الوطن:
2024-07-01@15:21:17 GMT

د. يوسف عامر يكتب: ابن السبيل

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب: ابن السبيل

قالَ اللهُ سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36].

بدأت الآيةُ الكريمةُ بالأمرِ بعبادَةِ اللهِ سبحانه وتعالى والنهيِ عن الشركِ به، ثم أمرتْ بالإحسانِ إلى الوالدَيْنِ، وذي القربى [الأقارب]، واليتامَى والمساكينِ [المحتاجين]، ثم بعدَ ذلك جاءَ الأمرُ بالإحسانِ للجار، والجارُ نوعَانِ؛ الجارُ ذو القُربى وهو الجارُ الذي تربطُهُ بجارِهِ قَرابةٌ في النَّسَب، والجارُ الجنُبُ وهو الغريبُ الذي ليسَ له صِلةُ نسَبٍ بجارِهِ.

ثم جاءَ بعدَ هذا الأمرُ بالإحسانِ إلى (ابنِ السبيلِ)، والسبيلُ في اللغةِ هو الطريق، وابن السبيلِ هو المسافرُ الذي انقطعَ عن وطنِهِ، وليسَ في يدِهِ من المالِ ما يُوصّلُهُ إلى حيثُ يريدُ، وقد بيَّن السادةُ العلماءُ أنَّه سُمّيَ بـ(ابنِ السبيلِ) لأنه يلازمُ السبيلَ [الطريق] في سفرِهِ.

وابنُ السبيلِ يعاني الغربةَ والوحشةَ وقلةَ مَن ينصرُهُ ويؤازرُهُ، وقد راعَى الشرعُ الشريفُ حالَةَ ابنِ السبيلِ النفسيَّةَ والماديَّةَ، فمن حيثُ الحالةُ النفسيةُ أمرَ بالإحسانِ إليه، والإحسانُ إليهِ يشملُ حسنَ المعاملةِ والمحافظةَ على شعورِهِ، فهو يُعاملُ معاملةَ الضيفِ الكريمِ، وللضيافةِ عندنا في الإسلامِ آدابٌ، منها أنه يُستحبُّ للمُضيفِ أن يُؤنِسَ ضيفَهُ بالحديثِ الطيبِ المناسبِ ولا يطيلُ السكوت عندَه، وأن يلقاهُ بطلاقةِ وجهٍ.

وألَّا يغيبَ عنه، وأن يقومَ على خدمتِهِ بنفسِهِ فهذا من إكرامِه، وأَلَّا يجلسَهُ مع مَن يتأذَّى بالجلوسِ معَهم، وأنْ يَخرجَ معه إلى بابِ الدارِ إذا أرادَ الخروجَ، يقولُ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فَلْيُكرمِ ضيفَهُ» [متفق عليه]. والضيافةُ سُنةٌ نبويةٌ كريمةٌ، ومن العلماءِ مَن صرَّح بأنَّها تصيرُ واجبةً إذا لم يكن مع هذا الغريبِ مالٌ يكفيهِ لسفرِهِ وخشِيَ على نفسِهِ الهلاكَ.

ومن الناحيةِ الماديةِ فإنَّ ابنَ السبيلِ أحدُ مَن تُصرفُ لهم زكاةُ المالِ المفروضةِ على القادرِ مِن المسلمينَ، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].

وقد اتفقتْ كلمةُ السادةِ الفقهاءِ على أنَّ ابنَ السبيلِ إذا أرادَ الرجوعَ إلى وطنِه ولم يكنْ معه من المالِ ما يُبلغُهُ موطنَهُ فإنَّه يُعطَى من الزكاة بحسَبِ حاجتِهِ، حتى لو كان ابن السبيل غنيًّا في بلده، لكنَّه لما نفَدَ ما معه مِن مالٍ في سفرِهِ، فإنه صارَ مستحقًّا للزكاة بقدرِ ما يُبلغُه وطنَهُ، ولا يحلُّ له ما يزيدُ على ذلك.

