“البحوث الإسلامية”: إعداد الأزهر لجيل يحمل أمانة الدعوة سعي نحو بناء شخصية متكاملة
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات الندوة الثقافية التي نظمتها السفارة الإندونيسية بالقاهرة تحت عنوان: “دور خريجي الأزهر في نشر الثقافة وبناء الأوطان”؛ وذلك بحضور د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، والسفير الإندونيسي، ود. محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر السابق، ود. نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر للشؤون الوافدين، ود.
وقال الأمين العام خلال كلمته، إننا نعيش في عالم تتنوع فيه الاتجاهات وتتعدد فيه الرؤى والأطروحات التي أفرزت مجموعة من الاتجاهات الفكرية والرؤى الثقافية والجماعات ذات الاتجاهات المتعددة والمتنوعة وجهة ومقصدًا وفكرًا وثقافة، مما يلقي بمزيد من المسؤولية على المؤسسات البحثية والدينية والدعوية والتربوية، مضيفًا أن العالم في الآونة الأخيرة يعيش مجموعة من المشكلات البيئية والاجتماعية والأخلاقية والقضايا الإنسانية المتعددة التي يمكن أن تقضي على الإنسانية بفعل الإنسان تجاه أخيه الإنسان، كما لا يخفي أن العالم يعيش مجموعة من الأزمات والتي من أولاها وأولاها هذه الأزمة الأخلاقية التي يسعى المروجون لها إلى القضاء على النظم الإنسانية والقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية والشرائع السماوية.
أضاف عياد أن الواقع الأليم الذي يحياه العالم في الآونة الأخيرة والذي يتمثل في التجرؤ على المقدسات الدينية والمبادئ الربانية والتعاليم الإلهية التي يراد منها هداية الإنسان واحترامه واحترام حريته وآدميته وهي أمور جنيعها تحتاج إلى وقفات صادقة تحقق السلم العالمي والمجتمعي.
أشار إلى أن هذا اللقاء يدور حول موضوع من الأهمية بمكان وهو دور خريجي المؤسسة الأزهرية في نشر رسالتها، وهو دور من أوجب الواجبات سيما وأن المشكلات التي نتوقف من أمامها هي مشكلات تتعلق بالإنسان وعلاقته بربه وعلاقته بالآخرين والعلاقة بالكون بأسره؛ حيث استطاع الأزهر الشريف من خلال جملة من الأمور التي ارتكز عليها في دعوته أن يعمل على حلها وأن يقول القول الفصل في كيفية مواجهتها، مما ضمن لهذه المؤسسة عبر هذا التاريخ الطويل البقاء والصمود والاستمرار.
أوضح الأمين العام أن مما تميزت به المؤسسة الأزهرية أنها ظلت مستمرة ومحافظة على هدفها وعلى وجهتها، حيث تؤكد بهذه المحافظة على مقولة أن الأزهر مشيئة إلهية وإرادة ربانية؛ حيث استطاعت أن تنقل الإسلام بمبادئه وتعاليمه نقلة حضارية أسهمت في بسطه من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، معتمدة في ذلك على عدة حقائق أهمها: الموضوعية في الحكم؛ حيث استندت إلى هذه الموضوعية التي تتعامل بها مع الجميع، المسلم وغير المسلم دون مراعاة لفوارق ثقافية أو عرقية أو جنسية أو لغوية أو عرقية مصداقًا لقوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ}، مضيفًا أن الأمر الثاني الأمانة في النقل، فهذه المؤسسة عبر تاريخها الطويل حافظت على تلك الأمانة في التعريف بالآخر والنقل عنه لأنها تعتمد على حجة استنادًا لقوله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، والأمر الثالث العالمية في الهدف؛ حيث تنطلق من عالمية الدعوة التي قامت على أمرها، فالإسلام الدين الخاتم دعوة عالمية، والأزهر مؤسسة علمية عالمية حافظت على هذه العالمية من خلال قوة الهدف وتنوع المذاهب ووحدة الفكر وأمانة الدعوة.
