توقف مصانع وتراجع الإنتاج.. كيف أثرت أزمة الطاقة بمصر على النشاط الاقتصادي؟
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
ألقت أزمة الطاقة في مصر بظلالها على قطاعات اقتصادية حيوية في البلاد، حيث أبلغت شركات عن تراجع الإنتاج وتوقف العمل بمصانعها إثر انقطاع التيار الكهربائي وتراجع إمدادات الغاز الطبيعي مع تزايد الاستهلاك بفعل ارتفاع درجات الحرارة.
وأعلنت كل من شركة الصناعات الكيماوية المصرية "كيما"، ومصر لإنتاج الأسمدة "موبكو"، وسيدي كرير للبتروكيماويات "سيدبك" وأبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية، عن توقف العمل بمصانعهما مع توقف إمدادات الغاز الطبيعي.
وهذه هي المرة الثانية، التي توقف فيها العديد من شركات الكيماويات والأسمدة في مصر العمل مؤقتا في مصانعها خلال أقل من شهر بسبب أزمة الطاقة في البلاد.
ومددت الحكومة المصرية، هذا الأسبوع، فترات انقطاع التيار الكهربائي اليومية إلى 3 ساعات بدلا من المعدل المعتاد وهو ساعتين لمواجهة ارتفاع استهلاك الكهرباء بالمنازل خلال موجة الحر، وهي الخطة التي تبنتها منذ يوليو من العام الماضي، نتيجة نقص احتياجات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي.
وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي، إن فترات الانقطاع الممتدة لثلاث ساعات ستستمر حتى نهاية يونيو الجاري، قبل أن تعود إلى ساعتين في النصف الأول من يوليو المقبل مع هدف توقفها تماما خلال ما تبقى من فصل الصيف.
أزمة الكهرباء تتفاقم.. ومصريون يتحدثون للحرة عن "العذاب" تبحث الشابة المصرية، نيرمين، عن مكان لإقامة حفل زفافها خلال الأشهر المقبلة، وفي ظل أزمة انقطاع الكهرباء التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، باتت أولوياتها مختلفة حيث تشترط أن يتوفر مولد كهربائي، مع محاولة أن يكون حفل الزفاف في الساعات التي لا تنقطع فيها الكهرباء. "أضرار على الاقتصاد"وأبلغت الشركات أيضا أن خطط تخفيف الأحمال أثرت سلبا على الإنتاج، حيث قال رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أحمد الزيني، في تصريحات نقلتها صحف محلية إن تخفيف أحمال الكهرباء يؤثر سلبا على إنتاج 20 بالمئة من مصانع الحديد.
فيما توقع رئيس شعبة الأجهزة المنزلية باتحاد الصناعات المصرية، حسن مبروك، تراجع إنتاج المصانع المتضررة من مد خطة تخفيف أحمال الكهرباء بنسبة تصل إلى 40 بالمئة.
وتعاني مصر منذ الصيف الماضي من أزمة في إنتاج الكهرباء، دفعت وزارة البترول والثروة المعدنية إلى اتخاذ قرار بوقف صادرات الغاز الطبيعي المسال اعتبارا من مايو 2024.
وألقى المسؤولون وفق وكالة "رويترز"، باللوم في انقطاع التيار الكهربائي على ارتفاع الطلب مع تزايد عدد السكان البالغ 106 ملايين نسمة والتوسع في مشروعات التنمية.
واعتبر خبراء اقتصاد خلال حديثهم مع موقع "الحرة" أن انقطاع التيار الكهربائي وتوقف إمدادات الغاز، يؤثر على الأنشطة الاقتصادية الحيوية في البلاد، إذ قال الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب إن "انقطاع التيار الكهربائي المستمر وغير المنظم، حتى لو كان لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، سيؤدي إلى أضرار كبيرة على الاقتصاد المصري".
وأضاف لموقع "الحرة": "هناك معاناة معروفة يواجهها المصريون بسبب عدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية، حيث إن الأجور لا تكفي لتغطية تكاليف المعيشة لعدة أيام في الشهر. وهذا الوضع يدفع العديد من المصريين للعمل في وظائف متعددة لتلبية احتياجات أسرهم، لهذا فإن انقطاع التيار الكهربائي، يعني انقطاع الأرزاق بكل معنى الكلمة".
