ماثيو بليتزي يفجر المنطق الاستعماري من الداخل.. أنا المجيد رواية في هجاء الظلم
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
يوظف الروائي الفرنسي ماثيو بليتزي، في روايته الأحدث "أنا المجيد" الصادرة مؤخرا عن دار "لو تريبود" الفرنسية، الشخصية المروعة والدموية لـ "ألبرت فاندال" المعروف باسم "بوبي البركة" التي اشتغل عليها في كتابه التوثيقي "زمن التماسيح" بالشراكة مع المؤلف كمال خليف.
وتعيد رواية "أنا المجيد" شخصية ألبرت فاندال إلى مسرح السرد، ليس في جلده القاسي وبروحه المجرمة فحسب، بل في شخص رغم ما بلغه من عمر مديد، يستمر في الاعتقاد أن دمويته وفجوره وجرائمه المقترفة في حق الجزائريين، يمكن التغاضي عنها وتبرر بيسر إذا قورنت بالغاية التي ادعاها هو وبقية المعمرين المستعمرين أمثاله، بأنهم رسل حضارة جاؤوا إلى الجزائر لتخليص برابرتها من الظلمات.
يمكن بالطبع فهم هذه العقلية الاستعمارية بقراءة ما صدر من كتب وسير حرب فرنسا على الجزائر بين عامي 1838 و1842، التي تظهر سذاجة الطرح التبريري الذي اعتمده الغزو الفرنسي للجزائر، لكن بليتزي لم ينشغل في روايته "أنا المجيد" بهذه البروباغاندا التاريخية ولم يستهوه الوقوف عندها، تماما كما فعل في روايته التي صنعت الحدث قبل سنتين "مهاجمة الأرض والشمس" الفائزة بجائزة لوموند الفرنسية (2022)، والتي أنهى بها "ثلاثية الجزائر" التاريخية بعد "كانت أرضنا" الصادرة عن دار ألبين ميشال، و"خطوة خاطئة في حياة إيما بيكار" الصادرة عام 2015 عن دار فلاماريون، ويضيف الناقد الفرنسي عمله الموسوم "المجانين المسنون" إلى مشروعه الروائي المشتغل على تعرية فرنسا الاستعمارية، خاصة فيما يتعلق بجرائمها في الجزائر. وهو المشروع الذي يبدو أنه لم يكتمل بعد، بدليل روايته "أنا المجيد" التي دارت أحداثها في الأجواء الظلامية نفسها لسابقاتها.
تدور أحداث الرواية حول شخصية ألبرت فاندال، الذي صوره الكاتب مسرفا في السمنة وطاعنا في السن، بحيث جعل وزنه يناهز 140 كيلوغراما ويبلغ من العمر 130 عاما، وهي إحالة ذكية على الفترة التي قضاها الاستعمار الفرنسي في الجزائر المتجاوزة 132 سنة، وما جره ذلك من خير على فرنسا التي تمكنت بفضل استغلالها للموارد الجزائرية من أن يصبح اقتصادها واحدا من أهم اقتصاديات العالم.
"ألبرت فاندال" المسخ الغوللا يكتفي بليتزي بهذا الإحالة لمطابقة الصورتين: صورة فرنسا الاستعمارية مع صورة فاندال المعمر الجشع، بل عمل إلى إضافة ما هو ضروري من أحداث وتصوير، يسمح للقارئ بإدراك معنى الوحشية في أحقر تجلياتها، التي كانت من يوميات الجزائري في الفترة الاستعمارية، بحيث أظهر ببراعة الجانب المظلم والحيواني لبطل روايته، فرغم ما بلغه من عمر متقدم وحالته الجدية غير الصحية، لا يفوت فرصة في اغتصاب الجزائريات وإذلال أقاربهن، فهو يرى أن العربي (الجزائري) مجرد شيء، أداة تسمح له بإشباع شهواته ورغباته، وفي أفضل الأحوال ليس إلا دابة وظيفتها خدمته، وهو ما سمح لبليتزي برسم شخصية بطل روايته بألوان من الاحتقار، جعلته كائنا مسرفا في البشاعة الروحية، يجمع في ذاته كل المعمرين الفرنسيين، كأنه فرانكنشتاين جديد صنع من تجميع لحومهم وأعضائهم، على حد تعبير الناقد الفرنسي بيير إدوارد بيون.
