سودانايل:
2024-12-23@20:33:37 GMT

مواصلة مناقشة تحديات التحول الديمقراطي (3/4)

تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT

صديق الزيلعي

نواصل إعادة نشر المقالات كتبتها من 21 والي 24 يونيو 2020، وقد تفضل قوقل بتذكيري بها. النضال لانهاء الحرب، لا ينفصل عن الحوار حول مستقبل ثورتنا ومستقبل قضية التحول الديمقراطي وإقامة دولة مدنية مستقرة.
تحديد اهداف المرحلة الانتقالية مهمة ضرورية حتى تكون الرؤية واضحة امام الجميع. اهدافنا الأساسية هي بناء نظام ديمقراطي تعددي، تفكيك دولة التمكين، حل المشاكل الاقتصادية وتحسين معاش الناس، سياسة خارجية متوازنة.

وهي نفس الأهداف التي تواثقنا عليها في ميثاق تحالف قوى الحرية والتغيير. ومن الضروري عدم فرض اجندة إضافية تمثل البرنامج الخاص لقوى سياسية منفردة. والالتزام بالبرنامج يستدعي التمسك بوحدة قوى الحرية والتغيير حتى نهاية المرحلة الانتقالية. وان نرفض بقوة كل دعاوي تأسيس تحالف أو اصطفاف جديد. ومن طبيعة التحالفات ان تختلف الرؤي ولكن الحوار الموضوعي هو منهج الوصول لاتفاق، والا نقفز عند أي اختلاف للمطالبة باصطفاف جديد.

شاركت النساء بقوة وحماس وبسالة في الثورة. تعرضن للضرب بالسياط واستنشاق مسيل الدموع، واعتقلن ولم يتراجعن. وكن قوة أساسية في الاعتصام، وساهمن بفعالية في كل انشطته. وعندما قامت قوى الشر والظلام بفض الاعتصام نلن نصيبهن من الضرب بالرصاص والسياط والاغتصاب، وقدمن شهيدات من اجل الوطن. والآن وقد حققنا انتصارنا الأولى، يجب علينا ان نحقق دين النساء السودانيات عاينا. ان أي تحول ديمقراطي لا يستجيب لحقوق النساء هو تحول ناقص وغير ديمقراطي. للنساء الحق في المشاركة في كافة أجهزة الدولة، وفي المساهمة الفاعلة في تحديد مستقبل بلدهن. كما يجب علينا تغيير كافة القوانين التي تسلبهن حقوقهن او تذلهن. فقوانين الأحوال الشخصية، والنظام العام، والخدمة المدنية والتمويل الأصغر وغيرها تحتاج لتطوير حتى تحترم حقوق النساء.

الجيل الذي راهنت علية دولة الاسلامويين، وحاولت بمختلف الأساليب تشكيله وقولبته، هو الجيل، ويا للفخر، الذي هزمها. لقد نجح في تحقيق ما فشلت في تحقيقه أجيال سابقة. ونحن لا ننظر للمسألة كصراع بين الأجيال، ولكننا نعطى هذا الجيل حقه المشروع. وهذا الحق لا يتأتى الا بمواجهة الصعاب التي واجهته في دراسته وحياته وعمله. علينا مواجهة قضية عطالة معظم هذا الجيل، وان نفكر بجدية في توفير فرص العمل له. علينا، بعد ان تعرفنا على قدراته، ان نمنحه فرصة عادلة في قيادة البلاد، وفي تبوأ كل المناصب التي يستحقها بعلمه وتأهيله. ويقع على الدولة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني واجب أساسي في فتح المجال امام هذا الجيل ليقود، وان يساهم بفكره في تطوير هذه المؤسسات.

