إحياء الذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي بالعاصمة صنعاء
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
الثورة نت|
شارك رؤساء حكومة تصريف الأعمال، الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، ومجلس القضاء الأعلى، القاضي أحمد المتوكل، ومجلس الشورى محمد العيدروس، اليوم، في الذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني بدر الدين أمير الدين الحوثي.
وألقى الدكتور بن حبتور كلمة، عبَّر فيها عن الشكر لكل القائمين على تنظيم هذه الفعالية، التي نحتفي بها كل عام لتذكر مناقب العالم المجتهد، بدر الدين الحوثي، الذي قدّم للأمة جملة من الأعمال الاجتهادية الثمينة، التي صبت في خدمة الإسلام، وفي تصحيح مسارات عانت منها الأمة.
وأشار إلى أن هناك علماء من الأمة يجتهدون اجتهادا لا يخدم الإسلام فيحرمون كل شيء، وفي الوقت نفسه يبيحون كل شيء.. موضحا أن الفكر الوهابي يعد من الاجتهادات الخاطئة التي عرضت الأمة لكثير من التشوش والاضطراب في المفاهيم والقيم وفي التعاليم الإسلامية.
وبيَّن أن العلامة بدر الدين الحوثي عمل على مواجهة ذلك النهج المتشدد الذي أضر بالأمة.. مؤكدا أنه “من المهم أن نراكم تجربة الفقيد والمعارف والمفاهيم السوية لكي نستمر في التصحيح ونعززها في واقع حياتنا”.
وأفاد الدكتور بن حبتور بأن الأمة اليوم فيها من التشدد والتفريط ما يحتم على الجميع البحث عن قواسم مشتركة تؤدي إلى جمع كلمة الأمة، وتعمل على تجميع طاقاتها لمواجهة أعدائها.
وقال: “نجد اليوم أن كثيرا من المسلمين يستسلمون لفتاوى فقهاء السلطة والبلاط، الذين لا يعبِّرون عن الدين وقيمه وتعاليمه بل عن رغبات الحاكم، الذي نراه اليوم جليا فيما يحدث اليوم في فلسطين من جرم كبير، وظلم فادح على أبناء جلدتنا؛ لأن أغلبية المسلمين يستسلمون لتلك الفتاوى التي تعبّر عن مواقف الأنظمة، وليس عن الإسلام وتعاليمه التي توجب علينا الجهاد نصرة للمظلومين، والتداعي لمواجهة أعداء الأمة”.
وأضاف: “موقف اليمن بقيادة قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، كان واضحا منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، من خلال الخطوات العملية والاحتجاجات الشعبية المستمرة التي تساند فلسطين، وتقف مع قائد الثورة من أجل مواصلة المشروع الجهادي، الذي يستهدف مصالح الكيان الصهيوني، ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وكل من يساعد العدو الصهيوني”.
ولفت الدكتور بن حبتور إلى أن “العالم يعتز اليوم كثيرا بموقف اليمن؛ لأن هذا الشعب الذي حوصر وحورب وضيّق عليه من قِبل العدوان الأمريكي – السعودي – الإماراتي، يقدّم النموذج الحر والبطولي العظيم”.
وأشار إلى أن “بطولة الشعب اليمني الذين يمتلك إمكانات بسيطة لا تقاس بأي بطولة مقارنة بشعوب أخرى في هذا المضمار، خاصة الدول التي تملك إمكانات وتسليحا كبيرا، ولم تصنع شيئا إزاء الظلم والطغيان الواقع على عاتق أبناء غزة، حيث تظل أسلحتها حبيسة في المستودعات حتى يتم استبدالها بعد تقادمها وتهالكها بأسلحة أخرى”.
وأكد رئيس الحكومة أن “اليمن لا يدخر شيئا من قدراته التسليحية من أجل نصرة الأشقاء في فلسطين؛ لأن الأولى بنصرتهم هم العرب والمسلمين”.
وذكر أن “من المشاهد المزرية ما تقوم به بعض دول الخليج من نقل للحوم والفواكه الطازجة من جبل علي مرورا بأرض الحرمين الشريفين والمملكة الهاشمية، وصولا إلى الكيان الغاصب فيما أبناء غزة يموتون من الجوع والعطش”.. معتبرا “ذلك جريمة كبرى ووصمة عار في جبين قادة وشعوب هذه الدول جيلا بعد جيل”.
