عربي21:
2024-09-29@06:12:43 GMT

مأساة وفيات الحجاج المصريين.. من المسؤول؟

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

قضى عدد من الحجاج المصريين نحبهم، وقد وصل عددهم إلى ألف حاج أو يزيد، نسأل الله تعالى لهم أن يُبعثوا ملبين كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، عمن يلقى ربه وهو بملابس إحرامه، وفي مناسك الحج، ولكن ظل السؤال الأبرز في الحدث: من المسؤول عن هذا العدد الذي توفي؟

كعادة الإعلام المدجن في بلاط السلطة، رمى التهمة كلها على الحجاج أنفسهم، مدعيا أن هذه الوفيات حدثت فيمن حجوا مخالفين لشروط الحج التنظيمية؛ التي وضعتها المملكة العربية السعودية، وكان من الممكن أن ينطلي هذا الكلام على الناس لو لم يمت حُجاج ممن ذهبوا وفقا للشروط، ولكن الكلام أبرز مدى السقوط الأخلاقي لهذا الإعلام، إذ إنه لم يتعامل مع جلال الموت وهيبته بما يليق، بل تعامل مع الأرقام والأوراق، وكأن أرواح الناس تحولت لمجرد أوراق رسمية، وبيانات رسمية، تريد رفع التهمة عن كاهل السلطة المصرية.



إن المنصف في هذه المسألة سيجد أن المسؤولية تتجه إلى ثلاث جهات؛ الجهة الأولى: هي السلطة المصرية نفسها، فإنها لم تتعامل مع الأزمة بشكل يليق بكرامة المواطن المصري، بغض النظر عن كيفية ذهاب هؤلاء الناس بموافقة الشروط أو مخالفتها، فهم في النهاية مواطنون مصريون، لقوا حتفهم خلال أداء مناسك فريضة من أشرف ما يلقى الإنسان ربه عليه، ولم يموتوا في موقع جريمة، ولا مزمعين ارتكاب جرم قانوني أو شرعي.

إذا كنا لا نوافق الناس على مخالفة القوانين المنظمة للحج، لكن من تعرض لمشكلة صحية أو وفاة ليس مجرما، فيقوم الإعلام والسلطة والجميع بسلخه، فهذا ما لا يليق بسلوك الإنسان السوي، فضلا عن سلطة أولى واجباتها مراعاة مواطنيها أحياء وأمواتا
فإذا كنا لا نوافق الناس على مخالفة القوانين المنظمة للحج، لكن من تعرض لمشكلة صحية أو وفاة ليس مجرما، فيقوم الإعلام والسلطة والجميع بسلخه، فهذا ما لا يليق بسلوك الإنسان السوي، فضلا عن سلطة أولى واجباتها مراعاة مواطنيها أحياء وأمواتا، ونحن نرى كيف يحرص أعداؤنا على رفات أمواتهم، فضلا عن الجثث والأسرى.

وهو سلوك -للأسف- ملحوظ في السلطة المصرية منذ فترة طويلة، فمن تعامل مع الموتى المصريين خارج مصر يعرف أن إجراءات إرسال جثمان مصري توفي خارج مصر لمصر؛ تشترط في كل الدول أن يأتي مندوب من السفارة المصرية لمقر وفاة المصري، وإعطاء الموافقة على نزول الجثمان. كنت أجد كل السفارات ترسل أعلى ممثل لها، بينما كنا نرى السفارة المصرية تتباطأ في إرسال أي موطف، وربما يظل الجثمان المصري لأيام في ثلاجة مشرحة المستشفى، في سلوك لا ينم عن أي تقدير أو احترام للمواطن المصري حيا وميتا.

