موقع النيلين:
2024-06-30@04:03:26 GMT

الفولة سقطت بأيدي أبنائها

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

بالرغم من سيل التهديدات التي ظل يطلقها ابن المنطقة وقائد التمرد بقطاع غرب كردفان، التاج التجاني، تجاه الولاية بين كل فينة وأخرى، إلا أن هجوم التمرد على مدينة الفولة، عاصمة الولاية، لم يتوقعه أكثر المتشائمين، وذلك لعدة أسباب نجملها في الآتي:

أولاً: مدينة الفولة التي يخلع المسيرية عليها لقب “الحميراء” تدليلاً وتلطفاً بها تمثل معقلاً و رمزية لقبيلتهم، وبالتالي المساس بها يحسبه السواد الأعظم منهم انتقاصاً لكرامتهم.

ثانياً: فقدان مدينة الفولة لأية ميزة استراتيجية يمكن أن تخدم خطط التمرد بالمنطقة وبخاصة بعدها جغرافياً عن مدينة النهود التي يمر بها طريق الصادرات القومي الحيوي الذي يربط دارفور بأم درمان ب 99 كلم، اللهم إلا إذا أرادوا بذلك الهجوم إحداث فرقعة إعلامية مؤقتة تصرف انتباه الرأي العام عن سلسلة الهزائم التي منيت بها قواتهم في كل المحاور مؤخراً.

ثالثاً: بالرغم من أن الولاية تعتبر ولاية نفطية إلا أن التمرد لايمكن أن يستفيد قطرة منه إلا في حالة واحدة ألا وهي حالة استيلائه علي السودان بأسره لكي يتسني له تصديره عبر ميناء بورتسودان، وهذا يعد ضرباً من ضروب المستحيل.. وفوق كل هذا وذاك فان العمليات الإنتاجية في حقول النفط بالولاية قد توقفت أصلاً منذ أمد طويل، بسبب عمليات التخريب التي طالتها من قبل التمرد وأذنابه بالمنطقة.

هذا جانب.. أما الجانب الآخر .. فإني لا أرجم الغيب إذا ما قلت بأن استيلاء التمرد علي مدينة الفولة لن يستمر طويلاً كما هو حادث في بعض الولايات التي وقعت في أيدي التمرد كمدينتي مدني والضعين.. وذلك نظراً لطبيعة التركيبة القبلية المعقدة داخل خشم بيوت وعشائر وافخاذ قبيلة المسيرية التي تتعاطى وتتفاعل دائماً بالأحداث في شكل جماعات وليس كافراد، ولذا فان رد فعلهم دائماً ما يأتي جماعياً..فضلاً عن أن الوفد المساند للجيش والذي زار مدينة الثغر (بورتسودان) مؤخراً، والذي يمثل أعضاؤه قادة رأي وأصحاب نفوذ ومفاتيح مجتمعية داخل بدناتهم وبطونهم، حتماً سيكون لهم قصب السبق في تعبئة قواعدهم للانحياز بجانب الجيش وتحت إمرة القوات المسلحة، والانخراط في معركة تخليص مدينة الفولة من براثن تمرد الدعم السريع .. وذلك لما عرفوا به من جسارة وشدة شكيمة في ساحات الوغى ..فضلاً عن قوة احتياط قبيلة الحمر الموجودة الآن بمدينة النهود التي باتت تترقب تطور الموقف عن كثب ..إذ تعتبر من أقوى المقاومات الشعبية التي برزت مؤخراً في المشهد منذ اندلاع معركة الكرامة.. علاوة علي وجود عدد لايستهان به من الحاميات والوحدات العسكرية التي مازالت تنتشر وتطوق مدينة الفولة من كل النواحي.

نعم سقطت مدينة الفولة بأيدي أبنائها..وذلك لأن كل كبار قادة التمرد الذين حشدوا قوات الدعم السريع والمرتزقة من كل حدب وصوب وقادوا هذه المؤامرة لغزو مدينة الفولة هم من فلذات أكبادها الذين ترعرعوا بين أحضان بنادرها وأكناف بواديها ويأتي في مقدمتهم التاج التجاني وحسين برشم وماكن الصادق ..إذ تآمروا بليل علي حاضرة ولايتهم بمهاجمتهم لحاميتها العسكرية المتواضعة فجراً ليهدموا علي رؤوس أهلها المعبد وبمن فيه من حرائر وأطفال وكبار السن .. فضلاً عن نازحي مدينة بابنوسة الذين احتموا بالفولة هرباً من نيران الحرب المستعرة في صحون وانحاء مدينتهم فأضحى حالهم كحال المستجير من الرمضاء بالنار..