وشدد على أنه “لا يوجد شعب تحرر دون تضحيات”.. لافتا إلى أن “الهنود الحمر يمثلون الصورة الواضحة لما يفضي إليه الاستسلام للعدو، حيث تم إبادتهم بصور بشعة من قِبل المستعمر الأوروبي”.
وتساءل الدكتور بن حبتور: “هل يريدون أن نكون كالهنود الحمر نستسلم لهم وندعهم يحتلوا أراضينا ونحن ننظر إليهم”.
وقال: “بكل تأكيد لا، بل ينبغي أن نقاوم، وهو المفهوم الذي يؤكد عليه قائد الثورة، الذي تفاعل معه شعبنا الذي هو اليوم في أعلى مراحل الاعتزاز حينما يقدم شهداء وتضحيات، ويقوم بكل ما أوتي من قوة لمساندة إخواننا في فلسطين، بالإضافة إلى ما يقدم من محور المقاومة”.
وفي الفعالية، التي حضرها نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال لشؤون الأمن والدفاع، الفريق الركن جلال الرويشان، ونائبا رئيس مجلس الشورى محمد الدرة وضيف الله سام وعدد من الوزراء والمسؤولين وقادة عسكريين، أشاد مفتي الديار اليمنية، العلامة شمس الدين شرف الدين، بإسهامات العلامة السيّد بدر الدين الحوثي العلمية والدينية.
وتطرق إلى دور الفقيد وتحركه من منطلق المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء والدعاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدع بكلمة الحق ومحاربة الفساد والجور والظلم فضلاً عن جمعه بين العلم والعمل والجهاد في سبيل الله.
ولفت العلامة شرف الدين إلى الغايات، التي سعى من أجلها الفقيد العلامة بدر الدين الحوثي في تكريس قيم الحق والدعوة إلى عبادة الله والتسليم له قولاً وعملاً.. مشيراً إلى أن تحركه كان من منطلق شعوره بالمسؤولية في مواجهة الباطل ونصرة الحق.
وأكد أن “السيد بدر الدين كان عالماً ربانياً آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر متحركاً ومتوكلاً على الله”.
وأشار إلى أهمية قيام العالم بنشر علمه وإظهاره على الناس خاصة في أوقات الفتن والظلمة، واضطراب النفوس، وتضارب الآراء والأفكار، وذلك من باب الواجبات والتكاليف الشرعية التي أوجبها الله -سبحانه وتعالى- على الناس، ولاسيما العلماء منهم.. داعيا الجميع إلى قراءة كتب ومؤلفات العالم السيد بدرالدين أمير الدين الحوثي، التي منها “تحرير الأفكار، الغارة السريعة في الرد على الطليعة، والإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز، وغيرها من الكتب التي أراد من خلالها رد الشبه، وإزاحة الباطل، وإيضاح الحق، وتوج جهوده المباركة بكتاب التيسير في التفسير”.
من جهته، استعرض مدير مكتب قائد الثورة، سفر الصوفي، مناقب وإسهامات السيد بدر الدين الحوثي، وأدواره في الاهتمام بالقرآن الكريم والعلوم الدينية.
وتطرق إلى الدور البارز للراحل في نشر العلوم الدينية البعيدة عن التحريف والتزييف، وكذا إسهاماته في الإصلاح ونصرة الحق ومقارعة الظلم والاستكبار.. مشيرا إلى أهمية إحياء ذكرى وفاته لاستلهام الدروس والعِبر من سيرته والاقتداء بها في قول الحق، والوقوف ضد الباطل، ومواجهة التزييف والتحريف للدين الحق.
ولفت مدير مكتب قائد الثورة إلى مراحل من حياة الفقيد وسيرته في تدريس الثقافة القرآنية ومواقفه في مواجهة الباطل ودعاة الفتنة، ومتابعته لوضع وقضايا الأمة.. مشيرا إلى إنجازات الفقيد بدر الدين الحوثي في التأليف، ومن أبرزها “التيسير في التفسير”، والإيجاز في الرد على فتاوى أهل الحجاز، وغيرها من المؤلفات.