ولفت عياد إلى أن رسالة الأزهر الشريف ليست بالرسالة الثانوية، ويكفي أنها تقوم على الإسلام عقيدة وشريعة وسلوكًا، حيث استمدت السمو في رسالتها من سمو الرسالة التي قامت عليها، والتنوع في البناء فالأزهر الشريف حين يقوم بإعداد جيل من العلماء والمفكرين لحمل الأمانة والقيام بواجب الدعوة يسعى إلى بناء شخصية متكاملة يراعى فيها أبعاد متعددة تتمثل في: البناء العَقَدِي، والبناء الفكري، والبناء الروحي، والبناء البَدَني، والبناء العلمي والمعرفي، والبناء الأخلاقي، إيمانًا من تلك المؤسسة بأنها تخرج ممثلين لها لتعريف الناس بدين الله وسفراء لدفع ما قد يرد على هذا الدين من أقاويل جائر واتهامات باطلة.
وختم الأمين العام كلمته بالتأكيد على أن المؤسسة الأزهرية تسعى نحو الأفضل دائمًا، حيث لم تقف عند حد معين في مواجهة المشكلات المختلفة بل تتجاوب مع الواقع من خلال إيجاد تخصصات متعددة في فنون مختلفة تجمع بين علوم الدين والدنيا، وتسعى إلى الأفضل دائمًا، وهي في سعيها تنطلق من مبدأ التكامل بين بني الإنسان لأنها تنطلق من حقيقة إلهية هي الوحدة في الأصل الإنساني قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}، وتسعى لغاية إسعاد البشرية لأنها تقوم على أمر الدين ، والدين في الحقيقة جاء لتحقيق السعادة لبني الإنسان، فهو وضع إلهي وضعه الله تبارك وتعالى على لسان أنبيائه ورسله بغية تحقيق الصلاح في الحال والفلاح في المآل، إضافة إلى النظرة الإيجابية التي تتعامل بها المؤسسة مع القضايا والمشكلات، حيث تتعامل بشيء من الواقعية مما أكسبه رؤيتها تلك النظرة الإيجابية للتعامل مع القضايا المختلفة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأمین العام
إقرأ أيضاً:
أمين مجمع البحوث الإسلامية: العقيدة تضبط القيم والأخلاق داخل الأسر والمجتمعات
استضافت جامعة أسيوط اليوم الاثنين اللقاء الثاني من أسبوع الدعوة الإسلامية والذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية في إطار المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، وجاءت الندوة الأولى بعنوان: «العقيدة الإسلامية: مفهومها وخصائصها»، والتي حاضر فيها الدكتور محمد عبد الدايم الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور حسن يحي الأمين العام المساعد للجنة العليا لشؤون الدعوة، وأدار الندوة محمد الديسطي عضو المركز الإعلامي بمشيخة الأزهر، حيث عقد اللقاء الأول للأسبوع بحضور الدكتور أحمد المنشاوي رئيس جامعة أسيوط، الدكتور محمد عبد المالك نائب رئيس الجامعة لفرع قبلي.
قال الدكتور محمد الجندي، إن من ثوابت العقيدة عند المسلمين أن الله تعالى لا يحويه مكانٌ ولا يحدّه زمانٌ؛ فالمكان والزمان مخلوقان، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شيءٌ من خلقه، بل هو خالق كل شيء، وهو المحيط بكل شيء، وهذا الاعتقاد متفقٌ عليه بين المسلمين لا يُنكره منهم مُنكِرٌ، وقد عبَّر عن ذلك أهل العلم بقولهم: كان الله ولا مكان، وهو على ما كان قبل خلق المكان، لم يتغير عمَّا كان، وأننا حين نبدأ من العقيدة تنضبط القيم والأخلاق والأسر والمجتمعات في بيئة صالحة ومُصلحة، وإذا فارقت الأمم العقيدة الصحيحة انقلبت إلى وحوش ضارية، لافتا أن الفطرة السليمة مصدر بناء، ولا أحد يستطيع أن ينكر الفطرة، وإن أنكر العقيدة بلسانه.
