#تأملات_قرآنية د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 13 من سورة الممتحنة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ”.
هذه السورة من السور المدنية، ونزلت بعد سورة الأحزاب، ومعروف أن سورة الأحزاب نزلت بعد معركة الخندق، التي كانت آخر معركة تهددت الدولة الإسلامية وجوديا، بعدها كانت كل المعارك فتوحات ونشر دعوة.
من هنا لا أتفق مع ما ذهب اليه المفسرون القدامى من السلف الصالح في تأويل سبب نزولها أنه متعلق بأحداث ذلك الزمان فقط، فمنهم من قال أنها نزلت في أسماء بنت أبي بكر حينما زارتها أمها المشركة في قوله تعالى في الآية الثامنة منها: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، ومنهم من قال أنها نزلت في “حاطب بنت بلتعة” حينما راسل مشركي مكة يخبرهم أن المسلمين يعدون العدة لمهاجمة مكة.
لقد كان توجه أولئك المفسرين الى التأويل أكثر مما هو التفسير، إذ كان المسلمون آنذاك قريبي العهد من الفصاحة فلا يحتاجون لتفسير المفردات، وما احتاجوا لذلك إلا بعد أن انتشرت الدعوة ووصلت أقطارا حضرية ابتعدوا زمنا ومكانا عن موطن الفصاحة التي اختص بها أعراب الجزيرة.
كما أنهم اعتقادهم أن القرآن نزل لقريش ولزمن الدعوة، دفعهم لتأويل كل آياته بما يتوافق مع أحداث زمن الدعوة، لكن تبين لعلماء التفسير في الأزمان المتأخرة، أنه صحيح أن هنالك آيات عالجت حالة راهنة، لكنها جاءت بصيغة تبين إمكانية حدوثها فيما بعد، مثل الآية التي نزلت في المخلفين، والآيات التي نزلت في فرعون وقومه، هي حالة تاريخية انقضت، لكنها قد تتكرر مرات بصورة أو بأخرى، لذلك أغفل ذكر اسم الفرعون المعني ،لكي تنطبق على حالات قادمة، وحتى حادثة الإفك التي لن تتكرر مرة أخرى، فقد ضمنها تعالى في سورة النور التي فرضها لتعالج حالة الزنا ومتعلقاته ، ابتدأها بعقوبة الزنا ثم اتبعها بعقوبة الاتهام به زورا، وذلك ليبين أن ذلك عند الله عظيم، لأن أثر نشر إشاعة الفواحش في تدمير المجتمعات لا يقل خطرا عن الفواحش ذاتها، لذلك قدر تعالى حادثة الإفك أصلا، وابتلى بها أحب الناس إليه وأعظمهم قدرا بين الناس، للتنبيه لمدى خطورة هذه المسألة.
لقد ذهب اهل التأويل الى القول بأن القوم الذي غضب الله عليهم هم المشركون، رغم أنه تعالى لم يلحق هذه الصفة في كتابه العزيز الا باليهود وهم الطائفة الضالة من بني اسرائيل الذين عتوا عن أمر ربهم، فوصفهم في سورة الفاتحة بالمغضوب عليهم، وبنص صريح: “فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ” [البقرة:90].
أما اليهود في ذلك الزمان فكانوا مستضعفين منذ قرون، بعد أن حكم الله عليهم بالذلة والشتات في الأرض، فلم يكونوا يشكلون أية قوة، ولا مطمع في موالاتهم، بل كانت قريش صاحبة القوة والمنعة عسكريا، والازدهار اقتصاديا، فكانت موالاتها والتقرب منها مكسبا، لذلك اعتقدوا ان من حذر تعالى من موالاتهم ومحالفتهم هم المشركون.
لكن لا شك أن الله يعلم متقلب الأمور وما سيحدث مستقبلا، فهؤلاء الذين كانوا أذلة مستضعفين، تمكنوا بحبل من الناس (قوى الاستعمار الأوروبي) أن يعلوا في الأرض ثانية، فأصبحوا هم من يستضعفون المسلمين ويسومونهم العذاب، بل ويفرضون على قادتهم الاستسلام لأوامرهم والرضوخ لإملاءاتهم.
لذلك فتأويل هذه الآية موقوت بهذا الزمان، حينما يتسابق حكام المسلمين الى موالاة هؤلاء الملعونين والمغضوب عليهم، خشية أن تصيبهم دائرة من أولي القوة والبطش (أمريكا).
