التقاعد المبكر يهدد استقرار سوق العمل
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
طالب المرصد العمّالي الأردني الحكومة بوقف إحالة موظفيها على التقاعد المبكر "قسرا" أو تشجيعا، مشيراً إلى الآثار السلبية لهذه السياسة على سوق العمل واستدامة منظومة الضمان الاجتماعي.
وأوضح المرصد في بيانه الصادر اليوم الخميس أن التوسع في التقاعد المبكر، من خلال أمانة عمان الكبرى مؤخرا، يخلق مخاطر عميقة تهدد استقرار سوق العمل واستدامة منظومة الضمان الاجتماعي.
وأكد المرصد أن هذه السياسة تؤدي الى زيادة معدلات البطالة، اذ يعود المتقاعدون مبكرًا إلى سوق العمل، مما يزيد من المنافسة على الوظائف المتاحة في ظل قلة فرص العمل الجديدة، وبالتالي يرفع معدلات البطالة، حيث إن هؤلاء المتقاعدين في سن يمكنهم العمل والإنتاج لفترة أطول.
ويؤدي كذلك إلى انخفاض الرواتب التقاعدية، اذ أن التقاعد المبكر يعني سنوات خدمة أقل، مما يؤدي إلى رواتب تقاعدية منخفضة، وهذا يزيد من أعداد الفقراء ويعمق التفاوت الاجتماعي، مما يعزز من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وأشار البيان أن ذلك يؤدي بالضرورة إلى استنزاف موارد صندوق الضمان الاجتماعي، حيث أن نسبة المتقاعدين مبكرا حاليا تقارب 50 بالمئة من مجمل المتقاعدين، معظمهم من المؤسسات الحكومية. والأعداد الكبيرة لهؤلاء المتقاعدين تستنزف موارد الصندوق، مما يهدد قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه الأجيال القادمة ويضعف ثقة المواطنين في استدامة النظام.
وأوضح المرصد العمالي إلى أن سياسات الحكومة المشجعة للتقاعد المبكر في مؤسساتها تتعارض بشكل صارخ مع الجهود الرامية لتعزيز الحمايات الاجتماعية وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية. نحن بحاجة ماسة إلى زيادة الثقة بمنظومة الضمان الاجتماعي، وليس إضعافها من خلال سياسات تقوض أساساتها وتزيد من هشاشتها.
وأضاف المرصد أن هذه السياسات تؤدي إلى إضعاف ثقة المواطنين في استدامة الضمان الاجتماعي وقدرته على جذب المشتركين الجدد. اذ أن المخاوف المنتشرة بين المواطنين من هيمنة الحكومة على قرارات الضمان، وخاصة الاستثمارية منها، قد أدت إلى استدانة الحكومة أكثر من 50 بالمئة من محفظة الضمان الاجتماعي، مما يضع علامة استفهام كبيرة على مستوى حوكمة إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي ويدفعنا للمطالبة بحوكمتها باتجاه تعزيز استقلاليتها.
ودعا المرصد العمالي إلى ضرورة تعديل الفقرة "ب" من المادة 173 من نظام الخدمة المدنية، التي تُجيز للمرجع المختص بالتعيين إنهاء خدمات الموظف إذا استكمل شروط التقاعد المبكر "بناءً على طلبه أو بدون طلبه"، مطالبًا بحذف عبارة "بدون طلبه" للحد من استخدام هذه السياسات بطرق غير صحيحة وبدون أسس واضحة.
وأكد المرصد أن استمرار هذه السياسات يتعارض مع ما تعلنه الحكومة عن تشجيعها للعاملين على الاستمرار في العمل وعدم اللجوء إلى التقاعد المبكر إلا في حالات الضرورة. لذا، يجب التوقف عن الإنهاء القسري لخدمات أي موظف عام استكمل شروط التقاعد المبكر، وقصر التقاعد المبكر فقط على الموظف الذي يتقدم بطلب إنهاء خدماته رغبةً منه في إحالة نفسه على التقاعد المبكر.
