلُهم أسرةً واحدةً، فيعلمُ الغريبُ أنه سيجدُ ممّن يمرُّ به إكرامًا وبذلًا، وأنَّ الله تعالى جعل له حقًّا في مال الأغنياء، وأنه ندبَ للمسلمينَ جميعًا ضيافتَه وإكرامَه، وأنه رقيَ بمشاعرِ المسلمينَ حينَ أمرَهُم أن يتفقدُوا أحوالَ بعضِهم، حتى الغريبَ عنهم.وقد قاسَ بعضُ العلماءِ على ابنِ السبيلِ مَن فقدُوا المأوَى بسببِ سيولٍ أو زلازلَ أو غيرِها من الكوارثِ، فإنهم بِفقدِهم المأوى صاروا في حكمِ ابنِ السبيلِ، وصاروا مستحقين لما استحقَّه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفقراء والمساكين

إقرأ أيضاً:

نائبة: حوار الرئيس المستمر هو السبيل لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة لمصر

قالت النائبة مايسة عطوة عضو مجلس النواب بن اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدد من قيادات القوات المسلحة والشرطة والصحفيين والإعلاميين يأتي في إطار تعزيز التواصل والتعاون بين المؤسسات المختلفة في الدولة.

وأكدت أن مثل هذه اللقاءات تساهم في تبادل الآراء وتوضيح الرؤى الوطنية، كما تعكس اهتمام القيادة السياسية بمسائل الأمن والاستقرار في البلاد.

وأشارت "عطوة" فى تصريحات صحفية إلى أهمية دور الإعلام في دعم القضايا الوطنية ونقل إنجازات الدولة للمواطنين، مشددة على أن مواجهة التحديات التي تواجهها مصر تتطلب تكاتف جميع الجهات المعنية.

وأضافت أن الحديث حول قضايا الأمن والاقتصاد والتنمية في هذا اللقاء يعزز من موقف الدولة ويؤكد على ضرورة العمل الجماعي لتحقيق الأهداف المرجوة.

وأضافت النائبة مايسة عطوة أن مثل هذه اللقاءات تعزز من الثقة بين القيادة والشعب، وتعمل على تكوين أرضية مشتركة للحوار حول القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لمصر، وأكدت أن حديث الرئيس السيسي مع قيادات القوات المسلحة والشرطة يعكس الاهتمام بالاستقرار الوطني والأمن الداخلي، وهو أمر ضروري للحفاظ على مكتسبات الوطن.

وأشارت إلى أن التواصل مع الصحفيين والإعلاميين يساهم في تصحيح المفاهيم ونقل الحقيقة للمواطنين، مما يعزز من وعي الشعب بقضايا الوطن ويشجعهم على المشاركة الفعالة في البناء والتنمية. 

وأكدت على أن الإعلام يجب أن يكون شريكًا حقيقيًا في مسيرة تحقيق الأهداف الوطنية، من خلال تسليط الضوء على الإنجازات وتوعية المواطنين بالتحديات التي تواجه الدولة.

وقالت عضو مجلس النواب أن الحوار المفتوح والمستمر هو السبيل لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة لمصر، مع ضرورة دعم الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

كما أشاد احمد رأفت ، الامين العام المساعد بحزب مستقبل وطن بالإسكندرية بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب لقائه  بقيادات القوات المسلحة ورجال الشرطة المصرية والأجهزة الأمنية .

وأكد القيادي بمستقبل وطن، إن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي اثبات للعالم أجمع قوة الجيش المصري وقدرة من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن،

وأوضح رأفت ،ان رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي،  في غاية الأهمية من أجل مستقبل أفضل لمصرنا الغاليه فنحن لدينا رئيس ، قادر على هدم جميع المخططات الهدامه ولدينا جيش قادر علي حماية وطنه وهذا يجعلنا جميعا نفتخر بدور قيادات الدولة المصرية.

وقال أحمد ، إن مقولة الرئيس بأن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات في ظل الظروف الحالية دليل علي وعي الشعب بالجهود المبذولة من قبل القادة السياسية والتأكيد بأن الشعب المصري يقف صفا واحدا خلف رئيسه وجيشه ضد أعداء وطنه رافعين شعار تحيا مصر رغم انف الحاقدين.

مقالات مشابهة

  • مصطفى عامر: ما هي الإرادة الشعبية؟
  • خالد يوسف خلف الله رئيساً تنفيذياً للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات
  • برلماني: تماسك وتلاحم المجتمع المصري السبيل الوحيد للحفاظ على استقرار الدولة
  • د.حماد عبدالله يكتب: وما نيلُ المطالب بالتمنى !!
  • خالد عامر يكتب: مصر والتحديات الإقليمية
  • خبير: الحل السياسي السبيل الوحيد لتحقيق استقرار سوريا
  • صنعاء تؤكد استعدادها للتوقيع على خارطة الطريق وتستنكر الضغوط الأمريكية
  • عامر يناقش تعزيز التعاون مع الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان
  • نائبة: حوار الرئيس المستمر هو السبيل لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة لمصر
  • د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!