الجهة الثانية المسؤولة عن ذلك: هي المملكة العربية السعودية، فإن التذرع بأن المتوفين هم حجاج غير رسميين، فهي وسيلة هروب من المسؤولية، فلو لم يكن حاجا رسميا، فهو زائر رسمي للملكة، لأنه دخل بفيزا رسمية لها، صحيح هي فيزا للزيارة، لكنه دخل عن طريق المطار في السعودية، وختم له بخاتم دخول الدولة، والمدة المسموح لها ببقائه فيها. وإن من حقوق أي زائر في بلد ما، إذا مرض، أو توفي، أن يلقى الرعاية.

إن جهد المملكة المبذول في الشعائر كبير ولا ينكره أحد، لكنه منظور ومرئي في الحرمين الشريفين فقط، ولكن في بقية مشاعر الحج -للأسف- ليس على نفس القدر من الرعاية والاهتمام، فإنك في الحرمين الشريفين لو سقطت منك شعرة؛ لا تمر أكثر من ساعة وستجد أجهزة وآلات تمر للتنظيف، لكن في المشاعر والخيام لا تجد هذه الخدمة أبدا، بل كم الإهمال، وعدم النظافة، واضح ومرئي يراه كل من يمر بالمكان.

وعندما حدثت من قبل أزمات وسيول، برز هذا القصور بشكل فج، فقد رأينا كم القمامة الذي عام على وجه السيل، وهي قمامة كفيلة بأن تجلب أمراض الدنيا للحجيج، فإن تجمعا بشريا بهذا الحجم يحتاج إلى ترتيب على مستوى عال جدا، وليس صعبا على دولة كالسعودية، ويمكنها جلب شركات عالمية للتنظيم، وهذا ليس عيبا، فقد فعلت ذلك قطر في تنظيم كأس العالم، وقدمت السعودية لتنال تنظيم كأس العالم، ولو ووفق لها ستفعل ذلك، فالأمر هنا ليس عيبا، ولا معرة تخشى منها، بل هو ترتيب لا بد منه، وهو أقل واجب يقام به مع ضيوف الرحمن.

الجهة الثالثة المسؤولة من وجهة نظري: هم بعض المشايخ الذين تبعوا عددا من حملات الحج من المصريين وغيرهم، فقد فوجئتُ بكم هائل من الاتصالات أتتني من أشخاص يقولون: نحن مجموعة من الحجاج، وفتحنا ميكرفون الهاتف لنسألك، وحولنا الناس: نريد ألا نبيت في منى بعد يوم العيد الأول، لأن المبيت يشكل عقبة وعسرا شديدا علينا، فالجو شديد الحرارة والأعداد هائلة في الخيام، وهو ما يضم الطرفين المسؤولين: المصري والسعودي في الأمر هنا، فلا بد من مراقبة لأداء هذه الشركات.

تشدد بعض المشايخ في فتاوى الحج، وهو عامل كبير في الأزمة، فإذا كنا أشرنا إلى العامل الرسمي المتمثل في الأنظمة، فإن العامل الشرعي والإفتائي لا يقل أهمية ودرجة عنهما، وهو ما يوجب التضافر بين الجهات التي تبغي إصلاح منظومة الحج بالفعل
وكنت أُفتيهم بأن المبيت في منى سنة عند الأحناف، فخذوا بهذا المذهب، ووكلوا من يرمي عنكم الجمرات، ولا حرج عليكم، وذلك تخفيفا على الناس، وتخفيفا عن العدد، لأن معظم من يسأل من المصريين والأتراك، وكلاهما يعتنق المذهب الحنفي رسميا، فلو خف العدد من أتباع المذهب الحنفي لو ضممنا إليهم الأفغان والباكستان، ودولا أخرى، لحلت مشكلة.

لكني بعدما أفتيتهم بذلك، وخرج بعضهم، فوجئوا بمن يتصلون بهم في الفنادق: كيف تخرجون وتتبعون أقلية في الرأي، وتضيعون حجكم؟ فكانوا يتصلون مرة أخرى، خائفين من ضياع جهدهم ومالهم وسفرهم في هذا الحج، وكان هذا الخطاب المتشدد يكاد يؤتي أثره معهم، لولا أنهم رأوا المشقة في ذلك، والتيسير في الرأي الذي أفتيتهم به.