وهذا يبين كيفَ يعتني الشرعُ الشريفُ بالمسلمين حين يجعلُهم أسرةً واحدةً، فيعلمُ الغريبُ أنه سيجدُ ممّن يمرُّ به إكرامًا وبذلًا، وأنَّ الله تعالى جعل له حقًّا في مال الأغنياء، وأنه ندبَ للمسلمينَ جميعًا ضيافتَه وإكرامَه، وأنه رقيَ بمشاعرِ المسلمينَ حينَ أمرَهُم أن يتفقدُوا أحوالَ بعضِهم، حتى الغريبَ عنهم.وقد قاسَ بعضُ العلماءِ على ابنِ السبيلِ مَن فقدُوا المأوَى بسببِ سيولٍ أو زلازلَ أو غيرِها من الكوارثِ، فإنهم بِفقدِهم المأوى صاروا في حكمِ ابنِ السبيلِ، وصاروا مستحقين لما استحقَّه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفقراء والمساكين

إقرأ أيضاً:

زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو «مجنونة» والاحتجاج هو السبيل الوحيد لإنقاذ الكيان

أفاد يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، اليوم الاثنين، بأن حكومة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال، عارضت صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، والآن ستوقف الحرب دون إعادة المختطفين.

وأضاف لابيد، أن إسرائيل في أزمة والسبيل الوحيد لحلها هو إجراء انتخابات والإضراب أحد الأدوات لتحقيق ذلك، متابعًا: حكومة نتنياهو مجنونة وإشكالية والاحتجاج هو السبيل الوحيد لإنقاذ الكيان.

وصرح زعيم المعارضة الإسرائيلية، يوم الخميس الموافق 20 يونيو 2024، بأن حكومة بنيامين نتنياهو هي الأسوأ والأكثر كارثية في تاريخ بلاده.

ونقل الموقع الإلكتروني الإسرائيلي «مفزاك لايف» عن لابيد، أن إسرائيل تشهد أسوأ انهيار سياسي وكارثي في تاريخها، بدعوى أن حكومة نتنياهو هي الحكومة الأكثر كارثية في تاريخ البلاد.

وأوضح لابيد في كلمة له ألقاها في المؤتمر السنوي لمركز روبنشتاين التابع لجامعة رايخمان، أن بلاده فقدت قوتها السياسية، معتبرًا إياه بمثابة تهديد وجودي، لأنه دون تلك القوة السياسية لن يكون لدى إسرائيل أمن.

ويوم الثلاثاء الماضي، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مؤكدًا ضرورة «الإطاحة» بها، موضحًا عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه منذ لحظة استقالة الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، أصبحت لدينا الوسائل، مؤكدًا أن الجميع سيعمل معا لإسقاط الحكومة.

اقرأ أيضاًزعيم المعارضة الإسرائيلية: لدينا الحكومة الأسوأ والأكثر كارثية في تاريخ البلاد

زعيم المعارضة الإسرائيلية: ما يفعله نتنياهو «جنون سياسي»

زعيم المعارضة الإسرائيلية: كان يجب حل الحكومة بدلا من مجلس الحرب

مقالات مشابهة

  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو «مجنونة» والاحتجاج هو السبيل الوحيد لإنقاذ الكيان
  • سمو ولي العهد يستقبل رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية صالح يوسف الفضالة
  • سمو أمير البلاد يستقبل رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية صالح يوسف الفضالة
  • خالد ميري يكتب: حكايتي مع «الإخوان»
  • محمد عامر يكتب: حقيقة الوطن ووهم الجماعة.. «30 يونيو» معجزة شعب
  • الشيخ خالد الجندي يكتب: ثورة انتصار لمقاصد الشرع الشريف
  • د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز
  • بيان: الرئيس المصري ورئيسة المفوضية الأوروبية يتفقان على أن حل الدولتين هو السبيل لضمان الاستقرار
  • نصوص في الذاكرة.. الغريب من كتاب أبي حيان التوحيدي
  • وزير الزراعة: التعاون بين الدول هو السبيل لتحقيق الأمن الغذائي للشعوب