ختامًا، شدد المرصد العمالي على ضرورة تعزيز الثقة بمنظومة الضمان الاجتماعي لضمان استدامتها وزيادة شموليتها، بما يساهم في تحقيق الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، ويعزز من استقرار السوق العمل والاقتصاد الوطني بشكل عام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البنزين الأردن العمل سوق العمل وظائف الاردن الضمان الاجتماعی التقاعد المبکر سوق العمل
إقرأ أيضاً:
الثقة النيابية تحصيل حاصل...فهل تستعيد الحكومة ثقة الناس؟
قد تكون الثقة التي نالتها حكومة "الإصلاح والإنقاذ"، وهي نسبيًا ثقة "حرزانة"، مقدمة لا بدّ منها للانطلاقة الحكومية في عملها الشاق، خصوصًا أن ما ينتظرها من صعوبات وعراقيل يتطلب إزالتها أكثر من ثقة 95 نائبًا، وأكثر من النوايا الحسنة، وأكثر من الوعود والالتزامات، وأكثر من الامنيات. وهذا لا يعني التشكيك بنوايا رئيس الحكومة نواف سلام أو التقليل من أهمية حماسة الوزراء الناجحين في مضامير حياتهم المهنية والأكاديمية، ولمعظمهم سجلات نجاح حافلة. ولكن النجاح في ميدان العمل الخاص لا يعني بالضرورة أن ينسحب على نوعية ما يمكن أن يعكسه هذا النجاح في ميدان العمل العام. فالأمر مختلف كثيرًا. ومن لم تكن له تجارب في العمل الإداري المتعلق بالشأن العام، وما فيه من بيروقراطية قاتلة للأحلام والطموحات لا يمكنه أن يراهن على نسب نجاح كبيرة. فالتوقعات شيء والوقائع شيء آخر. والفرق بينهما كبير جدًّا. فجميع الوزراء أو الذين تولوا مسؤولية عامة في الإدارات الحكومية بدأوا بتطلعات كبيرة وانتهوا بنتائج متواضعة.
الثقة التي نالتها حكومة "الإصلاح والإنقاذ" ضرورية كإطار عام لمسار طويل لن تكتمل حلقاته قبل استعادة هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى ثقة الناس. وثقة الناس تختلف في مضامينها ومفهومها عن ثقة النواب المفترض بهم أن يمثّلوا هؤلاء الناس تمثيلًا صحيحًا، وليس تمثيلًا صوريًا. على هؤلاء النواب أن يكونوا صوت ناسهم في البرلمان، من خلال ما يصدر عنهم من تشريعات تصب فقط في مصلحة المواطن، ومن خلال المراقبة الفعلية، ومن خلال مساءلة السلطة التنفيذية في حال قصّرت بالقيام بواجباتها حيال مواطنيها، ومن خلال المحاسبة الجدّية وسحب الثقة عن الحكومة مجتمعة أو عن أي وزير تثبت الوقائع الدامغة بأنه لم يلتزم بما تعهدّت به حكومته في بيانها الوزاري وفي ما يتعلق بالشق الخاص بوزارته، انطلاقًا من مبدأ أن كل وزير إذا "نظّف" وزارته مما علق بها من ترسبات الماضي ومن كل أسباب الفساد، التي أصبحت في مرحلة من المراحل سمة "الشاطر يللي بيشيلها من تمّ السبع"، وذهب الموظف "الصالح بضهر الطالح".
يكون الإصلاح عن طريق مكافحة الفساد بدءًا بالرؤوس الكبيرة، التي تدير كل عمليات الغش والسمسرة والبرطيل والرشوة. ومتى تمّ تنظيف الدرج الإداري بدءًا من أعلاه يصبح تنظيف الأسفل أسهل من سريان المياه في المنحدرات.
فإذا لم تتصرّف الحكومة في ممارساتها اليومية وكيفية تعاطيها مع الشأن العام بما ينسجم مع ما ورد في خطاب القسم الرئاسي وفي البيان الوزاري بنسبة 10 في المئة في هذه الاربعمئة يومًا فإن الثقة الممنوحة لها نيابيًا ولأسباب كثيرة لم تعد خافية على اللبنانيين، الذين باتوا لكثرة تجاربهم السابقة يعرفون "البير وغطاه"، ربما أكثر من بعض النواب، الذين تلعثموا وهم يلفظون كلمة "سِقة"، وتفركشوا بـ خيال الميكروفون"، لن تحقق المعجزات، خصوصًا إذا ما انتزعت ثقة الشعب منها إن لم تتطابق ممارساتها في السلطة مع ما سبق أن أعلنته والتزمت به. وهذا الشعب الذي اعتاد على كل أنواع التجارب المخيبة للآمال غير متطلب، لكن جلّ ما يطالب به هو قليل من كثير. وهذا القليل لا يحتاج إلى معجزات لكي يتحقّق، وبالتالي فهو في الوقت الحاضر لا يأمل في أن تُعاد إليه أمواله بكبسة زر كما اختفت. هو يعرف أن هذه المسألة أكبر من قدرات حكومة عمرها قصير نسبيًا. لكن جلّ ما يطالبه به، وهذا من حقّه الطبيعي، بأن يضمن بأن ودائعه لن تُشطب في عملية حسابية سريعة، وألا تكون كلمة "عدم شطب الودائع يجب أن تُشطب من القاموس اللبناني" مجرد كلام سبق أن سمعه من رأى جنى عمره يتبخّر كالسراب أكثر من مرّة.
وما يطالب به هذا الشعب المسكين يجب أن يوضع على أجندة أولويات العمل الحكومي، التي اتخذت لنفسها شعار "الإصلاح والإنقاذ". فمن أين ستبدأ لكي تستعيد ثقة الناس بدولتهم؟ المصدر: خاص "لبنان 24"