لوموند: هكذا عُذب صحفيون فلسطينيون في صحراء النقب
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
قالت صحيفة لوموند إن القوات الإسرائيلية اعتقلت منذ بداية الحرب 46 صحفيا في قطاع غزة والضفة الغربية، ولا يزال 34 منهم محتجزين، بعضهم تحت نظام الاعتقال الإداري، الذي يسمح للإدارة العسكرية باحتجاز أي فرد بدون توجيه الاتهام إليه لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد إلى أجل غير مسمى.
واستعرضت الصحيفة في تقرير لها حالة الصحفي ضياء الكحلوت (38 عاما) الذي اختطف من أحد شوارع غزة في السابع من ديسمبر/كانون الأول 2023، وقد قال له محقق الجيش "لن ترى الشمس لمدة 10 سنوات"، إلا أنه لم يمض سوى 33 يوما، قضاها وهو معصوب العينين، وأطلق سراحه في التاسع من يناير/كانون الثاني 2024 بعد أن خسر 20 كيلوغراما من وزنه.
في ذلك اليوم وجد الكحلوت -الذي تعرف عليه أقاربه من خلال مقطع فيديو صوره جنود ونشروه على مواقع التواصل الاجتماعي- نفسه في الشارع جالسا بملابسه الداخلية ومقيد اليدين مع العشرات من جيرانه بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي حي بيت لاهيا، شمال قطاع غزة.
وفاة 36 سجينايقول هذا الصحفي "كنت في منزل عائلتي عندما طلب الجيش ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و60 عاما الاستسلام والمغادرة"، ذهب النساء والأطفال وكبار السن إلى مستشفى كمال عدوان، أما الرجال فاعتقلوا ونقلوا إلى قاعدة زيكيم العسكرية، قبل نقلهم إلى موقع سديه تيمان، حيث "مكثت طوال فترة اعتقالي".
هذه القاعدة العسكرية وسط صحراء النقب، هي مكان الاحتجاز الرئيسي لسكان غزة، ولم يتمكن أي مراقب خارجي من الدخول إليها، علما أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا تستطيع الوصول إلى السجون الإسرائيلية، إلا أن الجيش الإسرائيلي اعترف لصحيفة هآرتس بأنه يحقق في مقتل عشرات الأسرى هناك، كما أن مصدرا عسكريا إسرائيليا أكد لصحيفة لوموند مقتل 36 معتقلا.
ويتابع الكحلوت قائلا "أمضيت 33 يوما في السجن، أخبرت الجنود الإسرائيليين أنني صحفي، لكنهم مزقوا بطاقتي الصحفية. وبعد تحقيق أولي تخلله الضرب والشتائم عرفوا أنني صحفي حقا".
الركوع 16 ساعة يومياوأضاف الكحلوت "قلت إنني مدني وليست لدي أي صلة بالفصائل الفلسطينية المسلحة. أغلقوا فمي وضربوني"، وقد عوضوه عن اسمه بالرقم 059889، وأجبروه على الركوع 16 ساعة يوميا ولم يأذنوا له بالتواصل مع عائلته ولا مع محام، ولم يعلم بوفاة والده إلا عند خروجه من المعسكر.
ويختم الكحلوت قائلا "كانت حالتي الصحية مثل باقي السجناء. عانيت من آثار الضرب والسلاسل الحديدية التي كبلت يدي ومن الإذلال النفسي".
وتابع "كنت أتمنى أن أتلقى العلاج، ما زلت أعاني من مشكلة في الرؤية بسبب تغطية عيني خلال 33 يوما، وأعاني من آثار الضرب".
وتتضمن طريقة التعذيب "الشبح" ربط السجناء لفترة طويلة في وضع مؤلم، مما قد يسبب الإعاقة على المدى الطويل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
لوموند: ترامب يثير صدمة عامة بحديثه عن السيطرة الأمريكية على غزة في تجاهل للتاريخ والواقع
يمن مونيتور/قسم الأخبار
قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن التاريخ لا يهم كثيرا بالنسبة لدونالد ترامب عندما يتحدث عن غزة.. صدمات الماضي، والحروب المتتالية، والتعلق بالمكان، والظل الطويل للأجداد، وحقوق الأحياء. كل هذا يبدو مدفونا تحت الأنقاض، لأن قطب العقارات الذي تحول إلى سياسي لا يرى في الأراضي الفلسطينية سوى الأنقاض و“موقع هدم” يجب إخلاؤه من سكانه لأسباب إنسانية، وتشتيت الفلسطينيين في أماكن أخرى من المنطقة.