هذا نموذج من نماذج تشدد بعض المشايخ في فتاوى الحج، وهو عامل كبير في الأزمة، فإذا كنا أشرنا إلى العامل الرسمي المتمثل في الأنظمة، فإن العامل الشرعي والإفتائي لا يقل أهمية ودرجة عنهما، وهو ما يوجب التضافر بين الجهات التي تبغي إصلاح منظومة الحج بالفعل.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصريين الحج الوفيات السعودية فتاوى مصر السعودية وفيات الحج فتاوى مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة من هنا وهناك سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بعد مأساة إيمان الحصري.. مشاهير يدفعون ثمن الأخطاء الطبية القاتلة

خرجت الإعلامية المصرية إيمان الحصري، عن صمتها مُجدداً، الخميس، كاشفةً مُعاناتها على مدار السنوات الثلاث الماضية التي خضعت فيها لعشر عمليات جراحية واحدة تلو الأخرى، جراء تداعيات خطأ طبي وإهمال جسيم في علاجها، مُسلطةً الضوء على خطورة "الأخطاء الطبية التي لا تزال تحصد الأرواح".

لم تكن إيمان الحصري الأولى ممن وقعوا ضحايا الأخطاء الطبية، فقد سبقها فنانون ومؤثرون وإعلاميون آخرون، وهو ما يرصده "24".

إيمان الحصري

في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2021 خلال استضافتها ببرنامج "صاحبة السعادة" مع الإعلامية إسعاد يونس، روت إيمان الحصري، تجربتها القاسية بسبب خطأ طبي في عملية جراحية خضعت لها كاد يودي بحياتها. وقالت - حينها - إنها اضطرت لإجراء 7 عمليات جراحية خلال 21 يوما، ما أدخلها في دوامة من المعاناة استمرت لأشهر.


وذكرت إيمان أنها خضعت في الربع الأول من عام 2021، لعملية جراحية بسيطة في المعدة، كان يفترض أن تتعافى منها خلال يومين، لولا حدوث خطأ طبي تسبب في أذى للأمعاء والقولون، تم التعامل مع مضاعفاته بطريقة "كارثية"، وصفتها بـ "المهزلة"، قبل أن تخرج عن صمتها مُجدداً، وتعلق على الحكم النهائي الصادر بحق الطبيب المُتهم، وتقول إنها تستعد للعملية الـ11 قريبا.

وائل الإبراشي

أثارت وفاة الإعلامي المصري وائل الإبراشي، في يناير (كانون الثاني) 2022، الكثير من الجدل، بعد أن فجّرت أرملته مُفاجأة بأن "خطأً طبياً" كان السبب الرئيس في وفاته، بعد تلقيه ما وُصف بعلاج خاطئ فاقم من معاناته مضاعفات إصابته بفيروس كورونا قبل نحو عام.

وهو الأمر الذي نفاه طبيبه المعالج، موضحاً أن الإبراشي وصل إلى المستشفى في وضع سيئ، وأنه لا توجد أية احتمالات لحدوث خطأ طبي أدى إلى وفاته، ليتدخل القضاء المصري على خط الأزمة، إذ أعلن النائب العام المصري بدء إجراء تحقيقات حول ملابسات الوفاة ومراجعة كل المستندات.

ياسمين عبدالعزيز

في يوليو (تموز) عام 2021، أعلن الفنان أحمد العوضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن خضوع الفنانة ياسمين عبد العزيز لعملية جراحية لاستئصال تكيس على المبيض، كاشفا فيما بعد عن حاجتها للدعاء لتفاقم وضعها الصحي.


وبحسب ما نشرته وسائل إعلام مصرية، فقد تعرضت ياسمين عبد العزيز لمشكلات في الرحم نتيجة وجود ورم ليفي، وأثناء الجراحة وقعت مشكلة أخرى، فاضطر الطبيب إلى استئصال جزء من الأمعاء، وبسبب دخول الفضلات إلى المعدة حدث تسمم بكتيري في الدم، أدى إلى تعرضها للغيبوبة لساعات طويلة.