عانت بلادنا، خلال المراحل الديمقراطية الثلاث، من ظواهر التناحر والاختلاف والصراع. فالصراعات والمكايدات الحزبية استهلكت طاقات الأحزاب والدولة والشعب، ومهدت الطريق للانقلابات العسكرية. وعلينا التصدي لها هذه المرة حتى لا تصبح أحد معاول هدم ديمقراطيتنا. ونعلم تماما ان الصراعات القبلية والعنصرية والجهوية كانت من عوامل الهدم واشعال الكراهية. تواجه كافة منظماتنا تحدي تخطي تلك السلبيات، وان تجعل من تعدديتنا وتنوعنا واختلافنا عوامل قوة وازدهار. وأعتقد ان على احزابنا واجب ان تخلق روح جديدة في التعامل مع الآخر، روح جوهرها الحوار العقلاني والطرح الموضوعي والعمل الجماعي لتحقيق الأهداف العليا. وان نعمل جميعا، داخل وخارج الأحزاب، لخلق وعي جماهيري ورأي عام قوي يراقب ويرفض كل التجاوزات، مهما كان مصدرها. وان تعلم الأحزاب، كل الأحزاب، ان وعي الجماهير يراقبها ويلاحقها وسيحاسبها عندما يحين موعد الانتخابات العامة. وان شعبنا سيتعلم، بالممارسة وتطور الوعي، ان يصوت للبرامج وليس للولاءات التقليدية والعصبيات المدمرة.

كثر الحديث عن ضرورة وجود مشروع وطني سوداني، يجمع عليه الناس، ويحدد مستقبل مسار الوطن. ونعتقد ان من تحديات المرحلة الانتقالية ان تستجيب لهذا التحدي الذي فشلنا في انجازه خلال الستين عاما الماضية. وان تستند حكومة المرحلة الانتقالية للسند الجماهيري الضخم الذي يدعمها لطرح المشروع القومي. ان تفتتح الحوار الشامل والعقلاني والموضوعي حول ما نقصده بالمشروع الوطني، وما هي سمات ذلك المشروع وكيف نحقق التوحد حوله. وان نحسم قضايا محورية حول شكل ومضمون الدولة السودانية، وان نحدد مكامن الخطر والانقسام والتفرق التي عطلت وحدة شعبنا. وان نخلق من تعدديتنا مظهر للقوة والتقدم. والعمل بجد لتدعيم روح الانتماء للسودان ومحاربة العنصرية والقبلية والجهوية والاستعلاء الاجتماعي، وان نعلن بلا تهيب ان هويتنا الأساسية هي السوداناوية، التي صهرت داخلها هوياتنا المختلفة افريقية وعربية وإسلامية ومسيحية. وان يسبق كل ذلك الجهد قيام المؤتمر الدستوري، ثم يتوج، وقبل نهاية المرحلة الانتقالية، بقيام المؤتمر الدستوري، كمؤتمر جامع لكل السودانيين.

الانشغال بكتابة دستور وتشكيل مجلس وزراء مدني واجراء انتخابات عامة، تشكل ضرورات لإنجاز التحول الديمقراطي، وهو ما نسميه بالمنهج الفوقي. ولكن المنهج الفوقي، وحده، لن ينجز التحول الديمقراطي. استخدام المنهج الفوقي، لوحده، يشكل أحد تحديات قضية التحول الديمقراطي في بلادنا فقضية التحول الديمقراطي تحتاج لمنهج شامل يغير كافة أطر وبنيات المجتمع القاعدية. منهج يكتب الدستور الدائم، ثم يغير كل قوانين الحكم المركزي والمحلي والانتخابات والنقابات والمجتمع المدني والاعلام والتعليم والصحة والثقافة والرياضة وكل ما يمس حياة شعبنا. منهج يقوم بحرث عميق للأرض التي تخشبت بفعل الدكتاتوريات المتعاقبة، ليزيل عنها كل الشوائب المتراكمة، ويجعلها صالحة لزراعة الجديد الديمقراطي والإنساني.