وتابع عبدالمطلب: "لا توجد حرفة أو صنعة سواء كانت عيادة أو محل سوبرماركت أو غيرها، لا تعتمد على الكهرباء كعنصر أساسي في إدارتها ونشاطها، وانقطاع التيار الكهربائي، حتى لو كان مؤقتا، سيؤدي إلى أضرار كبيرة وسيكون له تأثيرات سلبية على الأفراد والمواطنين بشكل عام".
وأكدت هذا أيضا الخبيرة الاقتصادية حنان رمسيس، والتي ذهبت خلال حديثها مع موقع "الحرة"، للتأكيد على أن "مصادر الطاقة تعتبر من أهم الدعائم للنشاط الاقتصادي في أي دولة، حيث إنه عند الترويج للاستثمارات، تبرز الدول مدى توفر الطاقة بها".
وأضافت: "مصر تتوفر فيها جميع أنواع الطاقة، ولكن في الفترة الأخيرة، شهدت بعض مصادر الطاقة انخفاضا، حيث إن الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي جاءت بسبب نقص إمدادات الغاز، مما أثر سلبا على العديد من المصانع، خاصة تلك التي تعتمد على الغاز والكهرباء في إنتاج الأسمنت والألمنيوم".
مصر.. كنائس ومساجد تفتح أبوابها لطلاب الثانوية للمذاكرة بسبب أزمة الكهرباء فتحت عدة كنائس ومساجد في مصر أبوابها أمام طلاب الثانوية العامة للمذاكرة، وسط أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تعاني منها البلاد، والمتزامنة مع امتحانات المرحلة التعليمية المهمة. "أزمة وقود"وتستحوذ الطاقة الكهربائية المُنتجة من خلال محطات الدورة المركبة والغازية التي تعتمد على الوقود، على النسبة الأكبر من إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر عند 60.9 في المئة، فيما تبلغ نسبة الطاقة المائية 4.8 في المئة، والطاقة الجديدة والمتجددة 5.1 في المئة، والمحطات البخارية 29.2 في المئة، وفق تقرير الشركة القابضة لكهرباء مصر.
ومع ذلك، أوضحت رمسيس أن جزء من المشكلة ناتجة عن "اعتمادنا على استيراد 26 بالمئة من الغاز من إسرائيل، والذي يتوقف أحيانا بسبب انسحاب الشركات المعنية بالتنقيب أو جراء خلل فني".
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الثلاثاء، ذكر رئيس الوزراء المصري أن الإنتاج في حقل غاز بإحدى الدول المجاورة توقف بشكل كامل لمدة 12 ساعة مما أدى إلى انقطاع الإمدادات إلى مصر، دون أن يذكر اسم الدولة أو حقل الغاز.
وقال مدبولي: "احنا ماعندناش أزمة توليد طاقة على الإطلاق ولا نقل ولا توزيع في الشبكات ولكن هي مشكلة تدبير الوقود".
وبلغ متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يوميا خلال العام المالي الماضي، بينما كان متوسط حجم الاستهلاك المحلي نحو 5.9 مليار قدم مكعب يوميا، حسب وزارة البترول والثروة المعدنية، التي أشارت إلى استحواذ إنتاج الكهرباء على أكثر من نصف استهلاك الغاز الطبيعي في البلاد.
والغاز الطبيعي المستخدم في مصانع الأسمدة، ليس فقط مجرد طاقة إنتاجية، بل هو مدخل إنتاج يتم تحويله إلى سماد، حسب عبدالمطلب، والذي قال إن "توقف الغاز، سيُحرم الاقتصاد المصري ليس فقط من صادرات الأسمدة، ولكن أيضا من توفير مستلزمات الإنتاج الضرورية للزراعة المصرية".
بدورها، أكدت رمسيس خلال حديثها على أن "شركات الأسمدة تأثرت بشكل كبير نتيجة توقف إمدادات الغاز، مما أثر على أسهمها في البورصة المصرية، حيث إن قطاع الأسمدة يسهم بأكثر من 8.6 مليار دولار سنويا في الناتج المحلي، ولكن هذه القيمة انخفضت إلى 6 مليار دولار بسبب الأزمة".