سبق بليتزي أن تناول عقلية المعمرين في روايته "مهاجمة الأرض والسماء"، الذي يبدو أنه تناول يصب في العقيدة التاريخية التي اعتنقها، القائلة برفض أي تبرئة للمعمرين على أنهم مجرد مدنيين، لم يستولوا على أراضيهم إلا بأمر من الدولة والجيش الفرنسي، فبليتزي يرى أنهم يتحملون القدر نفسه من المسؤولية، بل رصد في أكثر من رواية أنواعا رهيبة من الجرائم التي اقترفها المعمرون، تفوق بشاعة ما اقترفه الجنود الفرنسيين من محارق ومذابح.
هكذا يلبس الروائي بطله "ألبرت فندال" جلد الغول الذي ما استقر على أراضيه الشاسعة إلا بعد أن قام بتطهيرها من مالكيها الأصليين. إننا أمام إبادة جماعية تبررها نبالة الحضارة التي تدعيها فرنسا، والشبيهة بنحو مختل بالإبادة الممارسة على الفلسطينيين في وقتنا الراهن، بالاسم نفسه لهذه الحضارة وبالأدوات ذاتها، ليتأكد مرة أخرى أن التاريخ لا يعيد نفسه فحسب، بل يستمتع أحيانا بإعادة نفسه.
المجرم الفخور بجرائمهوكأي فعل ينتج عنه رد فعل، فإن ما يمارسه فندال من حقارة وظلم وجرائم، سرعان ما سينقلب عليه، ليس عليه فقط، بل على جميع من ينتمون إلى فصيلته من الغيلان البشرية، مع اندلاع الثورة الجزائرية واشتعال حربها لمدة تزيد على 7 سنوات.
جاءت رواية "أنا المجيد" على لسان راو واحد بضمير المتكلم، كشهادة لألبرت فندال، تشبه الاعتراف الذي رغم ما تضمنه من ضعف لم يكن شهادة ندم، بل كان إصرارا على الكذب على النفس ومحالة لتبرير ما لا يقبل التبرير فيما أقدم عليه الجيش والمعمرون الفرنسيون من نهب للأرض وإخضاع بشع للجزائريين وعنف مستمر، تبرره العنصرية والأنانية والشعور بالفوقية.
فقد تمكن الروائي من رصد العقل المريض للمعمرين المتسم بانعدام تام للضمير، ولعل هذا ما يفسر -ولو قليلا- النوستالجيا الفرنسية بخصوص جنتها المفقودة في الجزائر، فلن يشعر القارئ طوال السرد بأي نوع من الندم على جميع ما حدث من جرائم وتقتيل لا يبررها عقل أو دين، بل كل ما سيشعر به هو حنين البطل إلى سلطة كان يملكها، تسمح له بفعل أي شيء دون عقاب.
حنين يجعله يتصور دائما أن بمقدور المستقبل القريب أن يجعله يسترد جنته، وكأننا نستعيد بلسانه أحلام ميشال دوبري وهو يخطب في البرلمان الفرنسي عام 1959 مصرحا: "ستشكل الجزائر نفسها بسماتها الخاصة في إطار السيادة الفرنسية"، وهي الأحلام التي استمر في الإيمان بها عقودا بعد ذلك حتى سنة رحيله عام 1996.
توطين مجرمو الحربتدخل هذه الرواية ضمن المشروع السردي الذي يشتغل عليه بليتزي منذ عقود، والمتناول "تجريم المعمرين" في الجزائر، فقد دأب الروائيون وحتى المؤرخون إلى تجريم الاستعمار الفرنسي دون الاستيطان.