أجل! غدروا بحاميتها فجراً والتي استبسل جنودها وضباطها أيما استبسال ذودا عنها ودفاعا عن “الحميراء” ..إلا أن كثرة عددهم، أي التمرد، وكبر حجم مرتزقتهم طغى على المدافعين فاستشهد منهم من استشهد وهو مصوب بندقيته صوب صدر العدو ونجا منهم من نجا..
أجل! احتلوا المدينة بعد مرور بضع ساعات من الهجوم عليها فاستباحوا حرمتها وانهالوا تنكيلاً وتقتيلاً للمعارضين وشباب المستنفرين والأسرى وما أدل علي ذلك مشهد صور الجثث وهي ملقاة على الأرض مضرجة بدمائها و التي بثوها من خلال فيديو عقب احتلالهم للمدينة..

لقد أرادوا أن يتوعدوا وفد كبراء وحكماء قبيلة المسيرية الذي زار بورتسودان، بالثبور وعظائم الأمور .. علاوة على أنهم أكدوا من خلال ذلك القول بأن الموت الزؤام هو مصير كل أسير يقع في أيديهم..

لقد أثبت هؤلاء أن تمرد الدعم السريع لايراعي تشريعاً سماوياً ولا قانوناً وضعياً لحماية حقوق أسرى الحرب..
أجل! شلعلوا مدينتهم وخربوها بأيديهم..لذا سيسجل التاريخ أسماءهم في أحط وأسوأ صفحاته لتلاحقهم لعنات الأجيال القادمة في مطلع كل فجر ومغرب كل شمس إلى أن تقوم الساعة.

عوض أبكر إسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مدینة الفولة

إقرأ أيضاً:

عام على التمرد.. أين فاغنر من المشهد الروسي بعد رحيل قائدها بريغوجين؟

موسكو- قبل نحو عام واحد، وتحديدا في 24 يونيو/حزيران 2023، حبست روسيا والعالم أنفاسهما وهما يتابعان عملية التمرد التي أعلنها قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين.

ففي ليلة هذا اليوم، دخل طابور من مدرعات ودبابات وناقلات جنود تابعة لهذه الشركة العسكرية الخاصة إلى مدينة روستوف كبرى مدن جنوب غرب روسيا، وذلك بعد أن اتهم بريغوجين وزيرَ الدفاع سيرغي شويغو بحرمان مقاتلي المجموعة -عمدا- من الذخيرة والدعم وبشن قوات الجيش هجوما بالصواريخ ضدها.

وسيطرت فاغنر على المدينة لمدة يوم تقريبا ثم بدأت زحفها نحو فورونيغ التي سيطرت عليها هي الأخرى، مواصلة بعد ذلك التقدم صوب العاصمة موسكو.

نهاية سريعة

بدا أن البلاد كانت على وشك حرب أهلية. ولكن مساء اليوم نفسه، انتهى التمرد بشكل سريع ومفاجئ إثر وساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو تضمنت توقف "فاغنر" عن التقدم تجاه موسكو مقابل ضمانات أمنية. ونتيجة لذلك، توجه بريغوجين وجزء من قواته إلى بيلاروسيا فيما بدا وكأنه نتيجة -كذلك- للتوصل إلى حل وسط مع السلطات.

وبعد شهرين من هذه الأحداث، وتحديدا في 23 أغسطس/آب 2023، تحطمت طائرة بريغوجين الذي لُقب لوقت طويل بـ"طباخ الرئيس فلاديمير بوتين" رفقة قادة آخرين في فاغنر في منطقة تفير شمال موسكو ولم ينج أي من الركاب.

ومنذ ذلك الحين، وقعت أحداث عديدة غيرت بشكل جذري، ليس فقط من هيكلية المجموعة ومصيرها، بل ومن ميزان القوى في النخبة العسكرية الروسية، إذ تطورت مصائرها في تلك الدراما بشكل مختلف. ففي حين احتفظ البعض بمناصبهم، اختفى آخرون إلى الأبد من المشهد.

ويعتبر كثير من المعلقين العسكريين أن تمرد بريغوجين شكل "شرارة" الإقالات والاستقالات والاعتقالات داخل المؤسسة العسكرية التي شهدتها روسيا بعد إعادة انتخاب بوتين رئيسا للبلاد في مارس/آذار الماضي.

كما لم تعد فاغنر موجودة بالشكل الذي كانت عليه في الأصل. فقد بقي جزء صغير منها تحت جناح وزارة الدفاع، وانضم جزء آخر يقوده بافل (نجل بريغوجين) إلى الحرس الوطني (روسغفارديا). وتشير وصية بريغوجين، المؤرخة عام 2023، إلى أن جميع الممتلكات التي كان يتحكم بها يجب أن تذهب إلى بافل الذي كان مقاتلا بالمجموعة لكنه لم يكن جزءا من دائرة القادة.