وعن الإيمان بالغيب، أوضح الأمين العام أن الإنسان وحده هو المؤهل للإيمان به بخلاف الحيوان، لذا كان الإيمان بالغيب ركيزة أساسية من ركائز الإيمان في عقيدتنا الإسلامية، على حين لا تؤمن الفلسفات المادية الوضعية الإلحادية بغير الواقع والمشاهد والمحسوس، فالإيمان بالغيب نتيجة عن مقدمة وصفة للمؤمنين، مصداقا لقوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
وأكد «الجندي» خلال كلمته بفعاليات الأسبوع الثاني للدعوة الإسلاميَّة والذي سيُعقد هذه المرة بجامعة أسيوط، أن عقيدة الأزهر الشريف عقيدة لها سند، تخاطب العقل البشري، ولو افترضنا أن العقل أصبح تقنيا محضا، فإن العقل يحتاج إلى برامج حماية من الفيروسات الفكرية، لذا يجب علينا تحديد مصادرنا المعلوماتية من أفواه العلماء مباشرة، حتى لا تكون معلوماتنا لقيطة مجهولة النسب، وهنا نستطيع أن نقول إن من خصائص العقيدة الإسلامية أنها علمية فقهية تخاطب العقل والوجدان، وأنها عقيدة سمحة متسامحة تجمع الناس فتحقق الأمن والاستقرار وتورث المحبة، وتنجيهم من الكفر والضلال، والوقوع في البدعة، وأنها عقيدة وسطية بلا تفريط ولا إفراط.
فيما أوضح الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا للدعوة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية، أن دور العقيدة في حياة الإنسان من الأهمية بمكان، وأن الله خلقنا وطلب منا استثمار الحياة، إذًا فالإنسان صنعة الله، خلقه بيديه ونفخ فيه من روحه، وهذه مكانة عالية للإنسان، وبطبيعة الحال فإن الإنسان يشعر بتميز لكن هذا التميز يرتبط أن لا يعطل حواسه حتى لا يصير متدنيًا، وعلى الإنسان معرفة سبب الوجود من خلال المكون العقائدي لديه، وأن تتجلى آثار العقيدة في كل تصرفاته، فكيف يؤمن الإنسان ولا يصلي وكيف يؤمن ولا يفعل الخير.
وبين أن غياب العقيدة لدى الإنسان تجعل منه كائنا مهزوزا، فأول معطيات المجتمعات ثباتها النفسي ولا ثبات بدون عقيدة سليمة، كما أن العقيدة تجعل صاحبها صاحب رؤية وخطة، فيعرف سبب وجوده كما يعرف الغاية والمنهج والوسيلة، مضيفا أن من وظائف العقيدة أنها تطهر الوجدان وتوجهه، وأنها تنقي العقل من الخرافات وتحرر إرادته، ومن هنا فإن هذا المنهج الذي يبني الله به الإنسان هو في الوقع بناء للمجتمعات.
وفي نهاية الندوة، تبادل الدكتور أحمد المنشاوي رئيس جامعة أسيوط والدكتور محمد الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الدروع التذكارية للأزهر الشريف وجامعة أسيوط، تقديرا لجهود الجامعة والمجمع في إثراء البحث العلمي والدعوة.
ويتضمن أسبوع الدعوة الإسلامية ثلاث ندوات بواقع ندوة في اليوم، وذلك من اليوم الاثنين وحتى الأربعاء القادم، وتأتي ندوة غد تحت عنوان «منهجيَّة التعامل مع نصوص القرآن والسُّنَّة» يحاضر فيها الأستاذ الدكتور رشوان أبو زيد، أستاذ الحديث وعلومه بكليَّة الدراسات الإسلاميَّة بسوهاج، والدكتور مصطفى ممدوح الطحان، عضو أمانة اللجنة العليا للدعوة.
يأتي ذلك في إطار توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، بتكثيف البرامج والفعاليات الدعوية والتوعوية بما يحقق دور ورسالة الأزهر الدعوية والتوعوية، وبإشراف من فضيلة وكيل الأزهر والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.