فيفي عبده

أما الفنانة فيفي عبده، فقد تعرضت لمضاعفات جراء خطأ طبي من أحد الممرضين، ما ألزمها الفراش لمدة 3 أشهر.

      View this post on Instagram      

A post shared by Fifi Abdou (@fifiabdouofficial)

ونشرت فيفي، عبر حسابها على انستغرام في أبريل (نيسان) 2021، فيديو، قالت فيه إنها ستُجري عملية لأن أحد الأشخاص أعطاها "حقنة بشكل خاطئ" في ظهرها.

محمود عبدالعزيز

تعرض الفنان محمود عبدالعزيز، الراحل عن عالمنا في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، لخطأ طبي عقب جراحة لإصلاح ضرر بأسنانه، مما تسبب في إصابته بفيروس أدى لاحقا لإصابته بأورام انتشرت في كامل جسده، وأدت لوفاته.

وكشف الإعلامي عماد أديب، في مقال له بإحدى الجرائد المصرية، تفاصيل ما حدث، حيث قال إنه منذ عدة أشهر وبالتحديد في شهر رمضان بدأت معاناة محمود عبدالعزيز بآلام في أسنانه قيل إنها -فى التشخيص الأول- تسوس حاد في الأسنان والضروس يحتاج لجراحة، وأجريت الجراحة في فرنسا، وثبت بعد فترة أنه حدث فيها خطأ في استكمال الجراحة، مما أدى إلى دخول فيروسات إلى أعلى الفك ومنها إلى مؤخرة الرأس.

أحمد راتب

توفي الفنان أحمد راتب في ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، بعد أيام قليلة من وفاة الفنان محمود عبدالعزيز، وتعرض راتب، هو الآخر لخطأ طبي عقب تجمع مياه في الرئة قبل 3 أشهر من وفاته، وبعدما وصف له الطبيب دواء لعلاج الحالة، نسي إبلاغه بالتوقف عن تناول الدواء بعد 3 شهور.
ليتوفى الممثل بعدما استمر في تناول هذا العلاج الخطير، الذي لا يؤخذ إلا بإشراف حذر ولمدة مُحددة.

حورية فرغلي

كما تعرضت الفنانة حورية فرغلي لخطأ طبي دفعها لإجراء أكثر من عملية تجميل خلال الأعوام الماضية عقب سقوطها من حصان، إلى أن حدث لها خطأ طبي عرّض أنفها لكسر مضاعف، مما أدى لشعورها بصعوبة في التنفس.
وقد كشفت حورية، تفاصيل ما حدث معها خلال مقابلة تلفزيونية على القناة الأولى المصرية.

مقالات مشابهة

  • وفيات الأحد .. 29 / 9 / 2024
  • اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري
  • من خدمة الحجاج إلى الاحتفال بالوطن.. قصة إحياء "باص وسمي" في الأحساء
  • شاهد بالفيديو.. فتاة سودانية تتحدث مع سائق “تاكسي” مصري باللهجة المصرية بعد استلامها الإقامة: (خلاص ما بقتش لاجئة) والسائق يرد عليها: (انتو على دماغنا وعاشرت السودانيين أكثر من المصريين)
  • سفير الصومال : ارسال القافلة الطبية المصرية لمقديشيو يعكس الدور المصري لدعم البلاد
  • وزير الخارجية المصري: إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال هي المسؤول الأول عن توسيع رقعة الصراع
  • "الحج والعمرة" توصي المعتمرين بالالتزام بالإرشادات الصحية
  • مأساة الطفلة المصرية !
  • بعد مأساة إيمان الحصري.. مشاهير يدفعون ثمن الأخطاء الطبية القاتلة
  • لولوة الخاطر: السودان يشهد أسوأ مأساة لجوء بالعالم