تأثيرات على التضخم؟أكد رئيس الوزراء أن مصر ستحتاج إلى استيراد ما قيمته نحو 1.18 مليار دولار من زيت الوقود والغاز الطبيعي من أجل التخفيف من انقطاع التيار الكهربائي، كما أنها تهدف إلى وقف قطع الكهرباء خلال أشهر الصيف المتبقية.
ويرى المحللون أن ما حدث من اضطرابات مؤقتة في النشاط الاقتصادي بسبب أزمة الطاقة، قد ينعكس على الأسعار ومعدلات التضخم في البلاد، وفق عبدالمطلب، والذي قال: "انقطاع التيار الكهربائي وتراجع الإنتاج سيؤثر بالتأكيد على التضخم".
ومع ذلك، هناك من يعتقد أن انقطاع التيار الكهربائي سيؤدي إلى تراجع الدخل، وبالتالي تراجع الاستهلاك، مما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب والأسعار، حسب ما يضيف عبدالمطلب، والذي لا يوافق على هذا الطرح.
وتعاني مصر التي يعيش ثلثي سكانها تحت خط الفقر أو فوقه بقليل، من ارتفاع كبير في معدلات التضخم منذ العام الماضي، حيث سجل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين بالمدن 28.1 بالمئة في مايو الماضي.
فيما يقول البنك الدولي، إن مصر من بين "البلدان الـ10 الأكثر تضررا من تضخم الغذاء في العالم".
ولا يرى عبدالمطلب خلال حديثه أي تراجع مستقبلي في الأسعار داخل مصر، "بل ستتسبب أزمة الطاقة في تراجع في المعروض وحرمان شرائح كبيرة من الشعب المصري من بعض السلع، وهو ما ينعكس سلبا على التضخم".
مصر: هذا ما نحتاجه لوقف انقطاع الكهرباء من الشهر المقبل قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في خطاب أذاعه التلفزيون اليوم الثلاثاء إن مصر ستحتاج إلى استيراد ما قيمته نحو 1.18 مليار دولار من زيت الوقود والغاز الطبيعي من أجل التخفيف من انقطاع التيار الكهربائي المستمر الذي تفاقم بسبب موجات الحر المتتالية. ما المتوقع؟نقلت وكالة رويترز، الأربعاء، عن مصادر تجارية قولها إنه جرت ترسية عطاء مصري لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم خلال الصيف.
وترى رمسيس أن هذه الشحنات ستقلل من تأثير الأزمة على مصر، خلال أشهر الصيف، لكنها قالت إن "الوضع الاقتصادي الحالي يتطلب إجراءات جادة أكثر لتقليل الاعتماد على الغاز المستورد وضمان استمرار الإنتاج لتجنب الخسائر الاقتصادية الكبيرة".
وأضافت رمسيس: "في الفترة الأخيرة، حدث انخفاض في إنتاج حقل ظهر بسبب مشاكل فنية، مما أدى إلى انخفاض إنتاج الغاز، وبالتالي أثر ذلك على تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر وتحولها إلى الاستيراد".
وكانت مصر قد أعلنت في عام 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، خصوصا مع بدء الإنتاج من حقل "ظهر"، حيث صدّرت بعد ذلك بثلاث سنوات، وفق وسائل إعلام محلية، أول شحنة غاز مسال إلى أوروبا بعد توقف دام 8 أعوام.
لكن خلال السنوات القليلة الماضية، تراجع إنتاج مصر اليومي من الغاز الطبيعي، بسبب بعض المشاكل الفنية في حقل ظهر، وفق تقارير عدة، بالرغم من نفي السلطات "وجود أي مشكلة فنية".
وفي حديث سابق مع موقع "الحرة" حمل نائب رئيس هيئة البترول الأسبق في مصر، مدحت يوسف، الشركات المشغلة لحقل "ظهر" مسؤولة الانخفاض، بسبب "سياسية التشغيل عند الحد الأقصى". وقال: "لقد اعتمدت مصر على إنتاجه (ظهر) بشكل واضح لذلك كان لهذا تأثير".