غير أن موجة فكرية جديدة يقودها بليتزي في عالم الرواية والمؤرخ بنجامين ستورا بين المؤرخين الجدد، بدأت تنتشر بغاية تجريم المعمرين الذي يرى أصحاب هذا الرأي، أنهم السبب المباشر بعد الغزو في بقاء الاستعمار أزيد من 132 سنة، على اعتبار أنهم مع الوقت أصبحوا فئة اعتقدت الجمهورية الفرنسية بضرورة حمايتهم كبقية مواطنيها، حتى قامت الجمهورية الخامسة التي أقرت بمواطنتهم دون إقرارها بحقوقهم في الجزائر، لكنها لم تسع يوما إلى تجريمهم أو حتى توبيخهم.
وهي موجة كما يبدو تشتغل على تدمير المنطق الاستعماري من الداخل رغم ما تواجهه من تجاهل ومقاومة، زادت شدتها بعدم انضمام الكتاب الجزائريين على اختلاف لغات إبداعهم إليها، بسبب ما تعرفه الرواية الجزائرية التاريخية من انتقائية وتردد أحيانا، استحال معهما إجماعهم على مفهوم واحد للذاكرة.
ماثيو بليتزي هو الاسم الأدبي المستعار الذي اختاره الفرنسي جيرارد مارتيال برينسو، تزامنا مع صدور كتابه "الملك الصغير" عام 1998، وكان قد أصدر باسمه الحقيقي 3 أعمال دون أن تحقق له أي نجاح، ليجد إلهامه في رواية الذاكرة عبر عمله الموسوم "كانت أرضنا" الذي اعتبره النقد شهادة ميلاد هذا الروائي المتميز.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أنا المجید فی الجزائر فی روایته
إقرأ أيضاً:
حياة المضمار.. «البوابة نيوز» تنشر فصلًا من رواية «لمّاح»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تنشر «البوابة نيوز» فصلًا من رواية "لمّاح" للكاتب المصري منعم زيدان، والمأخوذة عن الفيلم الذي يحمل نفس الاسم للسيناريست الإماراتي عيسى الجناحي؛ والتي تُصدر قريبًا عن مؤسسة "الباشكاتب" للسيناريو والنشر والسينما.
وزيدان كاتب روائي وسيناريست مصري مقيم بالإمارات، صدرت له من قبل رواية "الدخان الأزرق"2018 عن دار الكتاب العربي؛ أما الجناحي، فهو عضو مسرح دبي الأهلي، وتعّد الرواية هي تجربته السردية الأولى بخلاف أعماله للكتابة في السينما والمسرح.
حياة المضمارالعلاقة بين راشد ولمّاح أكثر من مجرد علاقة فارس بحصانه، بل كانت ارتباطًا عميقًا يجمع بين روحين تتوحدان في الحب والاحترام. كان راشد يجد في لماح ليس مجرد حصان أصيل يمتلك القوة والجمال، بل رفيقًا وأخًا يقاسمه كل لحظة شغف وعزيمة. كان حين يقترب منه في الاسطبل، يلمح في عينيه لمعة فريدة، كأنه يُخبره بأنهما خُلِقا ليكونا معًا، وأن هذا الرباط الذي جمعهما ليس عابرًا، بل خالدًا كخُطاهما في الأرض.
حينما كان راشد يركب على ظهر لماح، كان يشعر بالتحام خاص، كأنهما كائن واحد يتحرك بتناغم كامل. لم يكن بحاجة إلى توجيه لماح؛ يكفي أن يُمسك اللجام بلطف حتى يفهم لماح ما يريده، وكأنه يقرأ أفكار راشد. كان هذا التناغم بينهما عجيبًا وساحرًا، بل صديق يفهمه من نظرة واحدة، يفهم مشاعره حتى قبل أن ينطق بها.