لذلك جاء أمر الله حازما واضحا باستخدام لا الناهية، فالمؤمن مطيع لله، ومن يخالف أمره سيحل عليه غضبه، وعليه فمن يوالي الكيان اللقيط بالتطبيع معه والتعاون في أي مجال فهو مخالف لأمر الله، والأشد منه عصيانا هو من يتحالف مع هذا الكيان عسكريا أو ينسق أمنيا بحجة مجابهة خطر الإسلام الجهادي (الذي يصمونه زورا بالإرهاب).
من يفعل ذلك سيلقى جزاءه من ربه في الدنيا والآخرة، لكن الأخسرين أعمالا هم عابدون طائعون لكنهم يؤيدون أعمال هؤلاء أويبررونها، فسوف يقدمون ربهم يوم القيامة ليجدوا ان كل عباداتهم وأعمالهم هباء منثورا.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تأملات قرآنية نزلت فی
إقرأ أيضاً:
آيات إبطال السحر مكتوبة وأدعية من القرآن والسُنة
في ظل انتشار السحر وأعمال الشعوذة، أصبح اللجوء إلى القرآن الكريم والسُنة النبوية هو السبيل الأقوى لتحصين النفس وإبطال هذه الأعمال الضارة.
آيات القرآن وأدعية النبي محمد –صلى الله عليه وسلم– تعد وسيلة فعالة لإبطال السحر بكل أنواعه وأشكاله، سواء أكان مأكولًا، مشروبًا، أو مرشوشًا.
سور قرآنية لإبطال السحر بكل أنواعه
ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أن هناك سورًا قرآنية وآيات معينة تعد بمثابة درع واقٍ من السحر والشياطين. من أبرز هذه السور:
1. سورة البقرة:
قال النبي –صلى الله عليه وسلم–: "اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة"، ومعنى البطلة هنا هم السحرة. سورة البقرة هي السورة الأطول في القرآن، وتتميز بأنها تحصّن المسلم من الشرور والشياطين.
قراءة هذه السورة بانتظام تمنح البيت بركة وتحفظه من السحر وأعمال الشعوذة.
2. آية الكرسي (البقرة: 255):
قال النبي –صلى الله عليه وسلم–: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت".
هذه الآية تعد من أقوى آيات الحماية من السحر والشياطين.
3. المعوذتان (سورتي الفلق والناس):
أمر النبي –صلى الله عليه وسلم– بقراءة هاتين السورتين للتحصين من كل شر. عند قراءتهما صباحًا ومساءً، تحفظ المسلم من أذى الإنس والجن.
4. خواتيم سورة البقرة:
قال النبي –صلى الله عليه وسلم–: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه"، أي تكفيانه من الشرور والسحر.
5. الآيات الأولى من سورة الصافات:
قال بعض العلماء إن هذه الآيات تعمل على طرد الشياطين وإبطال السحر، وتعد من السور التي تحمل بركة عظيمة.
6. سورة الفاتحة:
تعرف بأنها أم الكتاب، وقراءة الفاتحة بنية الشفاء أو الحماية لها تأثير قوي في إبطال السحر وأعمال الشيطان.
آيات من القرآن لإبطال السحر
إلى جانب السور الكاملة، هناك آيات محددة تساهم في إبطال السحر والتحصين، منها:
(البقرة: 102):
"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ..."
هذه الآية تسلط الضوء على أعمال السحر ووسائل التحصين منها.
(يونس: 81-82):
"فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ. وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ".
(طه: 69):
"وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُواْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍۢ وَلَا يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ".
دعاء يحفظ الأبناء من كل شر.. يحميهم من العين والحسدهل نشر الصور والأخبار السعيدة على مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الحسد ؟دعاء لطرد النكد والحسد من المنزل.. 10 كلمات تبعد عنك المشاكل والهم والكربهل توفي ملك جمال الأردن بسبب الحسد؟.. الجدل يتجدد حول الحسد والعين
أدعية من السُنة لإبطال السحر
إلى جانب الآيات القرآنية، هناك أدعية واردة عن النبي –صلى الله عليه وسلم– تعمل على الحماية من السحر والتحصين:
1. "بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ" – تقرأ ثلاث مرات صباحًا ومساءً.
2. "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" – تقال ثلاث مرات.
3. "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ".
كيفية الاستفادة من هذه الآيات والأدعية
قراءة الآيات والسور صباحًا ومساءً للتحصين.
الالتزام بالرقية الشرعية عند الشعور بأي أذى.
الثقة بالله تعالى واليقين بأن القرآن هو الحل لجميع المشكلات.
وفي النهاية يظل القرآن الكريم والسُنة النبوية هما مصدر الحماية من الشرور والسحر. الالتزام بتلاوة الآيات والأدعية الواردة في هذا الصدد يضمن للمسلم حياة مليئة بالبركة والأمان بعيدًا عن أذى السحر والشياطين.