ومع ذلك، قال رئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي قبل أيام: "احنا بالفعل حطينا خطة إن احنا هننهي بالكامل مشكلة تخفيف الأحمال إن شاء الله على نهاية هذا العام".
بدوره، يتوقع عبدالمطلب انحسار أزمة الطاقة "خلال شهرين أو ربما ثلاثة أشهر على أقصى تقدير"، لكنه حذر من أن "خطط الحكومة لاستيراد الغاز في مواجهة الأزمة سترفع تكاليف الإنتاج للمصانع التي تعتمد على الغاز الطبيعي، بما في ذلك مصانع الأسمدة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: انقطاع التیار الکهربائی من الغاز الطبیعی إمدادات الغاز رئیس الوزراء أزمة الطاقة ملیار دولار فی البلاد تعتمد على فی المئة قال رئیس سلبا على حیث إن فی مصر
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: لماذا تعاني إيران من أزمة طاقة غير مسبوقة؟ تغرق في الظلام
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على أزمة الطاقة في إيران، والتي دفعت بعديد الشركات والمؤسسات الحكومية إلى الإغلاق.
وقلصت الحكومة ساعات عمل بعض أقسامها، فيما حولت جامعات ومدارس الدراسة عن بعد، وغرقت الشوارع في الظلام.
وبحسب تقرير لـ"نيويورك تايمز"، فإن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران منذ سنوات، أدت إلى ما يحصل اليوم في إيران من أزمة طاقة غير مسبوقة، على الرغم من أن إيران تمتلك واحدة من أكبر إمدادات الغاز الطبيعي والنفط الخام في العالم.
وقال الرئيس مسعود بزشكيان في خطاب تلفزيوني مباشر إلى شعبه هذا الشهر: "نحن نواجه اختلالات خطيرة للغاية في الغاز والكهرباء والطاقة والمياه والمال والبيئة. كل هذه الأمور على مستوى يمكن أن يتحول إلى أزمة".
بينما كانت إيران تكافح مع مشاكل البنية التحتية لسنوات، حذر الرئيس من أن المشكلة وصلت إلى نقطة حرجة.
خلال معظم الأسبوع الماضي، كانت البلاد مغلقة تقريبًا لتوفير الطاقة. ولكن في حين كان الإيرانيون العاديون يغضبون، وحذر قادة الصناعة من أن الخسائر المصاحبة للإضراب بلغت عشرات المليارات من الدولارات، لم يكن بوسع بيزشكيان أن يقدم أي حل آخر غير الاعتذار.
وقال بيزشكيان: "يتعين علينا أن نعتذر للشعب عن موقفنا الذي يضطرون فيه إلى تحمل العبء الأكبر. وإن شاء الله، سوف نحاول في العام المقبل ألا يحدث هذا".
وقال المسؤولون إن العجز في كمية الغاز التي تحتاجها البلاد للعمل يبلغ نحو 350 مليون متر مكعب يوميا، ومع انخفاض درجات الحرارة وارتفاع الطلب، اضطر المسؤولون إلى اللجوء إلى تدابير متطرفة لتقنين الغاز.
وواجهت الحكومة خيارين قاسين. فإما أن تقطع خدمة الغاز عن المنازل السكنية أو أن تغلق الإمداد عن محطات الطاقة التي تولد الكهرباء.
واختارت الحكومة الخيار الأخير، لأن قطع الغاز عن الوحدات السكنية من شأنه أن يترتب عليه مخاطر أمنية خطيرة، وأن يقطع المصدر الأساسي للتدفئة عن أغلب الإيرانيين.
وفي مقابلة هاتفية، قال حامد حسيني، عضو لجنة الطاقة في غرفة التجارة: "إن سياسة الحكومة هي منع قطع الغاز والتدفئة عن المنازل بأي ثمن. إنهم يبذلون قصارى جهدهم لإدارة الأزمة واحتواء الأضرار لأن هذا يشبه برميل البارود الذي يمكن أن ينفجر ويخلق اضطرابات في جميع أنحاء البلاد".
بحلول يوم الجمعة، تم إيقاف تشغيل 17 محطة طاقة بالكامل ولم تعد بقية المحطات تعمل إلا جزئيًا.