يتطلب وضع أساس متين للتحول الديمقراطي أن ينبني جهاز الدولة، من اعلى قممه وحتى أصغر وحداته على نظام مؤسسي صارم. مؤسسي بمعنى ان تتحدد فيه الهياكل الإدارية ومناهج العمل والمسئوليات الفردية وأساليب التقييم بدقة. وذلك النظام ينطبق أولا على الحكومة " السلطة التنفيذية " وهي التي تقود كل مؤسسات البلد. ومن المهم ان تكون عملية الوصول للسياسات ومن ثم اصدار القرارات ان تتم بشكل منهجي به تسلسل منطقي، وان يكوم مبنيا على البحث والدراسة والتمحيص الدقيق. تقوم به هيئات استشارية تقدم بدائل محددة للرئيس أو للوزير. ويكفينا الدمار الذي احدثه تسلط حكم الفرد خلال عهد نميري، ومرة أحري خلال عهد البشير. حيث يقرر الرئيس لوحده، حول أخطر القضايا الوطنية، وغالبا في لحظة انفعال. يتم ذلك رغم وجود المستشارين الذين لا يملكون شجاعة ابداء رأي مخالف. ولكن في ظل الديمقراطية يحق للمستشار الذي يحس بخطورة قرار معين على مصالح البلاد ان يلجأ للاستقالة المعلنة احتجاجا، أو يلتجئ للسلطة الرابعة " الصحافة" للتحذير من المخاطر. وضع مثل النظام المحكم يساعد في اخراج بلادنا من ازماتها المزمنة، ويجعل المنهج العلمي يعلو ولا يُعلي عليه.

استهدف النظام البائد النقابات منذ يومه الأول، فحلها وصادر ممتلكاتها واعتقل قادتها وعذبهم وقتلهم. كل ذلك الحقد الأسود والعداء المر للحركة النقابية لأنه يعلم تماما طبيعتها الديمقراطية وارثها الوطني. ونري، بلا تعطيل، ضرورة اصدار القوانين النقابية الجديدة التي تستبدل قوانين النظام البائد، وتفتح المجال لإعادة تكوينها بديمقراطية تامة نابعة من القواعد. فمنظمات العاملين النقابية هي الحارس الأمين على الثورة وعينها الساهرة في مواقع العمل، وقوتها الضاربة في لحظة المواجهات والأزمات.

كانت قضية الانتخابات وقانونها بؤرة للاختلاف والصراع في كل الأنظمة الديمقراطية التي مرت على بلادنا. فتقسيم الدوائر الانتخابية يستدعى اجراء إحصاء سكاني جديد وملتزم بالمعايير المعروفة. كما ان نصوص قانونه كانت وسوف تكون مصدرا للخلاف. لذلك الانتباه المبكر لإجراء الاستفتاء والتوافق على القانون خطوة مهمة لتحقيق التحول الديمقراطي والمضي بخطي ثابتة نحو ديمقراطية مستدامة.
يشكل الاعلام كعب أخيل المرحلة الانتقالية. فقد عمل نظام الاسلامويين، منذ أيامه الأولى، على احكام قبضته على الاعلام، بشكل مطلق. وضيق الحصار على الصحافة والصحفيين، بقيود وقوانين مشددة. وأضاف لتلك الممنوعات والمحاذير ما اسماه بالرقابة القبلية. وكان يلجأ لحرق النسخ المطبوعة من الجريدة المقصودة امعانا في الأذى والخسائر. ومما زاد وضاعف من ضغوط النظام الدور الذي لعبه رؤساء التحرير، وغالبيتهم العظمي من كوادر النظام، في الرقابة الداخلية. وعندما اشتدت الحملة الداخلية الضغوط العالمية على تكميم الصحافة، لجأ النظام لاستخدام أساليبه الماكرة، وقام بتمليك أو تسهيل امتلاك صحف تحت ادعاء انها صحف مستقلة. وطبقت نفس السياسة على التلفزيون. وهذا هو الوضع الإعلامي الذي ورثته الثورة، ويشكل أحد تحديات التحول الديمقراطي. وقد عاشنا الحملة التي قامت وتقوم بها تلك الجرائد وأولئك الصحفيين ضد خيار شعبنا وضد حكومته الانتقالية. ورغم سيطرة الصحافة المناوئة للثورة، ورغم الصوت العالي للصحفيين الذين تربوا في العهد البائد الا اننا نتمسك بحرية الصحافة. وندعو لمراجعة كل القوانين التي تشكل قيودا على العمل الصحفي مثل القيد الصحفي وتسجيل الصحفيين وشروط اصدار الصحف. لان حرية الصحافة من أسس النظام الديمقراطي، واحدي أدوات رقابته على الجهاز التنفيذي. كما ندعو الدولة للتشريع لحق الصحفيين في الحصول على المعلومة، وانهاء ممارسات النظام المباد في التستر واخفاء المعلومات، واذلال الصحفيين الذين يسعون وراء الحقيقة، ويمارسون عملهم كسلطة رابعة. وعلينا مواجهة اعلام الاسلامويين بإعلام الثورة وليس بمصادرة الحريات الصحفية. وأري ان الجهد يجب الا يكون جهد الحكومة لوحدها، بل جماعي لكل قوى الثورة. ومن الثابت ان المعرفة قوة، وقوة مؤثرة. وانعدام المعرفة الحقيقية الصادقة يشكل خطرا على مستقبل التحول الديمقراطي، وسببا لاضطرابات وقلاقل سببها الجهل بالحقيقة.

