بقلم: سمير داود حنوش ..
ما يخشاه الشعب العراقي أن يستيقظ يوماً من نومه وقد وجد نفسه مُباعاً إلى إحدى دول الجوار.
لا يُستبعد قرار البيع للعراقيين عبيداً وسبايا إلى من يدفع ثمن مناسب للوطن الذي يُباع بالتفصيخ وصولاً إلى آخر قطعة منه وهو الشعب.
من الإنتكاسات التي تتوالى على العراقيين أنهم إستيقظوا صباح يوم ديمقراطي ألبستهم ثوبه أمريكا فوجدوا أن جزءاً من أرضهم قد قُضمت أو بيعت بثمن بخس إلى من دفع ثمنها من الأشقاء!.
أم قصر العراقية لن تكون بعد اليوم عراقية بفعل تآمر الداخل والخارج عليها.
يلومون النظام السابق الذي فرط بهذا الجزء من البلد تحت خيمة سفوان سيئة الصيت التي أُعلن فيها إستسلام العراق لشروط وقف القتال عام 1991 وموافقته على جميع الشروط وتوقيعه عليها، حيث كان من بينها التنازل عن تلك الأراضي العراقية.
وهنا اسأل ذلك السؤال الكبير الذي لم أجد إجابته في عيون أي مسؤول عراقي من حكام العراق الجديد الذين جاؤوا بعد عام 2003 وحكموا العراق، وهو ما هو دوركم من رفض ذلك القرار الجائر بالتنازل عن أرض عراقية، وأين دبلوماسيتكم وتفاهماتكم وأين شعاراتكم التي كنتم تنادون بتغيير كل قوانين الديكتاتور السابق؟ لماذا لم تنتفضوا ضد هذه القرارات وأنتم الذين كان معكم المجتمع الدولي وملائكة الله ورسله وإتفاقيات أمريكا الإستراتيجية التي وقعت مع المحتل لحمايتكم، أين الدعم والشرعية التي تتبجحون بها لحكمكم؟.
لا زالت حتى الآن وزارات ومؤسسات العراق الجديد تحكمها قرارات وقوانين مجلس قيادة الثورة المنحل، وإذا كان النظام السابق قد فرط بشبر من أرض العراق فأين الذين ينادون أنهم دخلوا محررين لا فاتحين؟.
قضية أرض أم قصر المقتطعة من أرض العراق لا تحتاج إلى تفسير سوى بيعها من قبل حفنة من العملاء والأراذل بثمن بخس لقاء فائدة دنيوية دون خجل أو حياء من مستقبل الأجيال القادمة.
لا يستحي هؤلاء من بيع أرضهم عندما باعوا قبله شرفهم وغيرتهم، والأدهى أن السعر الذي تم دفعه لقاء هذه الأرض عبارة عن ثمن تافه لا يستحق كل هذا التنازل، فيا أيها الأراذل على الأقل كان من الممكن أن يكون الثمن غالياً لقاء خيانتكم، وليس دولارات معدودة لا تساوي ثمن الخيانة والوضاعة.
العراق المنهوب الذي يحكمه حفنة من العملاء واللصوص الذين إرتضوا لبلدهم (عفواً فهذا البلد ليس بلدهم لأنه لو كان كذلك لما إستباحوا أرضه للغرباء) أن يعرضوا بيعه في سوق النخاسة، من يدري ربما سيستيقظ الشعب في قريب الأيام وقد وجد أن الجارة تركيا تطالب بمحافظة الموصل على إعتبار أنها من ممتلكات الدولة العثمانية، ودولة أخرى من دول الجوار تطالب بضم أو قضم جزء من الأراضي العراقية بحجة أو بغيرها وكل ذلك يجري تحت أنظار من يحكم العراق اليوم.
لا يمكن تفسير التنازل عن أرض أم قصر سوى أنها ضحية الفساد واللصوصية والعمالة التي تناسب بعض السياسيين من عبيد الدولار الذين إرتضوا لأنفسهم السقوط في حبائل الخيانة والرذيلة وإستسهلوا بيع جزء من أرض العراق لمن يدفع السعر.
حكمة الحياة التي تكتب قوانينها وصيرورتها أن العملاء والخونة زائلون ويبقى وجه الوطن والشعب، يرحل هؤلاء وتبقى الأرض لأهلها.
يرحل الزائلون لأنهم ليسوا سوى أصحاب الذل ممن يبحثون عمّن يرمي لهم فتات الطعام ويا لها من مقايضة بائسة وهزيلة.
