دعونا نضع حداً لحرب الضعفاء هذه: الجزء الثاني
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
بروفيسور إبراهيم أحمد البدوى عبد الساتر
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السابق
يونيو، 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
"يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ" البقرة: 269(.
تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن أهمية أن يتواكب مع الجهد التعبوي والسياسي لإيقاف الحرب وبناء السلام المستدام مساهمات فكرية عميقة، تتناول ثلاث مراحل هامة في المشروع الوطني السوداني: أولاً ، بناء سردية وطنية جامعة عن المخاطر الوجودية لهذه الحرب؛ ثانياً، قضايا بناء واستدامة السلام والاستحقاقات المترتبة على القوى الوطنية المدنية الديمقراطية من أجل إنجاز هذه الأهداف الوطنية السامية.
في هذا الجزء الثاني من المقال نستدعي الدروس والعِبَر من مظانِ تراثنا العربي الثر عن كوارث الحروب الأهلية، لما لهذه العِبَر والدروس من دلالات عظيمة لحالنا ومآلنا في ظل هذه الحرب المأساوية.
لقد أصاب أديبنا العالمي الكبير، الراحل المقيم، الطيب صالح في إحدى مقالات سِفره الفخيم، "مختارات"، والتي تحدث فيها عن الحروب الأهلية وما ألحقته ببلده السودان وأيضاً لبنان التي عاصر حربها عندما كان يعمل في قسم الشرق الأوسط في الإذاعة البريطانية، لقد أصاب أستاذ الطيب حين قطع بأنه لم يجد توصيفاً لمآسي الحروب الأهلية أكثر بلاغة وتعبيراً عما جادت به قريحة الشاعر الجاهلي الفحل زهير بن أبى سلمى في معلقته الشهيرة عن حرب داحس والغبراء، منذ ما يقارب خمسة عشر قرناً من الزمان:
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ كَأَحْمَـرِ عَاد ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِمِ
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْز وَدِرْهَـمِ
يعتبر زهير عند بعض النقاد القدماء ثالث الفحول من الشعراء في الجاهلية وهم إمرؤ القيس، وزهير والنابغة الذبياني. بل إن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اعتبره خير الشعراء في الجاهلية على الإطلاق لأنه شاعر الحكمة، وهذه لعمرى شهادة لا تدانيها شهادة.
يقول شاعرنا الحكيم إن الحرب وويلاتها لا تحتاج لترجمان، فهي واضحة لكم وقد خبرتموها، حيث أنها من فعلكم ومتى أشعلتموها تأتيكم ذميمة، تعرككم كما تعرك "الثِفال" ذرات العيش في الرحى الصخرية. هذه الحرب تلد المصائب كالناقة "الكشوف" التي تلد التوائم كل عام، نكاية عن كثرة وتطاول المصائب الى تأتى بها. هذه الحرب ستنتج لكم غلمان شؤم، وأشأم هو الشؤم بعينه ،كلهم مثل أحمر عاد (قدار بن سالف) الذي عقر الناقة، وعاد هنا تعنى ثمود قوم سيدنا صالح )لأن ثمود يقال لها عاداً الآخرة ويقال لقوم هود عاداً الأولى ،ودليل قوله تعالى "وَأَنَّهُٓ أَهۡلَكَ عَاداً الأولى"، النجم: 50(. ثم يتطاول أمر هذه الحروب، كما قطع الشاعر وتؤيد ذلك أدبيات الحروب الأهلية الحديثة، حتى تكون بمنزلة من تلد وترضِع وتُفطِم، وغِلة هذه الحرب ليس ما تسرون به مثل ما يأتي أهل العراق من الطعام والدراهم، ولكن غِلتها ما تكرهون من الموت والدماء.
ibrahim.abdelsatir@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحروب الأهلیة هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
المناطق_متابعات
في إطار أول زيارة خارجية يقوم بها، ثمّن الرئيس اللبناني جوزيف عون الدور السعودي في دعم واستقرار لبنان، مؤكداً عمق العلاقات الثنائية، مشدداً على الدور السعودي في دعم سلامة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان.
حيث أكد أنه يتطلع إلى المحادثات التي سيجريها مع الأمير محمد بن سلمان، التي سوف تمهد لزيارة لاحقة يجري عبرها توقيع اتفاقيات تعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما ذكرت الرئاسة اللبنانية في الوقت نفسه شكر السعودية على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا إليها منذ سنوات طويلة.
أخبار قد تهمك ولي العهد يستقبل المهنئين بحلول شهر رمضان 3 مارس 2025 - 5:37 صباحًا قنصلية لبنان العامة في جدة تُنظم ندوة بعنوان ” طرابلس بين عبق الماضي وحداثة الحاضر” 24 فبراير 2025 - 7:38 مساءًوكان قد قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، في وقت سابق إن السعودية ستكون وجهته الخارجية الأولى، إثر تلقيه دعوة لزيارتها في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية.
وانتُخب الرئيس عون، الذي كان قائداً للجيش، رئيساً للجمهورية اللبنانية في يناير الماضي بعد أكثر من عامين على شغور المنصب، وأتاح تراجع نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، لا سيما حزب الله، انتخاب رئيس قوي للبنان يتمتّع بدعم المجتمع الدولي، كما يرى محللون.
وأكد الرئيس في خطاب أدائه القسم إثر انتخابه، في البرلمان “بدء مرحلة جديدة للبنان”، مشيراً إلى تحقيق توازن في السياسة الخارجية للبلد الذي يخرج من حرب دامية بين حزب الله وإسرائيل.