وأكد أن العلامة بدر الدين كان منارة للعلم والصحوة العلمية الحقيقة البعيدة عن أي انحرافات.. مشيرا إلى أنه “كان يصحح بعض الروايات، أو الانحرافات، من خلال كتبه ومؤلفاته”.
وأفاد بأن “السيد بدر الدين الحوثي فسّر القرآن الكريم بوعي وعقلانية ووضوح”.. مؤكدا أنه “كان يحمل دائما هم وقضايا الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
وأشار إلى أن “السيد بدر الدين لم يتراجع يوما عن مبادئه ونصرته للإسلام، رغم ما واجهه من تهديدات ومحاولات اغتيال في محاولة لإسكات صوته، لكنه رفض الصمت، وظل متحركا ملازما للتعليم والتأليف ونصرة المستضعفين”.. مؤكدا أن “الفقيد كان له نظرة ثاقبة للأحداث، وكان مثالا للعالم القرآني يتحرك، ويعمل دائما وفق القرآن، وكان قدوة للجميع”.
ولفت سفر الصوفي إلى ما تحقق للشعب اليمني من انتصارات ثمرة لجهود السيّد بدر الدين الحوثي.
وكان عبدالله حسين المؤيد قد القى كلمة عن أسرة العلامة بدر الدين أمير الدين الحوثي أكد فيها على الدور البارز للفقيد في تعليم ونشر العلوم الدينية، وإسهاماته في نصرة الحق، ومقارعة الظلم والاستكبار.
واعتبر إحياء ذكرى رحيله محطة إيمانية لتنوير وتربية الأجيال على مبادئ وقيم الدين الإسلامي الحنيف، وتعزيز الهوية الإيمانية بالاستفادة من حياة أعلام الهدى وعظماء الأمة والسير على نهجهم في مواجهة الأعداء.
وقدم نبذة من سيرة العلامة بدر الدين، ومآثره ودوره في تعليم العلوم الدينية، وتأسيس “المسيرة القرآنية”.
تخللت الفعالية قصيدة للشاعر بديع الزمان السلطان.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العاصمة صنعاء العلامة بدر الدین الدکتور بن حبتور بدر الدین الحوثی السید بدر الدین قائد الثورة وأشار إلى إلى أن
إقرأ أيضاً:
عزة الأمة وكرامتها ما بين “الشهادة والانتظار”
يمانيون – متابعات
الذكرى السنوية للشهيد مناسبة غنية بالمعاني والقيم، حيث يستذكر فيها تضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الله من أجل الدفاع عن الدين والوطن وقيم ومبادئ الحرية والعدالة، وتعتبر الذكرى محطة تزويد، وفرصة يتجدد فيها العهد بالاستمرار في حمل روحية الشهادة والاستشهاد كقيمة أساسية في الحياة.
في هذا الإطار، أجرى موقع أنصار الله استطلاعًا شاملًا مع كوكبة من العلماء والشخصيات المجتمعية والكتّاب والمحللين، حيث تمحور الاستطلاع حول عدة نقاط رئيسية حول تأثير الذكرى السنوية للشهيد على الوعي الجماعي، ودور هذه الذكرى في تحفيز الأفراد على الالتزام بقيم الفداء والعطاء. كما تناول المتكلمون كيفية إيجاد سبل لتعزيز الروح الجهادية وترتيب الأولويات والأهداف، وأهمية ترجمة معاني الشهادة إلى أفعال تساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.
الاستطلاع يهدف إلى الإسهام في تعزيز الوعي بأهمية ثقافة الشهادة والعمل على ترسيخ وحماية قيمها في واقع أجيال الأمة المتعاقبة، فإلى الحصيلة:
المواجهة مع قوى الاستكبار
البداية كانت مع العلامة فؤاد ناجي، والذي وصف الذكرى السنوية للشهيد بمحطة استذكار تعكس الأمة من خلالها احترامًا عميقًا للتضحيات التي قدمها شهداؤنا العظماء، الذين بفضلهم نستشعر اليوم عبق الحرية.