حذرت شركة الطاقة الحكومية تافانير المنتجين من كل شيء من الصلب إلى الزجاج إلى المنتجات الغذائية إلى الأدوية التي يحتاجون إليها للاستعداد لانقطاعات التيار الكهربائي على نطاق واسع والتي قد تستمر لأيام أو أسابيع. لقد دفعت الأخبار الصناعات التي تسيطر عليها الدولة والخاصة إلى حالة من الانهيار.
قال مهدي بوستانجي، رئيس مجلس تنسيق الصناعات في البلاد، وهي هيئة وطنية تعمل كحلقة وصل بين الصناعات والحكومة، في مقابلة من طهران إن الوضع كارثي ولا يشبه أي شيء شهدته الصناعات على الإطلاق.
وقدّر أن الخسائر الناجمة عن الأسبوع الماضي فقط قد تؤدي إلى خفض التصنيع في إيران بنسبة 30% إلى 50% على الأقل، وتصل إلى عشرات المليارات من الدولارات من الخسائر. وقال إنه في حين لم يسلم أي مشروع، فإن المصانع الصغيرة والمتوسطة الحجم كانت الأكثر تضرراً.
وقال بوستانجي: "بطبيعة الحال، فإن الأضرار الناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي الواسع النطاق والمفاجئ الذي استمر طوال الأسبوع ستكون خطيرة للغاية بالنسبة للصناعات".
وضربت أزمة الطاقة إيران في وقت جيوسياسي صعب بشكل خاص.
تضاءلت مكانة إيران الإقليمية كلاعب قوي بشكل كبير في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والحرب على حزب الله في لبنان.
ومن المتوقع أن تجلب عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب أقصى قدر من الضغط على النظام، مع سياسات من شأنها أن تزيد من الضغط على الاقتصاد.
كما شهدت عملة البلاد، الريال، هبوطًا حرًا هذا الأسبوع، حيث انخفضت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار.
كل هذا جعل الحكومة عُرضة للخطر وهي تكافح لاحتواء كل أزمة.
ولقد أدى عامل أقل شهرة إلى تفاقم أزمة الطاقة هذا العام: ففي شهر فبراير/شباط فجرت إسرائيل خطي أنابيب للغاز في إيران كجزء من حربها السرية مع البلاد. ونتيجة لهذا، استغلت الحكومة بهدوء احتياطيات الغاز الطارئة لتجنب انقطاع الخدمة لملايين الناس، وفقاً لمسؤول من وزارة النفط وحسيني، عضو لجنة الطاقة في غرفة التجارة.
وقال بيزيشكيان، الذي انتخب رئيساً في شهر تموز/يوليو، إن حكومته ورثت مخزوناً من الطاقة المستنفد ولم تتمكن من تجديده.
ويمثل الغاز الطبيعي نحو 70% من مصادر الطاقة في إيران، وهو معدل أعلى كثيراً من المعدلات في الولايات المتحدة وأوروبا، وفقاً لدراسات الطاقة الدولية. وقد نفذت الحكومة مشروعاً طموحاً لنقل الغاز إلى كل أنحاء إيران، بما في ذلك القرى الصغيرة، والآن يعتمد نحو 90% من المنازل الإيرانية على الغاز للتدفئة والطهي.
وعزا المحللون الأزمة الحالية إلى مجموعة من المشاكل، بما في ذلك إن البنية الأساسية المتهالكة في جميع أنحاء سلسلة الإنتاج والتوريد. وبسبب العقوبات، وجدت إيران صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية لتوسيع وتحديث قطاع الطاقة، كما يقول المحللون. ومن بين العوامل الأخرى سوء الإدارة والفساد والأسعار الرخيصة التي تغذي الاستهلاك المسرف.
وقال إسفنديار باتمانجيليج، الرئيس التنفيذي لمؤسسة بورس آند بازار، وهي مؤسسة بحثية اقتصادية مقرها لندن تتعقب اقتصاد إيران: "في جميع أنحاء السلسلة، ترى تحديات أساسية حيث لا تتمكن إيران من إنتاج ما تحتاجه من الكهرباء، وفي الوقت نفسه لا تتمكن من تقليل استهلاكها. من الصعب جدًا الاستمرار في هذا".