توقعت جماهير شعبنا التحسن المباشر لحياتها فور تحقيق الاستقلال، ولم يحدث. وتكرر نفس التطلع بعد ثورة أكتوبر 1964، وبعد انتفاضة مارس، ولم يحدث1985. والآن نواجه نفس الإحساس الجماهيري الطاغي بتغير حياتها فور سقوط نظام الاسلامويين. ولم يحدث ذلك مباشرة بعد سقوط رأس النظام وحتى الآن. الأمر الذي بدأ يحدث احباطا وسط بعض القطاعات الشعبية. وبالخبث الذي نعرفه عن الاسلامويين صاروا يخلقوا الازمات التموينية والمعيشية والاقتصادية، بما لهم من سيطرة على قطاعات أساسية من اقتصاد بلادنا، ثم يأتون ببراءة الذئب ويتحدثون عن معاناة الجماهير. قضية الآمال العظام للجماهير ثم تعرضها للإحباط بسرعة، قضية من الأهمية بمكان. والسعي الجاد لحلها بتمليك الحقائق وحل المشاكل المعيشية ضروري لاستقرار الثورة والإعداد لإنجاز التحول الديمقراطي.

وحدة قوى الثورة، التي تتكون من قوى الحرية والتغيير، والقوى الأخرى التي شاركت في الثورة من خارج قوى الحرية والتغيير أكبر ضمان لحماية التحول الديمقراطي. تواجه، قوى الثورة التي اسقطت رأس النظام السابق، مصاعب كثيرة وكبيرة في الفترة القادمة. لان القوى التي فقدت السلطة والثروة لان تستكين حتى تسترجع سلطتها وتحكم قبضتها مرة أخرى. ومعرفتنا بان اهداف قوى الثورة، في حدها الأدنى، واحدة ومعروفة وموثقة، يستدعى منا التمسك بوحدتها. الوحدة لا تلغي الفوارق بين التنظيمات، ولكنها تملك مناهج لتنظيم الاختلاف والوصول للهدف المشترك. أن الدعوات لقسم قوى الثورة تحت أي مسميات هي دعوات مصرة بمستقبل الثورة. هدفنا واضح هو إقامة نظام ديمقراطي تعددي برلماني.

