سودانايل:
2024-12-27@12:09:43 GMT

دعونا نضع حداً لحرب الضعفاء هذه: الجزء الثاني

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

بروفيسور إبراهيم أحمد البدوى عبد الساتر
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السابق
يونيو، 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
"يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ" البقرة: 269(.

تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن أهمية أن يتواكب مع الجهد التعبوي والسياسي لإيقاف الحرب وبناء السلام المستدام مساهمات فكرية عميقة، تتناول ثلاث مراحل هامة في المشروع الوطني السوداني: أولاً ، بناء سردية وطنية جامعة عن المخاطر الوجودية لهذه الحرب؛ ثانياً، قضايا بناء واستدامة السلام والاستحقاقات المترتبة على القوى الوطنية المدنية الديمقراطية من أجل إنجاز هذه الأهداف الوطنية السامية.

ثالثاً، تحديات وآفاق التوافق علي عقد اجتماعي وازن لتحقيق الانتقال المدني، الديمقراطي وتأسيس شرعية سياسية-اقتصادية مزدوجة لبناء ديمقراطية برامجية تتعدى التنافس الانتخابي إلى إنجاز تحو لات اقتصادية نهضوية تعالج جذور أزمة التخلف والشمولية والنزاعات التي أقعدت بالمشروع الوطني السوداني.
في هذا الجزء الثاني من المقال نستدعي الدروس والعِبَر من مظانِ تراثنا العربي الثر عن كوارث الحروب الأهلية، لما لهذه العِبَر والدروس من دلالات عظيمة لحالنا ومآلنا في ظل هذه الحرب المأساوية.
لقد أصاب أديبنا العالمي الكبير، الراحل المقيم، الطيب صالح في إحدى مقالات سِفره الفخيم، "مختارات"، والتي تحدث فيها عن الحروب الأهلية وما ألحقته ببلده السودان وأيضاً لبنان التي عاصر حربها عندما كان يعمل في قسم الشرق الأوسط في الإذاعة البريطانية، لقد أصاب أستاذ الطيب حين قطع بأنه لم يجد توصيفاً لمآسي الحروب الأهلية أكثر بلاغة وتعبيراً عما جادت به قريحة الشاعر الجاهلي الفحل زهير بن أبى سلمى في معلقته الشهيرة عن حرب داحس والغبراء، منذ ما يقارب خمسة عشر قرناً من الزمان:
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ كَأَحْمَـرِ عَاد ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِمِ
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْز وَدِرْهَـمِ

يعتبر زهير عند بعض النقاد القدماء ثالث الفحول من الشعراء في الجاهلية وهم إمرؤ القيس، وزهير والنابغة الذبياني. بل إن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اعتبره خير الشعراء في الجاهلية على الإطلاق لأنه شاعر الحكمة، وهذه لعمرى شهادة لا تدانيها شهادة.
يقول شاعرنا الحكيم إن الحرب وويلاتها لا تحتاج لترجمان، فهي واضحة لكم وقد خبرتموها، حيث أنها من فعلكم ومتى أشعلتموها تأتيكم ذميمة، تعرككم كما تعرك "الثِفال" ذرات العيش في الرحى الصخرية. هذه الحرب تلد المصائب كالناقة "الكشوف" التي تلد التوائم كل عام، نكاية عن كثرة وتطاول المصائب الى تأتى بها. هذه الحرب ستنتج لكم غلمان شؤم، وأشأم هو الشؤم بعينه ،كلهم مثل أحمر عاد (قدار بن سالف) الذي عقر الناقة، وعاد هنا تعنى ثمود قوم سيدنا صالح )لأن ثمود يقال لها عاداً الآخرة ويقال لقوم هود عاداً الأولى ،ودليل قوله تعالى "وَأَنَّهُٓ أَهۡلَكَ عَاداً الأولى"، النجم: 50(. ثم يتطاول أمر هذه الحروب، كما قطع الشاعر وتؤيد ذلك أدبيات الحروب الأهلية الحديثة، حتى تكون بمنزلة من تلد وترضِع وتُفطِم، وغِلة هذه الحرب ليس ما تسرون به مثل ما يأتي أهل العراق من الطعام والدراهم، ولكن غِلتها ما تكرهون من الموت والدماء.


ibrahim.abdelsatir@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحروب الأهلیة هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.

 

وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.

 

وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.

 

وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".

 

وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.

 

وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.

 

دولة، وليس قطاعاً غير حكومي

 

وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.

 

وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.

 

"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.

 

وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".

 

ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.

 

وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.

 

إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور

 

أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.

 

وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.

 

وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.

 

بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.

 

وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.

 

يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".

 

ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.

 

وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.

 

وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.

 


مقالات مشابهة

  • الحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ألف قتيل و12 مليون نازح
  • أخلاق المشتركة
  • نتفليكس تبدأ عرض الجزء الثاني من أحداث المسلسل الشهير لعبة الحبار
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • عواقب الصدمات النفسية على ضحايا الحرب في دول الجوار
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • العدوان على الزرق – جرس الانذار المبكر.!!
  • بشرى خلفان: كان لا بد أن أخلص لصوت الشخصيات ولرؤيتي، لأكتب الرواية التي أريد
  • معا ضد التشويه فى حملة توعوية بجامعة أسيوط الأهلية
  • اليوم.. انطلاق الجزء الثاني لـ مسلسل «بين السطور» على قناة الحياة