وأوضح ناجي أن الشهداء هم قادتنا وأساتذتنا، وأن فضلهم بعد الله والأنبياء لا يُقدر بثمن. إذ تنبع قوتنا وعزيمتنا اليوم من دروس تغرسها تضحياتهم في قلوبنا وعقولنا, فهذه الذكرى تُعيد ترتيب أولوياتنا وتستحث الهمم، مما يساعدنا على الوفاء بالعهد الذي قطعناه لهم: السير على الدرب الذي بذوره بدمائهم وأرواحهم.
وأعتبر العلامة ناجي حياة الشهداء مدرسة عظيمة، يُدرّس فيها الشهداء دروسًا لا تُنسى، كتبت على صفحات التاريخ بنقوشٍ من دمائهم, إنهم أساتذة الأجيال الذين أبدعوا في صقل الهوية، وتقديم نماذج تُحتذى في الشجاعة والإيثار, دروسًا تفوق في عمقها وثرائها كل ما يمكن أن تجده في سائر المدارس.
وأدرج خلال حديثه إشارات من القرآن الكريم، مؤكداً أن الله سبحانه وتعالى قد كرم الشهداء بلقبهم الخاص، فكانوا “الشهداء في سبيل الله” بدلًا من “القتلى”, وهو التكريم الذي عبر عن انتقالهم من حالة الفناء إلى حالة الحضور الدائم في عالم الشهادة، بما يتضمنه من شرف ورفعة.
أشار العلامة ناجي إلى أن الشهداء هم بالفعل حاضرون في مقعد صدق عند مليك مقتدر، يجسدون معنى الشهادة ويشهدون يوم القيامة على الأوفياء الذين حملوا الراية، في حين يبرزون أيضًا كحجة على الآخرين الذين قصروا في الوفاء بالعهد.
ودعا العلامة ناجي إلى تجديد العهد ومواصلة الإخلاص في العمل من أجل تحقيق الأهداف التي استشهد من أجلها أولئك العظماء، مؤكدًا أن الالتزام بمبادئهم يظل أمانة في الأعناق، ويجب أن نتذكر دائمًا أنهم يمثلون ضمير الأمة وقلبها النابض.
وأوضح أن الشهداء هم شهود على صدق أحوال الناس، يشهدون للذين وفوا بالعهد ويشهدون أيضًا على من قصروا وتخلفوا عن نصرة الحق.
وتابع قائلاً: “يشهدون، كما قال الله: ‘فإذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا”. مشيرًا إلى أنه في يوم القيامة سيكون الشهداء شهداء على من تنازلوا عن مبادئهم، ولن يفلح أولئك الذين فرطوا أو بدلوا في ذلك اليوم العظيم.
شهداء القضية العادلة
وأكد العلامة فؤاد ناجي أنه عندما نحيي ذكرى الشهداء، فنحن نجدد العهد لهم بأن نكون أوفياء لدمائهم وتضحياتهم, واستعرض بشكل واضح أن شهداءنا هم شهداء قضية عادلة، مستشهدًا بأنهم يمثلون الحق والمظلومية والإنسانية والإسلام, إنهم شهداء لفلسطين وللقرآن، وللراية التي حملوها في مسيرتهم نحو القدس، والذين واجهوا قوى الاستكبار بعزيمة وإصرار.
وأشار العلامة ناجي إلى دور الشهداء في توحيد الأمة، حيث اختزلوا الجغرافيا وجعلوا القضية المركزية هي المسجد الأقصى. فقد التقى الدم الفلسطيني بالدم اليمني والعراقي واللبناني والإيراني في معركة واحدة، من أجل قضية واحدة ضد عدو واحد.
ولفت إلى تلك الوحدة التي اتسمت بها الساحات، فلم يعد هناك فرق بين سنة وشيعة، أو شرق وغرب. فقد تبلور المشهد حول محورين أساسيين: محور القدس ومحور الولايات المتحدة, وتتجلى رايتان فقط في الأفق: راية الأقصى وراية الصهاينة، وينقسم الناس أمام هذا المشهد إلى فريقين: فريق مع القدس وفريق مع إسرائيل وأمريكا.