لماح بدوره كان يعشق راشد بلا حدود؛ كان يُسرع إليه متى ناداه، يلتف حوله، ويضع رأسه في يده كأنه يبحث عن لمسة حانية أو كلمة مُطمئنة. كانت مشاعر لماح تظهر بوضوح في تصرفاته الصغيرة، كالتفاتة حانية أو رعشة صغيرة عندما يسمع صوت راشد، وكأنه يقول له إنه دائمًا إلى جانبه، وأنه مستعد للانطلاق معه إلى أي مكان دون تردد.
في ساعات التدريب، كان راشد يجد في لماح الشريك المثالي الذي يساعده على تحقيق أهدافه. لم يكن راشد يخاف من المخاطر طالما كان لماح بجواره، لأنه كان يثق في قدرته وحكمته. كان يلاحظ كيف يتصرف لماح بذكاء وحنكة حينما يتعرض لموقف صعب، وكأن الحصان يعرف ما يجب فعله تمامًا. هذه الثقة المتبادلة بينهما جعلت من علاقتهما ليست فقط علاقة عمل أو شغف بالخيل، بل علاقة مفعمة بالإخلاص المتبادل.
كانت لحظات الغروب في المضمار تضيف بُعدًا جديدًا لهذه العلاقة؛ كان راشد يجلس بجانب لماح بعد يوم طويل من التدريب، يمرر يده على فرائه اللامع، ويتحدث إليه كما لو كان يتحدث إلى صديق عزيز. كان يحدثه عن آماله وطموحاته، وكان لماح ينصت بصمت، وكأنه يتفهم كل كلمة، ويشارك صاحبه تلك المشاعر، بروحه قبل أذنيه.
في السباقات، كان لماح يعطي أفضل ما لديه، ليس فقط ليحقق النصر، بل ليُسعد راشد ويشعره بالفخر. كان الحصان يدرك أن كل خطوة يخطوها وكل انطلاقة يحققها هي لأجل صاحبه الذي يعامله كرفيق، وليس مجرد وسيلة لتحقيق انتصار. وعندما يتوج بالنصر، كان راشد يُشع فرحًا وفخرًا، يحتضن لماح ويهمس له بكلمات الامتنان، كأنه يُعبر له عن مكانته في قلبه وأن ما يربطهما أكبر من مجرد فوز أو خسارة.
هذه العلاقة العميقة التي جمعت بين راشد ولماح كانت عنوانًا للإخلاص والتفاهم، فرغم أن لماح حصان لا ينطق، كان يُعبر عن مشاعره بأفعاله، بينما كان راشد يبادله المحبة والتقدير. وفي كل لحظة يقضيانها معًا، كانا يعلمان أن هذه الصداقة ليست مجرد صحبة، بل رابطة خالدة تجسد معنى الوفاء بين الإنسان وحصانه.
كانت الشمس تتسلل بين الغيوم البيضاء، ترسم على الرمال الدافئة خطوطًا ذهبية تزين مضمار السباق الصغير. وقف راشد، بطل المنطقة في الفروسية، على ظهر حصانه “لماح”، متأهبًا كما اعتاد. إلى جانبه، وقف صديقاه يتبادلان الابتسامات قبل أن تنطلق إشارة البداية. كان السباق وديًا، مجرد تحدٍّ بين الأصدقاء، لكن في عيون راشد، كل سباق هو فرصة لإثبات مهارته ولإبهار شخص واحد فقط،
العلاقة بين راشد ولمّاح أكثر من مجرد علاقة فارس بحصانه، بل كانت ارتباطًا عميقًا يجمع بين روحين تتوحدان في الحب والاحترام. كان راشد يجد في لماح ليس مجرد حصان أصيل يمتلك القوة والجمال، بل رفيقًا وأخًا يقاسمه كل لحظة شغف وعزيمة. كان حين يقترب منه في الاسطبل، يلمح في عينيه لمعة فريدة، كأنه يُخبره بأنهما خُلِقا ليكونا معًا، وأن هذا الرباط الذي جمعهما ليس عابرًا، بل خالدًا كخُطاهما في الأرض.