مصير غامض

وحتى اليوم، ما زال مصير بقية عناصر المجموعة غير واضح بشكل كامل. فهناك جزء قد توجه، بعد عملية التمرد الفاشلة بأيام، إلى معسكرات في بيلاروسيا، بينما توجه جزء آخر إلى أفريقيا. كما توزعت أجزاء أخرى منها -وبأعداد متباينة- بين قوات "أخمات" (أحمد) و"ريدوت" و"أربات" وغيرها.

وفي الآونة الأخيرة، وبالتوازي مع تجنيد جنود متعاقدين في القوات الروسية للمشاركة بالعملية العسكرية في أوكرانيا، يمكن مصادفة كذلك دعوات للانضمام إلى صفوف ما يسمى فيلق أفريقيا.

وليس سرا أن فاغنر كانت موجودة منذ فترة طويلة في قارة أفريقيا، لكن الأحداث التي أدت إلى "ذوبانها" في تشكيلات أخرى جعلت عملية التجنيد العسكري تتم حصرا من خلال وزارة الدفاع الروسية.

وهذا ما يفسر سرعة البدء بتشكيل الفيلق الأفريقي لحل المهام واسعة النطاق والمعقدة خارج الحدود الروسية، والتي أوضح بيان الوزارة أنها "لمساعدة الدول الأفريقية ذات السيادة في مواجهة النفوذ الاستعماري الجديد للغرب الذي يقوض قاعدة مواردها، وتعزيز التعاون المتساوي بين موسكو وهذه البلدان".

وعلى ضوء التطورات المتعلقة بإعادة فرز عناصر فاغنر ضمن تشكيلات عسكرية أخرى، جاء تشكيل "الفيلق الأفريقي" ليحل مكان هياكل فاغنر العاملة في القارة.

سد الفراغ

ووفق تصريحات صحفية نُشرت نهاية العام الماضي لمصادر مطلعة ومقربة من وزارة الدفاع، فإن عملية نشر هذه القوات قد بدأت في 5 دول هي: بوركينا فاسو، ليبيا، مالي، جمهورية أفريقيا الوسطى، النيجر. ومن المقرر أن تنتهي خلال صيف العام الحالي. وسيكون الفيلق تابعا بشكل مباشر لوزارة الدفاع وسيشرف عليه العقيد يونس بك يفكوروف نائب الوزير.

يُذكر أن أول مرة جرى فيها الحديث عن احتمال وصول وحدات عسكرية روسية إلى بوركينا فاسو كانت منتصف عام 2022. ولكن في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، اتهم رئيس غانا المجاورة نانا أكوفو أدو السلطات الجديدة في واغادوغو بدعوة فاغنر إلى البلاد، على غرار ما حدث في مالي.

وردا على ذلك، استدعت سلطات بوركينا فاسو السفير الغاني للاحتجاج على هذه التصريحات، كما استدعت رئيس بعثتها الدبلوماسية في غانا للتشاور، لكنها لم تؤكد ولم تنف -رسميا- وجود مقاتلين من الشركات العسكرية الخاصة الروسية بالبلاد أو نية استدعائهم.

ومع ذلك، تم الإعلان عن وصول الوحدة الأولى من الفيلق الأفريقي (100 جندي) إلى بوركينا فاسو في 24 يناير/كانون الثاني من العام الحالي عبر قناة تليغرام الرسمية التابعة للفيلق، مع الإشارة إلى أنه سيتم في وقت لاحق انضمام 200 جندي آخر إليهم.

ويأتي ذلك بعدما بعد تخلت جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو عما يمكن وصفه بنظام "الرعاية العسكرية" الفرنسية الذي تم إنشاؤه في عهد القائد العسكري الفرنسي شارل ديغول في جميع أنحاء المستعمرات الفرنسية السابقة.

وأمام احتمال قيام بلدان أخرى غرب أفريقيا بخطوات مشابهة، فمن المرجح أن تصبح موسكو أكثر حماسة لـ"سد الفراغ" من خلال القوات التابعة لها بالقارة، والتي كانت مجموعة فاغنر أول من باشر بها.

مقالات مشابهة

  • التمرد يعلن سيطرته على الفرقة 17 مشاة في سنجة
  • مصرع فتاة سقطت من القطار الروسي بجزيرة شندويل
  • راشد عبد الرحيم: إستراتيجية الحرب
  • عاصمة الإعــلام العربي
  • عام على التمرد.. أين فاغنر من المشهد الروسي بعد رحيل قائدها بريغوجين؟
  • التحقيقات تكشف عدم وجود شبهة جنائية في سقوط فتاة من علو بالعجوزة
  • المطران عطاالله حنا: نعزي الأسر المكلومة بفقد أبنائها بسبب جرائم القتل المروعة
  • وزير الإسكان: إزالة وصلات المياه "الخلسة" وتحصيل المديونيات
  • التصريح بدفن فتاة سقطت من الطابق الرابع بالعجوزة