وواصل العلامة ناجي بالقول: “هنيئًا لشهدائنا أنهم كانوا في هذا الخط، وأنهم خاضوا هذا الدرس العظيم”.
إن تضحياتهم ومواقفهم تظل درسًا لكل الأجيال، تحث على المقاومة والتضحية في سبيل القضايا العادلة. وبذلك، تبقى ذكرى الشهداء قدوةً لنا جميعًا، تدفعنا لاستمرار المسيرة نحو تحقيق الحقوق واسترداد المقدسات.
كما تطرق العلامة فؤاد ناجي إلى مفهوم الشهادة وأهميتها في تعزيز الروح الجهادية لدى الأمة. وأكد أن الدرس الأعمق الذي يمكن استخلاصه من هذه الذكرى هو ضرورة حمل روح الجهاد والاستشهاد. وبيّن أن أعظم وفاء يمكننا تقديمه للشهداء هو التمسك بهذه الروحية، التي تشكل خط الدفاع الأول أمام مخططات الأعداء.
عزة الأمة وكرامتها ما بين الشهادة والانتظار
وفي كلمته، التي ألقاها في الفعالية التي أحيتها مؤسسة بنيان التنموية وأكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل صباح الأحد الموافق 15 جمادي أول 1446هـ، أشار العلامة ناجي إلى أن الله قسم الصادقين إلى قسمين: “رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، منهم من قضى نحبه”: وهم الشهداء الذين قضوا نحبهم، و”منهم من ينتظر”: وهم أولئك الذين ينتظرون الشهادة بشغف للحاق برفاقهم, فهؤلاء ينتظرون موعدهم للالتحاق بحضيرة القدس ومقعد الصدق عند الله، وهذه الروحية برأيه، هي الاستراتيجية التي يعجز الأعداء عن مواجهتها.
وأضاف مستشهدًا بكلمات قائد الثورة: “الأمة التي تعشق الشهادة لا يمكن للأعداء أن يخيفوها أو يهزموها”, فكيف يمكن تهديد أمة تتوق إلى الشهادة وتعتبرها أقصى أمانيها؟ إن روح الشهادة تستدعي الصدق في العهد، والوفاء لتضحيات الشهداء، والاستمرار في خط الجهاد دون انحراف.
واستعرض ناجي ثلاث حالات قد يتعرض فيها الإنسان للاستبدال من قبل الله، مشددًا على أهمية عدم التبديل في الروح الجهادية.
الحالة الأولى : تتعلق بالبخل عن الإنفاق في سبيل الله، حيث قال الله تعالى: “وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم”.
الحالة الثانية: تتعلق بترك الجهاد والمرابطة، محذرًا من العذاب الذي قد ينزل على من يقصر في هذا الواجب, بينما الحالة الثالثة: تنبه على خطر الانزلاق عن هدى الله، مما قد يستدعي الاستبدال.
وأوضح أن التبديل الخطير ينطلق من تغييرات نفسية وثقافية، وعدم الاستجابة لنداء الجهاد. فالإنسان الصادق بعهد الله هو من لا تُغريه الدنيا ولا تتلاعب به الشبهات، بل يظل ثابتًا في إيمانه رغم التحديات.
كما أكد العلامة أن حمل روح الشهادة لا يعني العزوف عن الحياة أو الإحباط، بل هو تعبير عن الاستنفار الدائم والاستعداد للقاء الله في أي لحظة. إن انتظار الشهادة يعبر عن الصدق في العهد مع الله، ويجب أن يكون الإنسان جاهزًا للقاء الله بدون خوف، إلا في حالة الذنوب التي تهدد لقاءه.
أكد ناجي أن روحية الشهداء تعكس حب الحياة في سبيل الله، فهم لم يكونوا محبطين بل أكثروا من الخير، وآثروا التضحية من أجل المستضعفين ورفع راية الحق., هذه المبادئ تبقى نابضة في قلوبنا، تدفعنا للاستمرار في مسيرتنا نحو الجهاد من أجل القضايا العادلة.