يعاني المجتمع المدني السوداني من الضعف، وندرة الإمكانيات المادية والبشرية. ونتج ذلك عن ثلاثين عاما من القمع والتسلط والمحاربة. فقد كان حكم الاسلامويين يعرف أهمية منظمات المجتمع المدني لذلك عمل بقوة على السيطرة عليها أو تحطيمها. وأصبح مكتب العون الإنساني ومكتب المنظمات الثقافية بوزارة الثقافة بؤر امنية، تمارس دورا منظما في منع ومصادرة ممتلكات المنظمات. وكانت تلك المكاتب تصر على شطب بعض أعضاء لجان المنظمات قبل تسجيلها. والمعروف عالميا دور منظمات المجتمع المدني في إنعاش الفضاء بين المجتمع والدولة. وانه ضروري لحيوية وانتعاش الممارسة الديمقراطية. وضعف مجتمعنا المدني سيضعف من تحولنا الديمقراطي، ولكن الممارسة الصبورة ستعيده لمكانه الطبيعي عامل من عوامل الارتقاء والسداد لتجربتنا الديمقراطية الوليدة.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر المرحلة الانتقالیة التحول الدیمقراطی المجتمع المدنی قوى الثورة

إقرأ أيضاً:

سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية» .. أنصار البشير يتحدونهم بالنزول إلى الشوارع

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى «ساحة نزال لفظي عنيف» بين المجموعة الشبابية والمدنية التي قادت «ثورة 2018» التي أطاحت نظام الرئيس عمر البشير، وأنصار ذلك النظام والرافضين لوقف الحرب الحالية من الإسلاميين، وذلك في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) التي أنهت حكم البشير بعد 30 عاماً في السلطة.

وضجت الوسائط الإسفيرية بالمطالبين بوقف الحرب، التي اندلعت في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مطالبين بالانتقال المدني.

وفي المقابل، كانت مجموعة أخرى من أنصار النظام السابق من الإسلاميين وأعضاء حزب «المؤتمر الوطني» الذي كان يرأسه البشير، تنشر تهديدات باستمرار الحرب حتى القضاء على أعدائهم، وتسخر منهم وتقلل من شأنهم.

وعدّ دعاة السلام يوم 19 ديسمبر فرصة لإعلاء الصوت المناوئ لاستمرار الحرب، ومناسبة لإحياء شعارات ثورتهم تحت شعارها القديم «حرية وسلام وعدالة»، مطالبين بالحكم المدني والانتقال السلمي الديمقراطي، فسارعوا إلى تزيين المنصات الإسفيرية بصور ومقاطع فيديو تعود للأيام والأسابيع الأولى من اشتعال الثورة، سموها «تظاهرات إسفيرية».

ويعد المحتجون الإسفيريون إشعال الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، محاولة للقضاء على «ثورة ديسمبر»، ويرون في الاحتفاء بها تعزيزاً لمطلب وقف الحرب والعودة إلى خيار الديمقراطية وعودة العسكريين إلى ثكناتهم.

الذكرى السادسة للثورة

ودعا الناشط محمد خليفة، وناشطون وسياسيون آخرون، تحت اسم «الديسمبريون» إلى مظاهرات إسفيرية بمناسبة الذكرى السادسة للثورة، وأعاد خليفة نشر مقطع فيديو لإحراق دار حزب «المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة أيام الثورة الأولى، بقوله على منصة «فيسبوك»: «هذا أكثر مشهد يوجع الكيزان (الإسلاميين) وعناصر الأمن وكارهي ثورة ديسمبر المجيدة، إنه مشهد حريق دار المؤتمر الوطني في عطبرة عند بدايات الثورة».

وبدوره، عدّ تحالف «الحرية والتغيير» الحرب الحالية محاولة من أنصار «النظام المباد» للانقضاض على ثورة ديسمبر وإعادة إنتاج الشمولية والدكتاتورية، وتمكين عناصره واختطاف الدولة والعودة للسلطة، وفرض إشراكهم في كل عملية سياسية مستقبلية. وقال حزب «المؤتمر السوداني»، في بيان، إن النظام البائد أوقد نيران الحرب للانقضاض على الثورة وتجريفها، وأضاف: «ثورة ديسمبر المجيدة باقية ما بقيت مطالبها النبيلة، وأن آلة الخبث والدمار تسعى لإعادة الحركة الإسلامية للسلطة من جديد». وقالت أيضاً «الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري»: «إن الحرب في الأصل مكيدة لتدمير ثورة ديسمبر، وإن الثورة عائدة وإرادة الشعب سوف تهزم الحرب وتأتي بالسلام»، فيما قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، في تغريدة على منصة «فيسبوك»: «اضبط بوصلتك على خطاب ديسمبر، فستعرف إلى أي وجهة تتجه».