كان ترامب يتحدث إلى جانب ضيفه الأجنبي الأول، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدا مبتهجا ومتوترا في مواجهة هذا الحليف الأمريكي الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، والذي شجع على النزوح الجماعي لسكان عذبتهم ستة عشر شهرا من الحرب، قائلاً إن الولايات المتحدة “ستتولى السيطرة على قطاع غزة”، في إشارة إلى “وضع الملكية طويلة الأمد”، وهو تعبير لا يمكن ترجمته بدقة في القانون الدولي.
مثل مطور عقاري يقف أمام منزل للعرض، تعهد دونالد ترامب بتحويل “رمز الموت والدمار” الذي تمثله غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، قائلا: “كل من تحدثت إليه يحب فكرة امتلاك الولايات المتحدة لهذه القطعة من الأراضي، وتطويرها وخلق آلاف الوظائف بشيء سيكون رائعاً”.
وبعبارة أخرى، فإن مرشح السلام في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، والمعارض للمغامرات العسكرية الخارجية، لم يعد يكتفي بالتفكير في ضم قناة بنما وكندا وغرينلاند، في حماسة إمبريالية جديدة، بل بات يقترح إضافة قطعة من الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة حماس، ويبلغ طولها أربعين كيلومترا، ويريد إخلاء سكانها بالكامل. وهي عملية تتطلب مشاركة قوة عسكرية أمريكية كبيرة -وهي الفرضية التي لا يستبعدها دونالد ترامب- وقد تؤدي إلى مقتل العشرات، بل والمئات من الجنود. ويظهر هنا احتمالان، وفق صحيفة لوموند: الأول أن الرئيس الأمريكي جاد؛ أو يغيّر شروط المناقشة كما هي عادته، فيستخف بما هو غير مقبول ويغير الموازين.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه إقناع عدة دول، بينها مصر والأردن، بقبول كافة سكان قطاع غزة، من أجل تطهير الأراضي الفلسطينية من الركام. وأضاف: “يمكنك أن تجد منطقة جميلة لتوطين الناس بشكل دائم في منازل جميلة حيث يمكنهم أن يكونوا سعداء دون أن يتم إطلاق النار عليهم، دون أن يقتلوا، دون أن يتم طعنهم حتى الموت كما يحدث في غزة”، وكأن القلق الرئيسي هناك هو الجريمة اليومية. هل سيكون للفلسطينيين الحق في العودة إلى وطنهم؟ لماذا يريدون العودة؟ سأل دونالد ترامب.
حلم ورقي
وفي تبادل للآراء مع الصحافة في وقت سابق، أكد مستشار الأمن القومي مايك والز، أن التوقعات السابقة لفريق بايدن بشأن إعادة بناء غزة خلال خمس سنوات كانت غير واقعية. وبحسب قوله، ينبغي النظر في خطة مدتها عشر أو خمس عشرة سنة. ولكن المستشار ودونالد ترامب نفسه لم يقدما جدولا زمنيا للمدة التي سيستغرقها إنشاء “المساكن ذات الجودة الجيدة حقا” التي وعد بها الرئيس سكان غزة، وذلك بفضل “كميات هائلة من المال قدمتها دول أخرى غنية للغاية”.
باختصار، الأردن ومصر ستستضيفان، وقطر والمملكة العربية السعودية ستمولان. إن هذا الحلم الورقي يتجاهل معارضة جامعة الدول العربية المعلنة لأي تهجير سكاني من هذا النوع في غزة، ورفض مصر والأردن من حيث المبدأ. ويؤكد ترامب: “أقول إنهم سيفعلون ذلك”.