مجاهد الجبهتين، وحامل الرايتين
وفي تصريح خاص لموقع أنصار الله، أكد نائب المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس علي ماهر على ضرورة وحدة موقف ودور الأمة الإسلامية بأكملها، محذرًا من التحديات التي تواجهها, ورغم القول: بأن الولايات المتحدة، بكل ترسانتها العسكرية وقوتها الظاهرة، لا تعدو كونها “قشة” في مهب الريح، فقد تجلى مصداقه في واقع المواجهة الراهنة، التي ترصدها القوات المسلحة اليمنية. فهذه القوات، بشجاعة وإقدام، تواجه أعتى الأساطيل الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، بما تحمله من بوارج ومدمرات وحاملات طائرات.
ولعل المفارقة الموجعة هي أن معظم الأنظمة العربية والإسلامية، بدلاً من الوقوف في صف قضايا الأمة، اختارت أن تقف ضد نفسها ودينها، وتحيد عن القضية المركزية للأمة. ففي الوقت الذي يسعى فيه أبطال المقاومة للدفاع عن الحق، تفتح هذه الأنظمة أبواب المجون والفساد، وتستقبل الخلاعة في بيوت الله، متجاهلةً القيم والمقدسات.
والأكثر إيلامًا أن هذه الأنظمة تحالفت مع قوى الشر والطغيان، ممثلة بأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني الغاصب. فتقديم الشعوب والثروات كمقابل للمصالح الأمريكية يعد خيانة لا تغتفر، حيث تسعى لتحقيق وعود باطلة بالحماية، من دون أن تسأل: من يحمي من، وكيف ستفعل ذلك؟ وهم الذين عجزوا عن حماية أنفسهم وأساطيلهم.
إن هؤلاء الشهداء، بفضل بطولاتهم وتضحياتهم، يظلون حاضرين في قلوبنا، يُلهموننا الطريق، ويدفعوننا للوفاء بعهودنا. نحن ماضون على دربهم، متصلون بنهجهم الاستشهادي، ونحمل راية جهادهم، عازمين على حفظ الأمانات التي أُوكلت إلينا، حتى يأذن الله لنا بشرف اللحاق بهم.
الشهادة في مرضاة الله حياة أبدية وخالدة
في السياق، أشار فضيلة العلامة عبد الكريم عبدالله الشرعي، عضو رابطة علماء اليمن، إلى مكانة الشهادة العظيمة في الدين الإسلامي، مؤكدًا أن الله تعالى قد جعل فضل الشهادة في المرتبة الثانية بعد مرتبة الأنبياء والأولياء والصديقين. وعرض الشرعي هذه الفكرة بمزيد من الإيضاح، موضحًا أن يوم القيامة يُعتبر يومًا عظيمًا، حيث يفصل الله -عز وجل- بين الخلائق، مؤكداً أن أول ما يُحكم به في ساحة المحشر هو الحُكم بين الشهداء والنبيين، كما قال سبحانه وتعالى: “﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾[ الزمر: 69].
تظهر هذه المكانة الرفيعة للشهداء عظمة تضحياتهم وصمودهم، فبدونهم لا تستطيع الشعوب أن تحيا بكرامة، ولتلاشت قيم الدفاع عن الأرض والعرض, وحذر الشرعي من المخاطر المحدقة التي تتعرض لها الشعوب نتيجة غياب هذا الصمود، مشبهًا الوضع القائم في غزة ولبنان بما عاشه اليمن من أهوال.
كما استعرض الشرعي، في حديث خاص لموقع أنصار الله، الظروف الصعبة التي مر بها اليمن، مستشهدًا بالتفجيرات “الإرهابية” التي استهدفت الأبرياء، من المفخخات والعبوات الناسفة، وما أُحيط به الطيارون وكبار الضباط من اغتيالات ممنهجة, تلك الأعمال الإرهابية، التي لم تسلم منها حتى مواقع حتى وزارة الدفاع في العرضي بالعاصمة صنعاء، وكافة الأماكن العامة، ومن ضمنها المستشفيات والمساجد كجامع بدر وجامع الحشحوش، كانت تُمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار. ولكن بعون الله وتأييده ثم بصمود الشهداء وتضحياتهم الجسام، تجاوز اليمن تلك المرحلة المظلمة، ليبدأ العيش في أمن واستقرار.