وروجت المنصات بشكل واسع شعارات الثورة مثل «حرية سلام وعدالة... والثورة خيار الشعب»... و«العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، والمقصود بالعسكر هو الجيش، و«الجنجويد» هي قوات «الدعم السريع». كما تزينت المنصات الاجتماعية بصور الشهداء الذين قتلوا في الثورة، والمطالبات بالثأر من قاتليهم، وتم تصميم الرقم 19 لمجسم ثلاثي الأبعاد للتذكير بأهمية اليوم ومحوريته.

أنصار النظام السابق

في المقابل، ضجت منصات الإسلاميين وأنصار النظام السابق، بالتقليل والسخرية من ثورة ديسمبر وتجاهل الاحتفاء بها. واستنكر الإعلامي الإسلامي إبراهيم الصديق في «فيسبوك»، الاحتفال بثورة ديسمبر وعدّه محاولة لطمس هوية الوطن، أتى بها تحالف «الحرية والتغيير»، قائلاً إنها تجاهلت الحدث التاريخي، وسمت يوم 19 ديسمبر «يوم ثورة ديسمبر»، بينما هو في الأساس يوم إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في عام 1955. وأضاف: «في 2020 أصدر رئيس مجلس السيادة بيان احتفال بعيد الاستقلال، بينما أصدر عبد الله حمدوك (رئيس وزراء الثورة) بيان احتفال بثورة ديسمبر».

وهدد نشطاء إسلاميون منظمي المظاهرات الإسفيرية، ودعوهم للتظاهر على الأرض إذا كانوا يجرؤون على ذلك، فيما خلت معظم صفحات مؤيدي الحرب من الإشارة لثورة ديسمبر.

وكانت ثورة ديسمبر 2018 قد انطلقت من بلدة مايرنو في ولاية سنار، ومن مدينة الدمازين في ولاية النيل الأزرق في 6 ديسمبر من ذلك العام، لكن إحراق دار «حزب المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة، عُدّ شرارة الثورة التي أشعلتها بقوة، ثم انتقلت الاحتجاجات بعدها إلى العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، وتواصلت الاحتجاجات بشكل يومي واكتسبت زخماً طوال 4 أشهر، واجهتها السلطات بعنف مفرط وقتلت المئات وجرحت الآلاف حتى سقط النظام في 11 أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط ملايين المحتجين الذين انتشروا في جميع أنحاء البلاد، فيما اعتصم مئات الآلاف أمام مقر القيادة العامة للجيش لمدة خمسة أيام، ما اضطر اللجنة الأمنية العسكرية إلى إطاحة الرئيس عمر البشير لإنهاء الاحتقان.

كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس  

مقالات مشابهة

  • أبناء أرحب يؤكدون جهوزيتهم لكل الخيارات التي يوجه بها قائد الثورة
  • نائب رئيس النظام السوري المخلوع يصدر أول بيان عقب سقوط الأسد.. ماذا قال؟
  • داليا عبد الرحيم: التحول الديمقراطي السلمي في سوريا مرهون بإنهاء مخططات الهيمنة
  • السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (1-2)
  • السيناريست باهر دويدار: مصر ثابتة أمام التحول الذي يشهده الشرق الأوسط
  • هل كانت ثورة ام وهم الواهمين
  • من القمع إلى الحرية.. تحولات الإعلام السوري بعد سقوط النظام
  • سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية» .. أنصار البشير يتحدونهم بالنزول إلى الشوارع
  • محتوى مشوه وضعيف.. خبير يكشف تحديات اللغة العربية في العالم الرقمي| فيديو
  • الأسلحة الكيميائية.. سر نظام الأسد المظلم الذي يخشاه الغرب وإسرائيل