بالمحصلة إذا كان النظام السابق سيئاً حين فرط بأرض أم قصر، فلستم بحال أحسن منه لأننا في الحقيقة إنتقلنا من السيء إلى الأسوء.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات أم قصر من أرض
إقرأ أيضاً:
تحدَّثَ عن نصرالله.. ما الذي يخشاه جنبلاط؟
الكلامُ الأخير الذي أطلقه الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط بشأن أمين عام "حزب الله" السابق الشهيد السيد حسن نصرالله ليس عادياً، بل يحمل في طياته الكثير من الدلالات. جنبلاط أورد 3 نقاط أساسية عن نصرالله في حديثٍ صحفي أخير، فالنقطة الأولى هي أنه بعد اغتيال نصرالله لم يعد هناك من نحاوره في الحزب، أما الثانية فهي إشارة جنبلاط إلى أنه قبل اغتيال "أمين عام الحزب" كانت هناك فرصة للتحاور بين حزب الله وبعض اللبنانيين بشكل مباشر، أما الثالثة فهي قول "زعيم المختارة" أن نصرالله كان يتمتع بالحدّ الأدنى من التفهم لوضع لبنان ووضع الجنوب.ماذا يعني كلام جنبلاط وما الذي يخشاه؟
أبرز ما يخشاه جنبلاط هو أن يُصبح الحوار مع "حزب الله" غير قائمٍ خلال الحرب الحالية، أو أقله خلال المرحلة المقبلة. عملياً، كان جنبلاط يرتكز على نصرالله في حل قضايا كثيرة يكون الحزبُ معنياً بها، كما أنّ الأخير كان صاحب كلمة فصلٍ في أمور مختلفة مرتبطة بالسياسة الداخلية، كما أنه كان يساهم بـ"تهدئة جبهات بأمها وأبيها".
حالياً، فإنّ الحوار بين "حزب الله" وأي طرفٍ لبناني آخر قد يكون قائماً ولكن ليس بشكلٍ مباشر، وحينما يقول جنبلاط إن الأفضل هو محاورة إيران، عندها تبرز الإشارة إلى أن "حزب الله" في المرحلة الحالية ليس بموقع المُقرّر أو أنه ليس بموقع المُحاور، باعتبار أنَّ مختلف قادته والوجوه الأساسية المرتبطة بالنقاش السياسيّ باتت غائبة كلياً عن المشهد.
إزاء ذلك، فإن استنجاد جنبلاط بـ"محاورة إيران"، لا يعني تغييباً للحزب، بل الأمرُ يرتبطُ تماماً بوجود ضرورة للحوار مع مرجعية تكون أساسية بالنسبة لـ"حزب الله" وتحديداً بعد غياب نصرالله والاغتيالات التي طالت قادة الحزب ومسؤوليه البارزين خصوصاً أولئك الذين كانت لهم ارتباطات بالشأن السياسي.
الأهم هو أن جنبلاط يخشى تدهور الأوضاع نحو المجهول أكثر فأكثر، في حين أن الأمر الأهم هو أن المسؤولية في ضبط الشارع ضمن الطائفة الشيعية تقع على عاتق "حزب الله"، ولهذا السبب فإن جنبلاط يحتاج إلى مرجعية فعلية تساهم في ذلك، فـ"بيك المختارة" يستشعر خطراً داخلياً، ولهذا السبب يشدد على أهمية الحوار مع "حزب الله" كجزءٍ أساسي من الحفاظ على توازنات البلد.
انطلاقاً من كل هذا الأمر، فإنّ ما يتبين بالكلام القاطع والملموس هو أن رهانات جنبلاط على تحصين الجبهة الداخلية باتت أكبر، ولهذا السبب تتوقع مصادر سياسية مُطلعة على أجواء "الإشتراكي" أن يُكثف جنبلاط مبادراته وتحركاته السياسية نحو أقطاب آخرين بهدف الحفاظ على أرضية مشتركة من التلاقي تمنع بالحد الأدنى وصول البلاد نحو منعطف خطير قد يؤدي إلى حصول أحداثٍ داخلية على غرار ما كان يحصلُ في الماضي.
في الواقع، فإنّ المسألة دقيقة جداً وتحتاجُ إلى الكثير من الانتباه خصوصاً أن إسرائيل تسعى إلى إحداث شرخٍ داخلي في لبنان من بوابة استهداف النازحين في مناطق يُفترض أن تكون آمنة لكنة لم تعُد ذلك. أمام كل ذلك، فإن "الخشية الجنبلاطية" تبدأ من هذا الإطار، وبالتالي فإن مسعى المختارة الحالي يكون في وضع كافة القوى السياسية أمام مسؤوليتها مع عدم نكران أهمية ودور "حزب الله" في التأثير الداخلي، فهو العامل الأبرز في هذا الإطار.
المصدر: خاص لبنان24