بدأت إيران في فرض انقطاعات يومية مجدولة للتيار الكهربائي عن المنازل السكنية لمدة ساعتين في نوفمبر، لكن هذا لم يكن كافيًا. تحدث انقطاعات التيار الكهربائي الآن بشكل عشوائي وتستمر لفترة أطول. لمدة يومين في الأسبوع الماضي، تم إغلاق المدارس والجامعات والبنوك والمكاتب الحكومية بإشعار يوم واحد في جميع المحافظات الإيرانية باستثناء ثلاث محافظات لتوفير الطاقة.
بحلول يوم الخميس، قالت الحكومة إن جميع المدارس والتعليم العالي ستنتقل إلى الإنترنت، وهو إجراء لم يُتخذ منذ الوباء، لبقية الفصل الدراسي، والذي يستمر لمدة ثلاثة أسابيع أخرى تقريبًا. ثم قال محافظ طهران يوم الجمعة إن المدارس هناك ستكون مفتوحة يوم السبت بسبب الامتحانات النهائية.
ستعمل المكاتب الحكومية بساعات مخفضة، وتنتهي في الساعة 2 مساءً حتى إشعار آخر للحد من استهلاك الطاقة.
قال سعيد توكلي، رئيس شركة الغاز الحكومية، إن خدمة الغاز لنحو 73000 وحدة سكنية انقطعت بعد أن حددها عملاء يطرقون الأبواب على أنها منازل عطلة ثانية في الجبال بالقرب من طهران وشواطئ بحر قزوين في الشمال.
يستيقظ الإيرانيون العاديون كل يوم وهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيتمكنون من الذهاب إلى العمل أو إرسال أطفالهم إلى المدرسة، أو ما إذا كانت المصاعد أو إشارات المرور ستعمل.
لقد أثر انقطاع التيار الكهربائي بشدة على الحياة اليومية والعمل. "عندما ينقطع التيار الكهربائي، ينقطع الماء أيضًا ويتم إيقاف تشغيل الغلايات، ونتيجة لذلك، تصبح جميع أجهزة التدفئة معطلة"، قالت سيفيده، وهي معلمة تبلغ من العمر 32 عامًا في طهران، والتي قالت إن دروسها عبر الإنترنت للغة الإنجليزية تُلغى بشكل روتيني بسبب انقطاع الإنترنت. طلبت استخدام اسمها الأول فقط، خوفًا من الانتقام من السلطات.
قال نادر، طبيب أسنان طلب أيضًا عدم الكشف عن هويته إلا باسمه الأول، إنه اضطر أحيانًا إلى التوقف عن العمل في أفواه المرضى في منتصف الطريق بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
قال مالك أحد أكبر مصانع تصنيع مواد البناء في مقابلة من طهران إن أعماله نجت من الثورة والحرب والعقوبات ولكن لم يكن أي من هذه الأشياء فوضويًا ومجهدًا مثل أحداث الأسبوع الماضي. وقال إن شعورًا ساحقًا بعدم اليقين ينتشر بين القطاع الخاص، مع انزلاق البلاد إلى منطقة مجهولة مع أزمة تلو الأخرى يبدو أن الحكومة غير قادرة على السيطرة عليها.
وقال سهيل، وهو مهندس يبلغ من العمر 37 عامًا ويعمل في مصنع لإنتاج الأجهزة المنزلية في أصفهان، إن انقطاع التيار الكهربائي سيجبر المصنع على تسريح العمال وتقليص حجمه لأن انقطاع التيار الكهربائي أدى بالفعل إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج.
بدأ السيد بيزيشكيان حملة فيديو تضم مسؤولين ومشاهير يحثون الإيرانيين على تقليل استهلاك الطاقة من خلال خفض درجة حرارة منازلهم بمقدار درجتين على الأقل. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل الإعلام الحكومية المجمع الرئاسي بدون أضواء في الليل.
فرناز فاسيحي هي رئيسة مكتب الأمم المتحدة لصحيفة التايمز، وتقود تغطية المنظمة، وتغطي أيضًا إيران والحرب الخفية بين إيران وإسرائيل. وهي مقيمة في نيويورك.