مؤكدًا أن الشهادة تُعد أحد أشرف المنازل عند الله، حيث يكرم الله الشهداء باستضافتهم إلى جواره، ويمنحهم حياة أبدية ورزقًا مستدامًا إلى جوار الأنبياء والصديقين: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}
إن الدروس المستفادة من تضحيات هؤلاء الأبطال تظل نبراساً يُضيء الطريق للأجيال القادمة، مُشجعاً المجتمع على تقدير عطاءاتهم والاحتفاء بذكراهم. مشددًا “يتوجب علينا جميعًا أن نستمر في تكريم شهدائنا، وتقدير كل ما بذلوه من أجل الوطن، مستلهمين من صمودهم العزيمة على البناء والتطوير، لنتفوق على التحديات ونحقق الأمن والاستقرار الذي يستحقه شعبنا”.
الاستعداد خصوصية يتميز بها المجاهد
“في عالم الإيمان والجهاد، تبرز قيمة الشهادة كنجم ساطع، لا تحجبها زينة الدنيا ولا ملذاتها”، بهذه العبارة استهل القاضي جميل عبدالعزيز الشرعي – مدير عام استئناف الجوف – تصريحه لموقع أنصار الله، مؤكدًا أن الشهادة تمثل الهدف الأسمى الذي يسعى إليه المؤمن، وعليه أن يكون واعيًا بأن التبديل الخطير يكمن في المواقف والأخلاق والمبادئ. فالإنسان، إذا لم يتدارك نفسه ويستغفر الله سبحانه وتعالى، قد يتعرض لاختلالات متعددة تمس جوانب حياته كافة، العقلية والشخصية، بل والروحانية التي يحملها المجاهد والشهيد.
مشيرًا إلى أن المجاهد الذي يحمل روح الجهاد والاستشهاد لا يتأثر بمظاهر الدنيا، لأنه يبذل جهده في سبيل هدف سامٍ، وهو نيل الشهادة, وفي ذلك تأكيد على أن الشهادة ليست مجرد لفظ يُقال، وإنما تجسيد للإرادة الصادقة والعزم الثابت.
لافتًا إلى أن على المجاهد أن يعمل بلا كلل لمواصلة مسيرته، مع تعزيز موقفه عند الله بالتحلي بالتقوى والصلاح ليكون أهلًا لضيافته وكرامته.
وحث الشرعي الأجيال الناشئة من رحم التضحية التي قدمها الشهداء، على الاستعداد الدائم لمواجهة التحديات، مشيرًا إلى أن الاستعداد هو الخصوصية التي يتميز بها المجاهد عمن سواه، والتذكير بأن الشهداء إنما سبقوا, وأنهم يمثلون القدوة في الإصرار والعطاء. مشيرًا إلى أن هذا الاستعداد هو ما يمنح الإنسانية القوة للثبات, محذرًا “ليس هناك مكان للكسل أو التفريط في روح الجهاد, فالأشخاص الذين يستسلمون لداء الأعذار والشكوك هم بعيدون عن روح الشهداء والمجاهدين. في المقابل، تظل شجاعة المجاهد هي النور الذي يضيء دربه، حتى في أحلك الظروف”.
وقال: “في ذكرى الشهداء، يُدعى كل من يعيش تحت سماء الأقصى إلى التأمل في نفسه، ليقيس مدى استعداده للبذل والعطاء من أجل قضيته, فإننا في خضم معارك ضارية، نحتاج إلى تمسك قوي بمبادئ الجهاد والعمل الجاد، حتى نواجه التحديات بشجاعة وإيمان, يكمن جمال الموقف في من يجدد العزم، ويسعى لتغيير الواقع رغم المعوقات”.
مضيفًا “علينا أن نستثمر كل لحظة في تأمل أحوالنا وذكر الشهداء, فالمجالس التي تذكّرنا بشهاداتهم وتشعل فينا جذوة الحماس هي وجهتنا, إنها فضاءات للتفاعل والتأمل، وتذكير دائم بأن الجهاد ليس صراخًا فقط، بل هو أيضًا التزام دائم وتجديد للعهد مع الله والشهداء”.
—————————————-
أنصار الله. استطلاع: يحيى الربيعي