تحدث الرئيس الأمريكي بلهجة الأدلة، تتابع صحيفة لوموند، قائلاً إنه إذا كانت غزة “جحيما” فيجب إخراج المدنيين منها. لكن وراء هذا التصريح الخيري، يبرز مشروع سياسي غير معلن، يتمثل في أن دونالد ترامب يلف حل الدولتين الذي يحتضر بحجاب إنساني، ليقوم بدفنه مرة واحدة وإلى الأبد، تقول الصحيفة، مشيرة إلى حقيقة انقسام الفلسطينيين بالفعل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، متسائلة إذا انضم سكان الجيب إلى أفواج اللاجئين وذريتهم المنتشرين في مختلف أنحاء المنطقة منذ “النكبة” عام 1948، فأي دولة فلسطينية يمكن أن تكون؟ يبدو الرئيس الأمريكي بلا مبالاة، واضعا خوذة المسّاح على رأسه، وكأنه قادر على حل القضية الفلسطينية من خلال حل سكانها في المنطقة، طوعاً أو بالقوة.
وإلى جانبه، بدا بنيامين نتنياهو مندهشا، خلف ابتسامة متوترة، وحاول السيطرة على مضيفه الأمريكي بوابل من المجاملات، بما فيها وصفه بأنه “أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق”. لقد التزم رئيس الوزراء الإسرائيلي في البداية الصمت الاستراتيجي إزاء تهجير سكان غزة، وكأنه هو نفسه يدمج الواقع الإقليمي خلف الشعارات. وعندما سئل عن الموضوع، انتهى به الأمر إلى تقدير أن “الأمر يستحق الاهتمام” بمثل هذا المشروع، الذي “يمكن أن يغير التاريخ”.
أهداف نتنياهو الثلاثة في غزة
مضت صحيفة لوموند قائلة إن نتنياهو يعلم جيداً أنه يستطيع استغلال هذا الخيال الأمريكي للحفاظ على العنصري بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، في ائتلافه، لاسيما وأن دونالد ترامب يلوح بوجهة نظر أخرى، لم يعرف مدى جديتها بعد، ولكنها ستسعد اليمين الإسرائيلي. فقد وعد بأن إدارته ستتخذ قرارا “خلال الأسابيع الأربعة المقبلة” بشأن خطط الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية. وفي الوقت الحالي، فإن القضية الأكثر إلحاحا هي وقف إطلاق النار في غزة والدخول في المرحلة الثانية من الخطة التي تفاوضت عليها إدارة بايدن، مع استمرار إطلاق سراح الرهائن.
ولم يمارس دونالد ترامب أي ضغط علني على ضيفه لضمان احترام إسرائيل لبنود الاتفاق مع حماس. من جانبه، أكد بنيامين نتنياهو رغبته في “إنهاء المهمة” في غزة، بثلاثة أهداف: تدمير القدرات العسكرية لحماس، وضمان إطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان أن الأراضي الفلسطينية لم تعد تمثل تهديدا لإسرائيل في المستقبل. إنه وعد بحرب لا نهاية لها، خالية من أي رؤية سياسية لغزة. ومن المنتظر في هذه الأثناء وصول وفد إسرائيلي إلى قطر لمواصلة المفاوضات.
وتابعت صحيفة لوموند موضّحة أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو ليست سهلة. كانت فترة الولاية الأولى للملياردير (2017-2021) فترة من النعيم لليمين الإسرائيلي، مع الاعتراف بالقدس عاصمة، وسيادة الدولة العبرية على مرتفعات الجولان، والموافقة على الاستيطان في الضفة الغربية، وحجب كل المساعدات عن السلطة الفلسطينية.
وقد تعززت تطلعات القوميين المتدينين، الذين يحرمون الفلسطينيين من أي حقوق سياسية. ولكن على المستوى الشخصي، ظل دونالد ترامب يشعر بالمرارة تجاه الزعيم الإسرائيلي، الذي يعتبره جاحداً. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، سارع نتنياهو بالفعل، وفقا للملياردير، إلى الاعتراف بفوز جو بايدن والترحيب بانتخاب “صديق عظيم” لإسرائيل.
وفي وقت سابق الثلاثاء، وقّع ترامب أمرا تنفيذيا أمام الصحافيين لإعادة فرض “أقصى قدر من الضغط” على إيران. والهدف المعلن يتمثل في تجفيف عائدات النفط. وقال الجمهوري إنه يتصرف على مضض. وقال: “أنا أوقع على هذا ولكنني غير سعيد بفعل ذلك”، حتى أنه كان يأمل ألا يتم تطبيق محتوى هذا المرسوم، الذي لا يثير الدهشة في جوهره.
ربما لا تروق هذه الفكرة لكل من حوله، لكن دونالد ترامب يريد التفاوض مع طهران.