غلاف رواية “لمّاح”حينما كان راشد يركب على ظهر لماح، كان يشعر بالتحام خاص، كأنهما كائن واحد يتحرك بتناغم كامل. لم يكن بحاجة إلى توجيه لماح؛ يكفي أن يُمسك اللجام بلطف حتى يفهم لماح ما يريده، وكأنه يقرأ أفكار راشد. كان هذا التناغم بينهما عجيبًا وساحرًا، بل صديق يفهمه من نظرة واحدة، يفهم مشاعره حتى قبل أن ينطق بها.
لماح بدوره كان يعشق راشد بلا حدود؛ كان يُسرع إليه متى ناداه، يلتف حوله، ويضع رأسه في يده كأنه يبحث عن لمسة حانية أو كلمة مُطمئنة. كانت مشاعر لماح تظهر بوضوح في تصرفاته الصغيرة، كالتفاتة حانية أو رعشة صغيرة عندما يسمع صوت راشد، وكأنه يقول له إنه دائمًا إلى جانبه، وأنه مستعد للانطلاق معه إلى أي مكان دون تردد.
في ساعات التدريب، كان راشد يجد في لماح الشريك المثالي الذي يساعده على تحقيق أهدافه. لم يكن راشد يخاف من المخاطر طالما كان لماح بجواره، لأنه كان يثق في قدرته وحكمته. كان يلاحظ كيف يتصرف لماح بذكاء وحنكة حينما يتعرض لموقف صعب، وكأن الحصان يعرف ما يجب فعله تمامًا. هذه الثقة المتبادلة بينهما جعلت من علاقتهما ليست فقط علاقة عمل أو شغف بالخيل، بل علاقة مفعمة بالإخلاص المتبادل.
كانت لحظات الغروب في المضمار تضيف بُعدًا جديدًا لهذه العلاقة؛ كان راشد يجلس بجانب لماح بعد يوم طويل من التدريب، يمرر يده على فرائه اللامع، ويتحدث إليه كما لو كان يتحدث إلى صديق عزيز. كان يحدثه عن آماله وطموحاته، وكان لماح ينصت بصمت، وكأنه يتفهم كل كلمة، ويشارك صاحبه تلك المشاعر، بروحه قبل أذنيه.
في السباقات، كان لماح يعطي أفضل ما لديه، ليس فقط ليحقق النصر، بل ليُسعد راشد ويشعره بالفخر. كان الحصان يدرك أن كل خطوة يخطوها وكل انطلاقة يحققها هي لأجل صاحبه الذي يعامله كرفيق، وليس مجرد وسيلة لتحقيق انتصار. وعندما يتوج بالنصر، كان راشد يُشع فرحًا وفخرًا، يحتضن لماح ويهمس له بكلمات الامتنان، كأنه يُعبر له عن مكانته في قلبه وأن ما يربطهما أكبر من مجرد فوز أو خسارة.
هذه العلاقة العميقة التي جمعت بين راشد ولماح كانت عنوانًا للإخلاص والتفاهم، فرغم أن لماح حصان لا ينطق، كان يُعبر عن مشاعره بأفعاله، بينما كان راشد يبادله المحبة والتقدير. وفي كل لحظة يقضيانها معًا، كانا يعلمان أن هذه الصداقة ليست مجرد صحبة، بل رابطة خالدة تجسد معنى الوفاء بين الإنسان وحصانه.
كانت الشمس تتسلل بين الغيوم البيضاء، ترسم على الرمال الدافئة خطوطًا ذهبية تزين مضمار السباق الصغير. وقف راشد، بطل المنطقة في الفروسية، على ظهر حصانه “لماح”، متأهبًا كما اعتاد. إلى جانبه، وقف صديقاه يتبادلان الابتسامات قبل أن تنطلق إشارة البداية. كان السباق وديًا، مجرد تحدٍّ بين الأصدقاء، لكن في عيون راشد، كل سباق هو فرصة لإثبات مهارته ولإبهار شخص واحد فقط.